حوار مع كاك سرو قادر مسؤول الإعلام المركزي السابق للحزب الديمقراطي الكُردستاني – العراق
– الكُرد لهم إقليم شرعي مثبت في الدستور العراقي إلى جانب العوامل الدولية التي تحمي الكُرد إلى حد ما.
– يجب اعطاء أهمية كبيرة للحوارات التي تجري بإشراف أمريكي.
– الإعلام الكُردي حالياً إعلام جامد ثابت وبعيد عن التطور.
– الهدف من اتفاقيّة شنكال ليس الاقنتال، بل هو إخراج الـ PKK .
– من غير المعقول في ظل وجود إقليم شرعي ذات سيادة، أن يكون قسم من أراضيه خارج سيطرته.
وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
السؤال الأول:
إن حل القضية الكُردية في العراق، بشكل نهائي و عادل، يرتبط بمدى تفهم عموم ابناء شعب العراق لأحقيتها.. هل ترون بأن الكُرد في العراق استطاعوا أن يشرحوا كافة جوانب قضيتهم ومعاناتهم لشركائهم من غير الكُرد في العراق..؟ وهل استطاع الإعلام الكُردي أن يؤدي وظيفته في ذلك؟
الجواب الأول:
يعود تاريخ المفاوضات والحوارات بين هولير وبغداد إلى حوالي مائة عام، من دون تدخلات خارجية، وبالرغم مما نراه من طائفية وانقسام فأن عرب العراق وكحالة طبيعية فهم لا يسعون لتقويض مكتسبات الكُرد أو محاربته، لكن مع ذلك فمواقفهم إلى الآن لم ترتق لدرجة الاعتراف بالحقوق الكُردية، أو الضغط على الحكومة الاتحادية لمنح إقليم كُردستان حقوقه، وعليه فأنا أستبعد أن يحصل إقليم كُردستان بهذه الطريقة على حقوقه المشروعة.
باعتقادي أن الطريق الذي نتبعه حالياً هو الطريق الأنجع، و الذي يقوم بالدرجة الأولى بالحفاظ على مكتسبات الإقليم والابتعاد عن حرب كُردية عربية، فالكُرد حالياً لهم إقليم شرعي مثبت في الدستور العراقي، إلى جانب العوامل الدولية التي تحمي الكُرد إلى حد ما وحقوقه واضحة وفق الدستور، وفي المقابل علينا تطوير الإقليم و تقويته وفي هذا المجال لدينا تقصير كبير، حيث لم نركز ولم نعمل على تقوية الإقليم منذ تأسيسه، حتى في عهد مام جلال و للآن، وظننا بأننا سيتحقق الاستقلال عن طريق الاستفتاء الذي هو هدف مستقبلي للكُرد و احتمالية تحققه كبير، لكن الأولوية هي في تقوية موقع الإقليم قانونياً ودستورياً، وثانياً العمل على إيصال تفاصيل القضية الكُردية إلى الرأي العام الدولي. مع الأخذ بالاعتبار بأن القوانين الدولية الحالية لا تستطيع انصاف الكُرد، ولهذا يجب مخاطبة الضمير العالمي لتأييد حق الشعب الكُردي في تقرير مصيره والتخلص من الاحتلال.
السؤال الثاني:
انطلاقا من التجربة النضالية الكُردية الغنية في العراق..
كيف تقيمون التجربة الكُردية في سورية بشكل عام.. وخلال مرحلة الثورة السورية القائمة، بشكل خاص؟
الجواب الثاني:
أن كُردستان سوريا وعلى مر تاريخ نضال الكُردايتي كان دائماً سنداً وعونا للأجزاء الأخرى وعلى وجه الخصوص كُردستان الجنوبية، التغيرات الدولية والإقليمية الأخيرة سمحت لكُرد روجآفا بالسيطرة على جزء كبير من كُردستان سوريا وغيرها من الأراضي السورية ولعبوا دوراً مهماً في دحر تنظيم داعش، وللحفاظ على الوضع الحالي يجب انهاء حالة الانقسام الموجودة بين الأطراف السياسية، وإن لم ترتق الأطراف لهذه المسؤولية سيتلقى كُرد سوريا ضربة قوية تعيده إلى وضع اسوأ من ظروف ما قبل 2011.
ومن التحديات الأخرى التي تواجه اخواننا في كُردستان سوريا هي الجغرافية التي نستطيع القول بانها مجزأة، والوضع الأمني النسبي حالياً، كما ومساحة الحكم والسلطة لن تستمر بهذا الشكل إلا بإيجاد توافق بين جميع الأطراف لبناء إدارة جديدة يشارك فيها الجميع على غرار إقليم كُردستان، في نفس الوقت على جميع الأطراف داخل وخارج الإدارة و ال ب ي د أن يكونوا واقعيين في مطالبهم، وعليه يجب إعطاء أهمية كبيرة للحوارات التي تتم حالياً بإشراف أمريكي و اهتمام فرنسي، للتوصل إلى صيغة اقليم قانوني يحمي الكرد و يفسح المجال لعودة اللاجئين.
من ناحية أخرى من المهم جداً أن تكون هناك علاقات قوية بين الإقليمين، في جنوب و غرب كُردستان و فتح الحدود و منح تسهيلات كبيرة للتنقل، لأننا لا نستطيع إزالة الحدود نهائياً، لكن من خلال التسهيلات من الممكن إقامة علاقات اجتماعية واقتصادية وأمنية قوية.. خاصة إن بوابة كُردستان سوريا على العالم هو إقليم كُردستان، حالياً من الضروري العمل والتركيز على الشباب والتربية فهم جيل المستقبل، يجب الاهتمام بالمدارس والجامعات وإنشاء مفهوم قومي كُردي، يعيد للكُردي شخصيته المستقلة ويعده لتولي القيادة والمسؤولية في المستقبل.
أنا لا أستبعد إنشاء اتحاد بين الإقليمين في المستقبل فهو حق قانوني ولا أحد يستطيع إعاقته، إلا الفكر الإيديولجي المختلف والذي يجب التغلب عليه من خلال تغليب المصلحة القومية الوطنية على المصالح الشخصية الحزبية الضيقة.
السؤال الثالث:
الإعلام كواحدة من أهم المفاصل في الممارسة السياسية، وشخصكم الكريم تسلمتم وتحملتم مسؤولية الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي الكُردستاني – العراق في مفصل هام وتركتم بصمتكم فيها.. بتصوركم ماهي أهم الصعوبات والعوامل الممهدة للنجاح في هذا المنحى؟
الجواب الثالث:
الإعلام الكُردي بشكل عام هو إعلام حزبي، وعملياً له شكلين، فإما أن يكون متصلاً مباشرة بمكاتب الحزب، أو على شكل مؤسسات “مستقلة” تابعة للأحزاب، وفي الحقيقة هي تكون لسان حال ممولها. أنا لدي تجربة عملية في هذا المجال ففي عام 1992 شاركت وعملت في بناء وإدارة الإعلام الكُردي، أنا لا أدعو إلى إنهاء الإعلام الحزبي أو إلغائه، لأن الذين يديرون إقليم كُردستان وغرب كُردستان اليوم، هم هذه الأحزاب لكن عليهم أن يطوروا رؤيتهم على الأقل فيما يخص إيصال الرسالة الإعلامية ونقل الأخبار والحقائق، والابتعاد نوعاً ما عن الرؤية الحزبية الضيقة والتوجه إلى التنوع والتعددية في هذا المجال.
لدينا في جنوب كُردستان وغرب كُردستان نسبة جيدة من الحرية، لكن في نفس الوقت فيهما حدود للحرية، وهناك خطوط لا يمكن تجاوزها على صعيد المؤسسة وحتى المجتمع، يجب أن نتجاوز هذه المرحلة الصعبة وعلى الأحزاب أن تكون منفتحة بشكل أكبر، وبحكم امتلاكهم للثروات والإرادات المختلفة.. عليهم إدارة المؤسسات الإعلامية بشكل وطني يخدم الجميع على اختلاف آرائهم وانتماءاتهم الحزبية.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف نستطيع أن نطور الإعلام الكُردي؟ برأيي متى ما اقتنعت النخبة السياسية التي تدار من قبل الأحزاب أن عليهم التخلي عن التشدق بالإيدولوجيا الحزبية إلى الفهم المعاصر والرؤية العالمية الواسعة، يمكن وقتها أن نتأمل خيراً لتطوير الإعلام وبناء إدارة جامعة قوية من الناحية الاقتصادية والتعليمية والصحية وجميع النواحي الأخرى ذات الصلة المباشرة بالمجتمع في كُردستان سوريا وإقليم كُردستان، وفعلياً ستكون خطوة باتجاه تطور الإعلام الكُردي إلى إعلام وطني وعالمي على عكس الإعلام الحالي والذي أصفه بأنه إعلام جامد ثابت بعيد عن التطور.
السؤال الرابع:
لوحظ في الآونة الأخيرة تفاهم بغداد وهولير حول عدة قضايا خلافية وأبرزها اتفاق شنكال.. برأيكم ماهي عوامل نجاح هذا الاتفاق؟ وعلى ماذا تعولون في ظل رفض ب ك ك والحشد الشعبي خروجهم من شنكال؟
الجواب الرابع:
على كل من إقليم كُردستان والحكومة الاتحادية وتجاوباً مع الضغط الدولي يجب أن يتقبلوا بعضهم البعض، مع العلم إن هذا الموضوع ليس بالسهل، فالنخبة السياسية التي تدير بغداد تتألف قيادتها من الميليشيات الطائفية المذهبية التي تلطخت أيديهم بدماء عراقية بريئة، خاصة بعد انتهاء الحرب على داعش واحتلال كركوك، لهذه الأسباب وأسباب أخرى، إن لم تضغط القوى الدولية وخاصة أمريكا، لن يكون هناك تفاهم واتفاق بين بغداد وأربيل. لا ننسى أن قسم كبير من الأحزاب وخاصة الشيعية منها لها علاقات مباشرة مع إيران، أو في أفضل الأحوال تحت تأثيرها، هذه الأحزاب تنفذ أجندات إيرانية في العراق، بالتالي تتبع سياسة إيران اتجاه إقليم كُردستان.
كان هناك اتفاق مهم وناحج بين حكومتي الإقليم وبغداد بما يخص تأمين قسم من ميزانية الإقليم، لكن كما ذكرت نفوذ تلك الأحزاب الشيعية التابعة لإيران اتضحت جلياً في جلسة البرلمان الأخيرة في 12/11 وصوت العرب ضد الكُرد لإلغاء الاتفاق، لكن الاتفاقيات الأخرى لاتزال سارية كاتفاقية الأمن ووجوب انسحاب المليشيات، والتي بدأت من شنكال وعُرفت باتفاقية شنكال حيث تقوم على أساس التنسيق والتعاون الأمني والعسكري وأمريكا أيدت الاتفاقية بشكل قوي. فالحكومتين بالتعاون والتنسيق ستسعى إلى إخراج حزب العمال الكُردستاني، وعلى هذا الحزب أن يتفهم أن عليه الخروج من إقليم كُردستان بشكل تدريجي، لأنه من غير المعقول في ظل وجود إقليم شرعي ذات سيادة، أن يكون قسم من أراضيه خارج سيطرته وتصبح حجة لعمليات عسكرية يومية.
طبعاً يجب ألا يكون الإقليم هو الوحيد في عملية إخراج ال ب ك ك من أراضي الإقليم، لأنه بهذا الشكل سيفهم أن الإقليم مدفوع لمحاربة ال ب ك ك لوحده وسيتحمل الإقليم لوحده تداعيات الحرب التي ستفسر بأنها حرب بين طرفين كرديين.
بالنهاية الهدف ليس الاقتتال بل هو إخراج ال ب ك ك، لتحقيق هذا الهدف يجب الضغط بأقصى حد على التنظيم للانسحاب، وهذا الضغط لا يمكن للإقليم وحده خلقه، بل يجب أن يكون لأمريكا وأوروبا والحكومة العراقية دور رئيس في تشكيل الضغط وإجبار العمال الكُردستاني على الانسحاب، وذلك من خلال تجفيف منابع تمويل الحزب داخل الإقليم والعراق وخارجه وبالضغوط السياسية والمفاوضات.
أرى وبحسب خبرتي أن تشكيل ضغط من هذا النوع سيجبر ال ب ك ك على الانسحاب من دون اقتتال، فأهمية اتفاقية شنكال تتلخص بهذه النقاط التي ذكرتها بالإضافة إلى أن قيادات الإقليم لا ترغب في الإسراع بأية عملية عسكرية لإخراج العمال الكُردستاني، بل ستفتح المجال للمفاوضات بالدرجة الأولى.
الحوار منشور في جريدة يكيتي العدد “280”