المرأة و تأرجح الفكر
أوميد يوسف
إلى متى ستبقى المرأة في نظر المجتمع الشرقي تعيش بين المد و الجزر ؟
بين السلبية و الإيجابية ؟
الكثير من الباحثين والكتاب والسياسيين الذين يؤمنون بأن المرأة نصف المجتمع , يناقشون وضعها بين العائلة و العمل و السياسة و يضعون النقاط الإيجابية و لكن هيهات من أقلامهم , و من تطبيقهم للواقع الذي لا ينظر للآن إلى المرأة إلّا للناحية الفيزيولوجية لجسدها ففي الواقع الإسلامي كانت نظرة بعض الأئمة و الشيوخ على أن الإسلام أنصف المرأة و رفع عنها الظلم و الحيف و ما عانته من تمييزٍ في العصور السابقة بعد نزول القرآن , وكان من أثر ذلك الاعتراف بحقها في المشاركة في تدبير شؤون المجتمع كافة ( اقتصادية و اجتماعية و قانونية ) , حيث تستشار و تشارك إلى جانب الرجل سواء بسواء , و استمرت بعد ذلك , وشاركت بقوة في الحياة العامة و في نشر الدعوة أيضاً .
الشيخ محمد الغزالي أكد في كتابه ( السنة النبوية بين أهل الفكر و أهل الحديث )
على حق المرأة في تولي القيادة و دخولها العمل السياسي , حيث يقول :
<< يجوز أن تتولى المرأة المسلمة رئاسة الجمهورية و رئاسة الوزراء >>
أي أن دين الإسلام لم يمانع المرأة أن تكون زعيمة سياسية و قد أباح لها الحق في تولي أمور القضاء , هذا ما سُطِر بأيديهم .
على مر السنين و إلى الآن قامت المرأة بأدوار نضالية من أجل استقلال بلدان العالم و نيل الحريات , حملت السلاح و شاركت في الكفاح المسلح كما في نيكاراغوا و كوبا و روسيا و كردستان المجزأة و غيرها , أي أن هناك صفحات مشرقة للمرأة في تاريخ حركات التحرر الوطنية , ولا سيما الحديثة منها , مع ظهور الاتحادات النسائية و المنظمات التي ترفع شعارات داعمة للمرأة , إذاً ما الجانب السلبي الذي تعاني منه المرأة اليوم ؟ بعد أن وصلت المرأة إلى الجامعات و الأكاديميات و السياسة و حطمت كل الحواجز البيتونية في عقل الرجل .
للأسف رغم كل ذلك لا تزال المرأة تعاني من نصفها الثاني في مجتمعنا الحالي , و نخص بالذكر المرأة الكردية و ما وصلت إليه , حيث شاركت جنباً إلى جنب مع الرجل و السياسي و العامل و القانوني و الطبي و غيره .
كُتِب الكثير عن المرأة الكردية , و في أقلامهم السحرية أعطيت حقها الكامل , و على المنابر استشعروا بها , و لكن عقولهم بقيت أبعادها ضيقة , لم يحاولوا فهم أعماقها و سيكولوجيتها من كافة النواحي , لا تزال هذه المرأة تعاني من الاضطهاد العائلي في المجتمع ككل أبٍ , أخٍ , زوجٍ , و رب عملٍ ، ناهيك عن الاضطهاد النفسي الذي طالما لم يتفهمه الجانب الآخر و لا يريد فهمه , الذي قيس بشكلها و جسدها ناسين فعاليتها في تكوين مجتمع صحي في أيامنا هذه .
و بهذه النظرة بقيت المرأة الكردية قاصرة في تكوين شخصيتها في مجتمعها أمام هذه العراقيل التي تعترض طريقها , و السبب يعود إلى المجتمع الحالي الذي تراكمت فيه أقلام المثقفين و الكتاب للمنافسة و التسلق على حسابها , فلتفتح بيوتهم و ترى معاناة المرأة الكردية السياسية و المثقفة و العاملة , من عدم المصداقية في التعامل معها و العنف المستخدم بحقها .
المرأة لم و لن تنتهي لأنها بداية الحياة و التكوين و النمو لمجتمع , فبالرغم من كل المعوقات ناضلت الأقلام النسائية من أجل كينونتها و إزالة الظلم عنها , و مارست السياسة و خاصة في وسطنا الكردي .
دائماً تطمح المرأة من نصفها الآخر الذي لا يستغنى عنه , احترام حقوقها , و مشاركتها في جوانب الحياة كافة , لا بد من اكتمال اللوحة الجميلة بصورها الغنية بأفكارها و تصميمها و زخرفتها هذه هي الكوتا التي تطلبها المرأة اليوم قبل كل شيء , و أجمل ما قيل بالمرأة << إذا ذبل عقلها و مات … ذبلت أمة بكاملها >> , وهي التي تجمع العالم و الحياة في قبضتها فلتساندوا المرأة بمصداقية أكثر بعيداً عن المهاترات .