ثنـائية التبعية والشـعور بالنقـص
مـــروان عيدي
إن الصراع الذي يخوضه الشعب الكرُدي، وحركته السياسية في كوردستان الجزء الملحق بسوريا والمتمثل بالمجلس الوطني الكرُدي هو صراع مزدوج، بل لعل جزئه الأصعب هو داخلياً حيث يخوض معركة الوجود من عدمه مع سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD هذه السلطة التي كرست كل طاقاتها العسكرية والسياسية في خدمة النظام السوري، وخدمة المحور الشيعي الذي يتسيده إيران راعية الإرهاب الأول في العالم.
كل هذا ﻹنهاء ما بدأه مهندس المشاريع العنصرية لدى النظام السوري في الستينات المقبور محمد طلب هلال، وذلك بفرض قوانين وإجراءات تستهدف وجود الكرُد كقومية، وكشعب يعيش على أرضه التاريخية من خلال طرح مشاريع طوباوية كأخوة الشعوب، والأمة الديمقراطية، وفرض مناهج باديولوجيات ليست لها علاقة بوجود الشعب الكرُدي تاريخياً في هذه البقعة من العالم، ويكاد ﻻ يمر يوم دون أن يستهدف هذا التنظيم وقواته المناضلين وقادة المجلس الوطني الكرُدي من اعتقال وحرق للمكاتب وإغلاقها.
هذا عدا عن الجزء الآخر، والمتمثل بالمعارضة العربية الشوفينية، والتي نهلت من ضرع الشوفينية المقيتة ردحاً طويلاً من الزمن والموالية بطبيعتها لأنظمة ودول إقليمية، البعض منها تحتل أجزاء من كوردستان أو دول لها مخاوف من إنشاء كيانات جديدة شبيهة بدولة إسرائيل الديمقراطية والقوية لينتقل بالتالي حمى هذه الكيانات إليهم والتي ستقوض سلطانهم وعروشهم.
كل ذلك، والمجلس لم يملك من الأدوات سوى علاقات حسنة ومرجعية لهم إقليم كرُدستان العراق، والذي بدوره يعاني أزمات عديدة منها محاربة الإرهاب المتمثل بداعش من جهة، والمشاكل الداخلية التي تعصف بها سواءً سياسية أم الأزمة اقتصادية، وكذلك تدخل وتحرش حزب العمال الكردستاني به في شنكال وكركوك وغيرها، الأمر الذي يرغمهم، وتحت ضغط أمريكي والتحالف الدولي بتقديم بعض التنازلات لحزب العمال الكردستاني، وتوابعه في غرب كوردستان، لاستمرار المشروع الأمريكي، وعدم إعاقته ،كل ذلك يتم على حساب المجلس الوطني، والشعب الكرُدي بحجة تجنب الاقتتال الكرُدي، ومحاربة الأخوة، ولم يبحث المجلس عن بدائل تجعل منهم قوة يحتاجها الجميع، ويبحث عنها ليتحالف معها البعض أن لم يكن الجميع.
كون ما تمر به البلاد، وخاصةً المنطقة الكرُدية مستند على القوة الموجودة، يجب على المجلس فرض واقع جديد، تكون فيها صاحب قوة عسكرية، ومنطقة جغرافية تسيطر عليها، وتدافع عنها، وتتوسع على حساب غيرها حتى يبحث عنها الدول والقوى السياسية سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية، فقد بات منطق القوة هو السائد، ومن ﻻ يملك قوة على لأرض لن يحظى بعقد علاقات إستراتيجية مع القوى الفاعلة، فقط قد يحظى ببعض لقاءات المجاملة دولياً، وببعض الصور التذكارية، وحضور بعض مؤتمرات كديكور، ومكياج لمعارضة كسيحة.
جميع المقالات المنشورة تعبر عــن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي Yekiti Media