حوار مع الفنانة التشكيلية فاطمة أسبر
لربّما ما أدهشني في أعمال الفنانة فاطمة اسبر ، هو الوجه الآدمي الذي لا تكاد تخلو لوحة من لوحاتها، و لاأدري لماذا هذا التعاطف أو التضامن ؟
لربّما الوجه بحد ذاته يعتبر أحد عناصر الجمال في الطبيعة، و تدخل الفنانة في تفاصيله من لوحةٍ إلى أخرى، وترسم خصوصياته الزمنية من الولادة إلى الكهولة .
و بالإمعان لأعمالها يظهر لك الوجه بأشكاله المختلفة، أي أنه في حالة نمو مع صراع الحياة، فتارةً تراه بشوشاً، و تارةً أخرى تراه شاحباً، فلعلها تريد أن تقول : يجب على هذا العالم أن يصون كرامة الإنسان .
و حتى ندخل في تفاصيل عالم الفنّانة فاطمة اسبر ، أجرت جريدتنا معها الحوار الآتي :
١ – بدايةً نشكرك دكتورة لإتاحة الفرصة لنا على هذا الحوار و ننطلق من السؤال الأول :
حبّذا لو تعرفي نفسك لقراء جريدتنا ؟
ج _ المشكلة أنني لا أعرف كيف أتحدّث عن نفسي، لكن سأحاول أن أتذكّر :
في طفولتي، ما قبل الدخول إلى المدرسة، أتذكّر ولعي بالرسم، إذ كنت أمضي معظم الوقت في ملء الأوراق برسوم أخترعها أو وجوه معروفة أنقلها ،
بعد دخول المدرسة، أخذتني الدراسة والرغبة في التفوق، وكانت دراستي موزّعة،بحكم وجود أخوتي بين اللاذقية وحلب ودمشق
تزوجت قبل أن أحصل على الشهادة الجامعية وبحكم عمل زوجي في وزارة الخارجية فقد تابعت دراستي في البلدان التي كان يؤدّي فيها عمله الدبلوماسي ،وقد ساعدني جداً في توفير الوقت ، فحصلت على الشهادة الجامعية من جامعة القاهرة والماجستير من إيران وحصلت على الدكتوراه من بودابست، ثم عملت في التدريس وحين تركت العمل عاد حب الرسم بقوة وبدات أستعيد ذلك الشغف في2010 فعملت ثلاثة معارض فردية وعدداً من المعارض المشتركة لا أتمكّن الآن من إحصائها .
٢ – من خلال متابعتي لأعمالك، أرى بأنّ الوجه لا يخلو من لوحاتك، فما السر بذلك ؟
ج- صحيح، يشغلني الوجه، وخاصةً وجه المرأة،
الوجه جغرافيا ترتسم فيها و عليها تأثيرات الزمن ،و تفعل فيه كما تفعل الرياح والأمطار من حتٍّ وانهدامٍ بالأرض، من هذا القبيل اتخذت من وجه المرأة رمزاً احاول أن يكون حاملاً لما أريد إظهاره من طمس الحقائق والرؤية بعين واحدة، وهذه من عيوبنا
التي أتمنّى أن نتخلّص منها وأن نرى الآخر كما نحبّ أن يرانا بتلك العين التي تعرف أن تميّز بين ما لها وما عليها .
٣ – الفنّانة فاطمة اسبر كفنّانة تشكيلية، لماذا حاولت الرسم في وقتٍ متأخّر ،و ماهي أبرز المعارض التي شاركت فيها ؟
ج-
ذكرت أنني مولعة بالرسم منذ الطفولة المبكرة ، وبعد دخول المدرسة تغيّرت الأمور فلم يكن التفكير يشغل بال الأهل ، و بالتالي بالنا نحن غير التفكير بالدراسة وتحصيل النتائج العالية فيها، حتى الدراسه في كلية الفنون لم تكن محسوبة فالرسم يمكنك القيام به متى شئت أما الشهادة الجامعية فهي الهدف الاول.
وحين تركت التعليم اتجهت بكلّ شغفي للرسم منذ العام 2010
وقد أقمت ثلاثة معارض فردية ، كما شاركت بعددٍ لا بأس به من المعارض الجماعية،وقد أجّلت معرضبن خلال السنتين الماضيتين ؛ بسبب الظروف القائمة، وسيتمّ إن شاء الله إقامة معرضين في الخريف القادم على أمل أن تكون أمورنا كلها علي خير .
٤ – هل هناك تأثير مباشر للشعر في أعمالك و خاصةً أنت شقيقة الشاعر الكبير ادونيس ؟
ج- الشعر صور وأفكار واختراق للمجهول بالكلام، كذلك الرسم هو اختراق للشكل ودخول في المجهول بواسطة اللون، وكما تكون القصيدة غنية بالصور فإنّ اللوحة يمكن ان يقرأها القارئ المبدع قراءةً شعرية ويحوّلها بالكلمات إلى قصيدة، وأقول القارئ المبدع؛ لأنّ القراءة وفهم القصيدة أواللوحة تختلف بين شخص وآخر.
لقد كان للشعر تأثير عليّ،
فقد رسمت عدداً من اللوحات بتأثير جمل شعرية، كما يمكن أن يستوحي الشاعر قصيدة من لوحة يحبها، وكثيراً ما تتلاقى الفنون بذلك السحر الخفيّ الذي يخلق سريرة عميقة يلامسها الشاعر والفنان بقدر إحساسه .
٥ – ما رأيك الشخصي بالفن التشكيلي السوري عموماً و هل نستطيع القول إنه قد يضاهي تجارب عالمية ؟
ج_ لا شكّ بأنّ الفنّان السوري فنّان مبدع، والفنّانون في سوريا يخلقون عالماً فنياً متكاملاً وغنياً، يبدأ بالواقعية الماهرة ويحتضن المدارس الفنية وصولاً إلى التجريد، وأذكر المدارس الفنية فقط من أجل التسهيل؛ لأننا قد نجد في لوحةٍ واحدة عدة مدارس فنية، والحركة الفنية السورية يمكن أن تضاهي أي حركة فنية عالمية.