دروس من هجمات داعش على كردستان في 30/1/2015
عبدالغني علي يحيى
في هجومه على المدن والمناطق الكردستانية الواقعة خارج ادارة حكومة اقليم كردستان في يوم الجمعة 30/1/2015 و في أكثر من محور، استغل داعش ثلاثة عناصر وهي: الاجواء الضبابية الباردة وعطلة الجمعة فضلاً عن التواجد الكثيف للمهاجرين العرب في مدينة كركوك وهو ما عبر عنه مسؤول أمني كردي رفيع المستوى. ولكن هنالك اكثر من عنصر ساعد داعش في هجومه الواسع ومن أهمه تمكن مسلحيه من أختراق الحلقات الأمنية حول فندق قصر كركوك في وسط المدينة وادخاله لكميات ضخمة من المتفجرات والقنابل إلى داخل الفندق ذاك وبكل سهولة، الأمر الذي يلقي بظلال من الشك على جدية القوات الامنية الكردية في حماية كركوك من داعش وافتقارها الى الحزم والانضباط والاستعداد والتأهب. وهذا ليس الحادث الوحيد من نوعه الدال على تراخي قبضة القوات الأمنية الكردية ولا أباليتها. ثم لماذا يستغل داعش شروط حرب العصابات ومنها الأجواء المناخية التي كانت قوات البيشمركة الكردية تستغلها ضد القوات الحكومية العراقية بين عامي 1961 و1991، فهل انتقلت الروح الثورية والاستعداد للفداء من الثوار الكرد القدامى الى تنظيم داعش الأرهابي فانتقال اساليب الجيوش النظامية الخالية من الفداء والثورية إلى صفوف البيشمركة؟
في صباح 30/1/2015 كان زمام المبادرة كما بدا في يد داعش الذي هاجم البشمركة والمدن والقرى الكردستانية في محاور كسك وشندوخا في غرب نهر دجلة بمحافظة نينوى وفي محور الخازر شرق مدينة الموصل وكذلك في محور مخمور جنوب محافظة اربيل، دع جانباً هجماته على أكثر من محور في كركوك، وهكذا فأن الأدعاء بضعف وهزال داعش يسقط أمام هجماته شبه اليومية على البيشمركة والمناطق الكردية، ناهيكم من أن الكر والفر الذي ينسحب على طرفي الاقتتال: البيشمركة وداعش على الأحتفاظ أو المسك بالأرض، فكم من مرة سمعنا عن استعادة البيشمركة ولاكثر من مرة مناطق من داعش، ما يفيد ان النصر على داعش يظل قلقاً غير موثوق به.
وعلى النقيض من تقليل الاعلام الكردي للخسائر في صفوف البشمركة وتضخيمها في الوقت نفسه لدى داعش، فأن الأعلام هذا ومعه بيانات واجراءات اللجان الأمنية الكردية وضع نفسه في أكثر من تناقض، احدى الفضائيات الكردية قالت ان جميع الداعشيين الذين دخلوا فندق قصر كركوك قتلوا ولم يخرجوا سالمين منه في حين قالت فضائية كردية اخرى ان أثنين فقط من مسلحي داعش قتلا في ذلك الفندق، وقول هذا الاعلام ان ستة من البيشمركة قتلوا فان فضائية روداو الكردية اشارت الى مقتل (27)من افراد البيشمركة وجرح (173)منهم. علاوة على ما ذكرنا فأن حجم الاجراءات التي اتخذتها حكومة كردستان يدل على ان هجوم داعش كان مؤثراً جداً على كركوك، أنظر إلى إعلان فرض نظام منع التجول في كركوك أعتباراً من الساعة (10) من صباح 30/1/2015 وإلى إشعار آخر، وانظر ايضاً الى فتح ابواب مستشفيات اربيل لجرحى كركوك، الا يعني هذا الاجراء على أن حجم الضحايا في القوات الأمنية الكردية كان كبيراً؟ هنا قد يكون الاعلام الكردي على خطأ ويا لكثرة أخطائه، ولكن على حكومة كردستان ان يغير من برنامجه العسكري والأعلامي سيما بعد الأحداث التي وقعت في ذلك الصباح، كأن تشكل قوات أو مجاميع مسلحة لخوض حرب العصابات ضد داعش وعدم الاكتفاء بالمعارك التي تشنها أو تخوضها قوات البيشمركة النظامية أو الأنشغال بالدفاع فقط، فوضع خطط للمسك بالأرض وتجاوز مبدأ الكر والفر الذي يتكرر بأستمرار وينال من ثقة الشعب بجيشه، البيشمركة. مع ايلاء أهتمام كبير بأيام العطل والأعياد التي دأب داعش على أستغلالها، فأتباع سياسة حازمة ومرنة بخصوص التعامل مع النازحين العرب إلى كركوك وبقية المدن الكردستانية خشية من أن يتحولوا الى قاعدة اجتماعية لداعش ومصدر مخابراتي ومعلوماتي له.
Al_botani2008@yahoo.com