آراء

شخصيات كُردية بارزة/جمو عالهمك

إعداد: د. محمد جمعان وعدنان بوظان.

إنه لواجبٌ في غاية الأهمية تسليط الضوء على بعض الشخصيات الهامة من الكُرد، والتي لعبت دوراً هاماً في المجتمع الكُردي في سوريا .

ولهذا أخذنا على عاتقنا أن نبدأ بكتابة سلسلة مقالات حول هذا الموضوع ..

وقد دفعنا لهذا الأسباب التالية:

التعرف أكثر على تلك الشخصيات ودورها وأفضالها على مجتمعنا .

وفي بداية هذه الحلقات سنكتب عن شخصية كُردية غريبة ، شجاعة ، فريدة ، وهو جمو عالهمك من منطقة كوباني .

قد يتبادر سؤال للقارئ : لماذا جمو عالهمك بالتحديد ؟

نعم هذا سؤال وجيه وطبيعي وباعتباره شخصية غير معروفة ولعبت دوراً هاماً ومفصلياً في منع الحزام العربي المقيت للامتداد من الجزيرة الكَردية الى كوباني ولذا ارتأينا أن نكتب عنه ونذكر أفضاله.

وهذا هو جوهر موضوعنا ، نريد أن نعرّف القارئ على أصوله ، من أين أتى ؟ أين سكن ؟ و ماذا فعل و الخ.

و لكي نكون دقيقين في بحثنا وصادقين في معلوماتنا اعتمدنا على مصدر من عائلة جمو عالهمك وهو حفيده : جمال خليل جمو ( جمو عالهمك )،

حسب قول جمال فإنّ جده جمو كان قد جاء مع أخوته من قرية گڤوژي من المناطق الشمالية من كُردستان ايران على الحدود الروسية ولا يعرفون الأسباب الحقيقية من هذه الهجرة.

سكن جمو في البداية في قرية بدرخان الواقعة بين گرى سپي وكوباني ومن ثم قريته : آغباش.

من شهامة جمو ؛ أنه في نهاية الخمسينات وبداية الستينات مرّت المنطقة بسنوات عجاف فجاء إليه نوري بن مهيد شيخ أكبر العشائر العربية من عين عيسى واشتكى لجمو عن سوء حال للعشيرة، ففتح جمو مخازنه وأهداه كلّ ما يلزمه من مؤن و ما شابه ، فكان ردّ ابن العشيرة العربية بأن أهداه اراضي من قرية سالوك وسيارة فورد وقطع كثيرة من السلاح .

و هكذا امتلك جمو عدة قرى منها : سالوك وبيرا كور وحمتوبك والخ .

في بداية عام 1962 جاءته دورية عسكرية تركية يقودها ضابط تركي بهدف اعتقاله فأستدرجه جمو وسحب عليه مسدسه وأمره بأن ينسحب الجنود ، وتحت التهديد انسحب الجنود وأخذ جمو ذلك الضابط وسلّمه للسلطات في مدينة گرى سپي ( تل ابيض).

وفي عام 1965 حينما أصدرت السلطات السورية قانون الحزام العربي ، أي أخذت الاراضي من ملاكيها الكُرد في مناطق الجزيرة الكُردية وأبقتها اراضي بور وبعدها بفتره سلّموا تلك الأراضي الى العشائر العربية منهم عشيرة الجبس الذين أتوا بهم من المناطق التي غمرها نهر الفرات بعد بناء سد تشرين من مناطق غربي مدينة الرقة ومن منطقة الطبقة. وضمن هذه الحملة وامتداداً لتوزيع الأراضي للعشائر العربية المغمورة أراضيها ، سلّمت السلطات السورية قرى جمو لعوائل من عشيرة الجيس .

وهنا بدأت معركة جمو ضد السلطات ومع” أهل الغمر “.

بدايةً أسكنت السلطات عوائل من عشيرة الجيس بقراه، ولكن جمو هدّدهم فهرب هؤلاء من قرى جمو .

وبعدها وفي مرحلة تسليم القرى الكُردية لأهل الغمر ، جاءت السلطات بعشائر عربية من منطقة سد الفرات من الطبقة وأسكنوهم في قرى جمو . فكانت معركة جمو بالتهديد و زرع الألغام حول القرى ، وكان يطلق النار عليهم ليلاً وحتى من خلف الحدود السورية – التركية ..

فأتت قوة عسكرية من دير الزور واعتقلته وقدّمته إلى محكمة الفرد العسكري في دير الزور. فقال له الحاكم العسكري : أنت تعمل ضد قوانين الدولة .

فردّ عليه جمو : إنهم يغتصبون أرضي ولن أقبل بذلك. فقال الحاكم : ولكن أنت تهدّدهم .

فقال جمو : لن أقبل باغتصاب أرضي، وإذا تريد أأمر بإعدامي ، فأنا أقبل بالموت ولا أقبل باحتلال أرضي ، فتركه القاضي ..

واستمرّ جمو بمهاجمة محتلي أراضيه فكان يطلق الرصاص عليهم وفي الليل كان يدخل إلى القرى مع أولاده ويضرب ويهين المستوطنين وهكذا هربت تلك العوائل وبعد هذه المرحلة بدأت الحكومة باستثمار أراضيه فكان جمو يحرق المحاصيل وآلآلات الزراعية الحكومية ولم يدعهم براحة البال . وهكذا أفشل جمو لوحده مشاريع الحكومة السورية بالاستيلاء على أراضيه .

وبذلك يعود الفضل لجمو عالهمك البطل الذي استطاع أن يوقف امتداد مشاريع الدولة بالاستيلاء على القرى الكُردية القادمة من الجزيرة إلى منطقة كوباني .

ولا بدّ من الذكر أنّ جمو كان رجل مصالحات وحل الخلافات الاجتماعية بين الناس حيث له قدر كبير بين أبناء المنطقة .

ويقول حفيد جمو أثناء هجوم داعش على المنطقة لقد دمروا قرانا بشكلٍ كامل وبعد تحرير المنطقة فإنّ تلك القرى الآن تابعة ” للإدارة الذاتية “.

وبالرغم من هذا عاد أولاد جمو إلى قراهم وبنوها من جديد رغم أنهم فقدوا الكثير من اراضيهم وقراهم . ولكن جمال أصيب بلغم أرضي وهو معاق الآن .

رحم الله جمو عالهمك الذي كان مثال الشهامة والشجاعة حيث استطاع لوحده إيقاف مشاريع التغيير الديموغرافي في منطقة كوباني حينها.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “310”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى