لقاءات وحوارات

فؤاد عليكو: يجب العمل كفريقٍ موحّد لتثبيت الحقوق القومية للشعب الكُردي في دستور سوريا

"الإدارة الذاتية" ستنتهي وظيفتها بمجرد الاتفاق الكُردي مع الإدارة السورية الجديدة

Yekiti Media

أكّد فؤاد عليكو عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكُردستاني أنّ المجلس الوطني الكُردي يتجه نحو إعادة صياغة دوره في ضوء المتغيرات الإقليمية والمحلية، لافتاً أنّ مستقبل “الإدارة الذاتية” سينتهي بمجرد التوصل إلى اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة، حيث سيتمّ وضع أسس إدارة موحدة للبلاد.

“الإدارة الذاتية” مرحلة مؤقتة تنتهي باتفاقٍ جديد

أقرّ القيادي أنّ المجلس تأثّر بالتجارب التفاوضية السابقة مع “الإدارة الذاتية”، لا سيما بعد فشل ثلاث اتفاقيات متتالية (2012، 2013، و2014)، والتي رافقتها ممارسات قمعية وحرق لمكاتب المجلس، ما عمّق أزمة الثقة، مع ذلك، ذهب عليكو إلى أنّ الظروف تغيّرت، إذ لم تعد المفاوضات تدور حول تقاسم السلطة مع “الإدارة الذاتية”، بل حول تأسيس رؤية سياسية كُردية مشتركة للحوار مع النظام الجديد.

 “لقد ولّد لدى المجلس حالةً من عدم الثقة بالطرف الآخر، فيما يتعلّق بعدم الإيفاء بالتعهدات وعدم الالتزام بالاتفاقات الموقعة بين الجانبين، لكن باعتقادي هناك تغيير في الظرف الزمني، حيثأإننا الآن أمام سلطة جديدة، والحديث يدور حول الاتفاق على رؤية سياسية موحدة، وتشكيل وفدٍ مشترك للحوار مع السلطة الجديدة، وليس مناقشة كيفية المشاركة في إدارة المنطقة الخاضعة حالياً لسيطرة “قسد”.

الموقف من المؤتمرات السياسية.. الأولوية للاتفاق المشترك

فيما يتعلّق بمحددات المجلس الكُردي للمشاركة في أي مؤتمر للحوار الوطني سواءً الذي تعتزم “الإدارة الذاتية” تنظيمه، أو الذي تعتزم الإدارة الجديدة في دمشق تنظيمه، شدّد عليكو على عدم جدوى مثل هذه المؤتمرات قبل التوصل إلى اتفاق مشترك، ولذلك، لا يرى المجلس مبرراً لحضور المؤتمر في الوقت الحالي.

“لا أعتقد بوجود ضرورة لعقد مثل هذا المؤتمر قبل حصول أي اتفاق بين الطرفين، لكن من الممكن، بعد الاتفاق على الرؤية المشتركة، أن نعرضها على نخبةٍ من المثقفين والأكاديميين الكُرد لاستطلاع آرائهم وأخذ ملاحظاتهم بعين الاعتبار” .

في تفاصيل الحوار الكُردي – الكُردي مع الأحاديث حول شُحّ المعلومات حول سير الحوار الكُردي- الكُردي بين المجلس و”الإدارة الذاتية” التي تمضي دون سقف زمني محدد، أكد القيادي أنه” لا يوجد ما يمكن أن نسمّيه شُحّاً في المعلومات، إذ أنه بعد كلّ لقاءٍ مع ممثلي التحالف الدولي أو مع السيد مظلوم عبدي، قائد “قسد”، يخرج الناطق الرسمي للمجلس إلى الإعلام؛

ليعرض الخطوط العريضة لفحوى اللقاء، دون الدخول في التفاصيل. وهذا أمرٌ طبيعي في المفاوضات المستمرةو التي لم تصل بعد إلى نهايتها، سواءً أكانت هذه النهاية سلبية أم إيجابية، ومن غير المنطقي استعراض تفاصيل كلّ لقاء”. وعليه، لا أعتقد أنّ المجلس سيحضر هذا المؤتمر”.

تجربة الائتلاف السوري: انتقادات للانتهاكات لا للشراكة السياسية

تحدّث عليكو عن تجربة المجلس في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، مشيراً إلى أنّ الانتقادات التي وُجّهت للمجلس لم تكن بسبب وجوده ضمن الائتلاف، بل نتيجة الانتهاكات التي ارتكبتها فصائل تابعة له في مناطق كُردية، إلا أنّ الانسحاب نتيجة سقوط مبرٍّر وجود الائتلاف بعد تغيّر النظام في سوريا، لكنه أكّد استمرار الحاجة إلى المجلس للدفاع عن الحقوق القومية ضمن سوريا الجديدة.

“هناك تصور خاطئ حول وجود المجلس داخل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، الذي كان يحظى باعتراف 134 دولة، بما فيها الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية. وبما أننا جزءٌ من المعارضة السورية ضد النظام الدكتاتوري، فمن الطبيعي أن يكون مكاننا ضمن هذا التجمع السوري الكبير. كما أنّ الوثيقة الموقّعة بيننا وبين الائتلاف تُعتبر من أفضل الوثائق الموقّعة مع القوى العربية الأخرى، مثل هيئة التنسيق وإعلان دمشق.”

“أما النقد الذي كان يُوجّه إلينا فلم يكن بسبب وجودنا في الائتلاف، وإنما بسبب ممارسات الفصائل التابعة للائتلاف، التي ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق أهلنا في عفرين وتل أبيض ورأس العين (سري كانيه)، والتي لم يتردّد المجلس في إدانتها وكشف القائمين عليها. كما أنّ المجلس جمّد عضويته في الائتلاف بسبب هذه الانتهاكات”.

“أما انسحابنا من الائتلاف، فهو تحصيل حاصل لما حصل من تغييرٍ للنظام في سوريا، وبذلك انتفت الحاجة لوجود الائتلاف كممثل للمعارضة السورية في مواجهة نظام البعث أثناء المفاوضات. بينما لم تنتفِ الحاجة لوجود المجلس الوطني الكُردي كمظلةٍ جامعة للقوى السياسية الكُردية، من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الكُردي مع النظام الجديد أيضاً. فالمشوار لا يزال طويلًا، وأمامنا تحديات كبيرة يجب العمل عليها كفريقٍ موحد وضاغط، من أجل تثبيت الحقوق القومية في الدستور المستقبلي لسوريا الجديدة”.

 وهذا ما يتطلّب منّا الدخول معهم في حوارٍ بنّاء، وفق رؤية واضحة، وتبادل وجهات النظر حول حقوق الكُرد ، وشكل الدولة المستقبلية.

وعلى ضوء ذلك، نستطيع تحديد موقفنا النهائي من السلطة الجديدة. أما فيما يخصّ موضوع الدولة المركزية واللامركزية، فهو من صلب مواضيع الحوار القادم مع السلطة الجديدة.

تغيرات إقليمية تفرض معادلات جديدة

يرى عليكو أنّ المشهد الإقليمي المتغير انعكس على المعادلات السياسية في سوريا. فيما باتت الأولوية لصياغة دستورٍ جديد يحدّد شكل الدولة المستقبلية. ويؤكد أنّ هذه التحولات تجعل من “الإدارة الذاتية” كياناً مؤقتاً، بعد خلق نظام إداري موحد على كامل الأراضي السورية.

“بانحسار الدور الإيراني والروسي في سوريا، تغيّرت المعادلات السياسية أيضاً، حيث ألغى النظام الجديد العمل بالدستور السابق، وحلَّ أحزاب ما كان يسمّى بـ “الجبهة الوطنية التقدمية”، إضافةً إلى تفكيك الجيش والشرطة وكلّ الأجهزة الأمنية. وبالتالي، نحن أمام مرحلة بناء سوريا جديدة، تشمل تغييرات كبيرة في جميع مؤسسات ومرافق الدولة، ويأتي على رأس هذه التغييرات الإعداد لدستورٍ جديد. وعلى ضوء هذا الدستور، سيتحدّد شكل الدولة والنظام المتّبع في عموم سوريا”.

“بناءً على ذلك، لا يوجد أي تأثير أو علاقة لـ “الإدارة الذاتية” على المفاوضات القائمة، التي تقتصر، كما ذكرنا، على تأسيس رؤيةٍ كُردية موحدة ووفدٍ مشترك للحوار مع النظام الجديد حول مستقبل سوريا بشكلٍ عام، والكُرد بشكلٍ خاص”.
” كما أنّ مسألة مشاركة المجلس في “الإدارة الذاتية” غير مطروحة أصلاً، وأنّ هذه الإدارة ستنتهي وظيفتها بمجرد الاتفاق مع النظام الجديد، حيث سيكون هناك نظام إداري واحدٍ معمولُ به في عموم البلاد”.

“باختصار، نحن أمام مرحلة جديدة تتطلّب تحقيق الاستحقاقات القومية للشعب الكُردي، وإنّ وحدة موقفنا ستعزّز فرص تحقيق هذه الحقوق وفق أفضل الشروط، والعكس صحيح”.

موقف منفتح تجاه السلطة الجديدة رغم المخاوف

حول موقف المجلس من الإدارة السورية الجديدة، أشار عليكو إلى تحفظات على توجهات النظام الجديد، الذي وصفه بأنه “تيار إسلامي سلفي متشدّد”، فإنه أبدى الاستعداد للحوار معه، مشيرًا إلى أنّ السلطة الجديدة تقدّم خطاباً مرناً تجاه الحقوق الكُردية، فيما سيكون موقفها من اللامركزية أو المركزية جزءاً من المفاوضات المقبلة التي ستحدّد شكل الدولة ونظامها الإداري.

“علينا أن نعترف بأنّ النظام الجديد هو تيار إسلامي سلفي متشدّد، وهو (هتش) المصنف عالمياً كمنظمةٍ إرهابية. ولم يكن أحد يتوقّع أنّ هذا التيار سيستلم السلطة في سوريا يوماً ما. وبالتالي، علينا التعامل مع الواقع الجديد برؤية منفتحة، بعيداً عن التصورات السابقة، خاصةً وأنّ السلطة الجديدة تقدّم خطاباً مرناً ومريحاً إلى حد ما، وتبدي استعدادها للتعامل مع الكُرد بإيجابية”.

“وهذا ما يتطلّب منا الدخول معهم في حوارٍ بنّاء وفق رؤية واضحة، وتبادل وجهات النظر حول حقوق الكُرد، وشكل الدولة المستقبلية. وعلى ضوء ذلك، نستطيع تحديد موقفنا النهائي من السلطة الجديدة”

“أما فيما يخصّ موضوع الدولة المركزية واللامركزية، فهو من صلب مواضيع الحوار القادم مع السلطة الجديدة”.

مرحلة جديدة بآفاق مختلفة

يلخّص عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكُردستاني فؤاد عليكو رؤية المجلس الوطني الكُردي بأنّ “الإدارة الذاتية” الحالية – كشكلٍ إداري- ليست سوى مرحلة انتقالية ستنتهي بمجرد التوصل إلى اتفاقٍ مع النظام الجديد في دمشق، ويرى أنّ وحدة الصف الكُردي وتشكيل موقف سياسي مشترك هما المفتاح لتثبيت الحقوق القومية في الدستور الجديد لسوريا. كما يؤكّد أنّ المرحلة المقبلة تتطلّب مرونة سياسية وحواراً استراتيجياً، مع الحفاظ على ثوابت القضية الكُردية ضمن إطارٍ وطني جامعٍ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى