أخبار - سورياشريط آخر الأخبار

بيان صحفي حول محاكمة ضباط الأمن السوري في كوبلنز

أصدرت اليوم المحكمة الإقليمية العليا لولاية راينلاند بفالز في مدينة كوبلنتز الألمانية قرارها بحقّ أحد المتهمين أمامها (إياد غريب) بالسجن لمدة ” أربع سنوات ونصف ” وسبق أن تم توقيف المتهم (إياد غريب) منذ شباط 2019 ووجهت له تهمة التواطؤ وتسهيل ارتكاب جرائم تعذيب لأكثر من ثلاثين معتقل، بينما يواجه المتهم الثاني (أنور رسلان) الذي كان برتبة عميد يرأس قسم التحقيق في فرع الخطيب (فرع أمن الدولة 351) بدمشق – سورية، تهماً بتعذيب أكثر من أربعة آلاف معتقل والتسبب بموت 58 معتقل بسبب التعذيب بالإضافة لتهم أخرى تتعلق بالاغتصاب والعنف الجنسي . وبعد 58 جلسة استماع لشهود وخبراء وضحايا قررت المحكمة فصل قضية المتهمين وإصدار الحكم اليوم في قضية إياد غريب مع الاستمرار بسماع شهود ومدعين بقضية أنور رسلان.

يرّحب المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية بشدة بهذا القرار ويعتبره قراراً تاريخياً ونقطة مضيئة في تاريخ القضاء الألماني وتاريخ العدالة العالمية.

القرار تاريخي لأنه ولأول مرة يصدر قرار بحق مجرم ينتمي للنظام السوري وارتكب جرائمه منظومته الأمنية الممنهجة.
نعتبر هذا القرار وإن كان خاصاً بمتهم واحد لكن حيثيات قرار الاتهام ومطالبة النيابة العامة تطال نظام الجريمة المنظمة والممنهجة الذي يحكم سوريا بالحديد والنار والخوف والإرهاب.

ذلك النظام المجرم بجميع أركانه وشخصياته كان حاضراً كمتهم بكل جلسات المحاكمة. في قرار الاتهام وفي شهادات الشهود والضحايا والخبراء كما كان حاضرا بتهديد الشهود وتهديد عائلاتهم في سوريا.
إن تجريم المتهم إياد والحكم عليه لم يكن بسبب قيامه بجريمة منفردة من تلقاء نفسه بل بسبب كونه جزءاً من آلة جهنمية منظمة وممنهجة وبأوامر عليا لاعتقال المدنيين السلميين وإخفائهم قسراً وتعذيبهم وقتلهم تحت التعذيب وإخفاء جثثهم بمقابر جماعية وبطريقة مهينة جدا، وهذا المنهجية تخضع لسلسلة أوامر وقيادة تصل لرأس هرم الجريمة الممنهجة في سوريا مع كل أركانه. لذا فالحكم على إياد يعني الحكم على وإدانة كل هرم تلك الجريمة وبما فيه رأسه وأركانه.

كما أن الحكم على إياد هو رسالة لكل المجرمين الذين مازالوا يرتكبون أفظع الجرائم في سوريا لتذكيرهم بأن زمن الإفلات من العقاب قد ولّى، ولا مكان آمن للفرار إليه، كما هو رسالة لكل المتواطئين الذين سهّلوا وساعدوا المجرمين على ارتكاب جرائمهم بأنكم لستم في مأمن من العقاب، ولن تجدوا عذراً يبرئكم من تبعات الجرائم التي سهلتم أو دعمتم أو حرضتم على ارتكابها.

إننا نثمن عالياً الجهود الكبيرة والمستمرة التي بذلتها وتبذلها وحدات البوليس ووحدات الادعاء العام الألماني في متابعة هذه الجرائم وملاحقة المجرمين ضد الإنسانية ومجرمي الحرب، وندعو لدعمهم بمزيد من المصادر البشرية والمالية . ونأمل أن نستمر جهودهم من أجل العدالة بإصدار المزيد من مذكرات التوقيف بحق كبار المجرمين بمن فيهم رأس الهرم الإجرامي الذين مازالوا ينكلون بالسوريين في سوريا اعتقالا وتعذيبا وقتلا بكل وسائل القتل والتنكيل.

كما نقدر ونحترم بشدة الجهد والوقت الذي صرفته وتصرفه هيئة المحكمة الموقرة بالنظر في هذه القضية ، ونؤكد أننا نحن كضحايا وسوريون ندين لها بإيصال جزء من العدالة لنا ، ونأمل أن تستمر بجهودها حتى يصل كل الضحايا المدعين أمامهم للعدالة،
نقدم الشكر الأكبر للأبطال الضحايا الناجين/ات الذين تقدموا بكل شجاعة ليقدموا شهادتهم أمام القضاء ويطلبون العدالة لأنفسهم ولبقية الضحايا الذين لم يتمكنوا من النجاة وللشهود والخبراء ذكورا وإناث الذين أضاؤوا على كل جوانب الجرائم التي ارتكبت ,
و نوجه عميق الشكر والامتنان لشركائنا المركز الأوروبي للدستور وحقوق الإنسان ECCHR لجهودهم الثمينة بالوصول لهذه النتائج , كما للمنظمات السورية التي شاركت بجهودها بذلك مجموعة ملفات قيصر CFSG والمركز السوري لحرية الإعلام والتعبير SCM والشبكة السورية لحقوق الإنسان SN4HR والمنظمات الدولية ” الآلية الدولية المستقلة لجمع الأدلة حول الجرائم المرتكبة في سوريا IIIM والمركز الدولي للعدالة والمسائلة CIJA .

ونستغل هذه المناسبة لدعوة الدول الأوروبية التي تؤمن بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان أن تقرر بشكل حازم وضع هؤلاء المجرمين ومنظومة إجرامهم خارج إي إطار سياسي أو تفاوضي أو تعامل مستقبلي، وأن تقونن ذلك بقوانين على غرار قانون قيصر الذي صدر في الولايات المتحدة الأمريكية لتحمي قيم العدالة وحقوق الإنسان، وخاصة بعد شهادة الشاهد (زد 30) أمام المحكمة حول المقابر الجماعية لمليون سوري تم قتلهم ودفنهم بمدافن جماعية بشكل سري ومهين.

وندعو جهات الادعاء في النمسا والسويد والنروج وفرنسا وسويسرا واسبانيا لتسريع النظر بملفات الجرائم ضد الإنسانية المفتوحة لديها وإصدار مذكرات توقيف بحق المجرمين.

إن العدالة في سوريا ولأجل سوريا لا تتعلق فقط بالسوريين ومستقبل سوريا وحسب، بل أن تأثيرها سيكون عالميا وسيحمي حياة عشرات الملايين في العالم المعروضين لأن يواجهوا مصيرا مشابها لمصير الشعب السوري إذا لم نرسل الرسالة الصحيحة للمجرمين.

إن منع تكرار مثل هذه الجرائم في العالم لا يكون عبر الوعود بل يكون عبر التأكيد أن مرتكبي مثل هذه الجرائم لن يفلتوا من العقاب تحت أي ظرف .

المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى