حوار مع الدكتورة فاطمة الزهراء
في زمن الحروب الكارثية، بويلاتها وصراعاتها الدموية ، يتبدّى مدى حاجة المجتمع ككلٍّ إلى الكوادر الطبية لمعالجة الجرحى والمصابين ، وبالتالي يصبح ذلك الكادر وكما الملائكة بأرديتهم البيض ، لا حمائم سلامٍ فقط، بقدر ماهم ذوي اللمسات الناعمة التي تخفّف من وطأة الآلام، وتحدّد سبل التعافي والوصول بالمرضى إلى برّ أمان الحياة من جديد ..
والأطبّاء، لابل وكل الكوادر المرافقة لهم، حمتهم حتى قوانين الحروب ؛نظراً لما يلعبه الكادر الطبي في حالات السلم والحرب، ولأهمية نصائحهم وتوصيفاتهم التي يقدّمونها ، وكذلك لما يفعلونه للناس في أقسى الظروف وأشد حالات الحروب، بمعاركها القاسبة ..
ارتأينا في هذا العدد اللقاء مع السيدة الدكتورة فاطمة الزهراء، أخصائية في جراحة الأنف والأذن والحنجرة،وكان لنا معها الحوار التالي :
السؤال الاول :
الأزمة السورية أفرزت أمراض مستجدة في البيئة السورية نظراً للظروف السيئة في مخيمات اللجوء وأماكن السكن الاعتباضية البعيدة عن سبل الطبابة والعلاج والتي تفتقد لأبسط مقومات المعيشة، مما أدّى إلى انتشار أمراض عديدة برأيكم الدكتورة القديرة : ما سبل معالجة هذه الظاهرة؟
– بدايةً بخصوص هذا السؤال وتحديداً بالنسبة للأطفال في سوريا ، فالحرب هي كلّ ما يعرفونه . وما زالوا يعيشون في خوفٍ من العنف والألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب. إنهم يقاسون الندوب الجسدية والنفسية للحرب. في عام 2021، أظهر ثلث الأطفال في سوريا علامات الضيق النفسي ، وكان منها القلق والحزن والتعب والأرق المتكرر .
كما صنعت الحرب واحدة من أكبر أزمات التعليم في التاريخ الحديث، حيث دفع جيل كامل من الأطفال السوريين ثمن الصراع. والمرافق التعليمية مستنزفة، ولا يمكن استخدام العديد من المدارس لأنها دمّرت أو تضرّرت أو آوت أسراً مشرّدة أو تُستخدم لأغراضٍ عسكرية.
يتحمّل الأطفال ذوو الإعاقة عبئاً مزدوجاً عندما يتعلّق الأمر بالعنف، والتهديدات لصحتهم وسلامتهم، والجوع، وخطر سوء المعاملة، وفقدان التعليم. وقد أدّى انعدام القدرة على التنقل، وصعوبة الفرار من الأذى إلى تفاقم التحديات التي يواجهونها.
2 السؤال الثاني
كونكم أخصائية في جراحة الأنف والأذن والحنجرة، ماهو مدى انعكاس ظروف الحرب على الناس؟ وماأكثر الحالات انتشاراً في مجال تخصصكم ؟
– أصبحت جراحة الأنف والأذن والحنجرة في القرن التاسع عشر لمجال منفردٍ متخصص نتيجةً لتطور العمليات الجراحية الجديدة التي أدخلت إمكانية التخدير
واكتشاف المجهر كأداة جراحية في بدايات القرن العشرين لجراحة الأذن الوسطى، ولأول مرة إعادة بناء سلسلة عظيمات الأذن الوسطى. فقد أصبح الآن ممكناً علاج التهاب الأذن الوسطى وكذلك الحفاظ على السمع.
كارثة الحرب العالمية الأولى أدّت إلى وجود أعدادٍ لا تُحصى من الجرحى والمشوّهين وأدّى ذلك إلى ظهورفرعٍ جديد لطب الأذن والأنف والحنجرة، وهو الجراحة التجميلية في الرأس والوجه ، وكان هذا نتيجة التجارب الرهيبة في المستشفيات الميدانية التي لا تزال اليوم أساس جراحة الحوادث وجراحة الأورام .
السؤال الثالث
ماهو دور المنظمات الأممية وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي و منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات المختصة في هذا المجال في الحدّ من شيوع المرض المتزامن مع الحالة الاقتصادية الهشة.؟
– لم تتمكّن العقوبات حتى الآن من تغيير النظام السوري أو تعديل سلوكه، وعلى الرغم من الأهداف المعلنة المتمثّلة في تخفيف وطأتها على الشعب السوريّ، تُظهِر عدّة مؤشّرات أنّ المواطنين السوريّين العاديّين هم الأكثر تضرُّراً منها. تستكشف هذه الورقة آليّات النظام لمواجهة تأثير العقوبات على بنيته الاستبداديّة، وتقدّم توصيات ومقترحات لجعل العقوبات أكثر فاعليّة ضدّ النظام مع التقليل من آثارها السلبية على الشعب السوريّ. .
– كلمة أخيرة توجهينها دكتورة للآباء والامهات ؟
– أخيراً أستطيع توجيه كلمة للأمهات والعائلات في ظلّ ظروفٍ جداً سيئة خاصةً في المخيمات للانتباه لصحة أولادهم ، ومراجعة المراكز الصحية وعدم التأخر؛ لأنّ الأمراض في بدايتها تكون المعالجة أسهل من الأوقات المتأخرة هذا أولاً وثانياً سبل الوقاية بقدر الإمكان ولا أدري إن كانوا يستطيعون الابتعاد عن المياه الملوّثة والخضار وغسلها بمواد معقمة خاصةً في ظل ظروف انتشار الأوبئة مثل الكوليرا والتي انتشرت في أكثر من مدينة بسوريا .وتشجيع العائلات على دفع أولادهم للتعلم حتى في المدارس التعليمية التي لا تكون ذات مستوى جيد من التعليم، ولكن مثلما يُقال بأنّ الرمد أفضل من العمى ، والمفروض هذا الجيل من الأطفال الذين لا يتعلّمون وقبل كلّ شيء هم قنابل موقوتة في المستقبل وهؤلاء الاطفال هم الذين سيعانون كثيرا ولربما ينفلتوا إلى العنف والجريمة و التعصب.
المقال منشور في جريدة يكيتي العدد 302