أخبار - سوريا

عتمة وبرد وجوع وشلل مواصلات”.. ماذا يجري في دمشق

لم يعد الوضع يطاق، حالة مزرية وفقر مدقع وفقدان لكل أساسيات الحياة، وأبواب الدول جميعها مغلقة أمامنا” هكذا وصف محمد سويد الحالة في دمشق الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام السوري.

وقال سويد الطالب في كلية الحقوق لموقع “تلفزيون سوريا”، إن “الوضع في دمشق وأظن في كل سوريا أيضاً جنوني تماماً، عتمة وبرد وجوع، وشلل مواصلات. انعدام حركة كل شيء واقف، ومرتبط بالدولار وباختفاء المحروقات، وبورصة الأسعار التي لا تستقر أبداً”.

أزمة مواصلات

وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة اقتصادية تزداد يوماً بعد يوم، وسط فشل مؤسسات النظام في تأمين الأساسيات اليومية للمواطنين من كهرباء ومواصلات وتدفئة مع انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات أدنى في شهر كانون الأول.

ومع دخول الشتاء زادت أزمة الوقود في دمشق وبقية المحافظات التابعة لسيطرة النظام، حيث شلت حركة المواصلات والنقل العامة، خصوصاً في العاصمة وضواحيها، إلى جانب الأزمات الخدمية والمعيشية المستمرة دون أي تحسن يذكر.

وبالنسبة للكهرباء تجاوزت ساعات التقنين اليومية من 21 إلى 23 ساعة، في حين أن بعض المناطق لم يصلها التيار الكهربائي لأكثر من يوم.

وأدى الانهيار الدراماتيكي في قيمة الليرة السورية أمام الدولار والعملات الأجنبية في تفاقم حجم المعاناة، خصوصاً أن سعر تصريف الدولار الذي وصل إلى 5860 ليرة (6 كانون الأول 2022) يؤثر سلباً على أسعار كل شيء، وخصوصاً الأطعمة والأدوية.

ومع عجز النظام عن تأمين المازوت والبنزين أقرت حكومته عطلة رسمية يومي الأحد 11 و18 كانون الأول  الجاري، بسبب استفحال أزمة المحروقات وتوقف المواصلات.

وقالت حكومة النظام في إقرار العطلة، إن قرار العطلة اتخذ “نظراً للظروف التي يشهدها سوق المشتقات النفطية بسبب الحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على البلد، وبسبب الظروف التي أخّرت وصول توريدات النفط والمشتقات النفطية”.

فساد مهول ولصوصية

أزمة المواصلات تؤثر بشكل أساسي على سير العملية التعليمية للطلاب الجامعيين، إلى جانب عشرات آلاف الموظفين والمدرسين،

ويرى محمد سويد، أن حكومة النظام السوري فشلت فشلاً تاماً في تأمين أدنى أساسيات الحياة، مؤكداً أن “الناس لا يمكنها أن ترى أبنائها تموت من الجوع وتفقد مستقبلها الدراسي، ولكن ماذا ستفعل؟”.

وأشار قائلاً: أن المشكلة الاقتصادية في سوريا لم تكن لتتفاقم إلى هذه الدرجة لولا حجم الفساد المهول الذي يسري في كل مؤسسات النظام وأجهزته.

وفي السياق نفسه، كانت وزارة التجارة الداخلية قد أكّدت أن “المازوت والبنزين الذي يباع في ما يسمى بالسوق السوداء هو مسروق بالمطلق ويشترى بالسعر المدعوم ثم يباع في السوق السوداء بأضعاف سعره”.

وأضافت الوزارة، أن “هذه اللصوصية تحرم المواطنين من مازوت التدفئة كما تحرم المزارعين من المازوت بالسعر المدعوم والفعاليات الحساسة التي لا يمكنها التوقف عن العمل مثل الأفران والمشافي. وقد تم ضبط كثير من المصانع والمطاعم وغيرها من المنشآت التي تسلمت مخصصاتها بالسعر الاقتصادي ثم باعته لتجار السوق السوداء”، على حد زعمها.

ووصفت كل من يهاجم ضبط السو ق السوداء، بأنه “يشرعن السرقة ويحرم المواطنين من حصصهم بالمشتقات النفطية. وكان أجدى بأولئك المهاجمين صبّ جام غضبهم على الدول التي تفرض العقوبات على سوريا وعلى لصوص النفط”، على حد وصفها.

ومع اختفاء المحروقات من محطات الوقود، وعدم نفع البطاقة الذكية، وارتفاع أسعار المحروقات في السوق السوداء إلى 15 ألف لـ 20 ألف ليرة لليتر البنزين بات الحصول على سيارة أجرة من الريف إلى دمشق واحدة من أصعب ما يكون.

وسأل موقع “تلفزيون سوريا” سائقو سيارات أجرة عن تكلفة الذهاب من عرطوز إلى دمشق ثم العودة، وتراوحت الأسعار بين 45 ألف ليرة و50 ألف ليرة سورية، وعلى الراكب الواحد من 6 إلى 7 آلاف ليرة.

وقال أبو خالد، أحد سائقي تلك السيارات، أن “ليتر البنزين يصل في السوق السوداء إلى 13 ألف ليرة سورية، والسيارات كما تعلمون باتت قديمة وتصرف وتحتاج إلى صيانة مستمرة، ولا بد من بعض الربح”.

وأضاف لموقع تلفزيون سوريا، أن العمل في هذه المهنة قد يؤمن بعض الربح الحقيقي بسبب حاجة الناس للمواصلات، ولكن تأمين المحروقات من أصعب ما يكون.

وأكمل أن أغلب من يطلبونني غالباً ما يريدون الذهاب للأطباء في دمشق، وأنا اضطر لتخفيض الأسعار قدر المستطاع، وأيضاً هناك بعض الطلبة خصوصاً في أيام الامتحانات يذهبون معي ثم أعيدهم بعد انتهاء الامتحان.

ولفت إلى أن أكثر من يعاني في هذه الأزمة هم المرضى وطلبة الجامعات إضافة إلى الموظفين الذين يجب أن يصلوا إلى دوائرهم في أوقات محددة، وسط غياب المواصلات العامة وغلاء أسعار التكاسي.

واستكمالاً لفصول المصائب التي يعاني منها السوريون كما تصفها، وصال حمودة، تساءلت أيضاً؟ “من أين يجب أن تبدأ الحلول، هل من ارتفاع الأسعار الهستيري؟ أم من التضخم؟ أم من عدم توفر الغاز للطبخ، والمازوت للتدفئة، والكهرباء لنرى طريقنا في الليل؟”.

وأضافت حمودة التي تعمل مدرسة كيمياء في إحدى مدارس دمشق، في حديثها مع موقع “تلفزيون سوريا”، أن نبأ انتهاء جرة الغاز، قد يدفع بالإنسان للجنون الحقيقي، كيف سنطبخ للأولاد؟، ومن أين سنأتي بجرة أخرى حتى تأتي رسالة البطاقة الذكية”.

وأكملت أن “الشتاء لعنة حقيقية في سوريا، يعني فوق الهم والتعتير والبهدلة برد، ولم يكن الصيف أفضل حالاً مع الشوب وانقطاع الكهرباء”.

وتهكمت قائلة: إن “ارتفاع الأسعار المستمر قد يدفع بالناس للإضراب عن الطعام، بلكي بيفرجوا عنهم وبيطلقوا سراحهم من السجن الكبير يلي اسمو سوريا، وبيطالعونا منها لأي مكان بالعالم”.

وأكّدت أن العائلة المكونة في سوريا من 4 أشخاص تحتاج لكي تبقى بخير خلال الشهر من 2.5 مليون ليرة إلى 3 ملايين ليرة سورية بالحد الأدنى، والراتب أقل من ذلك بعشرين ضعف تقريباً.

ولفتت إلى أن الوضع في دمشق، يزداد سوءاً ومن كان قبل عامين من الطبقة الغنية صار من الطبقة الوسطى، ومن كان من الوسطى صار من الفقيرة، والفقيرة من المعدمة التي تسمى تحت خط الفقر.

“مافي إنترنت وتغطية”

وعلى صعيد آخر، لم تقتصر أزمة تقنين الكهرباء على قطع التيار الكهربائي فقط، بل زاد من الطين بلة، انقطاع الإنترنت وتغطية المكالمات عن الكثير من المناطق القريبة من دمشق بما في ذلك محافظتي درعا والسويداء.

وتسبب قطع الكهرباء وقلة المحروقات اللازمة لتشغيل مولدات أبراج التغطية إلى انقطاع خطوط الإنترنت، وتقطع التغطية وانعدامها أحياناً.

وقال عبد الله عثمان، إن انقطاع الإنترنت يعود في أساسه إلى مشكلة الكهرباء، وندرة المحروقات في الأسواق النظامية والسوداء، لكن ما جرى في الأيام الماضية متصل بالسويداء أيضاً.

وأوضح عثمان الذي يدرس هندسة معلوماتية بإحدى الجامعات الخاصة على طريق درعا لموقع “تلفزيون سوريا”، أن الإنترنت كان ينقطع بين الحين والآخر خلال الفترة الماضية، لكن انقطع بشكل تام لساعات طويلة أثناء مظاهرات السويداء عن الكثير من المناطق القريبة منها.

وأشار إلى أن التغطية في وسط دمشق أحياناً غير موجودة أيضاً، لأن شبكة الاتصالات في سوريا أصبحت قديمة وتحتاج إلى صيانة، إلى جانب موضوع تأمين المحروقات لمولدات الأبراج.

تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى