آراء

روحية التجدد في التراث الكُردي

وليد حاج عبدالقادر

القسم الأول

بداية لابد لي من كلمة تعريفية لهذا المخاض العسير الذي – وبكل ثقة اقر – بأنني ارى الصعوبة في خوضها كما إرهاصات الصعود الى جبل هركول في ليلة شتوية ممطرة / مثلجة ومظلمة غاب فيها قمرها بفعل الغيوم .. اجل فتبدو مع ذلك هي اسهل بكثير من – قحط الذاكرة – واستذكار سلسلة من الإندهاشات الشخصية مذ كنت طفلا التهي اسوة بابناء جيلي و .. في كثير من النهارات لابل وحتى الليالي المظلمة وقبل ان افكفك الحروف في بيت سيداي محمدي خليفة رحمه الله فأتذكر الجودي والطوفان وظاهرتي القص او الذكر الشعبي المحكي او المغني وتلكم الحواديت حول ( جيايي بخير و جيايي بي خير ) و عشرات القصص والحكايا وكانعكاس لشذرات من الذاكرة الجمعية لبيئة اصرت حتى في ارقى تجليات عصر العولمة والحضارة الرقمية لازالت تشي بكثير من المدلولات ..

أجل ! وليسمح لي زملائي و – يمرروها – لهذا الإستذكار المكثف وهذه الذاكرة الحبلى بكثافة صورها المتدفقة تختزن كثيرا من بقايا رسخت في دواخلي كثير من النقاط وبنى – بضم الباء – دفعتني لا بشغف الى القص الشعبي الكردي فقط بل الى تلك الرغبة الفظيعة في السعي الى غور اية بقعة او حتى شجرة معمرة بقصتها وتلكم الحجارة التي تطوقها وقد تكون هناك ايضا انحناءة لأخرى تحوطها فنتجادل ايهما المتقمصة انثى هي وذكرها ، نعم ! إن استفراغ الذاكرة باقاويلها وتاويلات حكاياتها وبالتالي تقاصها مع العمق الثقافي لهذه البيئة / الجغرافية ومن ثم تقاطعها لمجاميع بشرية لاتزال كل مدلولاتها وقصصها لابل حتى الامثال والعبر كلها وان ثقلت بمفهومها الحكائي الطقسي وعبر مراحل تاريخية تبدو لنا واضحة وضوح الشمس على عمق فكري / ارثي وتراثي لبيئة تقمصت ظاهرة النقيضن واخذت من أس الحياة ونقيضها الموت معيارا استوعبته الأم السيدة قائدة لبيئتها كانت فحاكت ونمت لابل أسست لبنى وعي تدرج بنيويا في المشاع لتستقر مع بداية تجاوزها وبوادر نزعة الفردانية الشخصية وتفرع الأسر والعوائل بعشائرها وقبائلها ، اجل !

وبالرغم من الإهمال الفظيع لكثير من الأمور ، فقد ظلت الذاكرة الجمعية تورث منتجها من الوعي والتراث عبر الممارسة من جهة وكثقافة شفاهية فرضت الدقة الكبيرة في تنمية نمط التلقين الشفاهي ومن جديد وكذكر يتحتم علينا تأصيله وعيا وكظاهرة فولكلورية اساس للشعب الكردي في اجزاء كردستان كاملة وذلك وكارتكاز معرفي تتالت تناقضاتها بمعرفاتها ومفاهيمها وتلخصت في ذات ازلية – نطاقية بناء وتطور الوعي المجتمعي وكمنتج لنمطية الإنتاج وبالتالي تشكل أفرع لثقافات مهنية او وبخاصية انعكاس فعلي إن لرعي وبالتالي التنقل او زراعة شبه مستقرة ، ولاغرو حتى قبل ظهور او دخول المجتمع الكردي بتفاصيل وتعدد مسمياتهم إن لدول وممالك او حتى بقع ومساحات جغرافية ولكن : الإرث الكردي يحوي كثيرا من اغاني وطقوس مشفوعة تماما بتداخل النمطين ( المتنقل وشبه المستقر او كوجر والمستقرون او ديمانا ) وظهرت خصوصيات وعادات وان بدا فيها بعض الإختلاف إلا انها تحوطت وظلت في نطاقية الإرث الإقليمي وتحت غطاء ذات النمط المعيشي وفصلية الطقس ..

نعم : إن غالبية الموروث الذهني وما وصل شفاها من عشرات القصص – الملاحم الكبرى وبالرغم من التاثير القادم والمتتالي تاريخيا وتحت ضغط المؤثرات المحيطة وتتالي الملاحم والحكايا الكبرى التي ما استطاعت وبأية لابل وتحت ضغط اي مؤثر قادم ان تتجاوز وعيا العمق الميثولوجي والذي تجسد كلوحات فولكلورية من جهة واغان حملت في جوانيتها مضامينها الميثولوجية ، ومن جديد التي اسست لذاتها ممارسات او حركات وبالتالي رقصات تعبر ايمائيا سواء عن النمط او البيئة التي اوجدتها .. وبكلمة مختصرة وكتوجه مشفوع بدعوة مستجدة ومتكررة : اتمنى ممن يرى في ذاته القدرة على التدوين ألا يتجاهل اي شيء – فكرة – مثل – قص شعبي لابل وحتى الرقصات واسماء القرى او المواقع المهجورة وساذكر باختصار مثال – انموذج إن للحكايا وبرموزها الدالة على المزج التاريخي كتراث وتحول في انماط وتشكلات معرفية وكل تعريف دل على ظهور نمط مستجد وهي قصة المثل الكردي المشهور ولبيئتي الرعي والكلأ ومن ثم الإستقرار وتلاحم الفلك عبر مدلولي الشمس والقمر ، تلك الحكاية / الملحمة المعنونة ب ( تافك ج تافي نيشاني هيچايا زير و زيڤي خوراساني ) *
….

* هذا الموضوع تناولته باستفاضة مدعومة بامثلة كثيرة من القص الشعبي في كتابي الذي ازعم – ملامح ميثولوجية .. وجهة نظر في الذهنية التراثية الاسطورية الكردية .. مطروحة للنقاش.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “322

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى