انطلاق تظاهرات عراقية لكشف قتلة الناشطين والمليشيات تستنفر
وسط اجراءات أمنية مشددة انطلق عشرات الالاف من العراقيين في تظاهرات حاشدة في العاصمة بغداد ومراكز محافظات اخرى الثلاثاء للمطالبة بكشف قتلة الناشطين والاقتصاص منهم بينما سعت المليشيات الموالية لايران والمتهمة بهذه الجرائم الى التشويش على هذا الحراك الشعبي وحرفه عن اهدافه برفع ملصقات تتهم اميركا وشخصيات معارضة لها باغتيال المحتجين.
وبدأت تظاهرات في ساحات بغداد ومراكز المحافظات دعا اليها ناشطون احتجاجاً على استمرار عمليات استهداف واغتيال المتظاهرين حيث تجمع المشاركين الذين قدمت مجاميع منهم من محافظات جنوبية في ميادين عامة ثم توجهوا الى ساحة التحرير وسط العاصمة رافعين شعار “انا عراقي .. من قتلني؟” مطالبين الحكومة والقضاء بملاحقة المتورطين في قتل الناشطين والاعلاميين وتقديمهم للعدالة ورافعين صور العشرات منهم الذي اغتيلوا على يد عناصر المليشيات العراقية المسلحة المرتبطة بايران.
وجاءت هذه التظاهرات اثر تصاعد عمليات اغتيال واختطاف الناشطين في عدد من محافظات البلاد وخاصة الجنوبية خلال الايام القليلة الماضية حيث استهدفت عبوة لاصقة الشاب عماد العكيلي أحد متظاهري مدينة الناصرية ما أدى إلى إصابته بجروح وقبلها باسبوعين اغتيل رئيس تنسيقيات ناشطي محافظة كربلاء إيهاب الوزني أمام منزله في المحافظة وبعدها جرت محاولة اغتيال مراسل قناة الفرات الفضائية أحمد حسن أمام منزله في محافظة الديوانية.
وتؤكد منظمات حقوقية عراقية ان البلاد شهدت نحو 89 اغتيالا ومحاولة اغتيال و44 عملية اختطاف لنشطاء منذ اندلاع تظاهرات الاحتجاج الشعبية في تشرين الاول أكتوبر عام 2019.
وقد استبقت المليشيات خروج التظاهرات بنشر بوسترات في بغداد وهي تصور السفير الاميركي في العراق ماثيو تولر وشخصيات معارضة لها وهم يطلقون الرصاص على الناشطين في محاولة لابعاد التهم الموجهة لها بارتكاب جرائم الاغتيالات والاختطافات للناشطين.
كما اتهم المسؤول الامني لكتائب حزب الله المرتبطة بايران ابو علي العسكري رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالوقوف وراء تظاهرات اليوم بهدف تأجيل الانتخابات وقال في تغريدة على تويتر تابعتها “ايلاف” انه “بات واضحا ان المطلوب من التظاهرات المزمع حدوثها هو تأجيل الانتخابات لتمديد حكومة كاظمي (…) وفريقه الملوث بالدم والمال والعمالة” بحسب ادعائه.
وأضاف “كفاكم تجارة بأبنائنا فقد عثتم في الارض فسادا وخرابا كشف القتلة ومحاسبتهم يجب ان تكون ضمن الأطر القانونية بل وحتى العشائرية والشرعية وان لا تكون دماء الأبرياء التي تسقط مادة للترويج لأحزاب السلطة والفساد.
,وفي دعوة لابعاد اصابع الاتهام بقتل المتظاهرين عن المتائب قال “على الاخوة في الحشد الشعبي والمقاومة العراقية ان يحموا هؤلاء الشباب المغرر بهم بشتى الوسائل، وان لا يتركوهم لعبة بيد الأعداء، كما عليهم ايضا زيادة الضغط على الوجود الاميركي والبريطاني في العراق” .
كما أقدمت عناصر المليشيات ليل امس الاثنين على احراق خيام المعتصمين في مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار الجنوبية .
واتهم الناشطون الاحزاب ومليشياتها بمحاولة التصدي لزخم التظاهرات ومحاولة افشالها وكتب النائب الشيعي المستقيل فائق الشيخ علي المعروف بمعارضته للهيمنة الايرانية على مقدرات العراق في تغريدة على “تويتر” تابعتها “ايلاف” قائلا “تحذير وتنبيه! يا ثوار تشرين الأبطال: لقد طبعت اليوم إحدى مطابع الميليشيات 900 بوستراً سيحملها السون الميليشياويون بينكم غداً. فيها صور شهداء تشرين وهم يتساءلون: مَنْ قتلني؟ ومعها صورتي وأنا أحمل طبراً كقاتل! فاحذروا وانتبهوا ولا تردوا عليهم، لأن غرضهم قتلكم!”.
وقد اكد نائب الرئيس العراقي سابقا رئيس جبهة الانقاذ والتنمية اسامة النجيفي موقفه الداعم لشباب انتفاضة تشرين وقال في تغرية له “نشيد بروحهم الوطنية العالية ومطالبهم العادلة بالاصلاح واقتلاع الفساد والفاسدين ، ونطالب الحكومة بتوفير الحماية لهم ضمن جو آمن يعبرون فيه عن ارادتهم الحرة التي يكفلها الدستور وضمير الشعب “.
أما رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم فقد شدد على مشروعية التظاهرات المطالبة بالحقوقوضورة حمايتها.
وقال الحكيم في بيان “أملنا معقود بأبنائنا وأعزتنا المتظاهرين السلميين في الحفاظ على سلمية التظاهرات وعزل وتشخيص ذوي الأجندات المسيئة للتظاهرات المطلبية وحماية الممتلكات العامة والخاصة”.. ودعا القوات الامنية الى تأمين الأجواء وحماية وتيسير وصول المتظاهرين إلى الأماكن المخصصة للتظاهر .
وشدد التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر على ضرورة إيقاف نزيف دماء المتظاهرين والناشطين والكشف عن أسماء قتلتهم. وقال ممثل الصدر في البصرة حازم الاعرجي إن التظاهرات شئ مشروع لا أحد يقول أنها ممنوعة واشار الى انه منذ اليوم الاول طالب الصدر والمرجعية وكل العقلاء بضرورة الكشف عن القتلة وكن حتى الآن الاجهزة الامنية والحكومة مقصرة في ذلك.
وطالب الحكومة بايقاف “هذا البحر من النزيف للنشطاء والمتظاهرين والكوادر والعلماء والكشف عن اسماء القتلة والمتهمين بقتل هؤلاء الابرياء”. ومن جانبه أطلق رئيس الوزراء الاسق رئيس إئتلاف النصر حيدر العبادي مبادرة بعنوان “دعني أشارك” تدعو لحماية حقوق الترشح والانتخاب “دونما ترويع أو فرض إرادات”.
وتدعو المبادرة الى حماية المرشحين والناخبين على حد سواء وضمان مشاركة شعبية واسعة في الانتخابات المبكرة المقبلة والضغط على المؤسسات المعنية والقوى السياسية معاً لتوفير بيئة انتخابية سلمية وآمنة وصالحة للمشاركة الانتخابية للمرشحين والناخبين.
وكانت احتجاجات شعبية مليونية قد تفجرت في العراق في الاول من تشرين الاول اكتوبر عام 2019 ضد الفساد وفقدان الخدمات العامة وللمطالبة بفرص عمل..اضافة الى رفض الهيمنة الايرانية على شؤون العراق وادت في نهاية الشهر التالي الى ارغام رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي على تقديم استقالته وتولي مصطفى الكاظمي رئاستها حيث دعا اثرها الى انتخابات مبكرة في تشرين الاول المقبل استجابة لمطالب المتظاهرين.