ملفات و دراسات
المظلومية الكردية سورياً
Yekiti Media
إعداد : ليلى قمر و وليد حاج عبدالقادر
توطئة : بعد هزيمة الدولة العثمانية ووصول قوات الدولتين الفرنسية والبريطانية إلى البقع الموسومة في الخرائط الموضوعة مسبقاً ، هذا الأمر الذي نُفذ على الأرض بعد توقيع العثمانيين على معاهدة مودرس ومن ثمّ قرار التوجّه إلى مؤتمر الصلح وتشكّل عصبة الأمم وبدء توقيع معاهداتٍ متفرّقة سواءً بخاصية العرب أو كُردستان ، وبإيجازٍ شديد سنذكر هنا كردياً اتّفاق سيفر وما تلاها من لوزان وتراتبيات الحدود التي خضعت لتوافقات سايكس بيكو وتجاوزها بالتدرّج بين بريطانيا وفرنسا التي – تقدّمت – قواتها بقيادة غورو واحتلّت سوريا ، ومن ثم على أرضية ذلك ما تمّت من تتبّعات إعادة ضبضبة وتقسيمٍ لسوريا وصولاً إلى خارطتها الحالية ، وهنا وبسبب التغييب المتعمّد للشأن الكُردي الذي تداخل مع الشان السوري والعراقي إلحاقاً وبالضدّ من كلّ الاتفاقات والتفاهمات التي تمّت قبل الثورة العربية الكبرى – اتفاق فيصل كليمنصو و مراسلات حسين / مكماهون – وباختصارٍ فقد تمّت اجراءات ترتيبات الحدود الأخيرة وتثبيتها خاصةً بعد رفض الكُرد لأمرين وهما : دويلة كُردية وعدم الانضمام إلى تركيا ،وذلك بشرط أن تمنحهم الدولة السورية الحكم الذاتي ، ولكن كان للنفط من جديدٍ كلمة حيث كان لتدفّق نفط بروچ – قره جوخ – دور هام في ترسيخ فرنسا لخارطةٍ جديدة قابلها المد لتركيا في المتوسط على حساب تقطيع أوصال الولايات الحدودية الآن مثل الموصل وماردين وروها وووو .. ورغم السعي الفرنسي لإيجاد نوعٍ من الموائمة مع الكُرد إلا أنها لم تنجح وحدثت مصادمات كما في بياندور قرب القامشلي وكذلك في عامودا وريف الحسجة ، وكان للانفتاح السياسي نسبياً في تلك المرحلة دافع للكُرد أيضاً في الانخراط بالعمل الاجتماعي والسياسي ، وظهرت لهم جمعيات ونوادٍ كُردية واخذت بعض المظاهر الثقافية أيضاً تتبلور وشارك رجالات كُرد في دورات برلمانية كما شهدت حالاتٍ للتطوّع بالجيش ، وظهرت كوادر وقيادات من أصول كُردية في مراكز وطنية سورية ، إلا أنّ الرياح لم تجرِ كما اشتهت السفن ، خاصةً مع صعود التيارات القومية العروبية ، والتي استهدفت الكُرد بمنهجيةٍ توازت بالفعل كما الحكم إعداماً و بالمقصلة ، وذلك بحزمةٍ من القرارات التي تمّت قوننتها من خلال بوابة الجنسية ، هذه البوابة التي سنسعى إلى إعادة اختزالها لإماطة اللثام عنها وفي إيجازٍ توضيحي لقانون الجنسية التي فُصلت خصيصاً لاستهداف الشعب الكُردي والدفع به إما إلى ماوراء الخط الحدودي الذي تشكّل أو تهجيره تحت عناوين عديدة إلى العمق السوري والبوادي شبه الصحراوية ، في استهدافٍ صريح لانتزاعهم من مناطقهم ودفعهم صوب تغريبةٍ انصهارية أشبه ما تكون بالكُرد الذين رافقوا الأيوبيين واستقرّوا في بقاع ومدن عديدة ، وفي العودة إلى قانون الجنسية والتي بدأت الاستعدادت لصياغتها وتماست لتتقاطع وأيضاً لتتناقض مع مفهوم رعايا السلطنة العثمانية ونقلهم إلى تابعية الدول المتشكّلة ، والتي – هنا – وبخاصية سوريا ومن خلال مفاوضات دولة الانتداب مع الدولة التركية ، حيث راعت و بفرضٍ منها حرية الانتماء والتنقّل ، هذا الأمر الذي استمرّ معمولاً به إلى ما بعد الاستقلال أيضاً حين ظهور أول قانون للجنسية ، وهنا لاستسهال الاطّلاع ودرءاً للتداخل والمراحل بتواريخها سنبدأ اولاً في عرض القوانين المؤسّسة والتي على أرضيتها أوجدت سلسلةً من القوانين الإجرائية والتنفيذية . واول قانون للجنسية صدر في سوريا – بعد الاستقلال – تمّ في ٢١ – ٥ – ١٩٥١ كان من إعداد حقوقيين سوريين برقم 98 تلاه قانون الجنسية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 21 تاريخ 24/2/1953. والذي عّدِل بالقانون رقم 492 تاريخ 16/2/1957. وحتى هذا التعديل يمكن القول إنّ قوانين الجنسية في سوريا هي ( .. في الأصل قراءة عربية اعتمدت النسب الأبوي أولاً وأخذت بعين الاعتبار وضعية المرأة في الفقه الإسلامي وبعض القواعد من المشرّع الفرنسي و … أول تفاعلٍ بين قانونين عربيين للجنسية تمّ في القانون رقم 82 الصادر في 22/7/1958 والذي أقرّ في الجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) .. ) وذلك من إعداد قانونِيين مصريين و سوريين ، تلاه قانون للجنسية أصدرته حكومة الانفصال الذي صدر بالمرسوم التشريعي رقم 67 في 31/11/1961. وبعد انقلاب البعث وسيطرته على الحكم ، صدر المرسوم التشريعي رقم 276 تاريخ 24/11/1969 والذي يحتوي على قانون الجنسية السارية إلى يومنا هذا وإن جرت عليه بعض التعديلات لاحقاً . وفي جردةٍ سريعة لآليات تنظيم الجنسية في القوانين السورية ونصوص دساتيرها يمكننا ملاحظة وذكر نماذج عديدة مثل : جاء في دستور الجمهورية العربية السورية لعام 1973 مادتين تتعرّضان لقضية الجنسية هما: المادة 43: ينظّم القانون الجنسية العربية السورية ويضمن تسهيلاتٍ خاصة للمغتربين العرب السوريين وأبنائهم ولمواطني أقطار الوطن العربي. المادة 83: يشترط في مَنْ يرشّح لرئاسة الجمهورية أن يكون عربياً سورياً متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية متمماً الأربعين سنة ( تمّ تعديل العمر إلى 34 إثر وفاة حافظ الأسد وتسمية ابنه مرشحاً لخلافته في عام 2000). المادة 153: تبقى التشريعات النافذة والصادرة قبل إعلان هذا الدستور سارية المفعول إلى أن تعدّل بما يوافق أحكامه . وفي عودةٍ للقانون السوري الذي لايزال ساري المفعول إلى الآن (المرسوم 276/ تاريخ 24/11/1969) والذي يعتمد أولاً على مبدأ حقّ الدم Jus sanguinis حيث جاء في المادة الثالثة منه(1): يُعتبر عربياً سورياً حكماً: آ- مَنْ ولِد في القطر أو خارجه من والدٍ عربي سوري. ب- مَنْ ولِد في القطر من أمٍّ عربية سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً. ج- مَنْ ولِد في القطر من والدين مجهولين أو مجهولي الجنسية أو لا جنسية لهما ويُعتبر اللقيط في القطر مولوداً فيه وفي المكان الذي عُثر عليه فيه ما لم يثبت العكس. د- مَنْ ولد في القطر ولم يحقّ له عند ولادته أن يكتسب بصلة البنوة جنسيةً أجنبية.
هـ – مَنْ ينتمي بأصله للجمهورية العربية السورية ولم يكتسب جنسية أخرى ولم يتقدّم لاختيار الجنسية السورية في المهل المحدّدة بموجب القرارات والقوانين السابقة. ويسري حكم هذه المادة ولو كان الميلاد قبل تاريخ العمل بهذا المرسوم التشريعي. – وفي فصل التجنس ومنحها : نجد ( .. في المادة الرابعة جواز “منح الأجنبي الجنسية بمرسومٍ بناءً على اقتراح الوزير و على طلبٍ خطي يقدّمه الطالب يشترط فيه كامل الأهلية والإقامة المتتالية خمس سنوات في القطر والخلو من الأمراض السارية والعاهات المانعة من مزاولة مهنة وحسن السلوك وعدم وجود حكم قضائي وامتلاك اختصاص أو خبرة والإلمام باللغة العربية قراءةً وكتابة. وتنصّ المادة الثامنة من القانون على منح الزوج الجنسية لزوجته بقرارٍ وزاري. وفي المادة 16 أحكام تسهيلية خاصة بتجنيس أبناء البلدان العربية ودائماً بقرارٍ من وزير الداخلية. ومنذ 25/2/1976، أي صدور القرار 92 يكلّف رئيس إدارة الهجرة والجوازات /فرع الجنسية/ ورؤساء فروع هذه الإدارة في المحافظات بقبول طلبات التجنس والاسترداد و التخلّي والاختيار وإسقاط الجنسية العربية السورية وكلّ ما هو منصوص عليه في المرسوم التشريعي رقم 276 تاريخ 24/11/1969، وذلك بموجب إيصالٍ يُعطى لصاحب العلاقة. وقد عُدلت الفقرة المتعلّقة بامتلاك اختصاص أو خبرة بمن لديه وسيلة مشروعة للكسب أو يملك ما يغنيه عن مساعدة الغير. وقد ارتأى المشرّع السوري، نتيجة انتشار السوريين في كثيرٍ من بلدان العالم واضطرارهم لاكتساب جنسيةٍ أخرى لقضاء المصالح الخاصة عدم تطبيق عقوبة الغرامة أو الحبس لمن يتجنّس بجنسية أخرى دون موافقة حكومته السارية حتى عام 1961. وعدم تطبيق هكذا عقوبة إلا عند اقتضاء المصلحة مع وضع نص يجيز التجريد من الجنسية العربية السورية، بمرسومٍ بناءً على اقتراح وزير الداخلية .. ) . وفي العودة إلى الموضوع الكُردي في سوريا – ومن جديد – بعد تسلل النزعات العروبية إلى مفاصل الدولة وتحكّمها في صياغة القرارات إلى لحظة سيطرتها الانقلابية على الحكم ، حيث يقدّر غالبية المتابعين عدد الكُرد إلى أكثر من ٢ مليون وذلك في غياب أية احصائيةٍ عملية ودقيقة ، أي بما لا يقلّ عن ١٠ – ١٥ ٪ ، فيما تتجاوز الإحصائيات الكُردية المتوقّعة وأيضاً نسبة إلى استبيانات وتقاطعات تجمعية إلى أنّ العدد قد يتجاوز الثلاثة ملايين من الكُرد ، وأنّ التسبة المئوية لن تقلّ عن ١٨ – ٢٢ ٪ هذه النسبة التي لا يشمل فيها الكُرد الذين انسجموا في بيئاتهم ومناطقياتهم في العمق الداخلي السوري . وأهم المناطق التي لازال الكُرد يعيشون فيها، جبل الأكراد (عفرين) ومنطقة الجزيرة وفي جبل سمعان وعزيز وعين العرب (كوبانية) ومدن حلب وحماه ودمشق واللاذقية ، هذه المناطق التي – لانرى لزاماً و بكلّ بساطةٍ – الخوض في جدلية تاريخية حول الوجود التأريخي لهذا الشعب وعلى أرضه التاريخية ، بقدر ماهو وللإستئناس إرتأينا ذكر بعض المؤشّرات الدالة على الوجود الكُردي – في جبل الأكراد مثلاً – حيث تؤكّد بعض المخطوطات العربية على حسن العلاقات العربية الكُردية زمن العباسيين كما والعثمانيين ، هذه العلاقات وخاصةً العربية منها ومع حلول فجر الإستقلال في سوريا يوم 17 نيـسان سنة 1946 ولغاية سنة 1962، ساد جو من الوئام والتعاون في العلاقات بين الشعبين جسّدها النضال ضدّ الاستعمار الفرنسي والتشارك العربي الكُردي فيها سواءً في الجزيرة وجبل الأكراد وجبل الزاوية والغوطة . هذه المرحلة التي شهدت حضوراً كُردياً فاعلاً في كافة المجالات السياسية والثقافية والإجتماعية السورية ، ونشطت فيها الحركة الثقافية الكُردية ، وظهر الكتّاب والأدباء الكُرد ، وانتشرت الألفباء الكُردية ومعها تعليم الكُردية علانيةً ، حيث بقيت مسموحةً حتى منتصف الخمسينات ، وشهدت هذه الفترة أيضاً إصدار أول دورية كُردية فصلية تحت اسم – هاوار – وتعني الصرخة .. ولكن وللأسف الشديد مالبثت الشوفينية العربية أن كشفت بكلّ وضوحٍ عن وجهها الحقيقي وبشكلٍ خاص بعد الإعلان عن ولادة أول تنظيمٍ سياسي كُردي والذي تمّ استهدافه بحملة اعتقالاتٍ واسعة ولتدخل معها القضية الكُردية في سوريا إلى نفقٍ شوفيني قاتم كنتيجةٍ عملية لممارسات النظم التي تعاقبت والذي هو مثار نقاشنا في المحور الثاني من إعدادنا هذا ٢ – يبدأ هذا المحور من صدورالمرسوم رقم ٩٣ الذي أصدره رئيس الجمهورية ناظم القدسي بتاريخ ٢٣ – ٨ – ١٩٦٢ والذي عمّم بموجبه وتحت ذات الرقم ٩٣ رئيس مجلس الوزراء بشير العظمة الذي سمح بإجراء إحصاءٍ خاص بمنطقة الجزيرة ، والذي نُفِذ في يوم 5 ت1 ( اوكتوبر) وتمّ بموجبه تجريد حوالي 120 ألف كُرديٍ من الجنسية السورية ، فيما زعمت المعرفات الحكومية بأنّ العدد لم يتجاوز ٦٠ ألفاً ! .. وترافق مع هذا الإحصاء الاستثنائي والذي تمّ. في الأصل لتصبح الركيزة الرئيس في تطبيق سلسلةٍ من الإجراءات الشوفينية ، فكان مشروع الحزام العربي الذي استهدف إبعاد الكُرد مسافة ١٠ كم كحدّ أدنى عن الشريط الحدودي مع تركيا وتوطين عربٍ مكانهم ، هذه المخططات وضِعت قيد التطبيق العملي بخطواتٍ ابتدأت مع إعلان حالة الطوارئ، في 8 آذار 1963، حيث أخذت تظهر نتائج الإحصاء الاستثنائي والتي بموجبها صنِف الكُرد إلى فئاتٍ ثلاث : مواطنون ومجرّدون اجانب ومكتومون – مجهولي القيد ؟! ولتنكشف الوقائع وتفصح بجلاءٍ واضح على أنّ هذه الإجراءات هي ذات طابعٍ سياسي ، وطبيعي أنّ المجموعة التي جُرِدت من الجنسية أصبحوا ضحايا تحت رحمة القوانين التعسفية تلك ، وفي العموم فقد تجاوز عدد الذين جُرِدوا من الجنسية بمختلف مسمياتها أكثر من نصف مليونٍ ذاقوا من جرائها ظلماً تراكم وليمتدّ أثرها في أجيالٍ عديدة منهم ومسّت كلّ جوانب حياتهم .. وفي العودة إلى بعضٍ من التفاصيل التي بقيت مخفية لفترة وإن اخذت مخرجاتها تظهر في الواقع العملي وبشكلٍ خاص بعد إعلان حالة الطوارئ، في 8 آذار (مارس) 1963، حيث انتقلت الحكومات الجديـدة إلى سيـاسة التطبيق العملي لتلك الممارسات . ولم يخفِ حزب البعث تصوّراته كما ومخططاته في استهداف الوجود الكُردي، وكانت للدراسة التي أعدّها محمد طلب هلال مسـؤول الأمن السـياسي في المنطقة خلص فيها بأنّ الكُرد هم شعب لا لغة أو أصل وحضارة لهم ، هم مجرد مجموعات همجية عبثية مدمّرة ، وقدّم هلال خطة من ١٢ نقطةً كبرنامجٍ متكامل استهدف منها استئصال الوجود الكُردي من سوريا وهذه هي النقاط : ١ – التهجير للداخل (عبر نقل السكان) ٢ – التجهيل (حرمان الأكراد من التعليم والتأهيل العلمي) ٣ – سد باب العمل (الحرمان من العمل والمساعدة) . ٤ – الإبعاد (تسليم المتمرّدين للبلدان المجاورة) . ٥ – فرّق تسُد (تحريض الأكراد ضدّ بعضهم) . ٦ – تطبيق الحزام العربي . ٧ – سياسة إسكانية للعرب . ٨ – عسكرة المنطقة .. اي اعتبارها للمنطقة كمنطقةٍ عسكرية / أمنية ٩ – إنشاء لجنة لمزارع الدولة مرتبطة بالقيادة القطرية . ١٠ – حرمان مَنْ لا يتكلّم اللغة العربية من حقوقه السياسية . ١١ – إرسال رجال دينٍ عرب للمنطقة ونزع الصفة الدينية عن رجال الدين الأكراد أو نقلهم إلى داخل البلاد . ١٢ – تنظيم حملةٍ تعبوية ضدّ الكُرد في صفوف العرب . وقد ترافقت تلك الإجراءات ببلاغٍ لوزير الداخلية عام 1963 منع بموجبه أبناء محافظة الحسكة من نقل قيودهم المدنية إلى المحافظات. في 1964، صدر المرسوم 1360 باعتبار كامل محافظة الحسكة منطقة حدودية بالرغم من أن عمقها حوالي 200 كيلو متراً . وفي خطوةٍ شوفينية أكثر أعلنت الحكومة عن مشروع “الحزام العربي” بعمق 15 كم وعلى طول 280 كم على الحدود التركية وذلك في تهديد.ٍ عملي لسكان أكثر من ٣٣٢ قرية ودفعهم للهجرة من قراهم . ومع الزمن اخذت ممارسات وخطط البعث العنصرية تظهر بكلّ وضوحٍ ، فتحت عنوان تحقيقات في التطبيق الاشتراكي نشرت جريدة “المناضل” الداخلية لحزب البعث في العدد الحادي عشر عام 1966 تقريراً رفعه رئيس مكتب الفلاحين في الحزب يطالب فيها بالتعامل مع الوجود الكُردي على اعتباره مؤامرة تهدف إلى خلق إسرائيل ثانية في المنطقة. وفي عام 1967، ألغت كتب الجغرافيا المدرسية أية إشارةٍ للأقلية الكُردية في سوريا ، واعتباراً من ذلك التاريخ أخذ موظفو الأحوال الشخصية بممارسة الضغوط على المواطنين لعدم إطلاق الأسماء الكُردية على أبنائهم . وشهدت هذه الفترة وتحت يافطة حالة الطوارئ وفي استهدافٍ عملي من النظام حينها قامت بموجة اعتقالاتٍ كبيرة استهدفت شخصيات سياسية واجتماعية بارزة وذلك لتحييدهم من جهةٍ والبدء بالخطوات التنفيذية للمشاريع العنصرية التي تتالت فيما بعد والتي دخلت التنفيذ العملي مع انقلاب حافظ أسد وتسلّمه للسلطة في عام ١٩٧٠ ، حيث اتخذت الأمور مساراً تنفيذياً وباشرت لجنة إعمار مزارع الدولة التابعة للقيادة القطرية في تنفيذ واعمار قرى نموذجية ووضعت خطة التغيير الديمغرافي قيد التنفيذ وذلك بنقل واستيطان عشرات الآلاف من مغموري ، حوض الفرات إلى المنطقة الكُردية ، وقد كان من تداعيات الاستعداد لهذه الخطوات التطبيقية ، اعتقال النظام لدفعة من قيادات وكوادر البارتي منهم السكرتير دهام ميرو ، ولعلّ نظام الأسد وابنه هم الأكثر وضوحاً كانوا في الاستهداف البنيوي لجوهر القضية الكُردية كتغطيةٍ إنْ لمذهبيته من جهة وأيضاً لإرضاء غلاة العرويين و التوجهات السنية أيضاً ، وقد شهدت فترة حكمه المزيد من التقييد للكُرد قابلها نشاطات وتوترات أحياناً كما قضية نوروز دمشق سنة 1986 أثناء مواجهة الأمن للمواطنين الكرد ومنعهم من الاحتفال وسقوط جرحى وقتلى . وفي ١١/١١/١٩٨٦ نشر محافظ الحسكة القرار رقم ٢٥ / ص / ١٠١٢ منع بموجبه استخدام اللغة الكُردية في أماكن العمل . – في ٣ / ١٢ / ١٩٨٩ ، اصدر محافظ الحسكة محمد مصطفى ميرو (رئيس الوزراء اليوم) القرار 1865/ص/25 ليؤكّد هذا المنع ويضيف إليه الأغاني غير العربية في الأعراس والأعياد في تعارض مع معطيات الدستور السوري نفسه . وفي ٥ – ١٠ – ١٩٩٢ اصدرت مجموعة من الأحزاب السورية نداءً في ذكرى مرور 30 عاماً طالبوا فيها النظام بالحدّ من ممارساتها العنصرية وإعادة الجنسية للذين جُردوا منها ، وعلى إثرها ردّت الحكومة السورية بحملة اعتقالات واستجوابات واسعة بقي منهم 40 شخصاً في المعتقل * وقد ترافقت هذه الحملة بعدة إجراءات تمييزية جـديدة بحقّ الأقلية الكُردية منها إبعاد 21 عامل من مؤسسة حكومية من عملهم ومنع أكراد من السفر . – وصدر في ذات السنة ٣ أيلول (سبتمبر) القرار 122 عن وزير الداخلية الذي ربط تسجيل الأطفال الكُرد بالجهات الأمنـية المختصـة، ومنذ ت1 (أكتوبر) 1992، رفض تسجيل عشرات الأطفال الأكراد لأن أهلهم اختاروا اسما كردياً . وهكذا ، وباختصارٍ لاحظنا كيف أنّ التنصيص القانوني للجنسية ، والذي استخدم كسيفٍ لتجريد المواطنين من انتمائهم ، ولاحظنا كيف أنه وبناءً على المرسوم التشريعي رقم 1 تاريخ 30/4/1962 وعلى القرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم 106 بتاريخ 22/8/1962 صدر المرسوم التشريعي رقم 93 في تاريخ 23/8/1962 الذي ينصّ في المادة الأولى على: 1 – يجري إحصاء عام للسكان في محافظة الحسكة في يوم واحد يحدّد تاريخه بقرار من وزير التخطيط بناءً على اقتراح وزير الداخلية. وجاء في المادة التاسعة منه : وتعتبر المادة 17 من المرسوم كلّ تذاكر الهوية ملغاة ويستبدل المرسوم كلّ قيود السجلات القديمة بالسجلات الجديدة ، ولعل د . محمد جمال باروت هو خير من وصف إحصاء 1962 المشؤوم / … لهذا قامت سلطات الإحصاء بالتوثيق من الهوية الإثنية للمكتومين وكان التوثيق يتمّ وفق نمط علاقة السلطة والمجتمع يومئذ عن طريق موظفي جهاز الدولة ومخافر الشرطة ومفرزة الشعبة السياسية والوجهاء وزعماء العشائر الذين لم تكن مصالحهم تخلو من التضارب وتمّت عملية الإحصاء برمتها تحت إشراف عرّابها الحقيقي الذي دفع بها من ألفها إلى يائها سعيد السيد محافظ الجزيرة وكان السيد يصف نفسه في سيرته الذاتية بأنه ـ قومي عربي متطرّف يعمل للوحدة العربية بكلّ جوارحه وهي شغله الشاغل وأمله الوحيد في الحياة ـ وكان السيد شقيقاً لجلال السيد أحد مؤسّسي حزب البعث الذين انشقّوا عنه مبكراً بسبب نزعاته الاشتراكية وموقفه من الوحدة مع العراق لكنه لم يكن بعثياً / المحافظ / بل أقرب إلى الجيل القومي التقليدي الذي كان بعض رجاله متأثرين بالفكر القومي المتطرّف والشوفيني ولعبت اتجاهات السيد هذه دوراً حاسماً في تقرير نتائج واتجاهات عملية الإحصاء بسبب إحكامه السيطرة على مركز السلطة في محافظة الجزيرة …. / .. ويضيف باروت … / … قلّص هذا التصنيف من عدد الأكرادونسبتهم إلى المجموعات الثقافية / الأثنية الأخرى وترتّب عليه اخراجهم من عملية الملكية والسياسة والإنتخابات وإضعافهم عموماً مع قياداتهم في توازنات القدرة والسلطة / .. ولتتوضّح لاحقاً الأهداف الحقيقية للخطوات العنصرية التي تتالت تباعاً خصوصاً وايضاً استناداً على السيد باروت / … برز تعريف منطقة الجزيرة من خلال النفط في اعتبار حكومة العظم أنّ / عملية تسلل الأكراد الىسورية بأنها تشكّل مؤامرة تهدف إلى توطين بعض الفئات غير العربية ضمن المثلث البترولي في سوريا .. / .. وقد تمّت كلّ هذه الإجراءات وفق تسويغات أمنية وكيانية / على حد قول باروت / .. كان سعيد السيد هو العرّاب الحقيقي لعملية الإحصاء فهو مَن تولّى صياغة المسوغات والتبريرات فقد قام بعد تكريس نتائجها بتبرير ذلك بقوله بأنّ هجرة الأكراد الأتراك الى سوريا ـ تشكّل خطراً كبيراً على سلامة سوريا العربية ـ في محاولة لاستثارة الرأي العام السوري …. / …. ويضيف باروت / … لم يكن الأمر مدفوعاً بسياسة نظامية مركزية من حكومة العظم الثالث لإبادة الزعامات بقدر ما كان نتاج حرب الإبادة بين هذه الزعامات هكذا سمحت فوضى الصراع لسلطة السيد حتى بتجريد أبناء إبراهيم باشا الملي وأحفاده من الجنسية وهم الذين كانوا سادة الجزيرة خلال الفترة العثمانية وحتى أواخرها وحاربوا الانتداب الفرنسي ليس لدواعٍ وطنية وقومية بل للدفاع عن سلطاتهم التاريخية الكبرى التي كانت لهم بالفعل … / .. وقد. شمل التجريد حتى النائب والوزير السابق عبدالباقي نظام الدين وشقيقه اللواء المتقاعد توفيق نظام الدين الذي كان رئيس هيئة أركان الجيش السوري في العام 1955 … وفي ختام هذا العرض لابدّ من التاكيد على أنّ القضية الكُردية في سوريا هي قضية شعب وأرض .. هذه القضية التي ارتأت غالبية أطراف حركتها السياسية بالمطالبة بحقوقها السياسية ضمن سوريا ديمقراطية موحدة وبالعذر من السيد محمد جمال باروت فلن نجد أحسن من خاتمته لدراسته أن نختم عرضنا .. يقول السيد باروت / .. هكذا تمّ تغريب ابناء محافظة الحسكة في سوريا داخل مسقط رأسهم والذين لم يعرفوا سوى سوريا وطناً لهم في أواخر عهد جمهورية الانفصال التي قلّصت السلطة لصالح أصحابها أما اليوم فقد آن لهذه المأساة أن تنتهي بضربةٍ واحدة أي بقرارٍ واحد يعادل وزنه خطة إقصاء ثنائي السيد ـالعظم لهؤلاء عن الدولة ـالوطن ففي الدروس المنهجية لعلم السياسة نعرف أن موضوع العلم هو دراسة القدرة لكن غاية العلم نفسه هي الحرية لقد آن لفضيحة العظم الثالث ـ السيد التي تُخجل ـ بضمّ التاء تاريخ أي دولة في العالم أن تنتهي وأن تكون الدولة لجميع مواطنيها / . …. هوامش : هذا الإعداد تمّ بالإستناد على مراجع عديدة ولحصر الفهارس وعدم تكرار ذكرها تمّت الإشارة اليها مع إيضاحٍ نؤكّد بأنْ هناك مقاطع تمّ تدوينها ضمن قوسين خاصة لكتابنا وباحثينا الكُرد * واحد من المعدين ( وليد حاج عبدالقادر ) هو من معتقلي عام ١٩٩٢ – انظر كتاب الدولة العلية … القاب السلطان العثماني – من مقال / دراسة للأستاذ القدير الراحل محمد ملا احمد .. وكذلك دراسات وترجمات لوثائق عن المرحلة الفرنسية في سوريا .. سواءً المنشورة منها في مواقعنا الكُردية أو المرسلة إلي…لكتاب كُرد نعتزّ بأعمالهم وجهودهم … – انظر مقالة محمد جمال باروت : الإحصاء الاستثنائي وجروح الهوية الوطنية .. كيف نشأت مشكلة / أجانب تركيا في سوريا / … عن … monde diplomatique العدد /30 / جريدة الخليج .. اغسطس 2009 – محمد جمال باروت : باحث ومفكر سوري له مؤلفات متعددة … الخليج المصدر السابق – مقال في موقع ولاتي مه ( وليد حاج عبدالقادر ) إن لم تستحِ فافعل ما تشاء ( ١٤/٨/٢٠٠٩ ) – موقع نون بوست .. أحمد التلاوي .. سايكس بيكو .. ١٦/٥/٢٠١٦ – مراسلات حسين مكماهون – ويكيبيديا – حكومة المملكة المتحدة .. – المصدر السابق : موقع نون بوست الكاتب محمد وليد ١٨ / ٥ / ٢٠١٦ – مجلة قلمون للدراسات والأبحاث العدد الثاني آب ٢٠1٧ الكُرد والعشائر الكُردية في أرشيف الدولة – من كتاب الكُرد في منطقة الباب وأطرافها – تأليف وإعداد : علي مسلم – مقال بعنوان : إعادة انتاج المسألة الشرقية ( وليد حاج عبدالقادر ) منشورة بمواقع عديدة 25/1/ 2020 – حاولنا قدر الإمكان عدم الإسترسال النظري والإعتماد على مصادر سهلة الوصول اليها ومتوفرة في غوغل وتحاشيت رغم تقاطع كثير من المعلومات الاستناد على دراسات لكتاب او معاهد كردية .