شريط آخر الأخبارلقاءات وحوارات

فؤاد عليكو: أستبعد اي حوار سوري/سوري لمعالجة الأزمة.. والمعارضة السورية تسعى إلى بناء دولة الديمقراطية والنظام يرفض

Yekiti Media

مع تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد جوزيف بايدن، يأمل السوريون في تسوية سياسية تنهي الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد منذ عقد من الزمن، ويرى معارضون سوريون أن الحلّ في البلد الذي مزقته الصراعات المسلحة، يتطلب تفاهما دوليا بين القوى الفاعلة الكبرى في مقدمتها أمريكا وروسيا وتركيا.

وبرغم تلك التوقعات فإن بعض المعارضين يرون أن الحلّ الوحدوي الذي قد ينهي الأزمة يمرّ فقط برحيل النظام الحالي وإجراء انتخابات شفافة والإنطلاق عبر هيئة حكم انتقالية.

واستبعد فؤاد عليكو، السياسي السوري والقيادي بحزب “يكيتي” الكردستاني السوري، والعضو بالمجلس الوطني الكردي المنضوي تحت الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التفاوض، في حوار مع رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان،استبعد القيام بحوار سوري-سوري ينهي الأزمة القائمة، مرجعا ذلك إلى كثرة التدخلات الإقليمية والدولية في الملف السوري المتشابك.

س–شكّلت الحرب على سورية مدخلًا لإعادة رسم تحالفات المنطقة وتوازناتها من جديد، إضافة إلى انتقال عناوين هذه الحرب وتعدد توجهاتها إلى صراع إرادات إقليمي ودولي تغلب عليه الحسابات الجيوسياسيّة.. ألا يدفع ذلك باتجاه إطالة أمد الصراع وتعقيد التسوية السياسية؟

ج- بالتأكيد ما حصل في سورية من تدخلات إقليمية ودولية منذ عشر سنوات وحتى اليوم، والتي تسببت في تدمير البنية التحتية بشكل كبير جدا وقتل ما يقارب مليون إنسان، وتهجير نصف سكان البلد موزعين بين الداخل والخارج، إضافة إلى تقسيم مناطق نفوذ للجغرافية السورية بين هذه القوى، كل ذلك أدى إلى خروج القرار السوري من أيدي السوريين معارضة ونظاما ، والحوار والتفاوض يحصلان الآن بين تلك القوى نيابة عن السوريين، وهذا ما جعل الوضع أكثر تعقيدا ، لأن ملفات أخرى تابعة لمناطق أخرى تدخل ضمن عملية التفاوض بين تلك القوى، وخاصة بين أمريكا وروسيا، وعليه أستطيع القول إن أي حل سياسي في سورية يتطلب توافقا روسيا أمريكيا أولا، ومن ثم إرضاء إسرائيلي، تركي ثانيا ، وكيفية التعامل مع إيران في الملف ثالثا، وكيفية الإستحواذ على الرضا العربي رابعا.

-هذا التشابك الكبير والمعقد للملف السوري وسط كل هذه المتناقضات الإقليمية والدولية يدفعنا إلى القول إن أفق الحل السياسي مستبعد في المدى المنظور، لكن قد يحصل اتفاق غير معلن بين هذه الأطراف بتجميد الصراع عسكريا، وحصول نوع من الإستقرار النسبي في مناطق النفوذ، انتظارا للتوافقات الدولية للحل السياسي في سورية بين القوى المعنية بالملف السوري.

س– استهل المبعوث الأمريكي إلى سورية جويل رايبرن، جولته الأخيرة الشرق أوسطية إلى الإمارات العربية المتحدة والأردن، قبيل أيام من التئام جولة خامسة من مباحثات “اللجنة الدستورية” السورية، وذكرت السفارة الأمريكية في دمشق، ، أن الجولة تهدف إلى “إجراء مناقشات مع مسؤولين حكوميين ومع المجتمع المدني، وشركاء تنفيذيين أمريكيين بشأن الوضع في سورية”، كيف تقرؤون هذه الجولة وهل من الممكن أن تصب في خانة التسوية السورية؟

ج- من المتعارف عليه في أمريكا أن انتخاب رئيس جديد يتطلب تلقائيا تغيير الطاقم السياسي للإدارة السابقة وانتهاج سياسة تختلف عن المرحلة التي سبقته في الكثير من الملفات، خاصة بين الحزبين ، وعليه يمكننا القول إننا سنشهد استراتيجية مغايرة بشان الملف السوري بدرجة معينة عما قام به الفريق السابق.

-وما قام به جويل ريبورن يدخل في سياق استراتيجية ترامب للملف السوري، التي تقتضي بفرض المزيد من العقوبات على النظام السوري، وتحجيم دور إيران في سوريا، والحل السياسي وفق القرارات الدولية وخاصة 2254 وأمن”إسرائيل”.

-والسؤال: هل الفريق الجديد سوف يسير على هذه النهج أم سنشهد تحولا في الأولويات؟

هذا ما ستكشف عنه الشهور القادمة.

س-حوار سوري –سوري للخروج من الأزمة والصراع الذي تعيشه البلد، أمر ممكن برأيك؟ ومن يعرقل هذا القرار الذي تدعو إليه المعارضة منذ الإنتفاضة؟

ج-من خلال سياق إجابتي على السؤال الأول، أستبعد أي حوار سوري/سوري لمعالجة الأزمة ، ويتحمل النظام المسؤولية الأساسية في ذلك من خلال رفضه المطلق لأي حوار مع المعارضة حين كانت الثورة سلمية بامتياز، في ظل استعداد الثوار والمعارضة معا للحوار ، وعدم وجود تدخلات دولية حينذاك ، لكن النظام اختار الحل الأمني والعسكري، فاستخدم الرصاص الحي في قمع المتظاهرين، كما تسبب لاحقا في استجلاب قوى خارجية (حزب الله وإيران والمليشيات العراقية والأفغانية الموالية لإيران ) وطلب فيما بعد روسيا بالتدخل وحصل ما حصل من تدخلات إقليمية ودولية مما جعل الحوار السوري/السوري ضربا من الخيال .

س-في أواخر الشهر الجاري، ستلتئم الجولة الخامسة من أعمال اللجنة الدستورية، ويرى مراقبون أن هذه الجولة ليست كسابقاتها حيث ستكون اختبارًا حقيقيًا من حيث نوايا الأطراف للبدء بصياغة المبادئ الأساسية لمسودة الدستور..هل تتفقون مع هذه القراءة؟

ج- من خلال مشاركتي في وفد التفاوض للمعارضة ما بين أعوام 2016/2017 في جنيف، أستبعد أي اختراق في الجولة القادمة، وسوف تكون كمثيلاتها من الجولات العبثية السابقة، لأن البون شاسع ما بين رؤية المعارضة للحل السياسي ورؤية النظام، ولا يوجد توافق دولي لتنفيذ القرار 2254 ، فالمعارضة تريد تغييرا جذريا في كافة مؤسسات النظام، السياسية منها والعسكرية والإدارية وبناء دولة ديمقراطية مؤسساتية بكل ما تعني الكلمة من معنى، بينما يتعامل النظام مع المعارضة كمجموعة مارقة ضالة، وهذا يتطلب إرضاءها ببعض المناصب غير المؤثرة على البنية الأساسية للنظام .

-لذلك لايمكن إيجاد أية أرضية مشتركة وحل سياسي من خلال اللجنة الدستورية حصرا،علما أن الأزمة تتجاوز موضوع الدستور بكثير.

-والأمر يتطلب كما ذكرت سابقا معالجة أممية جادة للأزمة السورية بشكل شامل وفق ما نصت عليه القرارات الدولية المعنية بالأزمة السورية.

س-دعا النظام السوري الإدارة الأمريكية إلى تحمل المسؤولية الكاملة عن معاناة السوريين الناجمة عن دعمها للإرهاب وفرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب وفق قوله، وتتهم واشنطن النظام بصناعة الإرهاب وتجويع السوريين، وتتهم أطراف أخرى تركيا باحتلال شمال سورية ، وإيران بنشر التشيع في مناطق كثيرة، وروسيا بتجنيد قوات النظام لشن هجمات تستهدف مدنيين في ريف حلب.. من يتحمل مسؤولية كل هذه المأساة والتداخل وتجويع الشعب السوري أولا؟ ومن دفع إلى إيصال البلد إلى هذا الوضع؟ ومن يفترض محاسبته أولا برأيكم أستاذ فؤاد؟

ج- النظام يتحمل المسؤولية عن معاناة الشعب السوري من خلال تشبثه بالسلطة ورفضه لأي حوار مع المعارضة، حتى عدم إقراره بوجود أزمة، ويعلق كل فشله وجرائمه بحق الشعب السوري على التدخلات الدولية ويتناسى أنه هو من استعان بالقوى الدولية لمناصرته في قتل شعبه وتدمير الدولة، ولا يزال يتصرف وكأن الأمور طبيعية، ويعتبر أن ما يحصل هو نتيجة التآمر الدولي على نهج (المقاومة ) مقتديا بخطاب إيران وحزب الله، ويتناسى أيضا أنه تحول إلى ورقة تفاوضية لدى روسيا وإيران، وأنه يُستخدم كديكور لابد منه في البازار السياسي من قبل داعميه.

س- تفجيرات هزت عين عيسى مؤخرا أودت بحياة مدنيين أبرياء، وليس هناك مايشير إلى أي شيء إيجابي في مصيرهم المحتمل الذي يتحكم فيه الأتراك والجيش السوري الحر والنظام في دمشق من جانب آخر.. كيف تستشرفون الوضع مستقبلا في هذه المناطق المهددة وغير المستقرة ؟

ج-الصراع على منطقة عين العيسى بين تركيا وروسيا صراع على المصالح، وكل من زاويته، فالروس والنظام تهمهما بالدرجة الأساس السيطرة على الخط التجاري m4 مفتوحا وبيدهما لربط حلب مع الحدود العراقية دون معوقات، ويفعلون ذلك أيضا في إدلب لربط اللاذقية بحلب .

-أما تركيا، فتهدف من وراء السيطرة على عين عيسى حتى جسر قره قوزاق على نهر الفرات، إلى إغلاق الطريق على قسد من التواصل مع منبج وكوباني وبذلك تصبح هاتان المنطقتان بحكم السقوط عسكريا . ولولا التدخل الأمريكي على خط التهدئة لربما اشتعل الوضع هناك بشكل كبير.

س-تضطلع روسيا وإيران بدور محوري في سورية، دور له أبعاد سياسية وإقتصادية وعسكرية، لتغدو معادلة دمشق موسكو وطهران عنوانا لمنظومة تسعى إلى التفوق على محور واشنطن وتشكيل سد منيع أمام جل توجهاته، وبإسقاط ما سبق على الجغرافيا السورية، هل من الممكن أن يتفق المحوران للمضي نحو التسوية السياسية في سورية خاصة وأن هناك تنسيقا أمني كبيرا بينهما قد يكون مدخلا سياسيا يتمم بلورته قريبا؟

ج-في الواقع الجيوسياسي للجغرافيا السورية تكمن الأهمية في تجاورها لدولة “إسرائيل”، وما يهم أمريكا في سورية بالدرجة الأساس هو أمن “إسرائيل”، وهناك تخوف إسرائيلي كبير من تزايد الدور الإيراني في سورية على غرار ما هو حاصل في لبنان وقطاع غزة ، ولا يوجد تخوف من النفوذ الروسي لأن العلاقات الروسية /الإسرائيلية متطورة ويغض الروس الطرف عن القصف الإسرائيلي اليومي لمواقع إيرانية وحلفائها ،لذلك كانت استراتيجية ترامب واضحة بصدد ذلك، وهي تحجيم الدور الإيراني في سورية ولبنان، وأعتقد أن الرئيس الأمريكي الجديد سيحافظ على ديمومة هذه الإستراتيجية، ولن يقبل بأي حل سياسي في سورية يكون لإيران دور مؤثر فيه.

س- يقول البروفسور الأمريكي ريتشارد بلاك، وهو محاضر في جامعة فرجينيا الأمريكية، إن من الغباء أن تبقى أي إدارة أمريكية في حالة عداء مع سورية، إذ من الضروري بناء جسور قوية مع النظام السوري لهندسة نظام إقليمي قوي ومتين ويكون ذلك لإرساء أسس الإستقرار في المنطقة.. كيف تقرؤون هذا الطرح ؟

ج- لا أعتقد أن النظام الأمريكي سيتعامل مع النظام السوري الحالي دون إحداث تغيير في هيكليته السياسية والعسكرية، وأرجح بأن السياسة الأمريكية المقبلة ستضغط باتجاه تطبيق القرار الدولي 2254 أولا إرضاءً للشعب السوري وإبعاد ايران من سوريا ثانيا ارضاءً لـ”إسرائيل” ، ولن تدخل في صراع مع روسيا حول سورية ، أي ستسمح لروسيا ببناء علاقات مميزة مع النظام السوري الوليد.

إذن، المشكلة تكمن في إبعاد إيران عن الملف السوري.. والسؤال هل تتكفل روسيا بذلك تحقيقا لمصالحها في سوريا؟.. أعتقد أن المرحلة المقبلة ستبلور مثل هذه السيناريوهات.

س- هل تنتظرون انتصارا للثورة على أعدائها مهما طال الزمن؟

ج-الثورة السورية هي كالرصاصة التي خرجت من فوهة البندقية فلا أحد يستطيع إيقافها في منتصف المسافة، وسوف تصل إلى هدفها حتما مهما كانت الصعوبات والمعوقات التي تعترضها، ومهما كانت التضحيات، ولن تشهد سورية والمنطقة ككل استقرارا دون تحقيق مطالب الشعب السوري، التي تتلخص بالحرية والكرامة والديمقراطية، وعلى المجتمع الدولي إدراك هذه الحقيقة والإنطلاق منها إلى أية تسوية سياسية مستقبلية.

س-كيف ترون حل القضية الكردية في سورية ؟

ج- القضية الكردية في سورية قضية وطنية بامتياز وحلها يتطلب توافقا وطنيا، فالشعب الكردي في سورية يعيش على أرضه التاريخية، وله الحق في أن يتمتع بكافة حقوقه القومية من خلال الإعتراف الدستوري بهويته القومية وإزالة كافة آثار السياسات العنصرية التي طبقت بحقه من قبل النظام البعثي الدكتاتوري، وقد شارك الشعبُ الكردي الشعبَ السوري منذ البداية في الثورة السورية، والمجلس الوطني الكردي عضو في الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وعضو في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية، وهناك تفاهمات ووثائق تجمع بين الحركة الكردية والمعارضة السورية حول آلية حل القضية الكردية في سورية، ونطمح إلى أن تكون سورية الجديدة لكل السوريين بمختلف مكوناتها العرقية والدينية، وأن تكون واحة جميلة للديمقراطية والعيش المشترك.

 

المرصد السوري لحقوق الانسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى