آراء

حين يبرر الخطأ: الشيخ مرشد وحكاية التوازن الزائف

ماهر حسن

محاولة الشيخ مرشد لتزييف الحقائق ليست سوى جزء من لعبة خطابية تهدف إلى حرف الأنظار عن الجهة الحقيقية التي ترتكب التجاوزات والانتهاكات. في سعيه البائس للتلاعب بالمفاهيم، يظن أن بإمكانه إقناعنا بأن السماء والأرض في نفس المستوى، بينما الواقع أبسط من أن يُخفى خلف هذه الأوهام.

أحد أبرز المغالطات التي يروج لها الشيخ مرشد هي مساواته بين طرفين لا يمكن وضعهما في كفة ميزان واحدة. فمن جهة، يتحدث عن تدخل هولير في كوردستان سوريا، ومن جهة أخرى، يشير إلى تدخل قنديل، ليزعم أن كلا الطرفين مذنبان ومخطيئان بالتساوي. هذا الطرح لا يمكن أن يقنع أي شخص يمتلك الحد الأدنى من الوعي والاطلاع على حقيقة الأوضاع.

لتوضيح الأمور، علينا أن نفهم طبيعة التدخلات التي يتحدث عنها الشيخ مرشد:

هولير:
لم يسبق أن قامت حكومة إقليم كوردستان بقيادة أربيل بأي تدخل عدائي أو غير قانوني في كوردستان سوريا. لم يُسجل أن هولير اعتقلت أي شخص في كوردستان سوريا، ولم يتم توثيق أي انتهاك للقوانين الدولية أو المحلية من قبل هولير تجاه الكورد السوريين. بل على العكس، كانت أربيل دائمًا ملاذًا للكورد السوريين الفارين من بطش القوى القمعية، وقدمت الدعم الإنساني والسياسي لهم.

قنديل:
من المعروف للجميع أن قنديل ممثلة بحزب العمال الكردستاني (PKK)، لعب دورًا سلبيًا في كوردستان سوريا. لقد سيطرت قيادات قنديل على المشهد السياسي والأمني في المنطقة، ومارست الاعتقالات العشوائية، والقمع، بل وحتى التصفيات بحق معارضيها. الوثائق والشهادات التي تؤكد ذلك كثيرة، ويكفي أن ننظر إلى أوضاع المعتقلين السياسيين داخل كوردستان سوريا لنعرف حجم الظلم الذي مارسه هذا الطرف.

الفرق الجوهري بين الطرفين: هولير لم تعتقل أحدًا، ولم تقمع الحريات، ولم تتدخل إلا في إطار تقديم الدعم الإنساني والسياسي، بينما قنديل ارتكب كل أشكال الانتهاكات التي تخطر على البال.

السيد مرشد يتهم أربيل بأنها تتدخل في كوردستان سوريا كما يتدخل قنديل. لكن عندما ننظر إلى الواقع، نجد أن هذه الادعاءات مجرد افتراءات لا أساس لها من الصحة. فكيف يمكن مقارنة طرف لم يرتكب أي انتهاك بطرف امتهن القمع والإقصاء؟
الدليل الأول: أربيل لا تملك سجون في كوردستان سوريا.

إذا كان الشيخ مرشد يزعم أن أربيل تتدخل، فليقدم دليلًا واحدًا على وجود سجناء أو معتقلين بمعتقلات أربيل في كوردستان سوريا . الحقيقة هي أن أربيل حتى ضمن حدودها لم تعتقل أي شخص، ولم تمارس أي نوع من القمع أو الترهيب في المنطقة.

الدليل الثاني: دعم أربيل للكورد السوريين
بدلًا من التدخل السلبي، قدمت أربيل الدعم للكورد السوريين في أصعب مراحلهم، خاصة خلال سنوات الحرب والنزوح الجماعي. كانت هولير محطة أمان للكثير من العائلات الكوردية السورية التي هربت من بطش القوى الظالمة.

تاريخ قنديل في كوردستان سوريا: سجل من الانتهاكات من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل سجل قنديل في كوردستان سوريا. فالأدلة على التدخلات السلبية لحزب العمال الكردستاني وقياداته في كوردستان سوريا أكثر من أن تُحصى:

قنديل مارس الاعتقالات ضد أي صوت معارض، سواء كانوا سياسيين، نشطاء، أو حتى مواطنين عاديين. لا تزال هناك مئات العائلات تبحث عن أبنائها الذين اختفوا في سجون قنديل.

قنديل سعى لفرض أيديولوجيته الخاصة على الشعب الكوردي في سوريا، دون اعتبار لتنوع الآراء أو احترام إرادة الشعب.
وثقت منظمات حقوق الإنسان عدة حالات تصفية جسدية وسياسية بحق معارضين لحزب العمال الكردستاني في كوردستان سوريا.

الشيخ مرشد وغيره من الشخصيات التي تعتمد على التشويش والتضليل ليسوا سوى أدوات تهدف إلى خلط الأوراق. هؤلاء لا يسعون للوصول إلى الحقيقة أو الدفاع عن الحق، بل يعملون على تشويه الوقائع لتحقيق أجنداتهم الخاصة.
محاولة التوازن الزائف, يستخدم شيخ مرشد أسلوب “التوازن الزائف”، وهو محاولة تصوير جميع الأطراف على أنها مذنبة بالتساوي، رغم أن الحقائق تثبت أن هناك ظالمًا ومظلومًا.

الاستناد إلى المغالطات المنطقية, بدلًا من تقديم أدلة ملموسة، يعتمد الشيخ مرشد على مغالطات منطقية مثل التعميم وإطلاق الاتهامات دون سند.

عندما ننظر إلى تصريحات الشيخ مرشد، نجد أنها مليئة بالمزاعم الكبيرة ولكنها خالية تمامًا من أي دليل يمكن التحقق منه. هذا الأسلوب شائع في الخطاب الدعائي الذي يهدف إلى تشويه الصورة، دون أن يتحمل قائله مسؤولية ما يقول.

أين الأدلة يا شيخ مرشد؟
ادعاءات التدخل من هولير، الشيخ مرشد يزعم أن هولير تتدخل في شؤون كوردستان سوريا. ولكن أين هي الأدلة؟

هل توجد وثائق تثبت هذا التدخل؟هل هناك حالات اعتقال أو قمع سياسي نفذتها أربيل ضد شخصيات من كوردستان سوريا؟
هل قامت هولير بفرض أيديولوجيتها بالقوة على الشعب الكوردي في سوريا؟

الجواب ببساطة: لا توجد أي أدلة على هذه الادعاءات. لم يسجل التاريخ أي انتهاك من قبل أربيل ضد كوردستان سوريا. بل على العكس، كانت أربيل دائمًا مصدر دعم وسند، سواء على الصعيد الإنساني أو السياسي.

مقارنة قنديل وهولير دون دليل, عندما يقارن الشيخ مرشد بين قنديل وهولير، فإنه يعتمد على خطاب مبني على الأوهام. الفرق واضح وجليّ بين الطرفين:قنديل: لديه تاريخ موثق من الانتهاكات، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، القمع، وتصفيات المعارضين.

هولير: لم يُسجل ضدها أي حالة مشابهة.

الشيخ مرشد يعتمد على التكهنات والتلميحات بدلًا من تقديم الأدلة الملموسة. عندما يُطلب منه إثبات ادعاءاته، فإنه لن يلجأ الا إلى الغموض والتعميم. على سبيل المثال نجده يقول دائماً:“الجميع يعرف”: يستخدم هذه العبارة لإعطاء إيحاء بأن هناك حقائق معروفة، بينما لا يقدم أي مصدر موثوق.

“هناك تدخلات”: يطلق هذه العبارة دون تحديد ماهية هذه التدخلات أو من قام بها.

محاولة خلق توازن زائف لتلاعب بالمفاهيم, من أكثر الأساليب التي يعتمد عليها شيخ مرشد هو خلق “توازن زائف” بين الظالم والمظلوم، وهو أسلوب دعائي خطير يستخدم لتضليل.

يحاول تقديم أطراف النزاع على أنهم متساوون في الخطأ، بغض النظر عن الحقائق الواضحة التي تثبت عكس ذلك. في حالة شيخ مرشد: يحاول المساواة بين قنديل وهولير. يدّعي أن كليهما يتدخل في شؤون كوردستان سوريا. يطرح صورة مشوهة وكأن الشعب الكوردي ضحية لتدخل متساوٍ من الطرفين.

تفنيد هذه المحاولة:

اولاً قنديل يستخدم القوة والهيمنة لفرض أجنداته السياسية، ويعتمد على القمع والاعتقالات ضد كل من يعارضه. أما هولير تقدم الدعم السياسي والإنساني للشعب الكوردي في سوريا دون أي تدخل في إرادتهم السياسية أو فرض أجندات خاصة.

ثانياً: النتائج على الأرض في كوردستان سوريا، سجّلت قنديل انتهاكات موثقة ضد نشطاء سياسيين وصحفيين ومدنيين.لم تسجل أي انتهاكات أو قمع أو اعتقالات من قبل هولير.

ثالثاً: الموقف الشعبي الشعب الكوردي السوري ينظر إلى أربيل كحليف ومصدر دعم.بينما يواجه قنديل رفضًا شعبيًا واسعًا بسبب سياساته القمعية حتى مع القوى السياسية في سوريا وفي الدول الاقليمية.

لإزالة أي لبس يسببه خطاب الشيخ مرشد، يجب تسليط الضوء على الفوارق الجوهرية بين الطرفين:

هولير (أربيل): دعم لا قمع الموقف السياسي: أربيل كانت دائمًا داعمة لاستقلالية القرار الكوردي السوري، دون أي تدخل قسري.

الدعم الإنساني: قدمت أربيل المأوى والدعم للآلاف من النازحين الكورد السوريين خلال الأزمات.غياب الانتهاكات, لا توجد أي تقارير أو أدلة تشير إلى أن أربيل مارست القمع أو الاعتقالات أو التصفيات بحق الكورد السوريين.

قنديل: قمع وهيمنة الاعتقالات: مئات الحالات الموثقة من اعتقال النشطاء والصحفيين في كوردستان سوريا. فرض الأيديولوجيا: سعى قنديل إلى فرض أيديولوجيته بالقوة، متجاهلًا إرادة الشعب. التصفيات, قنديل لجأ إلى تصفية المعارضين، سواء سياسيًا أو جسديًا.

الضمان الكرتوني:

ليس من الغريب أن تخرج علينا لتبني خطابًا مليئًا بالتناقضات والاتهامات الجوفاء، ولكن الغريب والمخجل حقًا هو أن يطلق شخص بمكانتك هذا الاتهامات دون أن يتوقف لحظة لمراجعة ما يقوله، وكأنه يعيش في عالم منفصل عن الواقع.

أليس من المعيب الحديث عن الضمانات والسجناء لا يزالون في زنازين قنديل؟

تتحدث عن “الضمانات”، وكأنك تمثل جهة محايدة ضامنة يمكن الوثوق بها. ولكن أليس من المعيب حقًا أن تخرج مثل هذه التصريحات في الوقت الذي لا يزال فيه العشرات من الكورد السوريين، بل ربما المئات، يقبعون في زنازين قنديل دون أي تهمة واضحة؟

من هم السجناء؟ هؤلاء السجناء هم كورد سوريون، أبناء هذا الشعب، الذين كان “ذنبهم الوحيد” أنهم اختلفوا سياسيًا أو فكريًا مع قنديل.

لم يحصل هؤلاء المعتقلون على أي محاكمة عادلة، وغالبًا ما يُحتجزون في ظروف غير إنسانية.

كيف يمكن تقديم الضمانات في ظل وجود هؤلاء السجناء؟

إذا كنت تدعي أنك جهة ضامنة أو يمكن الوثوق بها في أي اتفاق سياسي أو أمني في كوردستان سوريا، فليكن أولًا بإطلاق سراح هؤلاء السجناء.

وثائق هولير 1 و 2: أين الالتزام؟ وثائق هولير 1 و 2 كانت تهدف إلى تحقيق وحدة الصف الكوردي، ولكن السؤال هنا:

هل التزمت قنديل أو قياداتها بهذه الوثائق؟هل بادرت بإطلاق سراح السجناء السياسيين؟ هل طردت مقاتلي حزب العمال الكردستاني غير السوريين من كوردستان سوريا؟

الجواب واضح للجميع: لم يتم الالتزام بأي من هذه البنود، وهذا يكشف أن الحديث عن الضمانات هو مجرد دعاية فارغة تهدف إلى كسب الوقت وتشويه الأطراف الأخرى.

اجتماع مع عبدي :

يدّعي الشيخ مرشد أن المجلس الوطني الكوردي لم يرد على مظلوم عبدي، لكن السؤال الحقيقي هو: لماذا لم يلتزم “حضرة الجنرال” بمطالب المجلس الوطني الكوردي التي هي أساس أي حوار أو اتفاق؟

مطالب المجلس واضحة ومشروعة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. طرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني غير السوريين.

وقف التدخل في الحياة السياسية من قبل قنديل.

هل استجاب مظلوم عبدي لهذه المطالب؟

إذا كان مظلوم عبدي جادًا في تحقيق وحدة الصف الكوردي، فلماذا لم يبدأ بتطبيق هذه المطالب البسيطة؟ كيف يمكن الوثوق بأي دعوة للحوار بينما المعتقلات ممتلئة بالكورد السوريين الذين يعارضون قنديل؟

الالتزام

وثائق هولير لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة حوارات مكثفة هدفها إنهاء الانقسام بين الأطراف الكوردية. لكن:
قنديل وقواتها تجاهلت تمامًا هذه الوثائق.استمرار وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني غير السوريين دليل على عدم جدية مظلوم عبدي وقنديل في تحقيق أي توافق كوردي.

إذا أمعنا النظر في تصريحات الشيخ مرشد، نجدها مليئة بالتناقضات التي تكشف زيف منطقه: الدعوة إلى الحوار مع عدم الالتزام بالمطالب.

كيف يمكن الدعوة للحوار بينما تستمر الاعتقالات؟

كيف يمكن الحديث عن وحدة الصف بينما قنديل تفرض أيديولوجيتها بالقوة؟

الحديث عن الضمانات مع استمرار الانتهاكات الترويج لدور مظلوم عبدي رغم فشله في تحقيق أي تقدم إذا كان مظلوم عبدي جادًا في الحوار، فلماذا لم يتخذ خطوات ملموسة لبناء الثقة؟لماذا يستمر في تجاهل مطالب المجلس الوطني الكوردي؟

من هو الخائن حقًا؟

هل الخيانة هي رفض الاعتقال والقمع؟

المجلس الوطني يطالب بإطلاق سراح المعتقلين الكورد من سجون قنديل، ويدعو إلى وقف التدخل العسكري والسياسي من قِبل أطراف خارجية في كوردستان سوريا.

هل الدفاع عن حرية الكورد يُعتبر خيانة؟ أم أن الخيانة هي التستر على الجهات التي تسجن وتعتقل أبناء الشعب الكوردي دون محاكمات؟

هل الخيانة هي رفض عسكرة كوردستان سوريا؟ المجلس الوطني يرفض تحويل كوردستان سوريا إلى ساحة للصراعات الإقليمية أو مركزًا لمقاتلي حزب العمال الكردستاني غير السوريين.

إذا كان رفض التبعية لقوى أجنبية يُعتبر خيانة، فما هو تعريف الوطنية إذًا؟

هل الخيانة هي التمسك بالحوار؟ المجلس الوطني لطالما دعا إلى الحوار الكوردي – الكوردي لتحقيق وحدة الصف.
في المقابل، الطرف الآخر (الذي يدافع عنه الشيخ مرشد) يتهرب من تنفيذ أي اتفاقيات، مثل وثائق هولير 1 و2

من هو الخائن هنا: من يتهرب من الحوار أم من يدعو إليه؟

لماذا تحرض يا شيخ مرشد ضد المجلس؟تحاول توجيه الأنظار بعيدًا عن الانتهاكات التي يرتكبها الطرف الذي تدعمه، مثل الاعتقالات القسرية وقمع الحريات.

يتهم المجلس بالخيانة لأنه يمثل عقبة أمام مخططات قنديل في ابعاد حروبها عن كوردستان سوريا.

مثل هذا التحريض هدفه تشويه صورة المجلس أمام الشعب الكوردي، لكن الحقائق دائمًا أقوى من الأكاذيب.

في خاتمة لا تنطلي الأكاذيب على أحد اتهاماتك يا شيخ مرشد ضد المجلس الوطني الكوردي ليست سوى محاولة بائسة لتشويه الحقائق. لذا، قبل أن تتهم الآخرين بالخيانة، راجع مواقفك وتوقف عن الترويج للفتنة، لأن الشعب الكوردي أذكى من أن ينخدع بخطابك التحريضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى