تفاصيل رحلة بشار الأسد إلى روسيا ودور أسماء الأسد في ذلك
ليس مستبعدا أن تكون زيارة فريق عالي المستوى من الاستخبارات الروسية إلى سورية في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي قد نسقت الزيارة السرية لرأس النظام بشار الأسد إلى موسكو بتاريخ 20 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والتي أثارت عاصفة من التحليلات المتضاربة وادعاء التسريبات حولها.
وبعد متابعة استقصائية لـ”السورية نت” وتواصل مع مصادر نتحفظ عن ذكرها حرصاً على سلامتها تبين أن بشار الأسد قد وصل إلى مطار حميميم برفقة زوجته أسماء الأخرس بواسطة مروحية، ليواصل رحلته إلى موسكو بواسطة طائرة تجارية روسية، بينما غادرت زوجته المطار إلى مدينة جبلة لتقوم بمجموعة من النشاطات والزيارات في ريف المدينة بانتظار عودة الأسد من رحلته التي لم تشهد مرافقة أي شخص من حكومته باستثناء مختزل محضر الجلسة وهو منصب ليس على قدر من الأهمية كما أظهره مقطع الفيديو الذي نشره الكرملين.
حظر تجول في حميميم
وفرض حظر تجول حول وداخل مطار حميميم لعدة ساعات بشكل كامل، وهذه الحالة ليست استثناءً على الإطلاق في ضوء التواجد العسكري الروسي داخل المطار، لذلك لم تلفت الأنظار إلى وجود إجراء غير اعتيادي باستثناء مفاجأة عاشها كل من في المطار من موظفين وعناصر مفرزة المخابرات الجوية بدخول زوجته التي لم تكن زيارتها المفاجئة إلا تغطية وتمويه لرحلة الأسد بالكامل ولانتقاله من الحوامة إلى الطائرة التجارية الروسية دون أن يلحظه أحد وإلا لكان انتشر خبر وجوده لمجرد رؤيته!
تخبط وسائل الإعلام
وعاشت وسائل إعلام النظام تخبطاً كبيراً في اليوم الذي تلا الزيارة وكيفية بث الخبر من دون أي معلومات ولو أولية لتحرير الخبر، وعلى رأسها التلفزيون الرسمي الذي يستمد أجندته الإخبارية وموافقات البث للأنباء والأخبار المفصلية من خلال المركز الإخباري والذي بدوره يستمد أجندته الدعائية وموافقات البث من فرع المعلومات في القصر الجمهوري بالدرجة الأولى بالإضافة إلى إدارات مخابرات أخرى في الدرجة الثانية.
بينما صبت وسائل الإعلام المعارضة اهتمامها على زيارة الأسد وذكرت بعض وسائل الإعلام خبر زيارة زوجته إلى ريف جبلة كخبر منفصل دون أن تحصل على معلومات تربط الهدف من زيارتها ورحلة الأسد.
مغادرة القصر الجمهوري
وصول الأسد إلى مطار حميميم بواسطة مروحية يرجح بأن نقطة الانطلاق كانت مطار المزة العسكري وأي فرضية حول مغادرته بالحوامة من نقطة قريبة من القصر الجمهوري أو المقرات التي يتردد عليها رأس النظام كالفرقة الرابعة أو كتائب الحرس الجمهوري غير منطقية على اعتبار أن الأسد يدرك بأن أقمار صناعية ترصد حركة مقراته وهذه النقاط على مدار الساعة بالمقابل فأن أي تحرك لأي مروحية من مطار المزة العسكري سيبدو أمراً روتينياً.
وعن كيفية وصوله إلى مطار المزة فمعروف عن الأسد بانه كان معتادا في بعض الأوقات قبل بدءالثورة السورية على مغادرة القصر الجمهوري وحيداً وبسيارة عادية وهو ما شاهده متابعي العربية في إحدى اللقاءات القديمة مع الأسد حيث كان في جزء من اللقاء يقود سيارته وزوجته بجانبه.
الأسد لم يعد يثق بأحد
وشكلت زيارة بشار إلى موسكو مادة دسمة للإعلام بكافة توجهاته عن شكل الزيارة وطريقة استقبال بوتين للأسد لكن المؤكد بأن عودته وانضمام زوجته له بمهبط الطائرات بمطار حميميم دون دخوله أي قاعة أو مكتب وعودتهما معاً إلى دمشق تؤكد أن الأسد و”حليفه” الروسي كانا بغاية الحرص على عدم تسرب أي معلومة لباقي رموز النظام الذين بات جزء منهم موظف لولاية الفقيه في الكثير من المواقف والحوادث التي تؤكد وجود انشقاقات عامودية ضمن بنية النظام ودوائر القرار فيه عسكرياً وأمنياً.
والأهم منهم الطرف الإيراني نفسه الذي يريد ابتلاع سورية من خلال كسب ولاءات من الدائرة الضيقة حول الأسد وتشكيل ميليشيات خرجت عن طاعة بشار نفسه لصالح أمراء حرب يدعمهم الإيراني على حساب جيش النظام لضم البلاد لمنطقة نفوذه كعمق استراتيجي متفردة بقرارات وتحركات باتت تقلق المصالح الروسية.
لم يكن رئيساً فقط بل رجل أعمال!
إن صدقت التسريبات حول توقيع بشار الأسد لمجموعة من الأوراق في الكرملين فهل كان من ضمن الأوراق الموقعة ما هو غير معني بالشأن السوري كدولة وتنسيق عملياتي حربي كضمان ثروة آل الأسد والعائلات المقربة المنهوبة من الشعب السوري في الحماية الروسية؟ خاصة وأن بشار الأسد بات يعلم بأن شعبيته في الطائفة العلوية المتهمة بأنها خزانه البشري في أدنى مستوياتها.
وفي ظل الخطر الكبير المحيط بزيارة بشار الأسد كما وصفتها وسائل إعلام عربية وعالمية، لماذا لم يتم اللقاء عبر خط آمن أو مبعوث خاص عالي السرية من قبل بوتين دون قدوم الأسد شخصياً وهو تنسيق قابل للتطبيق بسهولة في القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس أو حتى في دمشق وهو ما سيوقع الأسد خلال الفترة القادمة بإحراج كبير مع صقور نظامه حين يتهمونه ضمنيا بأنه يتفق مع بوتين على صفقة شخصية على الرحيل والإقامة بروسيا ربما، خاصة بعد شكل الرحلة المذل التي جعلت كل مسؤول في النظام يتسأل صباحا لماذا لم يتم إخباري بالأمر. وعزز تساؤل هؤلاء الرموز تصريحات بعض الدول الإقليمية حول موافقتها على بقاء الأسد في السلطة لستة أشهر مثل تركيا وما أتبعها بيوم فقط من اتصالات بين بوتين والأطراف الإقليمية حول مستجدات الوضع السوري.
زيارة أسماء الأسد إحراج شخصي ولكن….
استياء عام شكلته زيارة أسماء الأسد إلى ريف جبلة خاصة أنها وصلت قبل انتهاء الاهالي من دفن عشرات القتلى من شباب الطائفة العلوية الذين سقطوا في المعارك ضد قوات المعارضة وتنظيميات إسلامية متطرفة.
فلم يشكل (جبر الخواطر) أي تعزية على الحالة النفسية لمن باتت تتشح قراهم بالسواد.
وردد الكثير من الأهالي الأفضل كان عدم زيارتها في وقت تعرى النظام بالكامل أمام مؤيديه، لكن هذا الاستياء سيزيد حجمه حتماً حين يعلم أهالي المنطقة بأن الزيارة التي وصفها حتى مؤيدها على صفحات التواصل الاجتماعي بالخاطفة جرت تحت عنوان وطني عريض بل وقناعاً لإتمام عمل استخباراتي كان لأسماء الأخرس دور فيه كعنصر تمويه وإشغال لمغادرة زوجها والعودة من موسكو خاصة أن الأمور لم تجرِ كما هي العادة بمرافقة أسماء فريق إعلامي يبهرج زياراتها ويظهرها أما حنونا للسوريين وكانت تنتظر أخبار وصول الأسد إلى مطار حميميم للتواجد قبله عالمة قبل زيارتها بحجم الإحراج الشخصي الذي ستتعرض له وهو ما حصل فعلاً في العديد من المنازل بصنوبر جبلة عندما كان يطلب منها أن توصل رسالة لجهات عسكرية بأن أبناء الطائفة يتاجر بهم.
العودة إلى دمشق
لقد أتم الأسد زيارته وعاد إلى دمشق من دون الدخول إلى قاعة استقبال أو مكتب ما في مطار حميميم أي انه انتقل من الطائرة الروسية إلى المروحية ذاتها بشكل مباشر حيث كانت تنتظره زوجته وهو ما يؤكد بأن المطار جملة وتفصيلاً تحت السيطرة الروسية التي تسمح وتمنع كما ترغب.
و حصلت “السورية نت” على معلومات تؤكد بأن عدة نقاط روسية داخل المطار يمنع أي عسكري أو موظف مدني الإقتراب منها مما يسهل القيام بأي إجراء سري، كما يمنع على الجنود الروس الإختلاط مع أحد من الجانب السوري.
ويبقى ما حدث بين بشار الأسد وبوتين في خانة التحليل والتخمين حتى يخرج أحد الطرفين ويدلي دلوه.
نقلا من السورية نت