دلالات الضربة الأمريكية لنظام الأسد وتداعياتها
قهرمان مرعان آغا
إنَّ بحث الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحلفائهم , عن تغطية شرعية لمواجهة الغطرسة الروسية في سوريا وإجرام نظام الأسد الكيماوي ومن خلفه إيران ( الجمهورية الإسلامية ) سواء ما يتعلق بوجود قواتهم على الأرض أو استخدام الـ ( فيتو), لا يعني انتفاء الخيارات الأخرى بمعزل عن قرارات مجلس الأمن الدولي , لهذا جاءت الهجمات الصاروخية والقصف الجوي ليلة 14/4/2018 على أهداف شملت مناطق نفوذ محور الإجرام بما فيه حزام العاصمة دمشق .
لا شك إن أولى الدلالات تتلخص بأن الفيتو الروسي الذي يحول دون قيام المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن القيام بالتزاماته في مواجهة إجرام وإرهاب الدولة وتحالف الشر, لم يعد له أهمية , وأن موضوع حظر استخدام السلاح الكيماوي , لم يعد التحقق منه مقصوراً على (منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ) وعملها الرتيب , نتيجة تكرار استخدامه من قبل النظام في سوريا خلال حربه ضد شعبه , حيث نكست روسيا بتعهداتها , بالتخلص منه قبل منتصف عام 2014 وفق قرار مجلس الأمن الدولي بإدانة استخدامه وتدمير مخزونه وفق القرار(2118/ تاريخ 28/9/2013 ) , لهذا أستهدف القصف مواقعه ووسائط استخدامه ومخازنه . كما أن إبلاغ الروس بتوقيت الهجمات له أكثر من دلالة من تفادي الاصطدام , على اعتبار أن الروس قد أبلغوا النظام بدورهم ومن خلاله إيران وهذا مؤشر على انعدام إمكانية الاستعداد للتصدي منه على إحداث الصدمة التي لم تعد لها جدوى بسبب غياب عنصر المفاجأة وكذلك حالة اضطراب ما بعد الصدمة بعد سقوط الغوطة وإفراغ محافظة ريف دمشق من الثوار وتهجير السكان والتغيير الديموغرافي . والدلالة الكبرى أنّ التحالف الغربي في مواجهة روسيا كدولة مارقة تمارس الإرهاب خارج أراضيها أشتد قوةً وتماسكاً مع طرد دبلوماسييها بعد التسبب في حادثة التسمم الكيماوي لعميل سابق وأسرته في لندن . وسيكون لهذا التعاون دلالات واضحة في المستقبل من خلال التواجد الفرنسي الأمريكي وتعاون قواتهما في شرق الفرات والبريطاني الأمريكي في الجبهة الجنوبية من خلال غرفة عمليات الأردن وبدعم إقليمي خليجي ,عربي ,لمواجهة الغزو الإيراني – التركي , حيث تبلور الموقف من ذلك من خلال مقررات مؤتمر الجامعة العربية الأخير في السعودية – قمة الظهران 15/نيسان/2018 .
لا شك أن تداعيات الهجوم وتدمير السلاح الكيماوي للنظام سيكون له أثاره الواضحة على تحالف الإجرام الروسي الإيراني التركي , بسبب اختلاف الموقف من الحدث وسيؤدي إلى مزيد من عدم الثقة بين الأطراف المتناقضة في توجهاتها الأساسية النابعة من مصالح كل دولة ومن المحتمل أن يتركز هجمات النظام في الفترة القريبة على ريفي حمص وحماة بغية توسيع مناطق نفوذه قبل البدء بالهجوم على محافظة ادلب , حيث نفوذ تركيا التي أيد رئيسها (اردوغان ) الهجمات ضد مواقع الكيماوي للنظام وأن موقف الوصي الروسي على البلد , سيكون مربكاً في كيفية التوافق بين رغبات كل من طهران وأنقرة وخاصة الأخيرة , لأن إحتلالها لمنطقة كورداغ / عفرين واتفاقاتها مع الروس تجاوزت إلى حد كبير تفاهماتها مع النظام في إتفاق أضنة /1999 وبالتأكيد تثير حفيظة الأولى و امتدادتها الطائفية العابرة للحدود .
من المفيد الإشارة الى حجم الـتأييد الدولي وإلى موقف مختلف الجهات السياسية والمجتمعية في العالم بضرورة التخلص من السلاح الكيماوي وحظر استخدامه كسلاح فتاك للإبادة الجماعية مقارنة مع حجم وضآلة المعترضين , باستنكار الهجمات سواء من دول الشر والأنظمة المافيوية أو من محور المقاومة المزعومة حتى وصل الأمر ببعض الأحزاب الكوردية التي تدور في فلك متوالية الشغف بعودة النظام المجرم والتي فقدت توازنها السياسي و القيَمي بإصدار بيان استنكاري مُلتبس , بدواعي الوطنية المسلوبة بفعل الإرهاب و القتل والتهجير والإجرام . ناهيك عن التآمر على قضية الشعب الكوردي العادلة ومستقبله في سوريا .
ما يخصنا هنا موقف الشعب السوري العام من القضية خارج مظلة النظام من حيث التأييد للضربة والتخلص من هذه الاسلحة المحرمة و يبرز هنا بشكل واضح وجلي موقف الشعب الكوردي سواء في الجزء الكوردستاني الملحق بالدولة السورية من قضية الأسلحة الكيماوية أو في عموم كوردستان , حيث لا يزال أثر الفواجع والكوارث التي حلت بـ كوردستان في (مجزرة حلبجة 16/آذار/1988) ماثلة في بيئتها وفي ذاكرة الشعب الكوردي وما حدث في (خان شيخون أو دوما ) وخلال سبع سنوات من الحرب أو في أي مكان آخر في هذا العالم لا انفصام فيه ولن يكون في طي النسيان , مادام يستهدف الإنسان والأرض والحيوان , كائناً من كان .
في 16/نيسان/2018