ما هو انعدام الجنسية؟
لافا عباس
التعريف القانوني الدولي للشخص عديم الجنسية هو كما يلي: ”الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطناً فيها بمقتضى تشريعها“. وبكلمات أبسط، يعني ذلك أنّ الشخص عديم الجنسية لا يحمل جنسية أي بلد. ويولد بعض الأشخاص عديمي الجنسية، بينما يصبح آخرون عديمي الجنسية في فترةٍ لاحقة من حياتهم.
تنشأ حالات انعدام الجنسية نتيجةً لعددٍ من الأسباب، منها التمييز ضد مجموعات إثنية أو دينية معيّنة، أو التمييز على أساس نوع الجنس؛ أو ظهور دول جديدة أو نقل ملكية الأراضي بين الدول القائمة؛ إضافةً إلى وجود فجوات في قوانين الجنسية.
ومهما كان السبب، فإنّ انعدام الجنسية لها عواقب وخيمة على الأفراد في كلّ بلد تقريباً وفي جميع المناطق حول العالم.
وترجع أسباب انعدام الجنسية بشكلٍ رئيسي إلى وجود ثغرات في قوانين الجنسية تؤدّي إلى انعدام في الجنسية. ولكلّ بلد قوانين تحدّد الظروف التي تُعطى الجنسية بموجبها للفرد أو تُسحب منه. وإذا لم تُصَغ هذه القوانين بعناية وتُطبّق بشكلٍ صحيح، فقد يُستبعد بعض الناس ويكونون أو يُصبحون من عديمي الجنسية. ومن الأمثلة على ذلك الأطفال الذين لا يكون أهاليهم معروفين أصلاً في بلد تُكتسب فيه الجنسية على أساس النسب. ولحسن الحظ، فإنّ معظم قوانين الجنسية تعترف بهؤلاء الأشخاص كمواطنين في الدول التي يتواجدون فيها.
هناك عامل آخر قد يساهم في تعقيد الأمور ويتمثل في انتقال الأفراد من البلدان التي وُلدوا فيها.
ويمكن أن يتعرّض الطفل الذي يولد في بلدٍ أجنبي لخطر التحوّل إلى عديم الجنسية في حال لم يسمح هذا البلد بمنحه الجنسية على أساس الولادة فقط، وإذا لم يكن بلد المنشأ يسمح لأحد الوالدَيْن بمنح جنسيته لطفله على أساس الروابط الأسرية.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر القواعد التي تحدّد من يستطيع نقل جنسيته إلى أولاده ومَن لا يستطيع تمييزيةً أحياناً. فلا تسمح القوانين في 27 بلداً للنساء بمنح جنسيتهنّ لأطفالهنّ ومنها الدولة السورية، بينما تفرض بعض البلدان قيوداً على منح الجنسية لبعض الأعراق والإثنيات كما حدث لذلك في حالة مكتومي القيد والأجانب من القومية الكُردية في سوريا ،حيث تمّ تجريد مئات العوائل الكُردية من الجنسية السورية أو عدم منحهم الجنسية لكونهم ينتمون إلى القومية الكُردية بعد إحصاء عام ١٩٦٢
ومن الأسباب المهمّة الأخرى هي نشوء دول جديدة وتغيير في الحدود. وفي العديد من الحالات، قد لا تحصل فئات محددة على الجنسية نتيجةً لذلك ،وحتى عندما تسمح البلدان الجديدة بمنح الجنسية للجميع، فغالباً ما تواجه الأقليات الإثنية والعرقية والدينية صعوبةً في إثبات صلتها بالبلد المعني. وفي البلدان التي لا تُكتسب فيها الجنسية إلا من خلال النسب، ينتقل انعدام الجنسية إلى الجيل التالي.
وأخيراً، يمكن أن ينتج انعدام الجنسية أيضاَ عن خسارة الجنسية أو الحرمان منها. وفي بعض البلدان، يمكن أن يخسر المواطنون جنسيتهم ببساطة بسبب عيشهم خارج بلدانهم لفترةٍ طويلة من الزمن. ويمكن للدول أيضاً أن تحرم المواطنين من الجنسية من خلال التغييرات في القوانين التي تترك مجموعات كاملة من الأفراد من دون جنسية، وذلك وفقاً لمعايير تمييزية على غرار الإثنية أو العرق.
وقد جاء في ديباجة اتفاقية UNIVERSAL INSTRUMENt بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية “إن الأطراف السامين المتعاقدين، إذ يضعون في اعتبارهم أنّ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، قد أكّدا مبدأ وجوب تمتع جميع البشر، دون تمييز، بالحقوق والحريات الأساسية، وإذ يضعون في اعتبارهم أنّ منظمة الأمم المتحدة قد برهنت في عدة مناسبات على اهتمامها البالغ بالأشخاص عديمي الجنسية وحاولت جهدها أن تضمن لعديمي الجنسية أوسع ممارسةٍ ممكنة لهذه الحقوق والحريات الأساسية، وإذ يضعون في اعتبارهم أنّ الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، المعقودة يوم 28 تموز/يوليه 1951، لا تشمل من عديمي الجنسية إلا أولئك الذين هم لاجئون في الوقت نفسه، وأنّ هناك كثيرين من عديمي الجنسية لا تنطبق عليهم تلك الاتفاقية،
وإذ يرون أنّ من المستحسن تنظيم وضع عديمي الجنسية وتحسينه باتفاقٍ دولي،”قانون الجنسية السورية هو القانون الذي ينظّم اكتساب الجنسية السورية ونقلها وفقدانها. الجنسية السورية هي صفة المواطن السوري ويمكن الحصول عليها عن طريق الولادة أو التجنس.
فيما يتعلّق بقانون الجنسية السوري الذي صدر في عام 1969 بموجب المرسوم التشريعي 276. هو القانون الذي ينظّم اكتساب الجنسية السورية ونقلها وفقدانها. وحسب هذا القانون فالجنسية السورية هي صفة المواطن السوري ويمكن الحصول عليها عن طريق الولادة أو التجنس.
حيث ينصّ قانون الجنسية السوري على أنه يُعتبر سوريا حكماً:
آ- مَن ولد في القطر أو خارجه من والد سوري.
ب- مَن ولد في القطر من أم سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً.
ج مَن ولد في القطر من والدين مجهولين أو مجهولي الجنسية أو لا جنسية لهما ويُعتبر اللقيط في القطر مولوداً فيه وفي المكان الذي عُثر عليه فيه ما لم يثبت العكس.
د- مَن ولد في القطر ولم يحقّ له عند ولادته أن يكتسب بصلة البنوة جنسية أجنبية.
هـ- مَن ينتمي بأصله للجمهورية السورية.
الجنسية السورية تحدّدها في الغالب الأبوة (الأب) وذلك ما يعرف بقانون حق الدم فمكان الولادة غير ذي صلة، والولادة في سوريا لا تمنح الحق التلقائي في الجنسية السورية. وهذا يعني في أغلب الحالات أنّ الأفراد يعتبرون من المواطنين السوريين بصرف النظر عما إذا كانوا يولدون داخل سوريا أو خارجها ما دام أبوهم يحمل الجنسية السورية ولا تمنح الولادة لأم سورية الجنسية تلقائياً. إذا تزوّجت امرأة سورية من زوج أجنبي، فإنّ أطفالها سيحصلون على جنسية الزوج الأجنبي وليس لديهم أي مطالبة بالجنسية السورية، حتى لو ولدوا وترعرعوا في سوريا. وتتمثّل التداعيات القانونية في أنّ هؤلاء الأشخاص يواجهون عدداً من العقبات، أحدها عدم قدرتهم على العمل في القطاع العام.
لذلك الولادة في سوريا لا تمنح في حد ذاتها الجنسية السورية لأنّ حق مسقط الرأس لا يطبّق.
ومن حالات اكتساب الجنسية لعديم الجنسية أو مكتوم القيد إثبات نسبه إلى أبويه الحاصلين على الجنسية السورية من خلال دعوى إثبات النسب، ويُعَرّف “النَسَبْ” بأنه إلحاق الولد لأبيه، وما يترتّب على ذلك من الالتزامات المتبادلة بينهما، من عطف الأب على ولده وتربيته وتعليمه حتى يبلغ أشده والتوريث فيما بينهما وغير ذلك من الالتزامات المتبادلة بينهما، من عطف الأب على ولده وتربيته وتعليمه حتى يبلغ أشده والتوريث فيما بينهما وغير ذلك من الالتزامات والحقوق الأدبية والمالية.
إضافةًً لحق الولد في حمل جنسية أبيه، أما نسب الولد إلى أمه فهو ثابتٌ في كلّ حالات الولادة شرعيّة كانت أو غير شرعية، ومما لا شكّ فيه أنّ موضوع النسب من المواضيع الهامة والحسّاسة جداً، بسبب ما يترتب عليها من نتائج تؤثّر على العلاقات الاجتماعية والمالية كنفقة القرابة والإرث، وما يرتّبه ذلك من آثار قانونية تولّد مراكز قانونية لكلّ فرد من أفراد هذا المجتمع.
والحالات التي عيّنها المشرِّع السوري في قانون الأحوال وحسب الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض السورية ما يلي:” يثبت النسب بالإقرار بالبنوة أو بالزواج أو بالوطء بشبهة، ولابدّ للمدّعي من إيضاح دعواه على ضوء ذلك كله”.
– وقد جاء قانون الأحوال الشخصية السوري في المواد رقم ١٢٨ وحتى ١٣٦ منه على حالات النسب وثبوتيته، ومن أهم حالات ثبوت النسب وأكثرها شيوعاً النسب الناشئ عن عقد الزواج لأنه الأصل في النسب، وبه يلحق الابن بأبيه، ويلتزم كلّ منهما بواجباته نحو الآخر، ومتى ثبت نسب الولد من أبيه بواسطة الزواج لم يعد هناك حاجة إلى إثبات النسب عن طريق الإقرار أو طريق البيّنة (الشهود)، وبناءً على ذلك فقد أخذ المشرع السوري لثبوت النسب إمّا:
١- ثبوت النسب بالإقرار: وذلك في المواد ١٣٤ إلى ١٣٦ من قانون الأحوال الشخصية السوري التي نصّت على أن:” الإقرار بالبنوة ولو في مرض الموت لمجهول النسب يثبت به النسب من المقرّ، إذا كان فرق السن بينهما يحتمل هذه البنوة. وإقرار مجهول النسب بالأبوة أو الأمومة يثبت به النسب، إذا صادقه المقرّ له وكان فرق السن بينهما يتحمّل ذلك.
والإقرار بالنسب في غير النسب بالبنوة والأمومة لا يسري على غير المقرّ بتصديقه“.
٢- ثبوت النسب بالبينة: فإذا لم يثبت النسب بالعقد الصحيح بين الزوجين أو بالإقرار، كالشهادة من قبل الطبيب المختص أو شهادة بالشهرة والتسامع وفقاً لما تقبل به البينة بالزواج إذا كان مشهوراً، فيترتّب على إثبات الزواج جميع آثاره، حتى لو لم يعرف العقد وتاريخه.
ومما تقدّم فإنّ للابناء الحق في اكتساب جنسية آبائهم واجدادهم وإن من يمتّ بأصوله إلى دولة معينة له الحق بالتمتع بجنسية تلك الدولة بما لها من حقوق وواحبات دون تمييز بغضّ النظر عن دينه وعرقه ولأنه موجود بشخصه أو أصوله قبل تلك القرارات والمراسيم التي جردته من جنسيته أو لم تمنحه بدون وجه سبب قانوني أو إنساني.