حــوار خاص لجريدة يكيتي مع القيادي فــؤاد عليكو
Yekiti Media
– كل مايقوم به PYD وكامتداد لفكر و سياسة PKK من تحالفات هو استنساخ لتجربة البعث .
– إذا لم يقم المجلس بتفعيل مؤسساته كما يجب ، فلا داعي لعقد المؤتمر أصلا” .
– وجود المجلس في الائتلاف ضرورة موضوعية كجزء من المعارضة السورية .
وفيما يلي نص الحوار :
س1- ما أهم أسباب توقف الحوار الذي دام نحو سنتين بين المجلس الوطني الكُردي و حزب PYD وحلفائه؟.
ج – تعود أسباب توقف الحوار بين المجلس الوطني الكُردي و pyd في جوهرها الأساسي إلى عدم وجود رغبة وإرادة لدى PYD في التقدم بالحوار نحو التفاهم الحقيقي في القضايا الجوهرية، وذلك لعدة أسبابٍ منها :
– إنّ قرار PYD مرهون لدى قيادة PKK، وعليه فإنّ التقدم بأيّ تفاهمٍ مع المجلس مرتبط بمدى إيجابية وسلبية العلاقة بين PKK وبين الإقليم، حيث أنّ PYD يعتبر المجلس حليفاً للإقليم وامتداداً لسياسته ،وهكذا كنا نجد أنّ الاتفاقيات السابقة جميعها، والتي كانت تحصل تحت رعاية الرئيس مسعود البارزاني، كانت تتمّ بغضّ PKK الطرف عنها على أمل أن يكون هناك مقابل وتعامل إيجابي معهم من قبل الإقليم في قضايا أخرى، وعندما لم يتحقّق لهم ذلك يقومون بنسف هذه الاتفاقات ، علماً أنّ الإقليم لم يبخل يوماً في تقديم العون لهم في محطاتٍ حرجة، مثل حصار كوباني من قبل داعش وإرسال البيشمركة لفكّ الحصار، و من ثم هزيمة داعش بفضل البيشمركة، وما أن قويت شوكتهم وانتفت الحاجة للاقليم حتى رموا اتفاقية دهوك نهاية 2014 خلف ظهورهم.
– إنّ PYD وكامتدادٍ لفكر وسياسة PKK لايؤمن بالتحالفات والعمل المشترك الحقيقي مع الآخرين كقوى متكافئة ومتساوية في الحقوق والواجبات، وكلّ ما يقومون به في هذا المجال من تحالفات لا تتعدّى استنساخ تجربة البعث في ذلك، أي يبحثون عن تابعين وليس عن حلفاء حقيقيين و(مسد) نموذجاً.
– جاءت ظروف الحوار الأخير في وقت تعرّض PYD لنكسةٍ كبيرة في (سرى كانييه / رأس العين وكرى سبي /تل أبيض في عام ٢٠١٩وعلى أثرها تعرّضوا لضغطٍ كبير من الشارع الكُردي، وكان المخرج لإبعاد هذا الضغط بتغيير البوصلة والذهاب باتجاه المجلس الكُردي، وطلب الحوار منهم مع تأكيدات قاطعة بأنهم جادّون في ذلك، وسوف يحقّقون ذلك مهما كلّف الأمر ، وعلى أساس أنّ قائد قسد مظلوم عبدي ضامن لأي تفاهم بين الطرفين.
– كان هناك توجّه أمريكي جدي في البداية لتشجيع هذا التوجه وإنجاحه وحتى القبول بأن يكون الحوار تحت رعايته، وقد تقدّم الحوار خطوات ملموسة في البداية كإعداد الرؤية السياسية والهيكل التنظيمي ، لكن مع تراجع الاهتمام الأمريكي، خاصةً بعد إستلام بايدن الرئاسة، تراجع اهتمام PYD أيضاً وهذا ما يؤكّد ما ذهبنا إليه في المقدمة بعدم وجود إرادة جدية للتقدم بالحوار نحو المنشود، وبمجرد أن انتفت الظروف التي أدّت إلى الحوار، انتفى الحوار أيضاً.
س2-المناطق الكُردية الواقعة تحت سيطرة إدارة PYD تتعرّض للتهديدات التركية من جهة، و مخاوف إعادتها للنظام من جهةٍ اخرى.
– ما دور المجلس الوطني الكُردي في هذه اللحظة المفصلية؟.و ماذا تتوقّع من المؤتمر القادم للمجلس الكُردي المزمع عقده عما قريب؟.
ج : على الرغم من كلّ الانتقادات التي توجّه للمجلس بخصوص تقاعسه في ملفاتٍ عدة،حتى من قبل أنصاره، سواءً على الصعيد الكُردي أو الوطني أو الدولي، إلا أنّ المجلس يبقى الخيار الوحيد والعنوان الأبرز لتجميع الطاقات الكُردية وتفعيلها واستثمارها بشكلٍ خلّاق ، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ،ولايوجد بديل أفضل من المجلس للقيام بذلك حتى الآن، وعليه فإنّ المجلس أمام محطةٍ تاريخية ومفصلية في المؤتمر القادم، إما أن يقوم بمراجعةٍ جذرية لأسلوب عمله ويعيد النظر فيه بطريقة خلّاقة، وذلك من خلال تفعيل مؤسساته في الداخل والخارج واستحداث أخرى في بلدان أخرى كأمريكا، وتقديم الكفاءات المؤهّلة لهذه المؤسسات بعيداً عن الحزبية والمحاصصة المقيتة التي تسبّبت بإضعاف دور المجلس في الشارع الكُردي وضعف أدائه في الخارج، وخاصةً في الساحة الأوربية الضرورية للنشاط الكُردي، من خلال هذه الصيغ الفاشلة.
وإذا لم يقم المجلس بتفعيل مؤسساته كما يجب؛فلا داعي لعقد المؤتمر أصلاً، لأنه سيكرّر نفس تجربته السابقة، من هنا أجد أنّ المؤتمر حاجة ضرورية للمراجعة الجذرية للعمل، وليس لتغيير الوجوه.
س 3- كنتََ ممثلاً للمجلس الكُردي في الائتلاف الوطني السوري لسنوات، – ماذا تنصح قوى الثورة والمعارضة الوطنية السورية اليوم؟.
ج- معلومٌ للجميع أنّ الائتلاف تأسّس برغبةٍ وإرادةٍ دولية؛ هدف تجميع الطاقات السورية المعارضة ، بغية خلق بديلٍ مقبول للنظام الذي بدا في الأفق بأنه يترنّح وعلى وشك السقوط، على غرار سقوط الأنظمة في تونس وليبيا ومصر، وذلك منعاً لحصول فراغٍ سياسي وفوضى لحظة السقوط، لكنّ حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر ، وخاصةً بعد التدخل العسكري الإيراني وأذرعه أولاً ثم الروسي ثانياً، كذلك التراجع الواضح من قبل المجتمع الدولي في دعم التيارات الإسلامية بعد الانقلاب العسكري في مصر، ولمّا كان الائتلاف بهيكله السياسي العام ، بأنه يهيمن عليه التيار الإسلامي، خاصةً في الجانب الحكومي الخدماتي، وعلى الأرض من قبل الفصائل العسكرية ذات الطابع الإسلامي الواضح، وعدم إعطاء الفرصة للفصائل البعيدة عن التوجه الإسلامي لتدخل الساحة العسكرية، إضافةً إلى عدم تمكّن الفصائل الموجودة على الأرض من توحيد طاقاتها تحت قيادةٍ موحدة ، رغم أنّ جميعها ذات طابعٍ اسلامي اسماً وممارسةً،علماً أنّ الائتلاف ،ومنذ 2015 ،بذل جهوداً كبيرة بغية توحيدها تحت قيادةٍ موحّدة، لكنه فشل في ذلك، نتيجة استئثار كلّ مجموعةٍ بمقاطعةٍ صغيرة(عدة قرى) واستثمار ذلك لمصالحها الضيّقة، ولاتزال تمارس هذه السياسة وترفض التوحّد، عملياً ،رغم وجود ممثلي الكثير منها في الائتلاف، لا بل بقيت صفة التناحر بينهم على المصالح الخاصة هي الطاغية على الساحة وحتى الآن.
كلّ هذه العوامل مجتمعةً أدّت إلى:
– انفضاض المجتمع الدولي من حول الائتلاف، والتوقّف عن دعمه لأنه توصّل إلى قناعةٍ بأنّ هؤلاء قد فشلوا في إدارة المنطقة التابعةلهم، فكيف سيقومون بإدارة دولة.
– دخول الائتلاف في تناقضٍ غريب مع نفسه، حيث من المفترض أن يكون هو المسيطر على القرار الحكومي والعسكري، لأنه الحامل السياسي لقوى الثورة والمعارضة، إلا أنه تحوّل إلى ممارسة سياسة المسايرة لهذه الفصائل وإرضائها، رغم كلّ أخطائها، علماً أنّ عددها بلغ في عام 2015 أكثر من ألف فصيلٍ، وبقي وزير الدفاع للحكومة عاجزاً عن إعطاء أمرٍ واحد لأيّ فصيلٍ وينفّذ على الأرض، وكان يفترض بالائتلاف، والحالة هذه ، إتخاذ الموقف من كلّ فصيلٍ لايعمل تحت راية وزير الدفاع وهيئة الأركان ،لكنه لم يفعل، وبقي وزير الدفاع شكلياً، هذا ما أضعف موقف الائتلاف على الساحة الدولية كثيراً ، لأنّ القرار على الأرض ليس بيد الائتلاف.
– نتيجة ظروف تأسيس الائتلاف من قبل المجتمع الدولي للثورة السورية فقد بقيت قراراته مرتهنة لسياسات هذه الدول، ولم تتعامل الدول معه كممثلٍ حقيقي للشعب السوري ، ولم يقم الائتلاف بما يجب لتغيير هذا التوجه وبقي أسير تقلبات سياسات هذه الدول، وحتى اليوم ،مع الأسف، وسوف يدفع الثمن غالياً في المستقبل ؛ ما لم يغيّر هذا التوجّه،ويفرض نفسه كممثلٍ حقيقي للمعارضةالسورية على الساحة الدولية(خاصةً بعد صدور إشارات وتصريحات من تركيا بإتجاه إعادة النظر في علاقاتها مع النظام السوري).
أما ما يتعلّق بالشق الثاني من سؤالكم، والمتعلّق بعلاقة المجلس بالائتلاف، فإنّ لدي عدة ملاحظات:
– وجود المجلس في الائتلاف ضرورة موضوعية كجزءٍ من المعارضة السورية، ولابدّ من التفاعل ايجابياً مع المعارضة؛ لأنّ القمع الذي مارسه النظام مع الشعب الكُردي لايقلّ عما مارسه بحق بقية الشعب السوري، لابل وزاد عن ذلك من خلال تطبيق سياسة الصهر القومي بحق الشعب الكُردي والإجراءات العنصرية الجائرة، كالحزام العربي والإحصاء الاستثنائي وغيرها ، لذلك فإنّ الضرورة والواقع اقتضيا أن نكون إلى جانب قوى الثورة منذ البداية في الاحتجاجات، وفي تشكيل الأطر الوطنية، وهذا كان توجهاً سليماً ، ونحن في المكان الصحيح، لكنّ المجلس لم يولِ الاهتمام والجدية بالائتلاف كما يجب، ولم يقدّم شخصيات مؤهّلة للتعامل مع المعارضة العربية بطريقةٍ ناجحة، وأعتقد أنّ الكثيرين من قيادات المجلس لايعرفون أسماء ممثليهم الأحد عشر في الائتلاف،حيث يتصدّر المشهد القليل من هؤلاء، وهذه الملاحظة يجب أن يتمّ تداركها في المؤتمرالقادم .
– أبعد المجلس نفسه عن المشاركة في الحكومة ومؤسسات الحكومة، وجمّد نشاطه في عفرين ورأس العين مما أثّر سلباً على علاقته مع الائتلاف من جهة، ومع حاضنته من جهةٍ أخرى في تلك المناطق، فمن جهةٍ يطالب ببياناته الأهالي من اللاجئين بالعودة إلى بيوتهم، بينما في الواقع العملي لايقوم بتفعيل المجالس المحلية في تلك المناطق، ولايشجع كوادر المجلس، أو يلزمهم بالعودة، وهذا التناقض يؤثّر سلباً على عمل الممثلين في الائتلاف ، وعلى الشارع الكُردي في تلك المناطق بنفس الوقت،مما خلق لديهم شعورا بأنّ المجلس تخلّى عنهم، وهم يتعرّضون للانتهاكات اليومية من قبل الفصائل المحسوبة على الائتلاف ، وبالتالي فإنّ المجلس يتحمّل جزءاً من المسؤولية شاء أم أبى ؛ لأنّ الفصائل محسوبة على الائتلاف ، والمجلس جزء من الائتلاف، وعليه فإنّ المجلس يتحمّل جزءاً من المسؤولية، وبحاجهٍ الى مراجعة موقفه في المؤتمر القادم، حيث إما التفاعل ايجابياً مع جميع مؤسسات الائتلاف بقيادةٍ مؤهّلة لذلك، والاهتمام بالمناطق التي تحت سيطرة الائتلاف أو الانسحاب، طالما عملها مقتصر في الجانب السياسي في اسطنبول.
الحوار منشور في جريدة يكيتي العدد 301