حوار مع الكاتب وليد حاج عبدالقادر حول رواية “آرسي والآفاق المجهولة”
Yekiti Media
بمناسبة صدور كتابان جديدان للكاتب وليد حاج عبد القادر.. رواية – آرسي والآفاق المجهولة – التي لخص فيها وحدة الألم والأمل البشري بالتقاطع مع الحالة ومن بقعة جغرافية بعيدة ومختلفة .
– والكتاب الثاني ( ملامح ميثولوجية .. وجهة نظر في الذهنية التراثية الاسطورية الكردية – مطروحة للنقاش – ) . وهو عنوان حساس ومجازف لخصوصية مواضيعها ، وسنحاور الكاتب حول هذا الكتاب ، وسنفرد لاحقا للرواية بحثا آخر في المستقبل :
السؤال الأول :
ملامح بنسقيات أسطورية وإشكاليات ، لاوك ، كجك ، كجل ، گوري كلها مسميات ، وأنت تركز في مموزين على تفاصيل لحياة ووعي ثقافي كردي مغاير ؟ فهل من الممكن وبسهولة إزاحة شخصيتا ممو وزين الإنسانية من ذهن الناس ؟
الجواب :
بداية اشكركم على هذا اللقاء ، وسأقر بصعوبة ذلك ؟ ، نعم هي ملامح أفرزت نسقيات ونماذج بهالة قدسية مثل ( لاوكي شفان ، كاڤان ، جوتيار ) وأفردت حكماء مثل ( گوري ، كجل ) وبمهن قاسية وذليلة ، وكحكمة تأصلت وكشفت النمط الاقتصادي – الاجتماعي وتجليات شخوصه المقدسة ، وكمجازفة لا تهور أقر ! خاصة في مموزين كنسق أسطوري لا بشري ، وسأستذكر الملحمة الباجريقية ومؤلفها ، لأوضح بأنني لست الوحيد من ينفي أنسنة مم وزين ، بل قداسة مموزين مستندا على مقولة مير جلادت ذي المنهج العميق في الثقافة والإرث الكرديتين ، سؤال رددته طويلا ؟ هل هناك رابط بين الملحمة الباجريقية برموزها التي حوكم بسببها كاتبها – ابن الباجريقي – بالردة والإعدام في كل من دمشق وبغداد والقاهرة ، وبين ملحمة خاني – مموزين – ؟ . ولماذا أصر خاني على الترميز الشديد ولكن المبسط أيضا في فكفكة رموز الملحمة بأنسنتها ؟ وسر إصرار مير جلادت بدرخان على دمج مم وزين في كلمة – مموزين – ؟ ان الملحمة الباجريقية المخفية / المختفية وما قيل في اعتمادها على الطبيعة بإستدلالاتها ، توحي بأنها – ربما – تكون هي الجذر – الأساس التي اعتمد عليها خاني وأنسنها ، ومما يعزز ذلك ، غياب هذه الأسماء من جداول اسماء أمراء بوطان ، وكذلك – قبر – ممو وزين الذي يقع في مربع أشبه ببانثيون يحوي مرقد – مير آڤدلي – وفي محيطه مرقد – معبد مموزين ، والموقع كله لايزال يعرف شعبيا ب – مير آڤدلي – ؟ وعليه – اعتقد – بأن كوري باجريقي وملحمته المشهورة تلك ، ولقرب المسافة بين باجريق وبوطان ، يتوقع أن يلتجئ خاني إلى إعادة تنميط مموزين بأنسنتها ، وبالتالي إصرار جلادت على مقولة لو ان الكرد أدركوا أهمية مموزين لعلقوها مثل ( القرآن ) في صدر بيوتاتهم . أن الجذر الثقافي لميزوبوتاميا وسريالية أساطير الخلق والتكوين ، وارتباطها الطقسي بنمط التشكل الاقتصادي – ومنها الكردي – ، سنرى أنه بعد العماء ووجود نسق آبسو الإله الأب وهو السماء والإلهة الأم تامات وهي الأرض ومن تزاوجهما ظهر نسق الآلهة الأبناء ، واللافت في هذا النسق اسم مم كإله للانهار والينابيع الحلوة وهو مكبل اليدين فوقها ، والإله آذار / آڤدار / ، وسر او علاقة وجود مرقد / معبد مموزين في محيط – مسجد مير آڤدلي – ، والأمر المدهش أكثر هي الإلهة ننتي ومعنى اسمها السومري فهي حواء بالعبرية وحياة بالعربية وژين بالكردية ، وباختصار : أن النسق المتدرج يشي بطقسية ميثولوجية ، وقد برع خاني في إيصال عناوين صريحة باعتماده على طقسية عيد نوروز في لقاء مم و زين . أما أنسنة نمط حياة – الآلهة فأن كثيرين منهم سايروا حياة آلهتهم كما حاكت مموزين .
السؤال الثاني:
تغريبة ذهنية مرعبة لثقافة غلبت عليها الشفاهية ، والتراث الكردي يتطلب جهودا استثنائية في الجمع والمقاربات اللفظية واللهجات ، والأسئلة ستتركز على تلازم الأرض والماء وبدء الحياة ، ولكنك تنوعت في ذكر ملاحم بأسماء ملفتة ؟ مثل سينم و إيشي / هش مراري وغيرها ! فهل ارتكزت على تلك النماذج لتؤسس عليها ملامحك ؟ .
الجواب :
نعم ، لأن تلك الحكايا هي أصلا مستندات مجيرة ، فالعقل البشري ساير في تنميطه لحياة آلهته الذكورية والأنثوية وقاربته بالحياة الإنسانية ، وظهر أشكال من الصراع التناحري ، كما وجد نمط تشاركي كنتاج لتداخل انماط الإنتاج ومع ضعف أو فقدان الحاجة لنمط ، تدرجت مساعي الحط من شأنه ، وبدأت مرحلة التنكر والتشبث إن لإعادة الهيمنة او الحفاظ على البقاء ، وكرديا ظهر ذلك في – گوري – واستمرت حتى لحظة تجلي الحقيقة او هيمنة مفردات – قوة – منطق المتنكر ، وفي الأغلب كان لفتيان المهن الدور الأكبر – لاوكي شڤان .. كاڤان .. جوتيار .. هسنكر .. زمبيل فروش .. الخ – وسينم بتدرجات ملحمتها حاكت بالضد من عبثية خاتونا زمبيل فروش كما هش و مراري النسق الكردي لإينانا ودوموزي ورحلة هشي بحثا عن دواء لزوجها مراري .. ونلاحظ بأن جميع هذه القصص بمأثوراتها تشكلت من ذات الحاضنة التي نمت عليها ثقافة شعوب ميزوبوتاميا ..
السؤال الأخير :
– دافعك في استنطاق ما تأسطر في الذهنية الكردية وملامحها الميثولوجية هذه ؟ هل فكرت بالنقاد كما الدارسين وسبل مواجهتهم ؟ .
الجواب:
إن الدافع هو بيان أصالة انتماء الكرد لجغرافيتهم وان وعيهم وثقافتهم تأسس جذريا على تدرجات الوعي بمتحولاتها الإقتصادية الرئيسة . ثقافة اعتمدت على التضاد بعمقه الفلسفي المبسط ، وهي الطقوس الفصلية بمخرجاتها المتناقضة : حياة – موت ، صيف – شتاء ، ربيع وخريف وتجذرت في بنية الفولكلور الكردي بنمطيه – بيظوك ، بوهاريان – كمحاكاة لنمطي الحياة الزراعية – الرعوية ، وكجدلية لثقافة ال – موه – كما موسى ابن الماء و – آباسا – ( العشيرة المعروفة ) ، ومن ثم اشتقاق مموزين ايضا كمفردة ، وأخيرا : أقر بصعوبة استكشاف هذا الجانب بمهنية بحثية وافية ، إلا أن هدفي الأساس يبقى كتوثيق وطرح نقاشي ، ومن الطبيعي أن أرى في أية رؤية نقدية إضاءة أكثر للعناوين المطروحة .