المنطقة الآمنة.. إلى أين؟
إسماعيل رشيد
المنطقة الآمنة.. المنطقة العازلة.. مصطلحان رغم التفاوت السياسي والقانوني بينهما يتم التداول والحشر بين مكنوناتها و مسمياتها ، والكل حسب رغبته وموقعه بعيدا عن حيثيات الحالة ونتائجها وما يترتب عليها من التزامات عدة…وكانت تركيا أول الدول المرحبة بالفكرة شرط أن تخدم توجهاتها وهواجسها وهي تريدها منطقة آمنة (SAFE ZONE) وليس منطقة عازلةBUFFER ZONE) ) الأولى تعني حماية المدنيين الهاربين من ويلات الحروب ، أي منطقة خاضعة لإدارة مدنية بغض النظر عن القوى العسكرية التي تنتشر فيها، في حين أن “المنطقة العازلة” ذات مفهوم عسكري أكثر منه إنساني،
لكن الثابت بأنه هناك تفاهم اولي بين تركيا وامريكا ، وهذه التفاهمات تتحكم فيها تجاذبات دولية وإقليمية ومعرضة للمزيد من الصعوبات، وهو ما يجعل الكثير من المراقبين يشككون بتطبيقها وإطالة الوقت من قبل اللاعبين الأساسيين على غرار جولات جنيف الأممية ، والدفع باتجاه تقويض الدور المحوري لإيران وميليشياتها ، وهذه تصطدم بشروط أنقرة والتي لم تتجاوب بعد مع المطالب الامريكية بخصوص محاصرة ايران والغاء صفقة الصواريخ الروسية ، فحجم التدهور الاقتصادي الإيراني مخيف فموازنة عام 2019 أقل ب 50% عن العام الماضي حسب البيانات الرسمية
فالمنطقة الآمنة” تطرح بالضرورة مسألة حظر الطيران الجوي، ومع أن المفهومين منفصلان نظريا، إلا أنهما متداخلان على أرض الواقع حسب ما بينت التجارب التاريخية في العراق والبوسنة والهرسك وليبيا، إذ لا إمكانية لإقامة مثل هذه المنطقة دون حظر للطيران لحماية المنطقة من أي عدوان خارجي .
وربما تكون عبارة “القوى المحلية” التي ذكرها ترمب هي إحدى نقاط التباين الأمريكي ـ التركي، بالإضافة إلى أن
تشكيل “المنطقة الآمنة” لا تتعلق بطول المسافة ، ولا بالعمق الجغرافي داخل الأراضي السورية، وإنما الصعوبة مرتبطة بمسائل أخرى، منها إجرائي، متعلق بالشروط العسكرية، ومنها استراتيجي متعلق بمستقبل الهيمنة والسيطرة على هذه المنطقة .
لكن ما يهمنا كحزب يكيتي كردستاني-سوريا وكمجلس وطني كردي هو التحرر من الاتكالية والوصفات الجاهزة والانتقال للعمل المؤسساتي وإطلاق المبادرات التي تعيد للمجلس موقعه المؤثر على الساحة السورية ، فوجود قوات دولية وإقليمية بالإضافة الى قوات محلية ومنها بيشمركة روج ضمن هذا المشروع القديم- الجديد والتراجيديا المنتظرة، سيكون مؤشر على درء المخاطر والتهديدات عن مناطقنا الكردية ، وتشكيل إدارة مدنية تشارك فيها كافة مكونات المنطقة .
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 263