حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD): محنة الهويّة والتباس المشاريع والأدوار المرسومة له محليّاً وإقليميّاً (1)
Yekiti Media
دراسة لهوشنك أوسي
يبرز اسم “حزب الاتحاد الديمقراطي” (الكردي) كأحد التعقيدات والعوائق التي تعترض التحضيرات لمؤتمرات المعارضة السورية وجولات المفاوضات بين النظام السوري ومعارضته، لأسباب عدّة. فالحزب يعتبر نفسه معارضاً لنظام الأسد، ومن حقّه المشاركة في مؤتمرات الحلّ، على مقاعد المعارضة، وأنه يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السوريّة، عسكريّاً وإداريّاً. والمعارضة تعتبره حليفاً للنظام، والمساحة التي يسيطر عليها، هي بتكليف وتنسيق مع نظام الأسد. وتركيا تعتبره فرعاً لـ”حزب العمال الكردستاني” في سوريا. وأمريكا تعتبره حليفاً لها في محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، وترفض الانتقادات والمطالب التركيّة بالكفّ عن دعم الحزب. وموسكو، تعتبره “حليفاً” من جهة، ومن جهة أخرى تضعه على طاولة البازارات والصفقات مع أنقرة. في حين أن الحزب المسيطر على المناطق الكرديّة السوريّة، يعتبر نفسه أنه حرر هذه المناطق من نظام الأسد، وأنه أنجز “ثورة روجافا” في 19/7/2012. بينما يتّهمه خصومه من الكرد والعرب، بأن النظام ما زال موجوداً في تلك المناطق، وأن ما جرى في ذلك اليوم، هو تسليم النظام جزءً من سلطات المنطقة لهذا الحزب بهدف التفرّغ للمناطق الأخرى. وأنه ثمّة تنسيق بين الحزب والنظام. وهذا التنسيق في أصله وفصله هو تنسيق بين الحزب الأمّ (العمال الكردستاني) والنظامين في طهران ودمشق. وما “الاتحاد الديمقراطي” إلاّ أداة تنفيذيّة وتحصيل حاصل. ومع ذلك، يمتلك الحزب ذراعاً عسكريّة قويّة قوامها آلاف المقاتلين والمقاتلات، هي الأكثر انضباطاً وتنظيماً وقوّة وفاعليّة في محاربة “داعش” الإرهابي على الأرض السوريّة، قياساً بفصائل المعارضة الأخرى. فأي التقييمات السابقة الذكر، الأقرب إلى توصيف حال “حزب الاتحاد الديمقراطي”؟. وما هي حقيقة محنة الانتماء والهويّة التي يعانيها؟. معطوفاً على ما سلف، ما هي حقيقة المشاريع التي يطرحها لحل القضيّة الكرديّة في سوريا، بدءً بالإدارة الذاتية وانتهاءً بالفيدراليّة؟. وما هو دور الحزب في التوازنات سوريّاً وإقليميّاً ودوليّاً؟. في إطار محاولة الإجابة على هذه الأسئلة، تندرج هذه الورقة.
النشأة والتكوين:
تعود علاقة “حزب العمال الكردستاني” (PKK)، بزعامة عبدالله أوجلان بالنظام السوري، إلى مطلع الثمانينات من القرن الماضي. وحتى قبل مغادرة أوجلان سوريا، في 10/10/1998، كان نظام الأسد الأب، ينفي تماماً أيّة علاقة له بـ”الكردستاني”، وينفي وجود زعيمه ومعسكراته على الأراضي السورية، على رغم أنه بعد إغلاق معسكر الحزب في سهل البقاع اللبناني سنة 1992، نتيجة الضغوط التركيّة، فتح النظام السوري ثلاثة معسكرات لـ”الكردستاني” في ريف دمشق (صحنايا، شبعا، النشّابيّة)، تدرّب فيها عشرات الآلاف من المقاتلين والمقاتلات، تحت حماية المخابرات السوريّة ورقابتها، شأنها شأن معسكرات الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة ومعسكرات “حزب الله” اللبناني على الأراضي السورية الخاضعة للحماية والرقابة الأمنيّة السوريّة.
بعد مضي سنوات على اندلاع الثورة على نظام الأسد الابن، انقلبت الآية، وصار النظام السوري، يعترف بتقديم الدعم لـ”الكردستاني”، متمثلاً بفرعه السوري (حزب الاتحاد الديموقراطي – PYD)، مهدداً بإبراز الأدلّة على ذلك (1). بينما “الكردستاني”، واستطالاته السوريّة، هي التي تنفي الآن أيّة علاقة لها بنظام الأسد. وإلى جانب هذا النفي، يزعم الفرع السوري لـ”الكردستاني”، أنه جزء من المعارضة السوريّة، وأنه مع تغيير النظام، بل ينفي أن يكون فرعَ “الكردستاني” في سوريا، متحججاً بأن علاقته مع “الكردستاني” (PKK) إنما هي محض علاقة أيديولوجيّة، لجهة اعتبار أوجلان القائد الأيديولوجي الملهم والمنظّر والفيلسوف… الذي يستلهمان منه مشاريعهما السياسيّة والتنظيميّة (2). والسؤال هنا: ما هي حقيقة علاقة “الكردستاني” بالنظام السوري؟ وما مدى تبعيّة حزب (PYD) لـ”العمال الكردستاني”؟ وانعكاس ذلك على الكرد السوريين وعلاقتهم بالثورة السوريّة؟.
أسس عبدالله أوجلان “حزب العمال الكردستاني” في 28/11/1978، بعد انشقاقه عن حركات اليسار التركي. واعتمد الحزب الآيديولوجيّة الماركسيّة – اللينينيّة عقيدةً له، ورفع شعارات وأهداف قوميّة كبرى، كأساس يرتكز عليه نضاله السياسي، وفي ما بعد، العسكري، وهو: “تحرير وتوحيد كردستان الكبرى” وبنظام اشتراكي. وكانت الجريدة المركزيّة الصادرة عن الحزب تحمل اسم “سرخوبون: الاستقلال” وشعارها: “لا يوجد شيء أشرف من الحريّة والاستقلال” (3). وعليه، كانت عقيدة الكردستاني خليطاً من التشدد القومي الكردي، (طرح شعار تحرير كردستان الكبرى)، في وقت كانت الأحزاب الكردية تطالب بالحكم الذاتي، والتطرّف اليساري (النظر إلى كل الأحزاب الشيوعيّة واليساريّة على أنها منحرفة، والكردستاني وحده يحمل لواء الاشتراكيّة العلميّة).
دخل أوجلان الأراضي السوريّة، نهاية 1979، مستفيداً من الوضع المأزوم في سوريا، نتيجة اندلاع الصراع بين جماعة “الإخوان المسلمين” والنظام السوري، عقب حادثة مدرسة المدفعيّة في حلب، صيف 1979. اتصل ببعض الفصائل الفلسطينيّة، كالجبهة الشعبيّة (جورج حبش) والجبهة الديمـــوقراطية (نايف حواتمة)، ونجح بتــدريب بعض عناصره على استخدام السلاح في معسكرات الفلسطينيين (4).
نشرت جريدة “سرخوبون” في عددها الصادر شهر شباط 1982، الصفحة الأولى، بأن لقاءً جرى بين عبدالله أوجلان ونايف حواتمة، الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وذلك في 13/1/1982، تم فيه النقاش حول الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط والتباحث في تنسيق المواقف والتعاون في مواجهة الامبريالية والانظمة الرجعية في المنطقة. وهذا يشير إلى العلاقات بين الفصيلين (5). كما نشرت نفس الجريدة في عدد آذار 1982، الصفحة الأخيرة حواراً مع القيادي الفلسطيني البازر في “جبهة النضال الشعبي الفلسطيني” عمر غوشه. ولا يكاد يخلو عدد من أعداد الجريدة الشهرية حتى منتصف الثمانينات من مادة عن الثورة الفلسطينية سواء على مستوى خبر أو تحليل أو حوار أو ترجمة بيان. بل أن أحد عناصر “الكردستاني” ويدعى عبدالقادر جوبوكجو، سقط في منطقة النبطية اللبنانيّة، ونعته “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في بيان رسمي مشيرة إلى نبذة عن حياته وتاريخ انتسابه إلى “الكردستاني” سنة 1976، وتاريخ انضمامه إلى مقاتلي “الجبهة” سنة 1980، وتاريخ فقدانه حياتهُ في 2/5/1981، بجنوب لبنان (6). وعـــبر هذه الفصائل، بدأت علاقة أوجلان بالنظـــام السوري. لم يولِ النظام أهميّة لـ”الكــردستاني”، في بداية الأمر، ولم يضغط عليه أيضاً، باعتباره فصيلاً معارضاً لتركيا التي كانت على علاقة سيئة مع النظام السوري وقتذاك، لأسباب عدة، منها مشكلة تقاسم مياه دجلة والفرات، والخلاف حول لواء “الاسكندون” الذي كان نظام الاسد الأب يعتبره جزء من الاراضي السوريّة مغتصباً ومحتلاً من قبل الاتراك. فعقد “الكردستاني” “كونفرانسه” الأول في 15-26/7/1981 على الأراضي السوريّة (7). ولفت الحزب الأنظار إليه، إبان الاجتياح العسكري الإسرائيلي للبنان سنة 1982، حيث أبدى عناصره مقــاومة شرسة في “قلعة شقيف” في النبطيّة بجنوب لبنان. في تلك المقاومة، فقد نحو 10 عناصر من “الكردستاني”، وجرح وأسر الكثيرون منهم، أطلق سراحهم في ما بعد، مع الأسرى الفلسطينيين، في صفقة إخراج منظمة التحرير الفلسطينيّة من لبنان إلى تونس. وقتذاك، انتبه النظام السوري إلى أهميّة إفساح المجال أمام “الكردستاني”، واستثماره. ولم يمانع الأسد استيلاء “الكردستاني” على أحد معسكرات الفلسطينيين في منطقة “بر الياس” في سهل البقاع اللبناني، بعد أن هرب أصحابه منه، نتيجة الغزو الإسرائيلي.
خزّان بشري:
هذا الكتاب صدر أوّل مرّة سنة 1996 في دمشق، باسم دار نشر وهمية “أخيل”، قيل: إن مقرّها أثينا. لكن بعد البلبلة التي أحدثها الكتاب بين القواعد الجماهيريّة الموالية لـ”الكردستاني”، والسخط والامتعاض الذي خلقه تصريحات أوجلان، قام الحزب بجمع الكتاب. وأصدر أوجلان تصريحاً مسجّلاً على شريط كاسيت، ينتقد فيه من انتقدوه، وبل يشتمهم ويصفهم بأنهم أصحاب عقول صغيرة وأصحاب عقول الفئران، لا تدرك الفروق بين الاستراتيجيّة والتكتيك. خفف التسجيل الصوتي من حالة التذمّر التي كانت موجودة بين جماهير “الكردستاني” في سوريا، وتم إقناع الناس بأن أوجلان “يخدع” نظام الأسد الأب!.
في صيف 1996، جرت محاولة اغتيال فاشلة بسيارة مفخخة مليئة بالمواد المتفجّرة، استهدفت أوجلان في ريف دمشق، قريباً من أحد معسكرات التدريب التابعة للحزب (معسكر شبعا). نجى أوجلان بمحض الصدفة. وقتذاك كانت تحكم تركيا حكومة ائتلافيّة برئاسة مسعود يلماز رئيس حزب “الوطن الأم” ونائبه تانسو تشيللر رئيسة حزب “الطريق القويم”. قيل أن قيادات أمنيّة سوريّة ربما كانت متورّطة في تلك العمليّة عبر تسهيل إيصال السيّارة المفخخة وتحديد إحداثيّات تحرّكات أوجلان. تزامناً مع محاولة الاغتيال تلك، أو ربما ردّاً عليها، قامت مقاتلة كرديّة علويّة تابعة لـ”الكردستاني” اسمها زينب كناجي (الاسم الحركي: زيلان) في 30/6/1996، بتفجير حزام ناسف كانت ترتديه وسط جنود اتراك، وسقط منهم العشرات بين قتلى وجرحى (11). وكانت تلك أول عملية انتحارية تقوم بها مقاتلة كردية في تاريخ “العمال الكردستاني”.
ثمة رأي مفاده؛ أن اوجلان، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، أدرك حجم الضغوط التي تمارس على نظام الأسد الأب، فكان الحوار مع نبيل ملحم، ونشره في كتاب، كي يؤكد للنظام السوري والعصب الأمني المتحكّم به أن “الكردستاني” في خدمة النظام ولا يستهدف وحدة أراضيه. حيث أفصح أوجلان عن موقفه من كرد سوريا وقضيّتهم.
سنة 1997، بدأ النظام السوري يطرح على “الكردستاني” بعض المشاريع السياسيّة، ظاهرها مصلحة الحزب وتعزيز دوره التنظيمي بين الكرد السوريين، وباطنها وضع الكتلة الجماهيريّة الكرديّة تحت السيطرة الأمنيّة، خشية حدوث أمور طارئة لم تكن في حسبان “الكردستاني” ونظام الأسد الأب، بخاصة بعد ازدياد الضغوط التركيّة على دمشق. وأبرز تلك المشاريع، تأسيس حزب كردي، شبه رسمي، موال للنظام، باسم “التجمّع الديموقراطي الكردي السوري”، بقيادة رجل المخابرات السياسيّة السوريّة، مروان زركي، (المتحدّر من أصول كرديّة) ويعاونه في قيادة الحزب، بعض الكرد السوريين المقرّبين من أوجلان، كعمر أوسي (عضو البرلمان السوري الحالي). وقتذاك، كان صالح مسلم (رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي حالياً) عضو المكتب السياسي لحزب “التجمع الكردي الديمقراطي” الذي أعلن عن نفسه في شكل رسمي في 10/ 12/ 1998، أي بعد خروج أوجلان من سورية بشهرين(12).
وكخطوة تمهيديّة تسبق الإعلان عن هذا الحزب، أوقف “الكردستاني” إصدار مجلته “صوت كردستان” الصادرة باللغة العربيّة في سوريا منذ منتصف الثمانينات، واستبدلها بمجلة شهريّة مرخّصة تصدر في دمشق باللغة العربيّة باسم “الأوج” ترأس تحريرها شكليّاً مروان زركي، وفعليّاً كان يرأس تحريرها عمر أوسي. وكتب في المجلة كتّاب عرب وسوريون مهمّمون.
اشتدّت الضغوط التركيّة على نظام الأسد الأب، وحشد الجيش التركي على الحدود، وهدد باجتياح سوريا، إذا لم تكفّ دمشق عن دعم “العمال الكردستاني” وإيواء زعيمه. وطالب الأتراك بتسليم أوجلان. إلاّ أن ذلك، لو تمّ، كان سيلحق عاراً تاريخيّاً بنظام الأسد. فدخل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك على خطّ التوتّر بين أنقرة ودمشق، بهدف نزع فتيل الأزمة، وزار تركيا في 4/10/1998 حاملاً الموافقة السوريّة على الشروط التركيّة، ومهدّ مبارك للتوقيع على الاتفاق الأمني في مدينة أضنا يوم 20/10/1998، أي بعد خروج أوجلان من سوريا بعشرة أيام (10/10/1998). وبحسب ما نشرته جريدة “العربي الجديد” في يوم 30/1/2015، نقلاً عن مذكرات نائب رئيس النظام السوري، فاروق الشرع “الرواية المفقودة” الصادرة عن المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات؛ أن حافظ الأسد أوفد رئيس شعبة المخابرات السورية (المسؤول عن كل الاحزاب غير السورية النشطة في سوريا) اللواء عدنان بدر حسن إلى اوجلان كي يخبره بأن عليه مغادرة سوريا، وأن أوجلان وافق على المغادرة “عن طيب خاطر” (13).
وبحسب روايات أخرى، أن مسؤول المخابرات العسكريّة السوريّة اللواء مصطفى التاجر، (المسؤول عن الملف الكردي في المخابرات العسكريّة، والمنسّق مع الولايات المحتدّة في ما يتعلّق بقضايا مكافحة الإرهاب)، أرسل صورة عن الباسبورت القبرصي المزوّر الذي يحمله أوجلان إلى المحلق العسكري في السفارة الأمريكيّة بدمشق، ومنه للمخابرات التركيّة (MIT) كي تعممه على الانتربول والمطارات الاوروبيّة، وتبدأ متابعته وملاحقته. يعني أن النظام السوري كان ضالعاً في اختطاف أوجلان من نيروبي، ولو بشكل غير مباشر، بالضد من بعض المزاعم التي تحاول تبرئة تورّط نظام الأسد الأب في اعتقال أوجلان، وأن نظام الأسد كان مستعدّاً للدخول في حرب ضدّ تركيا، كرمى عيني أوجلان!.
اتفاقيّة أضنة الأمنيّة:
مثّل الجانب السوري في التوقيع على اتفاقيّة أضنة، اللواء عدنان بدر حسن، رئيس شعبة الامن السياسي، نفسه الذي أخبر أوجلان بضرورة تركه سوريا. في حين مثّل الجانب التركي أوعور زيال وكيل وزارة الخارجية. وجاء في محضر اجتماع الوفدين السوري والتركي في مدينة أضنة (14): “في ضوء الرسائل المنقولة باسم سوريا من خلال رئيس جمهورية مصر العربية، صاحب الفخامة الرئيس حسني مبارك، ومن خلال وزير خارجية إيران سعادة وزير الخارجية كمال خرازي، ممثل الرئيس الإيراني، صاحب الفخامة محمد سيد خاتمي، وعبر السيد عمرو موسى، التقى المبعوثان التركي والسوري، المذكور أسماهما في القائمة المرفقة (الملحق رقم 1)، في أضنة بتاريخ 19 و20 تشرين الأول / أكتوبر من العام 1998 لمناقشة مسألة التعاون في مكافحة الإرهاب.
خلال اللقاء، كرر الجانب التركي المطالب التركية التي كانت عرضت على الرئيس المصري (الملحق رقم 2)، لإنهاء التوتر الحالي في العلاقة بين الطرفين. وعلاوة على ذلك، نبّه الجانب التركي الجانب السوري إلى الرد الذي ورد من سوريا عبر جمهورية مصر العربية، والذي ينطوي على الالتزامات التالية:
1ـ اعتبارا من الآن، [ عبد الله ] أوجلان لن يكون في سوريا. وبالتأكيد لن يسمح له بدخول سوريا.
2ـ لن يسمح لعناصر حزب العمال الكردستاني في الخارج بدخول سوريا.
3ـ اعتبارا من الآن، معسكرات حزب العمال الكردستاني لن تعمل [على الأراضي السورية] وبالتأكيد لن يسمح لها بان تصبح نشطة.
4ـ العديد من أعضاء حزب العمال الكردستاني جرى اعتقالهم وإحالتهم إلى المحكمة. وقد تم إعداد اللوائح المتعلقة بأسمائهم. وقدمت سوريا هذه اللوائح إلى الجانب التركي.
أكد الجانب السوري النقاط المذكورة أعلاه. وعلاوة على ذلك، إتفق الطرفان على النقاط النالية:
1ـ إن سوريا، وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل، لن تسمح بأي نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا. كما ولن تسمح سوريا بتوريد الأسلحة والمواد اللوجستية والدعم المالي والترويجي لأنشطة حزب العمال الكردستاني على أراضيها.
2ـ لقد صنفت سوريا حزب العمال الكردستاني على أنه منظمة إرهابية. كما وحظرت أنشطة الحزب والمنظمات التابعة له على أراضيها، إلى جانب منظمات إرهابية أخرى.
3ـ لن تسمح سوريا لحزب العمال الكردستاني بإنشاء مخيمات أو مرافق أخرى لغايات التدريب والمأوى أو ممارسة أنشطة تجارية على أراضيها.
4ـ لن تسمح سوريا لأعضاء حزب العمال الكردستاني باستخدام أراضيها للعبور إلى دول ثالثة.
5 ـ ستتخذ سوريا الإجراءات اللازمة كافة لمنع قادة حزب العمال الكردستاني الإرهابي من دخول الأراضي السورية ، وستوجه سلطاتها على النقاط الحدودية بتنفيذ هذه الإجراءات.
اتفق الجانبان على وضع آليات معينة لتنفيذ الإجراءات المشار إليها أعلاه بفاعلية وشفافية.
وفي هذا السياق:
أ) ـ سيتم إقامة وتشغيل خط اتصال هاتفي مباشر فوراً بين السلطات الأمنية العليا لدى البلدين.
ب) ـ سيقوم الطرفان بتعيين ممثلين خاصين [أمنيين] في بعثتيهما الديبلوماسيتين[ في أنقرة ودمشق]، وسيتم تقديم هذين الممثلين إلى سلطات البلد المضيف من قبل رؤوساء البعثة.
ج) ـ في سياق مكافحة الإرهاب، اقترح الجانب التركي على الجانب السوري إنشاء نظام من شأنه تمكين المراقبة الامنية من تحسين إجراءاتها وفاعليتها. وذكر الجانب السوري بأنه سيقدم الإقتراح إلى سلطاته للحصول على الموافقة، وسيقوم بالرد في اقرب وقت ممكن.
د) ـ اتفق الجانبان ،التركي والسوري، ويتوقف ذلك على الحصول على موافقة لبنان، على تولي قضية مكافحة حزب العمال الكردستاني الإرهابي في إطار ثلاثي [أخذا بعين الاعتبار أن الجيش السوري كان لم يزل في لبنان، وكان حزب العمال يقيم معسكرات له في منطقة البقاع اللبناني الخاضعة لنفوذ الجيش السوري].
هـ)ـ يلزم الجانب السوري نفسه بإتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ النقاط المذكورة في “محضر الإجتماع” هذا وتحقيق نتائج ملموسة.
أضنة، 20 أكتوبر، 1998
عن الوفد التركي عن الوفد السوري
السفير أوعور زيال السفير اللواء عدنان بدر الحسن
وزارة الشؤون الخارجية رئيس شؤون الأمن السياسي
نائب وكيل الوزارة
الملحق رقم 2 : مطالب تركيا المحددة من سوريا
ن أجل تطبيع علاقاتنا، نتوقع من سوريا الإلتزام بالقواعد والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية. وفي هذا الصدد، ينبغي تحقيق المطالب المحددة التالية:
1ـ نظراً لحقيقة أن العلاقات التركية السورية كانت قد تضررت بشكل جدي بسبب الدعم السوري للإرهاب، نريد من سوريا القبول رسميا بالتزاماتها والتخلي عن موقفها السابق بشأن هذه المسألة. ويجب أن تشمل هذه الالتزامات تعهداً رسمياً بعدم منح الإرهابيين الدعم، أو الملاذ أو المساعدة المالية. وينبغي أيضا على سوريا محاكمة مجرمي حزب العمال الكردستاني وتسليمهم إلى تركيا، بما في ذلك زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان ومعاونوه [كانت سوريا أبعدت أوجلان قبل توجه عندنان بدر حسن إلى تركيا، وقد تلقت السلطات التركية إشعارا من موسكو بوصوله فعلا إلى أراضيها].
2ـ في هذا الإطار، يجب على سوريا:
ـ أن لا تسمح لمخيمات تدريب الإرهابيين بالعمل على الأراضي الواقعة تحت سيطرتها.
ـ أن لا تزود حزب العمال الكردستاني بالأسلحة والمواد اللوجستية.
ـ أن لا تزود أعضاء حزب العمال الكردستاني بوثائق هوية مزورة.
ـ أن لا تساعد الإرهابيين على الدخول القانوني والتسلل إلى تركيا.
ـ أن لا ترخص الأنشطة الترويجية [ الدعائية] للمنظمة الإرهابية [المذكورة].
ـ أن لا تسمح لأعضاء حزب العمال الكردستاني بإنشاء وتشغيل مقرات على أراضيها.
ـ أن لا تسهل عبور الإرهابيين من دول ثالثة (أوروبا، اليونان، قبرص الجنوبية، إيران، ليبيا، أرمينيا) إلى شمال العراق وتركيا.
3ـ التعاون في جميع الأنشطة الرامية إلى مكافحة الإرهاب.
4ـ الامتناع عن تحريض البلدان الأخرى الأعضاء في جامعة الدول العربية ضد تركيا.
5ـ في ضوء ما سبق، وما لم توقف سوريا هذه الأعمال فوراً، مع كل العواقب، تحتفظ تركيا بحقها في ممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، وتحت كل الظروف للمطالبة بتعويض عادل عن الخسائر في الأرواح والممتلكات. في الواقع، نقلت هذه الآراء إلى سوريا من خلال القنوات الدبلوماسية في 23 كانون الثاني / يناير 1996. ومع ذلك، فقد قوبلت تحذيراتنا بآذان صماء.
الملحق رقم 3
اعتبارا من الآن ، يعتبر الطرفان أن الخلافات الحدودية بينهما منتهية ، وأن أيا منهما ليس له أية مطالب أو حقوق مستحقة في أراضي الطرف الآخر.
الملحق رقم 4
يفهم الجانب السوري أن إخفاقه في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية، المنصوص عليها في هذا الاتفاق، يعطي تركيا الحق في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق 5 كم.
بعد اختطافه من العاصمة الكينيّة نيروبي في 15/ 2/ 1999، ومحاكمته، طرح أوجلان مبادرة الحل السلمي، مطالباً حزبه بإعلان هدنة، وسحب المقاتلين خارج الأراضي التركية. هذه القرارات المفاجئة، صدمت النظام السوري الذي كان المستفيد الأبرز من استمرار الحرب الكردية – التركية، كونها تستنزف الطرفين معاً. حاول النظام الضغط بشتى الوسائل على “الكردستاني” كي يعدل عن تبنّي مشروع وطروحات أوجلان السلميّة، لكنه فشل في ذلك. لذا، لجأ إلى البحث عن منافذ لتطبيع الأوضاع والعلاقات مع تركيا، حتى قبل وصول “حزب العدالة والتنمية” الإسلامي إلى السلطة سنة 2002، بالتالي، بدأ نظام الأسد الابن بزيادة الضغوط على “الكردستاني”، وإغلاق معسكراته الثلاثة في دمشق، واعتقل سنة 2002 عضو اللجنة المركزية للكردستاني ومسؤول منظمة الحزب في سوريا ومعاونة(15)، أثناء اجتماع مع المخابرات الجويّة، وتسليمهما للسلطات التركيّة ووضع اليد على كل ممتلكات “الكردستاني” العقارية في سوريا واعتقال العشرات من عناصره وتسليمهم للأتراك. وعليه، اتجه النظام السوري إلى التنفيذ الفعلي والعملي لاتفاقية أضنا الأمنيّة المذكورة أعلاه.
وبالعودة إلى جريدة “سرخوبون” لسان حال “العمال الكردستاني” لمعرفة طريقة تعاطي الحزب مع ضغوط نظام الأسد الابن عليه في تلك الفترة، اللافت أنه في كل الأعداد الصادرة سنة 2001-2002، لا يوجد أية إشارة إلى بدء نظام الاسد الابن ممارسة الضغوط على حزب العمال، ولا يذكر حتى على مستوى الخبر العابر، رغم تسليم السلطات السورية عشرات عناصر “الكردستاني”، ومسؤول التنظيم في سوريا “خبات آمد” ومساعده “صلاح الدين” إلى السلطات التركيّة. ذلك أنه في تلك الفترة، طلب نظام الأسد من الكردستاني إغلاق معسكراته في ريف دمشق (صحنايا، النشابية، شبعا) وسحب كل كوارده وتنظيمه، تحت طائلة الملاحقة. لكن “الكردستاني”، بقي يحاول التغزّل بنظام الأسد، وأرسل المجلس الرئاسي في الحزب برقية تعزية بوفاة حافظ الأسد، ونشر هذه البريقة، مرفقة بصورة للأسد الأب، في الصفحة الأولى من جريدة “سرخوبون” عدد 222 – حزيران 2000، وجاء في البرقية (16):”في هذه الظروف العصيبة، وببالغ الحزن تلقينا نبأ وفاة مؤسس سوريا الحديثة، الزعيم الوطني العربي، الصديق القدير للشعب الكردي، الرئيس الاقليمي والعالمي الاستثنائي حافظ الاسد.
نتقدّم باسم القائد العام عبد الله اوجلان ورفاق دربه وباسم حزبنا بالتعازي للمسؤولين في الجمهورية العربية السورية. وللعائلة وللشعب العربي والكردي بسوريا ولكل العالم العربي ولكافة شعوب المنطقة ونشارك العائلة (آل الأسد) والشعب العربي الحزن بهذا المصاب”.
ثم تتحدّث البرقية عن دور الأسد الأب في دعم حركات التحرر والفصائل الفلسطينيّة…، وأن دعمه لنضال الكرد لا يخفى على احد وأن هذا الرجل عظيم ومميّز ولا مثيل له، وأنه مثال الشرف…الخ. لكن نظام الأسد الابن، لم ينصت لهذا العزل المتهافت، بل تابع إيفاء التزامات الأسد الأب مع الاتراك، بموجب اتفاقيّة أضنا. وبالتالي، فشل “الكردستاني” في إعادة مياه علاقاته مع نظام الأسد الابن إلى سابق مجاريها، لأسباب عدّة، منها:
1 – التزام الحزب بقرار وقف العمل المسلّح ضد تركيا، عملاً بمطالب اوجلان وأوامره. بالضد من رغبة نظام الأسد.
2 – محاولة الكردستاني، التعامل مع “حزب التجمع” على انه تابع له تماماً، والضغط على قيادته، ما ادى إلى حدوث انشقاق في الحزب، تيّار بزعامة مروان زكي، موالٍ للمخابرات السياسيّة السوريّة، وتيّار كان احد اعضاءه صالح مسلم، موالٍ لقيادة “الكردستاني”.
3 – التزام النظام السوري امام تركيا، لجهة دخول اتفاقية اضنا حيّز التنفيذ، ومجيء “حزب العدالة والتنمية” للسلطة، وحدوث اتصالات بين أنقرة ودمشق لفتح صفحة جديدة من العلاقات.
المركز الكــردي السويدي للدراسات