آراء

المصطلح وذهنية التلاعب – إجهاض مبادرة سوريا الاتحادية انموذجاً

وليد حاج عبد القادر / دبي

في المخاض الذي تعانيه سوريا ، وبغضّ النظر أو حتى التطرّق إلى الإشكالية التي أوجدت خارطتها منذ سايكس بيكو والخطل الذي رافق كثير من أحداثياتها السياسية وصولاً إلى هيمنة البعث والفكر القوموي العروبي سيما الأسد الأب وابنه ، وسياسة الإلغاء التام التي مورست بحقّ كافة المكوّنات سوى ( التابعين وأولي التابعين ) تصفيقاً للنظام ، هذه المكوّنات التي ظلّت مهمّشة وملغية من ذهنية النظام ، ومع انطلاقة الثورة السورية ، تأمّلت غالبية المكونات على أرضية الديمقراطية المنشودة آفاقاً لحلّ قضاياها ، ولكن – وللأسف – فقد أثبتت الأيام بأنّ سقف ما يبشّر بها غالبية المعارضات ، لاتزال بنية رؤاهم – تصوراتهم تنطلق من ذات الركيزة القوموية كنتاجٍ لأنظمة متعاقبة ، نعم ! وجد هناك دائماً رموز فكرية أسست لرؤىً جريئة ، وطرحت حقيقةً جملة من القضايا التي مهّدت لنظرياتٍ كانت متوقّعة ان تفتح آفاقاً رائعة في الوعي المنهجي لتلك الترسبات المتراكمة ، والتي تكلّست عميقاً في الذهنية المجتمعية – الملتفة حول النظام – بآفاقها الواسعة ، وان لوحظ وجود بعضٍ من المواقف ! ولكن ومن جديد عمرها لم تتجاوز البعد التنظيري ، على الرغم من أنّ بعضهم في الحقيقة هم قامات كبيرة ولكن بقيت في إطار مهنيتها وكتنظيرٍ مفرغ عملياً من فحواها ، الأمر الذي أوجد تباعداً عملياً بينهم والآخرين الذين توسّموا منهم موقفاً ديمقراطياً وعملياً من قضاياهم . هذه الانتقائية خاصةً حينما يمارسها بعض من الأتقياء – كنا نخالهم – في التقية الثقافية ! ومجمع النخبة المافوق أبراجهم العاجية ، وفجأةً وأمام استحقاقاتٍ شعبية وجماهيرية نراهم يتراكضون وراءً وكالقنفذ ليحتموا بذواتهم كدروعٍ شخصية ! هي ذات الحالة المتدرّجة هدرجة مع عين التربة التي هيّأت منذ زمنٍ طويل لبذرة الشقاق البيني والزوغان التفافاً مع نسمات شفرات المراوح التي عبثت في هيكلياتنا وأيضاً زمناً طويلاً ، وها نحن بوعيٍ أو من دونه لا زلنا فيه نتخبّص .. الاجتزاء والقصّ والتشبث بالمفردات للتلاعب بالمعاني ، على هدي الغرق في التفاصيل الذي قد يتلهّى به قسمٌ من الجمهور المتفرّج ، لابل قد تخلق نوعاً من التشويش ولكنها عمرها لن تخفي من المتن حقائقها . وسأختزل هنا نقطتين من خلال استعراض مبادرة سوريا الإتحادية ودون الخوض في التفاصيل : وأولها إلغاء العربية من اسم الدولة ، أي لا قومية الدولة المعاد تشكيلها، هكذا تصوّرنا واعتبرنا ذلك خطوة بزاوية منفرجة وطرح عملي وبديل لدولة مواطنة تكون أشبه بحاضنة تستوعب ، أو بعبارة أدقّ ، تؤسّس لحاضنةٍ تكون تلك المواطنة ديدنها، لا بشكلٍ احتوائي ميكانيكي يؤدّي إلى الانصهار والذوبان، بقدر ما يطوّر الخاص جدلياً مع رقي العام ، وبالتالي ! الإقرار بوجود أية فئة – مجموعة – شعب ما تاريخياً على أرضه، ماذا تعني ؟ وأظنّنا جميعاً نتعاطى مع بيانات و مبادئ أشبه ما تكون بإيجازٍ مكثّفٍ وقوانين خاضعة لشروحات وتفاسير ستكون أشبه بملاحق توضيحية . ورغم أنّ المبادرة يُفترض بأنها مستقلة ، على الرغم من وجود قيادات سياسية وحتى ضباط عسكريين كان يفترض بهم السعي الجاد في البحث عن المشتركات المؤسسة لآفاق مستقبلية بينية على أرضية النقاط المشتركة وأنصاف الحلول للمختلفة، لا أن يتسلّح كلٌ ببرنامجه الحزبي أو .. ؟ .. ولكن تبيّن – وللأسف – بأنّ المبادرة كلها هي فقط مطية ومتن محشو اصطلاحاً ومفرغ تماماً من أي معنى ! زادها – انكشافاً – استخدامها العملي بوضعها – استثمارها كأداةٍ في معركة وأدها للمبادرة ذاتها . وهنا ! وانطلاقاً مما ذكر أعلاه ! يمكننا القول ، بأنّ عدم الولوج إلى عمق اﻷزمات الوضعية – وكمثال – : طرح قضيتنا الكُردية في سورية ضمن سياقها الطبيعي كقضية أرضٍ وشعب ويقابله تناقضاً ذات الرؤية البعثية في ترسيخ مبدأ الشرخ البنيوي والسعي بشكلٍ ممنهج وبغطاءٍ مؤدلج في العبث بقضايا ومحاور رئيسية لمرتكزات العمل النضالي وبالتالي خلق وصناعة هياكل كُردية تسعى كهدفٍ أساس لها : تقزيم الحقوق واﻷهداف الكُردية باجتزائها خارجياً ومراضاة اﻷنظمة الغاصبة لكُردستان وإظهارها وكأنها مسألة هوية/ ثقافية ويقابلها التضخيم الفعلي للعمل النضالي كثمن جد غالٍ من دماء ابناء وبنات هذا الشعب وبالتتابع مع زيادة تسعير وهيجان الوسط الكُردي وذلك في ترسيخ مفاهيم مهرجانية ﻻ ثقافة ﻷبعاد الحقوق القومية والديمقراطية لهذا الشعب .وكلّ ذلك هو نتاج فعلي وانعكاس طبيعي لواحدة من ااستحقاقات المفروضة ﻻ المطلوبة كُردياً ومؤكّد أنّ نتائجها ستنعكس جمعاً وإنْ بدت بأنها ستطيح ببهرجات العبث وفائض القوة المهدورة في غير استحقاقاتها . إنّ العودة إلى الهويات الصغيرة في المجتمعات التي تنفلت فيها درجة العنف إلى حدٍْ فظيع مع استيلاد بدائل ممنهجة وأيضاً هوياتية تمارس أفظع مما كان الاستبداد القديم يفعله ، لابل ويراكم عليها البديل خبراته كمثل ذلك السجين في عهد النظام وقد أصبح سجّاناً وقد خاطب السجناء بجدية : لا تنسوا ؟! كنت سجيناً وأعلم كلّ خفايا لزنزانات والمعتقلات فإياكم واللعب معي ؟! .. مَن عنده دخان أو ولاعة ؟! ومن هنا فإنّ اللوذ بالهويات الجمعية مفيدة سوانا الكُرد أضحينا وبقينا على صحن القرابين نضحّي و … فقط كُردياً : المشاريع القومية فاشلة واستعمارية ، ومع كلّ هذه السلبيات بمآسيها، هناك حقيقة يتوجّب قولها لممارسي البروباغندا وتحريف المعاني في خاصية الفهم / التفسير للفدرالية : هل الفدرالية غير وطنية ؟ و إشكاليات طرحها – مثلاً – بجانبه الديموغرافي / البشري ؟! أوليست مؤطّرة بدولة ووطن ؟! وحتى القومية منها ! والسؤال هنا :

هل يلاحظ الديموغرافيون وبعيداً عن دوغمائية الشعارات وكُردياً معطوفاً عليها حتى الفدراليات العابرة للأقوام ! أوليست هي واحدة أو شكل من أشكال مخرجات اللامركزية ؟! والأهم من كلّ شيء أوليست ورقة رياض ٢ التي وقْعت بين الأطر الأساسية في المعارضة السورية ، والتي ستمرّر عبر عصارة دولية وتمثّل ورقة جهة / طرف يقابلها ورقة جهة / طرف آخر وجميعها ستمرّر في مخاضات عديدة ؟! . وختاما : إنّ العبث والانتقاص من سوية ووعي المقابل المفترض به كشريك أساس وبالتالي التلاعب في استيلاد مصطلحات وتعابير تحمل جينات النسف الضمني ، هي نتاج ذات التركيبة المتراكمة كواحدة من أكبر مخلّفات النظام في وعي بعض الفئات التي نمت داخل بنية النظام وفي دائرتها ، ولازالت تسعى ، لابل تتشبّث بعناوين مفرغة من مضامينها ، فتطرح الأقلمة الجغرافية كعنوان مفترض لفدراليةٍ لا تتعدّى النمطية الإدارية في تحديد نظم المحافظات أو الولايات وما يطرحه بعضهم الآن هو مشروع يتقاطع تماماً مع رؤية القوميين السوريين ولكنها مرتكزة في العمق على الفهم القومي العربي بخاصيةٍ معدّلة قليلاً عن العفلقية وتنشّط التبشير بها مؤخراً من قبل جماعة لوموند دبلومات – د . سمير العطية و مجموعة حرمون – السعيفان – الأمين وغيرهم وهي تتشبّث بالإطار الثقافي لبقايا شعوب / قبائل / مجموعات تسقط إقليمياً ولم تنقرض أو مجموعات وفدت نتيجة لعوامل عديدة والقاعدة الرئيسة للأقلمة المناطقية التي ترتكز على الأقلمة الأوسع بالإرتكاز على تقاطعات طبيعية ومناخية واقتصادية لاغير .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى