خمس شبكات إعلامية تعزز الأجندة الأميركية الخارجية
Yekiti Media
لا تسيطر الحكومة الأميركية على وسائل الإعلام داخل أراضي الولايات المتحدة لكنها توجه ما يتم بثه من أخبار إلى العالم الخارجي وإلى دول وشعوب العالم، وبصفة خاصة التي لا توجد فيها صحافة حرة. وتعهد الحكومة الأميركية بهذه المهمة إلى وكالة أو مجلس يوافق على تشكيل إدارته مجلس الشيوخ الأميركي ويوفر له الدعم المالي لدعم ونشر قيم الحرية والديمقراطية في العالم.
على الرغم من استقلال هذا المجلس بشكل قانوني عن التأثير السياسي في داخل الولايات المتحدة، فإن الكونغرس وإدارة الرئيس دونالد ترمب درسوا الطرق التي تجعل مهمة المجلس أكثر استجابة لسياسات الولايات المتحدة.
وتحت شعار دعم الصحافة الحرة ونشر قيم الحرية والديمقراطية، يعمل مجلس حكام البث الإذاعي للولايات المتحدة الذي أنشئ عام 1994 ويضم تحت مظلته 5 شبكات تلفزيونية مهمة. هي صوت أميركا «VOA»، وراديو أوروبا الحرة «راديو الحرية»، وراديو آسيا الحرة، وراديو وتلفزيون مارتي «كوبا»، ومجموعة شبكة الشرق الأوسط للإرسال «MBN».
وتبث هذه الشبكات في 100 دولة بـ59 لغة لتصل إلى جمهور يبلغ 278 مليون شخص.
وقد زاد وتوسع البث الخارجي لهذه الشبكات، وبصفة خاصة لمنطقة «الشرق الأوسط».
وبعد 19 عاما من إنشاء «مجلس حكام البث الإذاعي للولايات المتحدة» United States Broadcasting Board of Governors (وهي الوكالة الحكومية الأميركية التي تبث أخبار ودعاية الولايات المتحدة حول العالم)، أعلن جون لانسينغ الرئيس التنفيذي، تغيير اسم المجلس إلى الاسم الجديد، وهو الوكالة الأميركية لوسائل الإعلام العالمية U.S. Agency for Global Media لترتدي ثوبا جديدا يخدم ويساعد الدعاية الأميركية والشبكة التي تملكها من محطات إخبارية تلفزيونية وإذاعة ومواقع إلكترونية تديرها الحكومة الأميركية لبث الأخبار إلى الدول الأجنبية. وتبلغ ميزانية وكالة «غلوبال ميديا» 807 ملايين دولار، ويعمل بها نحو 3785 موظفا.
وفي حفل كبير بمقر نادي الصحافة الأميركي بوسط واشنطن أوضح الرئيس التنفيذي للوكالة جون لانسينغ أن الاسم الجديد يعكس مستويات من التحديث والمضي للأمام في توصيل الأخبار إلى جميع الشعوب حول العالم ودعم الحرية والديمقراطية.
وأشار إلى أن الوكالة تعمل إلى ما هو أبعد من وسائل البث التقليدية للتلفزيون والراديو؛ لتشمل منصات رقمية وخدمات هواتف جوالة، وأن مصطلح البث الإذاعي لم يعد يصف بدقة ما تقوم به الوكالة، وقال: «نعلن انطلاق اسم جديد بالمهمة نفسه، وهي الإعلام والانخراط والتواصل».
ويقول المسؤولون إن تغيير الاسم جاء نتيجة بحث شامل ومشاورات مكثفة مع كثير من الجهات المعنية الداخلية والخارجية والقيادات على جميع المستويات في الشبكات الخمس.
وقالت هيثر نويرت، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، خلال مشاركتها في الحفل: «لقد رأيت خلال عملي في الإعلام مذيعة تلفزيونية وعملي من خلال وزارة الخارجية والدبلوماسية العامة كيف يمكن للإعلام أن يعزز الشفافية والديمقراطية».
ووصف وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو الإعلام بأنه أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق الديمقراطية. وأشادت نويرت بعمل «غلوبال ميديا» والتفكير في إنشاء شبكة تلفزيونية موجهة إلى روسيا، تتحدث عما يعانيه الصحافيون من مضايقات في روسيا، وأيضا في كمبوديا.
وشددت على أهمية الإعلام الأميركي الخارجي في التواصل مع شعوب العالم وخدمة أولويات الولايات المتحدة.
وفيما أشار السفير المتقاعد ريان كروكر عضو مجلس إدارة وكالة «غلوبال ميديا» إلى حملات القمع غير المسبوقة ضد وسائل الإعلام والصحافيين في جميع أنحاء العالم ورحب بالتغييرات الجديدة، وأن المسألة لا تتعلق فقط بتغيير الاسم وإنما باهتمام أكبر بالوصول إلى شعوب تعاني من الحكم السلطوي والسيطرة الديكتاتورية، فقد أعلن جون لانسينغ إطلاق قناة تلفزيونية جديدة وخدمة أخبار على موقع الإنترنت باللغة الفارسية للوصول إلى الإيرانيين وحثهم على الإبلاغ عن وقائع الفساد وعدم المساواة، وقال إن القناة الجديدة تقدم خدمة إخبارية على مدار 24 ساعة تحت اسم «VOA365» من الشبكة الأم «صوت أميركا» وراديو ليبرتي، ومهمة هذه القناة مساعدة الإيرانيين الذين يحتجون على المصاعب الاقتصادية والحكم الديني الصارم لحكومة طهران.
ويعاني الإيرانيون من سيطرة الحكومة على الإعلام ومنع بعض البرامج وإغلاق بعض الموجات الإذاعية والتلفزيونية وإغلاق المواقع الإلكترونية، لكن مع تزايد إقبال الإيرانيين على استخدام الهاتف الجوال وزيادة سرعات الإنترنت تزايد الاهتمام باستهلاك المواد السمعية والبصرية عبر «فيسبوك» و«تلغرام»، وتمكنت «غلوبال ميديا» رغم هذه القيود من توفير خدمات تدفق المعلومات والأفكار وتقديم منصات للنقاش وتبادل الأفكار التي لا يمكن تقديمها عبر وسائل الإعلام المحلية ومساندة حق الإيرانيين في الانفتاح والحرية.
ومن خلال «راديو آسيا الحرة» وشبكة «صوت أميركا»، أطلقت الوكالة الأميركية «غلوبال ميديا» خدمة جديدة للوصول إلى شعب كوريا الشمالية لتوفير معلومات دقيقة حول السياسات الأميركية تجاه شبه القارة الكورية بشكل عام، وتجاه كوريا الشمالية بشكل خاص، بهدف تعزيز العلاقة بين واشنطن وبيونغ يانغ وتقديم تحليلات حول الأحداث على مدى 42 ساعة أسبوعيا، إضافة إلى خدمة إذاعية لدحض الدعاية المضادة التي تقوم بها حكومة كوريا الشمالية وخلال قمة سنغافورة التي جمعت بين الرئيس ترمب والزعيم الكوري كيم يانغ أون في يونيو الماضي، وكثفت الشبكة خدماتها على مدار 24 ساعة يوميا من البث الإذاعي والتلفزيوني.
يقول المحللون إن إدارة الرئيس ترمب قد تهاجم الصحافة الأميركية المحلية، لكنها تدرك تمام الإدراك أهمية الإعلام في ترويج أجندتها الخارجية وشرح سياساتها، والتشكيل الجديد لوكالة «غلوبال ميديا»، وخطط التحديث والوصول إلى أماكن جديدة تدلل على هذا الإدراك حتى إن بعض أعضاء الكونغرس وصفوا وكالة «غلوبال ميديا» بأنها المنظمة الأكثر قيمة في الحكومة الفيدرالية.