حــوار خاص مع المختص في القانون الدولي “عبدالله كوفلي”
فـي حــوار حصري مــع يكيتي ميديا، تطرق الكاتب والباحث الاكاديمي الكُـردي المختص في القانون الدولي عبدالله كوفلي إلى عــدة مواضيع فيمــا يتعلق بالوضــع فـي إقليم كُـردستان العــراق، وكُـردستان سوريا، وقال كوفلي بداية: في البداية أتقدم بالشكر الجزيل لكم ودوام الموفقية والنجاح وأتشرف بإجراء هذا الحوار الذي يسلط الضوء على مجموعة من الجوانب المتعلقة بالحياة في إقليم كوردستان والمنطقة.
-باتت تجربة إقليم كوردستان، التجربة الديمقراطية الفريدة والوحيدة في المنطقة نبراساً ومثالاً يحتذى بها في الأمن والتعايش السلمي .
– التخطيط في العراق كان في سبيل صهر القوميات والمذاهب والطوائف الأخرى في بودقة قومية ومذهب أصحاب السلطة والحكم .
– ما شهده الإقليم من عمران واستقرار هو نتيجة تخطيط وجدول ولم يأت من الفراغ بالرغم من تعرضه لإعاقات عديدة.
– إن وجود مؤسسات المجتمع المدني والأجهزة الإعلامية المتعددة والأحزاب السياسية المتنوعة والمتعددة في توجهاتها دليل على الديمقراطية المتحذرة في الإقليم.
– سياسات حزب (PYD) لا ترتقي إلى المستوى المطلوب نتيجة تأثيرات قيادة قنديل المباشر عليها لأنهم يعتبر جزء منهم.
– الدعم الدولي المستمر للشعب الكردي يزرع التفاؤل بالحصول على حقوقهم المشروعة .
السؤال الأول: شهد إقليم كُردستان قفزةً نوعيةً في مختلف المجالات ، وخاصةً في مجالي الأمن والعمران ،ما سر النجاح الذي سجّله الإقليم في ذلك ،مقارنةً مع باقي أجزاء العراق ؟
الجــواب:
الشعب الكُردي شعبٌ عريقٌ، له تاريخٌ يمتدّ إلى آلاف السنين ، وعاش مع غيره من الشعوب في سلامٍ و أمانٍ، وقدّم خدماتٍ جليلة للإنسانية ،وبناء الحضارات والأسماء اللامعة من العلماء والمفكرين دليل على ما ذهبنا إليه، ولكنه عانى على أيدي الأنظمة الحاكمة في الدول التي تقاسمت أرض كُردستان بموجب الاتفاقيات الدولية في بداية القرن العشرين الكثير من المآسي والمعاناة من القتل والدمار والتخريب الممنهَج، وفي العقد التاسع من القرن الماضي؛ ونتيجة مجموعة من الأحداث السياسية والتغيرات الاستراتيجية في المنطقة سنح للشعب الكُردستاني أن يقول كلمته وينتفض بوجه الظلم والطغيان، وبعد الهجرة المليونية والقرار الأممي بإنشاء منطقةٍ آمنة وفق القرار (688) وإجراء أول انتخاباتٍ ديمقراطية مباشرة،و التي أسفرت عن تشكيل البرلمان والحكومة الكُردستانية .
ونتيجةً للظروف السياسية والأمنية المتردّية في المنطقة برمّتها؛ أولت حكومة الإقليم أهميةً بالغة للجانب الأمني في سبيل تأمين حماية حياة المواطنين وممتلكاتهم ،وأنشأت أجهزةً امنية متخصصة؛ لعبت دوراً مهماً وجوهرياً في حفظ الامن، وبات الإقليم محل استقطاب الاستثمار والتمثيل الدبلوماسي على المستويات المختلفة،و يكمن سرّ هذا النجاح الكبير في إخلاص وحبّ هذه الأجهزة لعملها ،وثقتها بقضية الشعب الكُردستاني في الحياة الآمنة والمستقرة ضمن كيانٍ سياسي مستقل وسط التهديدات المستمرة لأمنها من المصادر المتنوّعة والمتعدّدة ،وتعاون مواطني الإقليم مع هذه الأجهزة ودعم الأصدقاء من الدول الحليفة واستناداً إلى مبدأ: الأمن هو التنمية ،وبعد استتباب الأمن شهدت الحياة في الإقليم بكلّ مجالاتها العمرانية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية تطوراً وتنميةً قلّ نظيراتها ،وباتت هذه التجربة الديمقراطية الفريدة والوحيدة في المنطقة نبراساً ومثالاً يُحتذى بها في الأمن والتعايش السلمي “ملجأً للمظلومين والمضطهدين من النازحين واللاجئين” وإنّ عدد المخيمات الموجودة دليلٌ واضح على قولنا.
السؤال الثاني: المعروف عن دول المنطقة ،ومنها العراق، ضعف التخطيط فيها، لأسبابٍ سياسيةٍ ومعرفيةٍ وغيرها… هل لديكم في الإقليم برنامجاً مستقبلياً يجدولُ كيفية تقدم الإقليم اقتصادياً وعلمياً ؟
الجــواب:
ممّا لاشكَّ فيه أنّ التخطيط أساس النجاح ،ولا يمكن أن نتصوّر تطور الحياة دون أن يكون هناك تخطيطٌ وبرنامجٌ، ومن جانبٍ آخر إنّ العبرة في تنفيذ التخطيط ،وليس النص عليه، العراق هي إحدى الدول التي تقاسمت أرض كُردستان ،وأُلحِق الجزء الجنوبي منها بهذه الدولة دون إرادة الشعب الكُردستاني، وضُرِبت كلُ طموحاته وأحلامه في بناء كيانٍ سياسي مستقل عرض الحائط، لذا فإنّ العراق لم يشهد استقراراً أمنياً وسياسياً ،بل كانت الثورات والانقلابات إحدى السمات الأساسية للمشهد السياسي ومحلاً للتدخلات الدولية والإقليمية باستمرارٍ، كما أنّ مواطنيها يفتقرون إلى الروح الوطنية لمعاملة مَن في السلطة معهم على أساس الدرجات والتمييز ، وخاصةً القوميات والمذاهب التي لم تكن في السلطة، وتعاملت هذه الأنظمة مع حقوقهم بالحديد والنار، لذا فان كان في العراق تخطيط؛ كان في سبيل صهر القوميات والمذاهب والطوائف
الأخرى في بوتقة قومية و مذهب أصحاب السلطة والحكم، وكان هذا حالها والى الآن.
أمّا بخصوص الشقّ الثاني من سؤالكم، بكلّ تأكيدٍ إنّ ما شهده الإقليم من عمران واستقرار هو نتيجة تخطيطٍ وجدولٍ، ولم يأتِ من الفراغ، وإنّ هذا التخطيط المدرج من قبل المؤسسات الحكومية المعنية يتعرّض الى الإعاقة بين فترةٍ وأخرى، خاصةً بعد لجؤء الحكومات العراقية السابقة إلى قطع موازنة الإقليم، واللعب على وتر قطع رواتب الموظفين؛ الذي يمثّل شريان الحياة في الإقليم، ومهاجمة التنظيم الإرهابي (داعش) الإقليم، وتقديم قواتنا البيشمةركة أروع الأمثلة في التضحية والشجاعة والفداء دفاعاً عن أرض كُردستان وكرامتها، بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط، وأسباب أخرى أثّرت على مستوى تنفيذ البرامج الحكومية الخاصة بالعمران وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين ،ولكنّ الجهود الحثيثة للسيد نيجيرفان بارزاني رئيس الإقليم والسيد مسرور بارزاني رئيس الحكومة كانت في محلها وأتت بثمارها في التوصل إلى اتفاقٍ مع الحكومة الاتحادية بتمرير قانون الموازنة في مجلس النواب العراقي الذي أعاد الامل للمواطنين في الإقليم بأهمية دور القيادة السياسية وتأثيرها على الساحة العراقية.
وكلّنا أمل بأنّ هذا القانون سينعش الحياة في الإقليم أكثر، وفق تخطيطٍ مسبق أعدته الحكومة، وأنّ ما شهده الإقليم محلّ افتخارٍ واعتزازٍ للمواطنين بكلّ أطيافهم وألوانهم الذين ينعمون بالحياة والخيرات.
السؤال الثالث: ماذا عن دور المجتمع المدني عموماً ..ودر المثقفين و الأكاديميين من مواطني الإقليم خصوصاً؟
الجــواب:
تلعب جميع فئات الشعب الكُردستاني، بقومياته واديانه وطوائفه، دوراً كبيراً ورئيسياً فيما شهده الإقليم من تطورٍ عمراني واقتصادي، سواءً في جانب التعاون مع الأجهزة الأمنية أو الاستثمار والبناء الاقتصادي من جانبٍ آخر.
إنّ وجود مؤسسات المجتمع المدني والأجهزة الإعلامية المتعدّدة والأحزاب السياسية المتنوّعة والمتعدّدة في توجهاتها دليل على الديمقراطية المتجذّرة في الإقليم وإيمان القيادة السياسية فيها بدورها المشهود، ناهيك عن الدور الذي يلعبه الاكاديميون والمختصّون في المجالات المختلفة، وإنّ وجود الجامعات والمعاهد و زيادة عددها يوماً بعد آخر دليل على اهتمام وإيمان الحكومة بدورهم المنشود في الاستفادة من هذه العقول والخبرات سواءً في وضع البرامج أو تنفيذها على أرض الواقع ،وأنّ هذه المؤسسات تمثّل مرآة للحكومة بالإضافة إلى أنّ تولّي هؤلاء للمناصب الحكومية؛ يسهّل من مهمتهم، وأن يأخذوا نصيبهم في خدمة الشعب الكُردستاني .
السؤال الرابع: الازمة السورية دخلت عامها الحادي عشر.. كيف تقيّمون الحراك السوري المعارض ودور الكُرد فيه؟ .
الجــواب:
في الحقيقة إنّ ما تشهده دولة سوريا من أحداثٍ دامية بعد الربيع العربي، وتعامل النظام السوري مع حقوق شعبه بالحديد والعنف ؛خلق معارضة وحراكاً سورياً، يحاول على المستوى الداخلي والخارجي أن يلعب دوره.
يمثّل الكُرد أحد أعمدة المعارضة السورية ،ولكن باختصارٍ الأزمة لا تزال مستمرةً بعد أكثر من عشر سنواتٍ، و الملفت للنظر هو افتقار الكُرد إلى وحدة الصفّ الوطني (الكُردي)، وهذا ما أثّر بشكلٍ سلبي على دورهم في صفوف المعارضة، ومن جانبٍ آخر عدم وجود مشروعٍ كُردي موحّد للتفاوض مع الحكومة السورية ،ويرجع سبب ذلك إلى سياسات حزب (PYD) التي لا ترتقي الى المستوى المطلوب وطموح الشعب الكُردي وتأثيرات قيادة قنديل المباشرة عليها لأنه يُعتبر جزء منهم. اما ما يمنح الأمل للشعب الكُردي هو الدعم الدولي المستمر لهم، و يزرع التفاؤل بالحصول على حقوقهم المشروعة.
في الختام أتمنّى أن تكون إجاباتنا في محلّها وخدمةً لصالح قضية شعبنا الكُردستاني، الذي يأمل ويناضل من أجل حقوقه المشروعة.
في النهاية أكرر تقديرى واحترامي لكم……