آراء

في مدى واقعية تسليم سوريا لمجلس عسكري مؤقت

شاهين أحمد

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن احتمالية تسليم الحكم في سوريا لمجلس عسكري بصورة مؤقتة لحين جدولة وهندسة الانتقال السياسي ، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ، ووضع دستور جديد للبلاد . ويُطرَح بقوةٍ اسم العميد مناف طلاس لرئاسة هذا المجلس ، والعميد طلاس هو نجل وزير الدفاع السوري الراحل مصطفى طلاس، وبالتالي فإنه – العميد مناف طلاس – هو شخصية معروفة ومقبولة من قبل شرائح واسعة من الوسطين الموالي للنظام والمعارض له ، ومقبولٌ من أطراف إقليمية وعربية ودولية وازنة ، ولم يشارك في المجازر المرتكبة بحق الشعب السوري بعد اندلاع الاحتجاجات في منتصف آذار 2011 ، كما أنه لم يشارك في أيّ إطارٍ أو منصةٍ معارضة رسمية خلال مرحلة تفريخ المنصات والمعارضات، بمعنى أنه لم يُستهلك في مرحلة حرق المعارضات وواجهاتها ومتصدّريها.

هل فكرة المجلس العسكري حاجة سورية ، وتعبير عن توافق دولي واقعي ، وضرورة ميدانية ، أم أنها مجرد فقاعةٍ للاستهلاك الإعلامي ؟.

السوريون لهم ألف حكاية وحكاية مع العسكر ، ذاكرتهم مليئة بالمشاهد المرعبة والمؤلمة من ظلم العسكر ، وحاضرهم شاهد على هذا الظلم ، وكي لايخرج علينا البعض البعيد عن الوطن والذين نسوا تماماً معالم سوريا وتضاريسها ، وواقعها ، وتركيبة مجتمعها الخليط بين الأهلي والمدني والقبلي ، ويقول بأنّ قضية تسليم سوريا لمجلس عسكري هي خيانة لتضحيات الشعب السوري وشهدائها ومفقوديها ومهجّريها ، وبدون أدنى شكٍّ لا أحد يختلف بكلّ تأكيدٍ أنّ ما قدّمه الشعب السوري من تضحياتٍ كانت كافية لتحرير نصف العالم ، ولكنّ المصالح كان لها رأي آخر ، وكذلك العامل الذاتي المتعلّق بفشل السوريين في فرز طبقةٍ سياسية معارضة مختلفة عن النظام فكراً وثقافةً وقدرةً على تمثيل الشعب السوري بكلّ مكوناته القومية والدينية والمذهبية تمثيلاً حقيقياً بعيداً عن الإقصاء والتمييز ، وإقناع المجتمع الدولي بأنها – الطبقة السياسية المعارضة – قادرة على إقامة البديل الوطني الديمقراطي المعبّر عن مختلف مكونات الشعب ، ومراعاة التوازنات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

ونحن هنا لسنا بوارد الوقوف على أسباب انحراف الثورة ، والأطراف التي تسبّبت في انتكاستها . وبدون أدنى شكٍّ أنّ الشعب الذي قدّم مئات الآلاف من أبنائه قرابين لنيل الحرية ، والتخلّص من الدكتاتورية ، لايليق به إلا نظام مدني ديمقراطي تعددي على مسافةٍ واحدة من جميع مكوناته ، ودولة اتحادية لتوزيع السلطة والثروة بشكلٍ عادل على جميع أفراده . ولكن علينا أن لانقفز أبداً على الواقع بعد أن أكملت الثورة عشريتها ، ودخلت في العقد الثاني من عمرها ، وماشهدتها من انحرافات وانتكاسات ، وتشكّل واقعٍ مؤلم ، حيث تحوّلت سوريا إلى مكبٍّ للنفايات البشرية ، وتحوّل البلد إلى ساحة صراعٍ للمصالح الإقليمية والدولية ، وخرجت المبادرة من أيدي السوريين بشكلٍ شبه نهائي ، ألا يتطلّب ذلك منا كسوريين وكمعنيين بمصير الثورة أن نعيد النظر بكلّ ماحصل ، وأن نفكّر بشكلٍ جدي بالبدائل ؟.

من جهةٍ أخرى أليست كلّ هذه المساحات التي شملتها ثورات الربيع كانت محكومة لعقودٍ من قبل مجالس عسكرية بطلاءٍ مدني منذ نشوء الدول الحديثة بحدودها السياسية والإدارية المعروفة ، والتي رسمها المنتصرون في الحرب العالمية الأولى من خلال ما عُرِفت بإتفاقية سايكس – بيكو لعام 1916 التي وقّعتها فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا ، وخروج الأخيرة منها بعد قيام ثورة اكتوبر الاشتراكية فيها سنة 1917 ؟.

مَن قال بأنّ النظم المستقبلية التي ستحكم المنطقة ، ستكون نابعة من إرادة شعوبها بشكلٍ كامل، وأن اللاعبين الكبار سيكونون بعيدين عن تصميمها ، وتنصيبها وفرضها على شعوب المنطقة من جديد ؟. بعد كلّ هذه التضحيات والدماء والخراب والدمار، ألا يتوجّب علينا أن نعيد قراءة الأحداث من جديدٍ وبشكل أكثر واقعيةً ، ونفكّر بوقف حمام الدمّ السوري ، وإيقاف ماكينة الكراهية ؟. كي لايفهم أحد بأننا من أنصار تسلم العسكر للسلطة ، نقولها بمنتهى الوضوح بأننا من أنصار المشروع الوطني السوري التغييري الشامل ، والقائم على التخلص من كافة أنواع الاحتلالات المقنّعة والمباشرة ،وإخراج جميع الغرباء والوافدين إلى خارج الحدود ، لإعادة إنتاج جمهورية سورية اتحادية ، ونظام ديمقراطي وطني تعددي مدني على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية ، ولكن هذا لايمنع البحث عن كلّ الطرق ، وسلوك مختلف المسارات للوصول إلى هذا الهدف ، أليس الحكم العسكري رغم مساوئه أفضل من دوام الفوضى القاتلة والهدّامة التي تعصف ببلدنا ، طالما أنّ الحلّ السياسي سيبقى مغيّباً ؟.

لنعد من جديدٍ إلى سؤالنا الأساسي : هل المجلس العسكري حاجةٌ سورية ، ويشكّل مساحة توافقٍ دولي ، وواقعي ، وضرورة ميدانية ؟.

سؤال قد يجده البعض بسيطاً للوهلة الأولى ، ولكنه صعبٌ ومعقّد لدرجةٍ لايمكن الإجابة عليه بشكلٍ كامل ، وذلك نظراً لتعقّد الوضع الميداني في سوريا ، نتيجة وجود جيوش عدة دول كبيرة من أمريكا وروسيا وتركيا وإيران وغيرها ، ولكلّ دولةٍ من هذه الدول شركاتها الأمنية ، وميليشياتها الطائفية ، ومرتزقتها وأدواتها الميدانية العاملة على مساحة الوطن السوري من شماله إلى جنوبه ، ومن غربه إلى شرقه . بمعنىً آخر : إنّ أية صيغةٍ عسكرية يجب أن تحظى بموافقة ورضى المتدخلين في الشأن السوري ، ولايمكن أن ينجح المجلس العسكري إلا إذا كان مختلفاً تماماً عن كلّ هذه الأدوات والميليشيات الحاملة للسلاح والعاملة في الميدان.

ولنتوقّف قليلاً على المشهد الميداني بصورةٍ مختصرة ، سوريا فعلياً مقسّمة اليوم إلى ثلاث مناطق نفوذ رئيسية كما يلي :
1 – منطقة نفوذ روسية – إيرانية : فيها قوات النظام السوري وميليشياته الطائفية ، وكذلك القوات الروسية وشركاتها الأمنية ومرتزقتها ، وقوات إيرانية مع عشرات الفصائل والميليشيات الطائفية من باكستان وأفغانستان والعراق ولبنان وغيرها والقسم الأكبر منها مصنّف على لوائح الإرهاب الأمريكية والأوربية.

2 – منطقة نفوذ أمريكية – غربية : فيها قواتٌ من التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش الإرهابي ، وقوات سوريا الديمقراطية ” قسد ” المكوّنة من خليط من العرب والكُرد والسريان الأشوريين وغيرهم ، وتقود هذه القوات ( قسد ) فعلياً كوادر من حزب العمال الكُردستاني pkk المصنّف على قائمة الإرهاب الأمريكية والتركية والأوربية.

3 – منطقة نفوذ تركية : فيها القوات التركية ، وفصائل عسكرية محسوبة على المعارضة السورية ، غالبيتها عربية سنية ذات توجّه إسلامي راديكالي ، فيها العديد من القيادات التي بايعت داعش وعملت في صفوفه ، وكذلك تلك التي تنتمي لفروع تنظيم القاعدة ( فصائل هيئة تحرير الشام ) المصنّفة على لائحة الإرهاب الدولية .
إذاً هناك واقع ميداني معقّد جداً ، وهذا الواقع يضع المجلس العسكري المزمع تشكيله أمام سؤال كبير وهو : على أيّ فصيلٌ ، وأية قوةٍ من تلك التي تم ذكرها سيعتمد المجلس العتيد ؟.

لكن بالمقابل هل نترك البلد لهذه الفوضى الهدّامة والمجاميع المنفلتة ، ويبقى شعبنا وقوداً لصراعات المتطرفين والمعولمين العابرين للحدود ، ومصالح المتدخلين ، أم علينا أن نجتهد لإيجاد البدائل ؟.

وجدير ذكره هنا أنّ السوريين في الداخل والشتات منقسمون كعادتهم فيما يتعلّق بموضوع المجلس العسكري أيضاً كما كانوا دائماً ، حيث هناك مؤيّد ، وهناك معارض ، وهناك محايد وساكت ، وهناك لامبالي ولكلّ واحدٍ مبرراته ، ولكلّ مجموعةٍ مبرّراتها . المؤيّد يرى مصلحته وحاجته في ضرورة إيجاد حلٍّ ، وطرح بدائل للخروج من حالة السبات والمعاناة ، وخاصةً أنه اكتمل عقد كامل من عمر الثورة ولازالت نفس الواجهات والعقليات هي التي تتحكّم بمفاصل مؤسسات المعارضة ، وهناك تراجع مستمر وفقدان الثقة بهذه الهياكل والواجهات المعارضة . ولانفشي سراً هنا أنّ شريحة الضباط المنشقّين وعوائلهم ومحيطهم الاجتماعي هم أكثر المؤيّدين لإنشاء المجلس العسكري . والمعارضون لفكرة المجلس العسكري يتوزّعون بين ضفّتي المعارضة والنظام معاً ، حيث هناك شريحة واسعة من المستفيدين لدوام الأزمة واستمراريتها ، لذلك يرون أنّ تشكيل هكذا مجلس يعني نهاية هياكل مؤسسات محسوبة على المعارضة من جهة ، ومؤسسات وهياكل محسوبة على النظام من جهةٍ أخرى ،لن يبقى لها أي مبرّر ، لذلك نرى أنّ الشريحة المستفيدة من إدارة الأزمة واستمراريتها يقفون بقوةٍ ضدّ فكرة المجلس العسكري ،أو أية فكرةٍ أو مبادرةٍ أخرى من شأنها تغيير الواقع.

ومن الأهمية بمكانٍ هنا الإشارة إلى أنّ شريحة الفاسدين والمتورّطين في الفساد – من تجّار الأزمات ، ومافيات الحرب ، ومسؤولي المعابر وسماسرة السلاح والمواد الغذائية والمسيطرين على المؤسسات الإغاثية …إلخ – تأتي في مقدمة الرافضين لأيّ تغييرٍ في الواقع الحالي . وهناك شريحة تتوجّس خيفةً من سيطرة العسكر على السلطة والحكم ، ودوافعها وطنية ، يجب أن يتمّ معالجة هذه المخاوف من خلال تطمينات وضمانات لإعادة تسليم السلطة إلى المدنيين عبر جدولٍ زمني انتقالي واضح . وهناك شريحة اللامبالين وهم بغالبيتهم الساحقة أصبحوا بشكلٍ أو بآخر خارج ميدان الصراع ، وأصبحوا هم وعوائلهم في المهاجر البعيدة ، ومنهم مَن حصل على الجنسية وحسم أمره في الاستقرار في مواطنهم الجديدة . وهناك نسبة من هذه الشريحة ( اللامبالين ) فقدوا الثقة بكلّ المعارضات لأسبابٍ تتعلّق بالوضع الأمني المنفلت ، والمعيشي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ، وبالتجارب الفاشلة للإدارة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وهنا على المعنيين من أصحاب ومؤيّدي فكرة المجلس العسكري ، ومن منطلق الواجب والمسؤولية أن يتعاملوا مع مختلف تلك المواقف والتوجّسات السلبية والإيجابية بشكلٍ عقلاني وبدون أحكام مسبقة ، ودراسة مجمل الظروف التي تحيط بكلّ شريحةٍ من الشرائح والفئات المذكورة ، والتعامل مع المعارض للفكرة بنفس روحية التعامل مع المؤيّد لها ، والأخذ بعين الاعتبار التنوّع القومي والديني والمذهبي في سوريا . وأن تأتي المعارضة وكذلك التأييد من خلال حوارٍ وطني شامل لكافة مكونات الشعب السوري دون أيّ تمييز أو إقصاء . وخاصةً وكما ذكرنا أعلاه أنّ سوريا منقسمة إلى ثلاث مناطق نفوذ واضحة ، ولكلّ منطقة من المناطق المذكورة جيوشها وإداراتها وسلطاتها وقياداتها وبصورة شبه مستقلة ، وباختلافٍ ايديولوجي واضح بين بعضها البعض ، وكلّ إدارة منها تعتبر نفسها وطنية وتتّهم الأخرى بالتابعية والارتزاق وكافة النعوت غير الوطنية . وكلّ مَن حمل السلاح بشكلٍ أو بآخر متورّط في قتل الشعب وتشريده وتهجيره ، وكذلك مسؤولية مشغّلي هذه الأدوات المختلفة . وهناك نقطة في غاية الخطورة ، وتُعتبَر أحد أهمّ التحديات التي ستواجه المجلس العسكري إذا كُتِب له النجاح ، أو أية صيغة أخرى وهي : موضوع عشرات الفصائل والمجاميع المسلّحة المعارضة والمؤيّدة التي تستمدّ مشروعيتها ومعيشتها من البندقية التي تحملها ، وتشكّل نسبةً غير قليلةٍ ، تمرّست في الخطف والنهب والقتل بغرض تحصيل الأموال . ونقطة أخرى أكثر خطورةٍ تتمثّل في الميليشيات المتطرّفة المعولمة العابرة للحدود التي تتغلغل في مفاصل المجتمع السوري ، وكيفية إخراجها وإقناعها.

بالإضافة إلى الجيوش الكبيرة العائدة لكبار اللاعبين المتدخلين في الشأن السوري والمتواجدين على تراب بلدنا ، وظاهرة انتشار السلاح الفردي الخفيف والمتوسط ، وكيفية جمعه ، وإخراجه من أيدي الملايين . هذه باختصارٍ شديد مكونات اللوحة السورية المعقّدة . وبالتالي السوريون جميعاً ( وأقصد النخب والمخلصين المهتمّين بمصير شعبنا ومستقبل بلدنا ) أمام جملة أسئلةٍ تطرح نفسها بإلحاحٍ قبل الخوض في أية تجربةٍ ، لأنّ الواقع لن يتحمّل تجارب فاشلة ومن هذه الأسئلة : مامدى واقعية طرح فكرة المجلس العسكري ، وقيادة سياسية في ظلّ هذا الواقع المعقّد ؟.

مَن سوف يقبل ، ويتقدّم لتحمّل هكذا مسؤولية ، التي أشبه ماتكون بعملية انتحار ، والعمل في واقعٍ أقرب ، لا بل أصعب من السير في حقول ألغامٍ بدون خرائط ؟.

وهل هناك مصلحة دولية وإقليمية لإنهاء الصراع وإعادة الاستقرار لربوع سوريا ؟.

هل لدينا كوادر عسكرية كافية من الضبّاط والمختصّين الحاملين لمشروعٍ وطني سوري تغييري شامل بعيداً عن الولاءات الطائفية والقوموية والدينية ؟.

هل يستطيع أحد التعامل مع هذه اللوحة المعقّدة دون الوقوف على الأسباب التاريخية التي أدّت بشعوبنا إلى هذه الحالة المزرية ، وكذلك معرفة الجهات التي ساهمت في تزوير تاريخ المنطقة ، والرغبة الصادقة في الكشف عن الحقائق التاريخية المتعلّقة بشعوب هذه المنطقة ؟.

لكن هل نحن مؤهّلون أساساً كي نضع الأسس السليمة لمشروعٍ وطني سوري جامع ومعبّر عن وجود وحقوق جميع مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية بعد حقبةٍ طويلة من التزوير الممنهَج الذي قام به البعث ؟.

ولنكن موضوعيين ألم تكن المنطقة بكاملها من سوريا إلى العراق ومصر وليبيا …إلخ ، محكومة من قبل الدكتاتوريات العسكرية ، وعبر انقلابات دموية معروفة ، لماذا إذاً سوف يشذّ المجلس العسكري العتيد من تلك القاعدة ، ولن يتمسّك بالسلطة على غرار حافظ الأسد والقذافي وحسني مبارك وصدام حسين ؟. أليس جميع الضبّاط سواءً المنشقّين عن النظام ، أو المستمرّين معه هم خريجوا مدارس البعث ، وتشرّبوا بثقافة البعث العنصري ومنطلقاته التي أنتجت أجيالاً مشوّهة ؟.

لكن هل هناك بديل واقعي آخر يخرج بالشعب السوري من هذه المحرقة ، ويسقط البعث ؟.

ماهي الآليات والضوابط التي من شأنها كبح جماح العسكر ومنعهم من تغيير لباسهم وإعادة إنتاج دكتاتورية عسكرية بلونٍ آخر من خلال مسرحياتٍ انتخابية معروفة النتائج مسبقاً ؟.
ماهي الأسس التي يجب أن يتمّ وضعها كي يبقى العسكري تابعاً للسياسي المدني وليس العكس ؟.

ملخّص الكلام
إنّ التحديات التي سيواجهها المجلس العسكري – فيما إذا شاءت الأقدار وتوافقت مصالح المتدخلين الكبار ورأى النور – كبيرة وكثيرة ، منها ما تتعلّق بكيفية التخلص من الاحتلالات المتعدّدة المقنّعة والمباشرة ، ومنها ما تتعلّق بعشرات الميليشيات الطائفية العابرة للحدود ، وبالسلاح المنفلت الموزّع بشكلٍ رهيب على كامل مساحة الوطن ، ومنها ما تتعلّق بـ كيفية إخراج الإرهابيين المعولمين ، ومدى القدرة على التوافق بين كلّ هذه المتناقضات الموجودة في اللوحة السورية المعقّدة ، ومدى قدرة هذا المجلس في تمثيل مكونات الشعب السوري المختلفة ، ومدى قدرة القائمين على المجلس من تصحيح ذهنيتهم المشوّهة التي بناها البعث العنصري … إلخ.

لكن مع كلّ ذلك نحن محكومون بالأمل والعمل ، وبأن لانفقد الثقة بشعبنا ، وأن لانقطع الأمل بكوكبةٍ من الوطنيين من الاخوة ، عسكريين ومدنيين ، ومن مختلف المشارب والمكونات ، الذين مازالوا يشعرون بآلام شعبهم ووطنهم ، ووصلوا إلى قناعةٍ تامة بأنّ البعث كان السبب فيما وصلت إليه الأمور . وأنّ العمل الوطني الجماعي على تهيئة الظروف لإعادة إنتاج سوريا جديدة مختلفة عن سوريا البعث لجميع السوريين وبجميع السوريين هو الخيار الوحيد أمام الجميع .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى