آراء

قبل الدخول إلى الفوضى- استحقاقات القضية الكُـردية

مروان سليمان

في خضم حالة الانهيار النفسي و الاستسلام للواقع المفروض نتمنّى أن لا يكون صحيحاً التقدير بأنّ القادم من الأيام يحمل مخاطر كبيرةً بمكانة قضيتنا و مصير شعبنا ، حسب ما يُشاع على نحوٍ غير مسبوقٍ منذ أن وعينا و تعرّفنا على قضيتنا العادلة، وخصوصاً في ظلّ حالة الانهيار الشعبي و مؤامرات المحيط المجاور من الدول المحتلة لبلادنا واستفراد أنظمة المنطقة في التعامل مع قضيتنا عسكرياً وغياب أية حلولٍ تستند على العقل و الحكمة إقليمياً و دولياً.

الشعب الكُردي في أزمةٍ فعلاً لأننا نعيش كشعب بلا مؤسساتٍ قادرةٍ على قيادة المجتمع الكُردي أو حتى كمنظمات أو أحزاب يمكن القول بأنها تمثل فعلاً الشعب الكُردي على نحوٍ نقنع به أنفسنا قبل جماهيرنا و أصدقائنا و حتى أعدائنا و من هنا يجب تدارك الوضع المخطِر و التوقّف على حقيقة هذه الأزمة من خلال اتّباع تفكيرٍ جماعيٍ و باجتهادٍ من الجميع للوقوف على هذه الأزمة و التعاطي ضمن دائرة أو منطقة اتّفاق على خطورة الحال قبل وقوع الكارثة .

نصحو كلّ يوم على هذه الحالة من الفراغ السياسي و غياب من يمثّلنا و هذا ما يجعل حالة الارتباك أكثر و أقوى لدى الكُرد، فمَنْ هو الشخص الذي يستطيع أن يقود هذا الشعب سياسياً و عسكريا؟

و لكن في ظلّ هذا الوضع المنقسِم يكمن السؤال التالي :ما هي الطريقة الشرعية التي تحدّد مَنْ هو ممثّل هذا الشعب؟ و سوف تكون الكارثة أكبر إن أصبحت تلك الشرعية أو التمثيل مناطقياً قامشلو- عفرين- كوباني…….الخ و هذه الصورة في هذا المأزق ستنتج لوحةً سوداء قوامها أنّ الشعب الكُردي لا يملك كياناتٍ سياسية جديرة بالاعتبار مثل الشعوب الأخرى في أصقاع العالم و هذا الانطباع هو ما يطيح بالقضية التي يحملها الشعب الكُردي و هنا مكمن الخطورة مضافاً إليها الخلافات الداخلية الحادة داخل الحركة الكُردية التي عقّدت المشهد السياسي الكُردي بشكلٍ أكبر مع العلم أنه جرت بعض المحاولات و لكنها لم تنجح في تهيئة الحركة للأخطار المحدقة بنا مثل إستبعاد النوعية الأهمّ في تاريخ الحركة ذوي التاريخ النضالي و الوطني و هذا ما أدّى إلى تراجع مكانة الحركة و هيبتها التاريخية و اتّضح للأعداء بأنّ الإجماع الكُردي لا زال بعيداً ناهيك عن الأزمات الموجودة داخل كلّ حزبٍ من أحزاب الحركة السياسية الكُردية و تكلّس شخصياتهم و قوانينهم و استحواذهم على القيادة بشكلٍ أبديٍ و هذا ما جعل من المستحيل إفراز قيادة جديدة تحظى بقبول القواعد و الجمهور على حدٍّ سواء و من هنا حصل التراجع في الاهتمام للأعضاء و الحضور و الجمهور دون أيّ إدراكٍ للأسباب الحقيقية التي أدّت إلى ذلك و هذا التضاؤل في الحضور أفقدَ المؤسّسات الحزبية أهميتها و مكانتها و هذا كان من الأسباب التي برهنت على عدم الجدارة و جدارة تلك المؤسسات على فهم الوضع الدولي و الإقليمي و هو ما جعلنا تحت رحمة أعدائنا و دعم القوى العظمى للدول الإقليمية للتدخّل في شؤوننا حسب ما تتطلّب مصالحهم و بذلك أصبحت قضيتنا أكثر تعقيداً و نستنتج بأنها سوف تطول أكثر ممّا كنا نتصوّر.

هل هناك أسوأ من ذلك؟ و بها سوف تكون القوى الإقليمية ممتنةً لما يجري في داخلنا و ستطيل قضيتنا و ستطول بكل السبل حالتنا الممزَّقة و المنقسِمة، لأنّ الأعداء لن يجدوا فرصةً أفضل و أحسن من حسم صراعهم معنا حسب ما هم يريدون و هم في أحسن الأحوال و سوف تكون حجّتهم بأنّ الكُرد ليس لديهم من يمثّلهم و أوضاعهم غير قانونية و لا يجب إعطائهم أية فرصةٍ للمشاركة بأية عمليةٍ سياسيةٍ في المنطقة و يبدو أنّ البعض ممّن يدعون الكُردية جاهزون للذهاب في علاقاتهم السياسية و العسكرية و الاستخباراتية مع الأعداء و من البديهي أن يكونوا سعداء لما يحلُّ بالشعب الكُردي للمضي قدماً في تنفيذ مشاريعهم و مصالحهم الشخصية على حساب القضية الكُردية.

مروان سليمان

مركز الاستشارات في القضايا الإجتماعية- ألمانيا

06.04.2019

جميع المقالات المنشورة تُعبر عن رأي كتابها ولاتعبر بالضرورة عن رأي Yekiti Media

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى