خطاب الأنا، حين تتحول الذات إلى عائق
ماهر حسن
في منشوره الأخير” تجار شنطة الحزبية” حاول السيد صلاح بدرالدين تصوير الآخرين كأنهم مجرّد باعة ولاءات سياسية في سوق مفتوح للمزايدات. هذا الوصف لم يأتِ كتحليل سياسي متزن، بل كجزء من محاولة استعلاء خطابي يتعمد الاستخفاف بالآخرين، محاولًا أن يختزلهم في أدوار هامشية وكأنه الوحيد الذي يملك الفهم والإدراك المطلق.
لكن مهلاً يا سيد صلاح، ألم تحمل يومًا “حقيبة سياسية” في مسيرتك؟ ما الفرق إذًا بين “حقيبة” وأخرى؟ أليس من المُعيب أن تنتقل من حمل تلك الحقيبة إلى دور “الواعظ السياسي” الذي يتخيل أن الجميع قد نسي، أو أن الكل يعيش في ظلامٍ لا يعرف فيه شيئًا عن أدوارك السابقة؟
يبدو أنك تعيش في دوّامة محورها ذاتك، دوّامة مغلقة تتغذى على تضخم الأنا وتخدعك بأنك مركز الكون. لا تُقدّم حين تتحدث سوى انعكاس مشوّه لنفسك، عالقًا في فقاعة الغرور، تُحاول من خلالها فرض رؤيتك دون أي اعتراف أو قبول بأن السياسة – في جوهرها – تحتاج إلى تفاعل وتعاون، لا إلى فردية واحتكار.
هذا الانغلاق الفكري يبرز كأنك تمارس دور “إله سياسي”، يُملي على الآخرين كيف يجب أن تكون السياسة، متناسيًا أن الحلول السياسية لا تُصنع عبر الأحادية أو الفرض، بل عبر المشاركة البنّاءة. ولكن في عالمك المُتصوّر، لا مكان إلا لك. تُصرّ على أن القضية الكردية لا يمكن أن تُحل إلا من خلال رؤيتك الخاصة، وكأنك تملك الحقيقة المطلقة.
إن هذا التفكير النرجسي لا يكتفي بإغلاق الأبواب أمام الحوار والنقاش، بل يشوه الواقع ذاته. السياسة ليست مسرحًا تُكتب فيه النصوص ليكون الجميع ممثلين ثانويين على خشبة ترسمها أنت وتُوجّه مشاهدها كما تشاء. ومع ذلك، من الواضح أنك تعتبر كل فكرة تختلف عن أفكارك محاولة لتشويش “صورة الكمال” التي رسمتها عن نفسك.
الأدهى من ذلك أن هذه الرؤية الأحادية تقتل أي مجال للإبداع أو التعاون. ترى الآخرين كأنهم “ملحقات” أو إضافات عديمة القيمة تُستخدم فقط لتجميل مشهدك الخاص، دون أي اعتبار لمساهماتهم أو اختلافاتهم. في سيناريو رؤيتك، لا وجود للحوار أو التصحيح، لأنك ببساطة لا تعتقد بوجود ضرورة لذلك. أنت من يتحكم بالخيوط، وأنت من يقرر المسار، والآخرون يجب أن يصفقوا بعيون مغلقة، وإلا أصبحوا أشرارًا في نظرك.
ما تفعله، يا سيد بدرالدين، لا يعكس سوى قصور في فهم السياسة كعملية جماعية، وبُعد عن إدراك أن النجاح الحقيقي لا يتأتى من فرض الأفكار بل من تقبّل الاختلاف والعمل المشترك. تذكّر أن الغرور المتضخم لا يبني سوى جدران تعزل الإنسان عن العالم الواقعي، وأن المبالغة في رسم صورة “البطل الوحيد” لا تؤدي إلا إلى سقوطه أمام مرآة الحقيقة.
السياسة ليست لعبة فردية، ولا منصّة استعراض، بل هي مساحة للتفاعل والتكامل، لبناء الجسور لا لهدمها، ولمد اليد لا لقطعها. فمتى ستتوقف عن الدوران حول نفسك لتدرك ذلك؟
فيما يلي من كلام السيد صلاح بدرالدين على موقع welatê me:
تجار – الشنطة الحزبية
صلاح بدرالدين
الشغل الشاغل لمتنفذي الأحزاب المنتهية الصلاحية لدى الطرفين المفروضين على الكرد السوريين بفعل العوامل الخارجية ، ( جماعات ب ك ك و المجلس الوطني الكردي ) هو من يصل دمشق قبل الاخر ، ليس من اجل خدمة مصالح الكرد ، بل في سبيل محاولة تثبيت فرضية ( انا في دمشق لذلك انا موجود كما كنت منذ اثني عشر عاما ممثلا وحيدا للكرد ) اما الاجماع الوطني الكردي ، اما ضرورات التوافق ، اما دور الوطنيين المستقلين ، والفئات المثقفة ، ومنظمات المجتمع المدني بالخارج والداخل وهم الغالبية ، اما العلاقة الجدلية بين الحالة الخاصة الكردية والوضع السوري العام ، اما مسالة الحقوق المشروعة والمصير ، فمفردات لاوجود لها في قاموس المتنفذين المنتفعين ، اعتمد الطرفان في العقد الماضي على ( الشفيع والوسيط ) لادارة صراعات المحاور الحزبية ، والان ومن حسن الطالع انتفى او ضعف ذلك العامل الذي كان وبالا على قضية شعبنا ، طرق دمشق المدينة – حتى تاريخه – مفتوحة امام كل المواطنين السوريين بمن فيهم الموالون حتى قبل أيام ، اما طريق دمشق الحرية ، والعهد الجديد فغير سالكة كمايبدو امام تجار ( الشنطة الحزبية ) ،
نصيحة – للمستعجلين – مازالت امامنا مراحل ونحن بأول الطريق ، واهمها مرحلة المساءلة القضائية العادلة : من كان منكم مع النظام – سرا وعلانية – أحزابا ، وجماعات ، وافرادا ؟ والنتائج ستفرز الصالح من الطالح ، وستحدد ملامح التمثيل الكردي الشرعي الأصيل .