جيمس جيفري: نعمل مع موسكو لإخراج إيران… وإزاحة الأسد عبر الدستور
Yekiti Media
أعرب المبعوث الأميركي الجديد إلى سوريا جيمس جيفري عن تفاؤله بإمكانية صمود اتفاق سوتشي الذي أبرمته كل من تركيا وروسيا، مشيرا إلى أن الفرصة سانحة بعد توقف القتال نسبيا في سوريا، لمناقشة كيفية المضي قدما في عملية سياسية تتضمن إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات في سوريا.
وقال جيفري في حديث إلى «الشرق الأوسط» في نيويورك، إن القوات الأميركية باقية في سوريا، ليست كقوة احتلال وإنما لتنفيذ ثلاثة أهداف، هي «اقتلاع (داعش) بشكل حاسم، وعدم ظهوره مرة أخرى، وإخراج القوات الإيرانية من سوريا، وهو أمر يراه قابل للتحقيق فور انتهاء القتال في سوريا، وضمان تنفيذ عملية سياسية تؤدي إلى تشكل لجنة لوضع الدستور وإجراء انتخابات، والمضي قدما في عملية حل سياسي وفقا لقرارات جنيف وقرار مجلس الأمن 2254». وزاد أن واشنطن تعمل مع موسكو لتحقيق هذا الهدف.
وخلال مشاركة الولايات المتحدة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن المبعوث الأميركي عن عقد اجتماع وزاري يعقد الخميس، لمناقشة الأزمة الإنسانية، وتسهيل الخطوة القادمة من مواجهة عسكرية إلى عملية سياسية. وأعرب عن قناعته بإمكانه إزاحة الرئيس بشار الأسد عبر عملية دستورية، كما حصل مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي «أزيح من منصبه من خلال الدستور؛ لأنه لم يستطع منع (داعش) من السيطرة على مناطق بالعراق». وهنا نص الحديث:
– بعد إبرام اتفاق سوتشي وإقامة منطقة عازلة في إدلب مع وقف لإطلاق النار، هل هدأت المخاوف الأميركية من احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإدلب، ومن استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي؟
– الطرفان اللذان تفاوضا على اتفاق سوتشي هما روسيا وتركيا، ومن وجهة نظرنا ومن التقارير التي وصلتنا أن الاتفاق سيؤدي إلى إزالة التهديدات لبعض الوقت وإلى تقليل المخاوف من استخدام السلاح الكيماوي، وخفض التهديدات لنحو 3 ملايين شخص معظمهم من المدنيين. لدينا في إدلب 2.9 مليون مدني، إضافة إلى ما بين 60 إلى 70 ألف مقاتل. ويقال إن نسبة 10 إلى 20 في المائة منهم من المنتمين للتنظيمات الإرهابية، والباقي من المعارضين للنظام السوري. ونعتقد أن توصل تركيا وروسيا لهذا الاتفاق هو أمر جيد، وما نتمناه هو أن يتم الالتزام به وأن يستمر، وأن يكون نقطة تحول في هذا الصراع حينما يتم التحرك من ساحة المعركة إلى مائدة المفاوضات، من خلال الالتزام بعملية جنيف وقرار مجلس الأمن الدولي 2254.
لكن في الوقت نفسه لا يمكن نسيان الوضع الإنساني، وأوضح الرئيس ترمب بشكل جلي في تصريحاته أن أي تحرك عسكري في الوقت الحالي سيعتبر تدهورا مخزيا، ليس فقط بسبب احتمالات تدفق موجة كبيرة من اللاجئين واحتمالات استخدام السلاح الكيماوي، وإنما بسبب أن أي خطوة عسكرية في وقت يوجد فيه اتفاق بين إيران وروسيا وتركيا حول منطقة تخفيض الصراع، ستكون مسمارا آخر في نعش السلام بالمنطقة.
– كيف ترى الدور الروسي في سوريا؟ وهل تعتقد أن خروج إيران من سوريا أمر قابل للتحقق؟
– لدينا اتصالات مستمرة مع الروس على كل المستويات. وتحدث الرئيس ترمب بكثافة مع الرئيس فلاديمير بوتين خلال قمة هلسنكي، ويتحدث (وزير الخارجية مايك) بومبيو مع (نظيره الروسي سيرغي) لافروف، والقادة العسكريون من الجانبين على اتصال يومي لتهدئة أي صدامات. ونريد روسيا لتساند قرار مجلس الأمن 2254، ونريد من الروس استخدام نفوذهم – وهو نفوذ كبير في سوريا – لضمان أن القوات التي تدعمها إيران تخرج من سوريا، ولا نرى سببا للإيرانيين للبقاء في سوريا بمجرد انتهاء هذه الحرب.
ومن الواضح أن القتال انتهى، ونعتقد أن على الإيرانيين الخروج الآن. لا أحد يمكننا العمل معه لإخراج الإيرانيين من سوريا سوى الروس، فالولايات المتحدة لن تستخدم قوة عسكرية لإخراج الإيرانيين من سوريا. ولدينا أمثلة لخروج قوات عسكرية من مناطق قتال بمجرد انتهاء الحرب، فأميركا رحلت عن فيتنام في فترة السبعينات بعد انتهاء الحرب. وخروج الإيرانيين من سوريا ليس مطلبا غير عادي، وهو أمر قابل للتحقيق.
– إلى متى سيبقى الأميركيون شرق سوريا، وإذا كانت القوات الأميركية باقية في سوريا، فما الهدف هل يقتصر الهدف فقط على هزيمة «داعش»؟
– أولا، هدف البقاء هو هزيمة «داعش»، وضمان ألا يتكرر ما حدث في عام 2012؛ حينما خرجت القوات الأميركية من المنطقة وعاد تنظيم «القاعدة» في الظهور بشكل «داعش». والبقاء هنا لضمان ألا تظهر تنظيمات «داعشية» جديدة. ثانيا، إننا نريد المشاركة دبلوماسيا ومن خلال الحلفاء وعسكريا في تحقيق هدف إخراج إيران من سوريا. وثالثا، لتنفيذ عملية سياسية وليس للاحتلال.
– بعد إسقاط الطائرة الروسية بنيران النظام السوري، ألقت روسيا المسؤولية على إسرائيل، وأعلنت نيتها تسليم منظومة «إس 300» إلى دمشق، كيف ترى الموقف، وخطورة سوء حسابات تؤدي إلى تصادمات؟
– هناك خمس قوات أجنبية منخرطة في الصراع في سوريا، وهي: الولايات المتحدة، وروسيا، وإيران، وتركيا، وإسرائيل، وكل دولة لديها الأهداف التي تريد تحقيقها، وتلاحق لاعبا آخر، فإسرائيل تلاحق «حزب الله»، وأميركا تلاحق «داعش»، والروس والإيرانيون يلاحقون المعارضين للأسد، والأتراك يلاحقون الأكراد و«داعش»، وجميع هذه القوى ناجحة في حملاتها ضد هؤلاء اللاعبين. وهناك الآن انقسام بين الدول أنفسها، فالإسرائيليون يلاحقون مواقع إيرانية في سوريا، وكان للولايات المتحدة أيضا مواجهات مع الروس، ولذا فإن سوء التقدير وسوء الحسابات دائما يثير القلق، وهذا وضع خطير للغاية.
وكان آخر موقف مشابه هو الحرب في عام 1973، حينما أوشك الإسرائيليون على الهزيمة أمام المصريين عند قناة السويس. وهي المرة التي كانت بمنطقة الشرق الأوسط خمس قوات عسكرية، ما بين أميركيين ومصريين وإسرائيليين وروس وسوريين، وجميعهم في مواجهات عسكرية. وهنا الموقف في سوريا خطر.
– في ظل هذا الموقف الخطر، كيف ستعمل الولايات المتحدة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لمعالجة الأزمة في سوريا؟ وما الاستراتيجية التي تتبناها؟
– لدينا بالفعل اجتماع وزاري يوم الخميس، يضم الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية، ويركز اللقاء على الجهود الإنسانية، ونعمل خلف الأبواب نتحدث إلى إسرائيل وتركيا وروسيا ودول أخرى، لمحاولة إيجاد حل لهذه الأزمة، بما يعيد سوريا إلى المجتمع الدولي. والهدف هنا هو تسهيل الخطوة القادمة من مواجهة عسكرية ما بين الحكومة السورية وأصدقائها والمعارضة السورية ومسانديها، والتحرك قدما إلى ما بعد ذلك من هذه المواجهة العسكرية إلى عملية سياسية، في إطار اتفاقات جنيف وقرار مجلس الأمن 2254.
– ما تصوركم للحل السياسي في سوريا؟ وما الذي تملكه الولايات المتحدة من سلطة لتحقيق الحل السياسي الذي ترغبه؟
– الحل السياسي لسوريا يتطلب مراجعة دستور جديد، وتحقيق الأمن، وإجراء انتخابات، وتشكيل لجنة لوضع الدستور. والولايات المتحدة وأصدقاؤنا يطالبون المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بالقيام بتشكيل اللجنة في أسرع وقت، بحلول الحادي والثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول). وما تملكه الولايات المتحدة لتحقيق الحل السياسي هو أننا ندعو المجتمع الدولي، ونقول: هل أنتم سعداء بما يحدث في سوريا منذ عام 2011، ونزوح أكثر من 10 ملايين سوري، وظهور «داعش»، وسيطرة 35 ألف مقاتل من «داعش» على أراض في سوريا والعراق، واحتمالات المواجهة بين الدول المنخرطة في الصراع داخل سوريا. وما نملكه من سلطة أو قدرات، هو التوجه إلى المجتمع الدولي هنا في نيويورك، بأنه علينا أن نوقف ذلك، وأنه لدينا مسار سياسي آخر.
والأمر الثاني هو أن الوضع العسكري مستقر نسبيا في الوقت الحالي في سوريا، ويمكن استغلال ذلك للمضي قدما. والأمر الثالث هو أن المجتمع الدولي – وليس فقط الولايات المتحدة – لن يشارك في إعادة إعمار سوريا – وهي تحتاج إلى إعادة إعمار بشدة – إلا أن يرى عملية سياسية لا يتم التراجع عنها، وينجم عنها من خلال عملية سياسية سوريا جديدة، لا تهدد شعبها أو جيرانها. فما حدث خلال الأزمة السورية أنتج ظهور الإرهاب واستخدام السلاح الكيماوي، وجلب إيران إلى داخل سوريا لتهديد إسرائيل والأردن وتركيا، وكل ذلك يجب أن يتوقف، ولن نساعد سوريا إلا حينما تستجيب للحل السياسي؛ لأن كلا من روسيا وإيران لا يمكنهما مساعدة سوريا اقتصادياً.
– هل الأمر يتعلق بممارسة ضغوط اقتصادية على سوريا لدفعها للعملية السياسية؟
– ليست فقط ضغوطاً مالية واقتصادية، إنهم يحتاجون إلى اعتراف دولي لتكون سوريا دولة عادية مرة أخرى، فالمجتمع الدولي والدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة لا ينظرون إلى سوريا باعتبارها دولة عادية، ومن يتعامل مع سوريا كدولة عادية هي روسيا فقط، وحتى الصين لا تتعامل معها كدولة عادية، وصوتت داخل مجلس الأمن في عدد من المرات ضد بعض القرارات المتعلقة بسوريا، لذا (النظام) السوري منعزل دبلوماسياً ومفلس اقتصادياً.
– في ظل هذه الرؤية الأميركية للعملية السياسية، ما مصير بشار الأسد؟ وهل تخلت الولايات المتحدة عن مطالبتها برحيل الأسد؟
– لا يوجد هدف أميركي بإزاحة الأسد. سنكون سعداء إذا رحل وأعلن رحيله من تلقاء نفسه؛ لكن هذا ليس هدفنا، فالهدف لدينا هو ظهور سوريا مختلفة لا تهدد شعبها أو جيرانها، ولا تستخدم السلاح الكيماوي، ولا تطرد اللاجئين والنازحين إلى خارج أراضيها، ولا توفر لإيران منصة لإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل. وأيضا من أهدافنا محاسبة أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب. مصير الأسد أمر يقرره السوريون، وإذا استطاع الأسد قيادة سوريا في هذا الاتجاه فهو أمر ربما يأخذه السوريون في الاعتبار.
– أعلن وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو أن الحل في سوريا يجب أن يتضمن عملية دستورية وإجراء انتخابات، من خلال تجربتك في العمل كسفير للولايات المتحدة في تركيا والعراق، وإقرار دستور جديد في العراق، كيف ستجبر نظام الأسد على احترام الدستور وإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟
– تمت إزاحة (رئيس الوزراء العراقي السابق نوري) المالكي من منصبه من خلال الدستور؛ لأنه لم يستطع منع «داعش» من السيطرة على مناطق بالعراق، ولم تحدث في أي دولة بمنطقة الشرق الأوسط إزاحة قائد لأنه لم يكن عند توقعات شعبه، وأن تتم إزاحته من خلال عملية دستورية. قد كنت موجودا حينما تمت صياغة الدستور العراقي، وكنت متشككا؛ لكن العراقيين آمنوا بالدستور، ولا أعرف ما الذي يمنع سوريا من المضي في هذا الاتجاه.
الشرق الأوسط