الكُرد تاريخ يتكلّم
الباحث الأكاديمي بهجت أحمد
يُعتبر الوجود الكُردي جزءاً أصيلاً في تاريخ منطقه ميزوبوتاميا – بلاد مابين النهرين – فقد كان أسلاف هذا الشعب لهم دور مهم في سير الأحداث في قلب العالم آنذاك وهي منطقه ميزبوتاميا وقد أقام أسلاف هذا الشعب عدّة دولو ممالك، نذكر منها الجوتيين والذين كانوا القوة الضاربة في شمال ميزبوتاميا.
يشير الملك الآشوري شلمانصر الاول في أحد حولياته ١ إلى كوتي شعب في السماء يتألّق كالنجوم الساهرة ولم يكن متصفاً بالقوة والحزم فقط، بل معروفاً بالحزم والعزم .
أما الباحث سبايزر (2)
فيشير إلى السوباريين بأنهم أسلاف الكُرد و سكان شمال بلاد مابين النهرين وهم اندمجوا مع الهوريين .
أما الباحث كالب (3)
فيؤكّد المعلومة ويضيف: بأنّ الهوريين هم أحفاد السوباريين
وقد عُرفت المنطقه التي سكانها أسلاف الكرد بعدة أسماء عبر التاريخ نذكر منها
التسمية السومرية (كوردا قوتيوم)أي أرض كاردا -سكان الجبال
البابلية يطلقون عليها تسمية قاردو
والآشورية كورتي
والرومان كوردنين
أي التسمية الكُردية موجودة قبل أن تطأ قدم الفرس المنطقة بألاف السنين
وهذا ردٌّ على مَن يدّعي بأنّ الكُرد هم بدو الفرس
أما أقدم ذكر للعرب في كلّ المنطقه يعود إلى معركه قرر بين تحالف الممالك الآرامية والملك الآشوري شلمانصر
حيث تظهر اللوحة الخاصة بالملك الآشوري شلمانصر هرب جندبو زعيم العرب على ظهر جمله (4)
لم يُذكر اسم العرب في اللوحة ولكن الجمال لم تُذكر في العهود الأكادية ولا البابلية وإنما ذُكرت مع سكان جنوب بلاد ميزوبوتاميا
ويشير البعض إلى الربط بين مملكه عربايا -الحضر والعرب علماً بأنّ تسمية العرب إطلاق على حالة اجتماعية أي البدو، ولم يقصد بها شعب بعينه أما العرب كقومٍ فقد عُرفوا باسم طيايا نسبةً إلى قبيلة طي، التي قدمت من جنوب بلاد ميزبوتاميا هرباً من بطش شابور الثاني (5)
وجميع النقوش من مملكة الحضر تشير إلى كتاباتٍ باللغة السريانية وليست العربية(6)
وقد أشار القديس مار أفرام السرياني بأنّ معظم سكان نصيبين و الرها الجزيرة هم من السريان ولم يشر إلى العرب في القرن الرابع الميلادي
وإضافةً إلى السريان كان هنالك شعب آخر أشار إليه العديد من المؤرّخين العرب والذين تحدّثوا عن فتح بلاد الكُرد ، على سبيل الذكر ماأورده البلارذي في كتابه فتوح البلدان (7)
قوله: إنّ الخليفة عمر بن الخطاب قد ولى عتبة بن فرقد السلمي الموصل في سنه عشرين للهجرة فقاتله أهل نينوى وأخذ حصنها وعبَر دجلة فصالحه أهل الأخير على الجزية لمن أراد الجلاء ثم فتحَ الموصل والمرج وباهذرى وحبتون وداسير وجميعها معاقل الكُرد
ومع خضوع مناطق الكُرد لسيطرة خلافة المسلمين أصبحوا الدرع الذي يدافع عن أراضي تلك الخلافة في وجه غارات بيزنطة وجيوشها في عهد الامبرطور يوحنا تزيمكس(8) شنّ هجوماً ساحقاً على منطقة الجزيرة وتحديداً في مدينة برقعيد (موقعها حالياً بالقرب تل الرميلان في منطقة الجزيرة )
حيث تركها أهلها من العرب فخذ بنوحبيب من قبيلة تغلب وهاجروا إلى بيزنطة وكان عددهم حوالي ٣ آلاف شخص اعتنقوا المسيحية وأصبحوا في مقدمة الجنود المهاجمين على مناطق الخلافة العباسية وأصبح الكُرد وحدهم في منطقة الجزيرة في مواجهة بيزنطة والعرب المتنصّرين
وفي معركة ملاذ كرد يشير ابن ابي الهيجاء إلى أنّ عشرة آلاف من الأكراد التحقوا بأربعة آلاف من جنود الب ارسلان السلجوقي(9)
وهذا يشير إلى الحجم والدور الكبير للكُرد في المنطقة لأنّ هذه المعركة الفاصلو كانت بداية النهاية للدولة البيزنطية حيث كان أكثر من نصف جنود الب ارسلان من الكُرد
إنّ إنكار تاريخ الشعب الكُردي لم يتوقف عند طمس أو رفض أي دور أو ذكر لهم عبر التاريخ بل تعدّاه إلى التقليل من أعدادهم ففي منطقة الجزيرة وأقصد تحديد محافظتي الحسكة والرقة هنا جعلوا من الكُرد أقلية لاتتعدّى ٢٧ بالمائة بمحافظة الحسكة وأغلب الكُرد هم قد قدموا من تركيا أي حتى ٢٧ بالمائة ليسوا من سكان المنطقة حسب زعمهم
وهذا كلام غير منطقي ففي الأمثلة البسيطة السابقة أوردنا بعض الأمثلة على
قدم الوجود الكُردي ،أما بالنسبة إلى الأرقام
ففي تحالف كبير في منطقة الجزيرة سُمي بتحالف الملي في العهد العثماني في منطقة الجزيرة كان العدد الأكبر من هذا التحالف من الكُرد (10)
ويشير احمد وصفي زكريا إلى أنّ العشائر الكُردية سوادها الأعظم في محافظة الحسكة الحالية (11)
فضلاً عن عشائر لها أعداد مهمة وكان لها دور بارز في تاريخ منطقة الجزيرة وبعضهم كانوا قادة في الدولة العثمانية الحاكمة للمنطقة
أما في العصر الحديث فآخر إحصاء أجرته الحكومة السورية كان عام ٢٠٠٤ م
بلغ فيه عدد سكان محافظة الحسكة مليون وحوالي ٣٧٧الفا(12) لم يحسب في هذا الإحصاء الكُرد المحرومين من الجنسية وقُدر عددهم بحوالي ٣٠٠ (13) ألف شخص حسب مركز قناة الجزيرة القطرية
بينما أضيف إلى هذا جميع المغمورين
)في ٢٠٠٤ أصدرت الحكومة السورية قراراً
بتجديد بطاقات الهوية الشخصية تمّ بموجب البطاقات الشخصية الجديدة تسجيل قيد المغمورين على محافظة الحسكة (14)
وبالنسبة الى التعريب وما أشير إليه بأنه فقط تصحيح للأسماء غير اللائقه فهل مثلاً اسم قرية بورزه غير لائق أو اسم قرية كردميه أو بره بيتا كلام مفروض
تثبته الفكرة التي كانت تدور في رأس الرافضين لأي شيء غير لونهم ولغتهم
علماً أنّ فكرة التعريب بدأت مع محمد كرد علي الذي قدّم تقريراً عن ضرورة تقليل أعداد الكُرد في منطقة الجزيرة لأنهم سيشكّلون خطراً على سوريا على حد زعمه متناسباً هو وغيره
أنّ أول مَن أطلق رصاصة ضد المحتل الفرنسي كان محو ايبو الكُردي (15)
وأنّ الكُردي ابراهيم هنانو قد أذاق الفرنسيين مرارة الهزيمة ، وأنّ جمال عبد الناصر عندما زار مدينة القامشلي اعتبر الكُرد والسريان خطراً
وبدأ بسياسته بإغلاق النوادي والأندية الرياضية وتغيير أسمائها وهذه الفكرة لم تمت حتى صدور قرار الإحصاء وتجريد الكُرد من الجنسية ثم مشروع الحزام العربي والذي أدّى إلى اقامه حاجز بشري يمنع التواصل بين الكُرد المقسّمين في شمال كُردستان وغرب كُردستان وهي نفس السياسة التي يتبعها حالياً رجب طيب اردوغان بالسيطرة على المناطق الحدودية حتى عمق ٣٠ كم وإجراء تغيير ديمغرافي بطرد السكان الكُرد وإحلال مهجّري درعا والغوطة وحمص مكانها بدءاً بعفرين ووصولاً الى سري كانييه
المصادر والمراجع
1- Shulmanu is preeminent Georges Roux, Ancient Iraq
(Penguin, 3rd ed., 1992), p. 295
2-Speiser EAlntoduction to
Hurrians17
3-Gelb lagac e Ancient Iraq
229
4-Beckink Bob Korpel Marjo christina Annette
4-تاريخ الجزيره العربيه قبل الاسلام شكران خربطلي
5-الكامل في التاريخ ابن الاثير ص ٧
5-المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام
ج ٨ ص ٨١
6-هنري بدروس كيفا اصل مملكه عربايا
6-تاريخ الجزيره العربيه قبل الاسلام شكران خربطلي
7-البلارذي فتوح البلدان
8-Treadgold warren
History of Byzant ine
8-تاريخ العصر العباسي الثاني صفاء اسماعيل
9-تاريخ ابن ابي الهيجاء الصفحه ١١٩
10-العشائر الكرديه في الجزيره السوريه
اسحق قومي
11-احمد وصفي زكريا عشائرالشام
12-المكتب السوري للاحصاء
13-موقع قناه الجزيره القطريه
14- قرارات وزاره الداخليه السوريه
15-المشكله الكرديه الدكتور منير الحمش