بشائر ثورة قد توقدها جدائل مهيسا اميني
ليلى قمر / ديريك
مع ركوب الخميني وجماعته موجة ثورة الجياع والمضطهدين التي اندلعت بڨوةٍ في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ضد حكم الشاه في ايران ، وبالهوينى استغلّ البعد المذهبي وزجّه عملياً في أتون الثورة بدايةً مستغلّاً وبأقصى طاقةٍ ممكنة من المذهبية الشيعية المشبعة تاريخياً بنزعةٍ فارسية طاغية .
ومع سقوط الشاه وسيطرة الملالي على الحكم بدأ بتطبيق الرؤية المذهبية ( الشرعية ! ) وقوننتها ، والأهم تطبيقها وسط رهابٍ بنيوي فظيع، ولتتسع دائرة الاعتقالات وملاحقات مجاميع رجال الدين للناس ومن ثم اعتقالهم وبحجج وفتاوى تنطلق من رؤىً وتفاسير ،لابل وحتى لرؤىً شخصانية ، ومن ثم محاكمتهم بشكلٌ صوري والنطق بأحكام ترتقي ، لابل وتدعم بفتاوي غير قابلة للنقاش .
وهنا وفي عودةٍ إلى صلب موضوعنا ، فقد عانت النساء في إيران كثيراً من التجاوزات، وصلت في حالات عديدة إلى عمليات اغتصاب ، وبالأخصّ النساء الكُرديات ، وجميعنا لانزال نتذكّر حالة الشهيدة فريناز خسرواني، من مدينة مهاباد ، والتي انتحرت برمي نفسها من نافذة الطابق الرابع لفندقٍ كانت تعمل فيه بعد مداهمة الحرس الثوري لغرفتها، ومحاولة ضابط منهم اغتصابها ، حيث اشتعلت المدينة حينها للمطالبة بكشف ملابسات انتحارها ، وكادت اضطرابات مدينة مهاباد أن تتوسّع ومعها ترداد اسم فريناز وإمكانية تحوّلها إلى بوعزيزي التونسي ، إلا أنّ الأمن الإيراني وحرّاس ثورته قمعوا المظاهرات وبعنفٍ شديد ، ولم تمضٍ فترة طويلة ، حتى تفاجأ الرأي العام في يوم 23/ 2 / 2017 بما نشرته مواقع كُردية إيرانية معارضة، ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي ( صورة لفتاة من أهالي مدينة كرمانشاه ) قيل بأنها انتحرت إثر اغتصابها في سجون الأمن ، بعد أن كانت الاستخبارات الإيرانية قد اعتقلتها قبل انتحارها بحوالي خمسة أسابيع حسب موقع ( مروفايتي ) الكُردي الناشط في قضايا حقوق الإنسان ، والتي أكّدت بأنّ مهديس مير قوامي وهي مهندسة معمارية ، انتحرت بعد خروجها من السجن مباشرةً حيث قام رجال الأمن في مدينة كرمانشاه بالإعتداء عليها واغتصابها أثناء فترة اعتقالها، بعد استدعائها يوم 24 / 1 / 2017 الى مبنى الإستخبارات في مدينة كرمانشاه لمدة يومين لتخرج بعدها وتنتحر منهيةً حياتها التي لم تتعدَّ العقد الثالث.
وحسب النشطاء والمتابعين للشأن الإيراني فإنّ الحالات المذكورة أعلاه استطاعت أن تحرّك الشارع الإيراني قليلاً ، لكنها ولظروفٍ كما ووحشية أجهزة القمع تمكّنت من السيطرة على الوضع وإعادة الأمور إلى طبيعتها ، وقبل أيامٍ، وكما تشهد الأحداث في أيامنا هذه ،سيما بعد استشهاد الصبية الشابة الكُردية مهيسا اميني ، وخاصةً بالشكل الذي تمّ، ومظاهر وحشية مَن اعتقلوها في واحدٍة من محطات طهران ، وكذلك داخل عربة نقلها إلى المعتقل وتصرفات أمن إيران، وكذلك داخل مقرهم والتقصد في عدم استقدام اإإسعاف لها، رغم مطالبة السجينات إلى أن فقدت الروح شهيدةً في سبيل كرامتها وحريتها، ولينتشر خبر بشاعة ما قامت به أجهزة قمع النظام ،وباتت الفضيحة كالنار التي تندلع في الهشيم ، وتتالت مظاهر واشكال الإحتجاجات، ولم تزل ، وتجاوبت كثير من النسوة في داخل كُردستان وايران والعالم ، ولازال حجم الإدانات تتكاثر ومعها أساليب وأشكال معبّرة تحرج نظام الملالي كثيراً ، من قطعٍ للجدائل وحرقها أو خلع الحجاب وأيضاً إتلافه ، وكثرت الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية ، ومعها حالات القمع الممنهج لقوات النظام، وسقط قتلى وجرحى ، وحسب المتتبّعين للشان الإيراني يلاحظ امتداد حركات الإحتجاج وانتقالها إلى العمق الإيراني ، ومعها أيضاً ابتكار وسائل تأثير وضغط كبيرين على النظام خاصةً في العمق الدولي ، حيث تزداد يوماّ بعد يوم ساحات التضامن من خارج إيران ولتمتدّ وتشمل شخصيات نسوية ورجال لهم شهرتهم وحضورهم السياسي والمجتمعي ، وتتسع معها رقعة مظاهرات الإحتجاج المتضامنة مع الشهيدة.
وكُردستانيًا : لعله الحدث الأبرز الذي تلا قرار الوحدة التنظيمية بين طرفي الحزب الديمقراطي الكُردستاني – ايران – والذي ساهم وشجّع في اتساع رقعة الاحتجاجات وتنوعها سواءً في داخل كُردستان ايران وخارجها ، وما اعتراف النظام بسقوط شهداء وجرحى وتمدد مظاهر الاحتقان سوى مقدمات قد تمهّد لأنشطة أوسع وأقوى، فهل ستصبح الشهيدة مهيسا أميني كنسخة نسوية عن الشاب التونسي بو عزيزي ؟ وكأيقونة تضع حداً لطغمة الملالي في إيران ككلٍّ، فتنال شعوبها أيضاً حقها في تقرير المصير ؟ كل المقدمات مشجّعة ، رغم هيجان واستبدادية الطغمة الحاكمة .
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد 302