المالكي “احرص” على الكورد من انفسهم
محمد واني
من العبث ان تقر الشعوب العراقية وحكوماتها المتعاقبة وتعترف بخصوصيات الشعب الكوردي الثقافية واللغوية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية التي تميزه عن باقي الشعوب العراقية، ثم تجبره بالقوة للانصهار في بوتقة وطن مصطنع غريب وقوم غرباء لايمتون اليه بصلة وتمنعه من الانفصال والاستقلال بحجج ودوافع “وطنية” واهية لن تصمد امام الحقائق المفصلية الدامغة على ارض الواقع، والتي تثبت ان الشعب الكوردي يختلف بايلوجيا عن العراقيين وانه لم ولن ينصهر في بوتقة دولة واحدة يقودها مكون قومي ومذهبي واحد يختلف عنه في كل شيء ولايجمعهما جامع، وان كل ما جرى من حروب دموية ومذابح وقتل جماعي للكورد كان بسبب هذه الخصائص الفريدة التي دافع عنها بكل قوة واقتدار على مر التاريخ، حاول زعماء السنة العرب طوال فترة حكمهم للعراق ان يفرضوا اجندتهم العروبية المدمرة على الكورد ويرضخوه لها عبر اجراءات قمعية وحشية لم تشهد البشرية مثيلا لها، ولكنهم فشلوا في تحقيق اهدافهم في النهاية رغم الفظائع التي ارتكبوها بحق الكورد، اذن مسألة الاستقلال والانفصال عن العراق لن تخص “مسعود بارزاني” او غيره بل هي مسألة وجدانية طبيعية يشعر بها كل كوردي مهما كان مستواه الثقافي او الاجتماعي، الكل يعتد بخصوصياته الفريدة وكيانه المستقل ويعمل لتحقيقه ولن يقر له قرار ولا يهدأ له بال حتى يصبح صاحب دولة مستقلة حاله حال العربي والتركي والفارسي، هذا شعور عام بين الكورد ولا يختلف عليه اثنان منهم ومازال معظمهم “يشعرون بعدم انتمائهم الى العراق، ولايهتمون لامره على الاطلاق، فعلى هامش الانتخابات التشريعية لعام 2005، اجري في كوردستان استفتاء شعبي غير رسمي حول تحديد نوع العلاقة مع العراق، فاختار 98 % منهم الانفصال عن العراق وتأسيس دولته المستقلة وهذا الشعور الجمعي الشامل يزداد عمقا وتجذرا يوما بعد يوم ..
وما يعلنه “بارزاني” هو تجسيد لاماني الشعب الكوردي وتطلعاته، المشكلة الاساسية بين الحكومات العراقية وبين الكورد ان تلك الحكومات تتجاهل الخصوصية الكوردية”رغم انها تقر وتعترف بها ولكن لاتعمل بها وتقف بالضد منها وهذه هي المشكلة الاساسية بين العراق والكورد منذ تشكيل الدولة العراقية، واذا كان صراع الكورد المرير مع السنة العرب طوال فترة حكمهم بسبب تجاهلهم تماما للخصائص التي يتمتع بها الشعب الكوردي، فان تلك الخصائص ازدادت مع تولي الشيعة للحكم وهي خصوصية المذهب، فالكورد في معظمهم “سنة”، وهذا ما يجعل العبءاكبر والتفاهم اصعب والصراع أمرّ واطول..
وكما ذرف زعماء السنة العرب دموع التماسيح على المظالم التي نزلت على رؤوس الكورد في بعض المناسبات الانسانية ودافعوا عن قضاياهم وايدوا حقوقهم الشرعية والانسانية واظهروا تعاطفهم وحرصهم على هذه الحقوق اكثر من الكورد انفسهم، وكانوا دائما يخاطبونهم بشعبنا، هذا ما كان يفعله “صدام حسين”، ولكنه مع ذلك مارس بحقهم ابشع انواع القمع ولم يتوانى من دفن اطفالهم ونسائهم في الصحراء الحدودية بين العراق والسعودية وهم احياء.. وهذا ما يفعله(نوري المالكي) ويعتبر الكورد شعبه وعشيرته، ولكنه مع ذلك يفرض عليهم حصارا قاسيا، ويبعث برسائل تهديد يومية له من خلال ازلامه وتوابعه في ميليشيا الحشد الشعبي، ورغم ذلك فإنه مازال يصر على انه احرص الناس على الشعب الكوردي واعلم بما يحب وما لايحب وما يفيده وما يضره، ففي مقابلة له قبل ايام قال بالحرف الواحد؛ إن الشعب الكوردي يريد حقوق وخدمات وامتيازات وتحسين مستوى معيشته، ولا يريد الاستقلال” اي ان الكورد بالمعني الذي يقصده المالكي مجموعة من الخراف او النعاج لا هم لها غير اشباع بطونها وتحسين “مستوى” معيشتها في توفير الكلأ والمراعي الخصبة..
والله “خوش” وصف! يدل دلالة قطعية على حرص زائد من “ابو اسراء “لمصالح” شعبه”الكوردي!
إيلاف
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي يكيتي ميديا