كي لاتبقى الحقيقة غائبة (رداً على هذيان صلاح بدر الدين).. الجزء الخامس
فؤادعليكو
– حول اللقاء مع أحمد دياب عضو القيادة القطرية لحزب البعث واللواء محمد ناصيف رئيس إدارة المخابرات العامة.
من حيث المبدأ لا أرى غضاضة من حوار الحركة السياسية الكُردية مع النظام (باستثناء مرحلة الثورة السورية)، لأنّ القضية الكُردية لاتعالَج إلا من خلال الحوار مع السلطة السورية أية سلطةٍ كانت، لذلك عندما أعلمتنا القيادة حينها (1981) بوجودك في دمشق وحوارك مع عضو القيادة القطرية أحمد دياب استبشرنا خيراً وحلّلنا الوضع على الشكل التالي: بأنّ النظام في صراعٍ حاد مع الإخوان المسلمين ويخشى من خروج الوضع عن السيطرة لصالح الإخوان، لذلك فهو يحاول استمالة الكُرد والمسيحيين والدروز إلى جانبه بالإضافة للعلويين وهذا ما يشكّل نصف الشعب السوري وخوفاً من أن يستغلّ الإخوان واقع الاضطهاد والسياسة العنصرية الممارسة بحق الشعب الكُردي من قبل النظام، خاصةً وأنّ معظم الأكراد على المذهب السني، مما قد يشكّل أرضيةً خصبة لاصطفاف الكُرد إلى جانب الإخوان، وحينها سيتعقّد المشهد أكثر وتضيق الدائرة على النظام، لا سيما وأنّ للكُرد تواجد كبير في أكبر وأهم مدينتين دمشق وحلب، لذلك قام بهذه الخطوة من التفاوض، وتأكيداً على هذا الرأي أتذكّر في 1990 ذهبت أنا والرفيق إبراهيم شمس الدين عضو اللجنة المنطقية في دمشق والملقب اختصاراً (بروكا) ويعيش الآن في ألمانيا بزيارةٍ عادية للعقيد المرحوم محمد زلفو احد ضباط قيادة أركان الجيش السوري في عهد الانفصال 1962 وله الفضل على حافظ الأسد بإعادته إلى الجيش بعد فصله في زمن الوحدة وأعيد إليه الاعتبار وترفيعه إلى رتبة نقيب، لذلك كان حافظ الأسد يحترمه كثيراً وأرسل إليه في عام 1981 وزير إعلامه حينها المرحوم أحمد اسكندر أحمد (اي نفس عام لقاء صلاح مع دياب) وقال إنّ حافظ الأسد بعثني إليك لأخذ موافقتك في تعيينك نائباً لرئيس الجمهورية، عندها أدرك المرحوم زلفو، لماذا الآن يطلب منه حافظ الأسد ذلك؟.
ثم قال لوزير الإعلام: أعرف لماذا يقوم الرئيس بذلك الآن، وأنا بدوري سأقبل بهذه المهمة شرط أن يسلّمني الملف الكُردي حتى أستطيع أن أخفّف عنهم الحمل قليلاً مثل ملف المجرّدين من الجنسية وغيره من الملفات، وأنه والكلام لزلفو يدرك بأنّ ملف الكُرد السوريين ملف إقليمي، لذلك بحاجة إلى نوع من الهدوء في المعالجة، لكن حافظ الأسد لم يقبل بشرطه وهو بدوره لم يقبل أن يكون شاهد زورٍ على اضطهاد شعبه. وبعدها تمّ تعيين زهير مشارقة نائباً لرئيس الجمهورية.
من خلال سرد هذه الواقعة بالتوازي مع لقاء صلاح بأحمد دياب كان يفترض أن يردّ النظام على المذكرة، لكن يبدو أنه بعد السيطرة على الوضع الأمني والقضاء على الإخوان انتفت الحاجة للرد.
لكن مايحزّ في النفس ياسيد صلاح لماذا الكذب وتقول في المقابلة كانت هذه المرة الأولى والأخيرة في زيارتي لدمشق علما أنك زرت دمشق بعدها مرتين.
ففي المرة الثانية يقول السيد المرحوم كريم حسامي سكرتير الحزب الديمقراطي الكُردستاني الايراني الأسبق الذي توفّي 2001 في مذكراته ما يلي (قال لي صلاح إنّ أحد الضباط السوريين في بيروت طلب منا الذهاب إلى دمشق، وفي اليوم التالي أقلتنا أنا وصلاح بسيارة تابعة للجيش السوري إلى دمشق ،حيث استقبلنا مسؤول أمني يدعى أبو عدنان وقال لي ما يلي “نعرض عليك الذهاب إلى طهران، وسوف نمنحك جوازاً للسفر وبطاقة الطائرة ورجالنا هناك سيكونون في استقبالك، ويمكنك أن تلتقي بحافظ الأسد قبل أن تغادر “.
وكان جوابي لهم على الشكل التالي “أشكر دعوتكم لي، كنت أعتقد أنكم دعوتمونا لأجل حلّ القضية الكُردية، أنا ليس لديّ عمل في طهران يكفي أن يعمل حافظ الأسد على حلّ القضية الكُردية بشكلٍ سلمي).
وهنا تلفتنا ملاحظة بأنه كان لك صلة مع ضباط الأمن السوري في لبنان أيضاً، عكس ما كنت تروّج بأنك مطلوب من النظام السوري.
وفي المرة الثالثة زرت دمشق 1983 بعد دخول إسرائيل إلى بيروت بمعية عددٍ من القيادات الفلسطينية بينهم المرحوم (قائدك) ياسر عرفات إلى دمشق، وفي هذه الفترة التقيت باللواء محمد ناصيف وزوّدك ببطاقة عدم تعرض، والتي أظهرها لك الصحافي وقلت (اي صحيح هذا كان على الحدود أعطانا) أي فترة لقائك بأحمد دياب 1981 بينما الحقيقة البطاقة مؤرّخة بصلاحية الرخصة لمدة ستة أشهر تبدأ ب 17/7/1983 وتنتهي ب 16/1/1984 اي ستة أشهر (1) وقد سلّم الرفيق ربحان رمضان عضو اللجنة للحزب مسؤول منظمة دمشق صورة عنها إلى الرفيق بروكا وهو بدوره قام بتسليم نسخة منها للقيادة، لكن تمّ تسريبها لبعض الرفاق في المنطقيات والفروع، ولم يعطِ الحزب أهمية لذلك، واعتبرنا حينها بأنّ الظروف السياسية تغيّرت كثيراً ولكلّ مرحلةٍ ظروفها، ثم بقيت في دمشق عدة أشهر والتقيت بعدة شخصيات كُردية منهم المرحوم ملا محمد نيو وصالح كدو بينما رفضت اللقاء ببعض الرفاق من القاعدة منهم المرحوم مشعل والمرحوم زكي مسلم والرفيق مصطفى حسن من الحسكة ولازال فيها، وقد سبّب ذلك لنا إحراجاً كبيراً، خاصةً حين عقد منظمة الحزب في الدرباسية في قرية خويتلة ندوة يديرها الاستاذ حسن 1985، فما كان من المرحوم الرفيق مشعل تمو إلا أن رمى بتلك الرخصة الامنية في وجه الأستاذ حسن وقال: تفضّل أستاذ اشرح لنا كيف حصل الأمين العام عليها وهنا حدثت بلبلة في الندوة وتسبّب باشكالات كثيرة، ونتيجة لذلك اتخذت اللجنة المنطقية قراراً بتجميد الرفيق مشعل بسبب إساءته للأستاذ حسن والأمين العام (المفدّى)، ولم يلتزم الرفيق مشعل معك في فترة الانشقاق حباً بك لكن كما يقول المثل (ليس حباً ب زيد لكن كرهاً بعمر)، وبدليل أنه تركك بعد أول لقاء معك في الأردن 2000.
أما لقاؤك باللواء محمد ناصيف لم يكن لنا علم، مع أنني أعتبر الأمر عادياً لأنّ محمد ناصيف أحد الأعمدة الأساسيين للنظام حينها ويملك من الصلاحيات أضعاف ما كان يملكها عضو القيادة القطرية أحمد دياب. ولايدخل في خانة العمالة ابداً، فالعميل هو مَن يقبض مقابل تعامله وخدماته لجهةٍ ما، وليس لدي معلومات عن قبضك أيّ شيءٍ من النظام، لكن من النظام العراقي فحدّث ولاحرج، وقد طويت كلّ تلك الملفات بإسقاط صدام إلا قضية واحدة لازالت تفعل فعلها لم و لن يندمل الجرح، والقضية على ما يبدو لم تمت بالتقادم كما يوحى لك، لأنّ هناك امرأة حزينة تئنّ ألماً مع ولدين منذ اغتيال زوجها كمال شانباز والذي اعتقدنا حسب روايتك للحزب بأنه سقط شهيداً في معركةٍ مع الكتائب لكن الحقيقة كشفت لنا صدفة ففي 1994، كان هناك اجتماع للمكتب السياسي لحزبنا حزب الوحدة في حلب وذهبنا أنا والأستاذ حسن والمرحوم الأستاذ إسماعيل عمو والأستاذ شيخ آلي إلى مكان الاجتماع فواجهتنا امرأة بالكلام لي وللأستاذ حسن (لو كنتم مازلتم مع صلاح لما أدخلتكم منزلي) وعند الاستفسار عن الموضوع والسبب قالت: أنا زوجة الشهيد كمال شانباز الذي اغتاله صلاح بدرالدين بالتعاون مع العقيد ابو سندس الملحق العسكري للسفارة العراقية في بيروت لأنه رفض العمل معهم) وبعدها سألت المرحوم محمد كرو والرفيق (x) حول الرواية والاثنان أكّدا صحة الرواية وأضاف كرو بأنه تمّ تصفيته في غرفة التعذيب بمقرنا وتم رميه تحت جسر البربير واتهام الكتائب بذلك، وقد شاهدت غرفة التعذيب تلك المجاورة لقاعة المؤتمر الخامس في بيروت 1980. وكانت أم كاوا حاملاً بابنها حينذاك وسماه كمال تيمناً باسم زوجها الشهيد، ثم تزوجت فيما بعد برفيقنا المهندس إبراهيم جاجان، وكان اجتماعنا في منزلهما وهما الآن يعيشان في عامودا، ولا اعتقد أنّ أم كاوا وولديها سينسون جريمتك ابدأ. أما اغتيال ممثلي الحزب الديمقراطي الكُردستاني-عراق في بيروت محمد متو وغازي فرحو فلا معلومات لدي لكن أصابع الاتهام كانت تشير لك وللعقيد ابو سندس أيضاً حينها، وأتمنّى من الحزب الديمقراطي الكُردستاني – العراق فتح ملفيهما لأنه لازال هناك أشخاص أحياء وعاشوا تلك المرحلة في بيروت ومن الممكن الوصول لخيط الجريمة ولا أعتقد أنك بعيد عنها.
أما عن قصة تسمّمك من قبل محمد ناصيف فإنني أشكّ في روايتك وأعتقد أنها مختلقة لأنه بعد منحك بطاقة عدم التعرض بقيت في دمشق عدة أشهر واشتريت شقة مرتبة في حي المزرعة وقريبة من البنك المركزي وقد زرت شقتك بمعية الرفيقة شهناز ميقري أخت زوجتك وكان نسخة من المفتاح معها وضغطت عليها لزيارة الشقة من باب الفضول لا أكثر وكان ثمنها 40 ألف دولار كنت قد وفرتها من (مزارعك المربحة في جمعاية يا للسخرية)؟!.
لسببين:
الأول: لو كنت مستهدفاً لكان بإمكان النظام اغتيالك في بيروت وإنكار التهمة دون حرج خاصةً وأنّ النظام كان مسيطراً على بيروت حتى قبل الاجتياح الإسرائيلي لبيروت ولما قبلَ النظام بلقائك بأحمد دياب ولما كلّفك الأمن السوري بالتوسط لدى المرحوم كريم حسامي، إضافة إلى ذلك إذا كان لدى الأمن نية في اغتيالك فمن الأفضل اغتيالك في بيروت كما فعلوا في اغتيال المقدم محمد عمران والشهيد كمال جنبلاط وغيرهم من الشخصيات اللبنانية المعارضة لهم وكل هذه القضايا طويت ملفاتها وقيّدت ضد مجهول نظراً لسطوة النظام القوية في لبنان وكذلك اغتيال صلاح الدين البيطار في باريس في تلك الفترة. فلماذا يقومون باغتيالك في مكاتبهم.
ثم ألا تتذكّر عندما طلبت مني أن التقي بمحمد ناصيف أثناء لقائنا في بلغاريا، وقلت نفس الكلام حينها بأنّ محمد ناصيف يفكّر علوياً ويريد التقارب مع الكُرد، حينها قلت لك: هل هذا تكليف أم ماذا؟. فإذا كان تكليفاً بإمكانك أن تخبر الأستاذ حسن وليخبر بدوره المكتب السياسي واذا وافقوا فسوف أذهب حينها قلت: انسَ الموضوع، ولم تقل لي شيئاً عن تسمّمك، ثم إذا كانت الرواية صحيحة فلماذا تبعث برفيقك إلى شخص مجرم قام باغتيالك.
هذا كلّ ما يتعلّق بوجودك في دمشق ولقاءاتك في دمشق، فهل هناك شيء معيب حتى تكذب وتقول كانت المرة الأولى والأخيرة في 1981. ثم لماذا تعتبر لقاءك بالأمن السوري بطولة ومسألة عادية ولقاء المرحوم الأستاذ حميد درويش مع الأمن (عمالة) أليس هذا تناقض صارخ.
واخيراً هل الكذب جزء من طبعك، أو هو الخرف وهذيان أم كليهما ، لذلك خفّفت عنك واعتبرتها هذيان وللعمر حقه.
لكن آثار وجودك في دمشق وتداعياته لم تنته داخل الحزب، فقد علمت القواعد تدريجياً بموضوع البطاقة الامنية، وكثيرون منهم لم ينظروا للموضوع كما نظر البعض منا ببراءة، بل العكس اعتبروها عمالة موصوفة ولا يحتاج إلى شرح وهكذا بدأت سلسلة الاستقالات الهادئة ودون ضجة بدءاً بعضو المكتب السياسي المرحوم عبدالله غالبو والمرشح للجنة المركزية المرحوم رزو أوسي ومروراً بالمهندس المرحوم زكي مسلم والمرحوم الأستاذ حمزة حسن والمدرس الرفيق عبدالسلام حسين ابن قريتك و أول مَن فتح ملفك الأمني في المؤتمر السادس 1987 ثم المهندس أكرم حسين والمهندس دلشاد حاج حسن ملا عمر والأستاذ مصطفى حسن والأستاذ عبدالعزيز تمو وووووو والقائمة تطول، وكلّ هؤلاء كانوا كوادر متقدمة في الحزب، لكنهم فقدوا الأمل بمعالجة أزمة الحزب بسببك لذلك فضّلوا الانسحاب بهدوء، وأنا أنتقد نفسي بشدة على سكوتي أو دفاعي عن تصرفاتك المشينة في تلك الفترة.
للحديث بقية .
في الجزء السادس نتحدّث عن تاسيسك لمنتدى جلال بدرخان ولرابطة كاوا للثقافة الكُردية.
ربطاً نسخة من بطاقة عدم التعرض المشار إليها.
تنويه: نشر موقع المرصد الكُردي مقالاً للاعلامية سولين خليل عنك وفيها كلّ الوثائق المتعلّقة بمغامراتك وبهلوانيتك وسمساريتك مع الدول التي تقتسم كُردستان ومننشور في صفحتها أيضاً .