ماذا غاب عن المؤتمر؟؟؟ الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا
شفيق عبدو
انتظر الشعب الكردي انعقاد المؤتمر التوحيدي طويلاً، بوصفه الأمل الأخير لهم خلاصاً من الأوضاع المزرية التي يرزحون تحت وطأته، منذ بداية الثورة السورية.
الجماهير كانت تواقة إلى أن يخرج عن المؤتمر حزب جماهيري مؤسساتي، يقود الجماهير الملتفة حوله في مرحلة من أصعب مراحل تاريخ الشعب الكردي، وذلك من خلال التخصص المكتبي وتوزيع المهام، وجعل العقل الجماعي بديلا عن العقل الفردي.
كان الأمل كبيراً بأن يقف المؤتمر أمام التحديات الصعبة، التي يواجهها الشعب، ويجد حلولاً لمشاكلهم، ولقضيتهم التاريخية، لكن غابت عن المؤتمر أشياء هامة جداً:
غابت عن المؤتمر روح الكردايتي بوصفها العنوان القومي الذي خلقها المرحوم الكبير والأب الروحي للشعب الكردي البارزاني الخالد، وغلبت عليه المزاج الشخصي والروح العشائرية والانتماء القروي، كثقافة خطيرة سيطرت على عقلية بعض القيادات الضعيفة التي لا تجد لنفسها مكاناً إلا من خلالها. فانتصرت هذه الرؤية على أحد شعارات المؤتمر(من أجل تعزيز نهج الكردايتي) وقد يدفع الكرد ثمناً لها.
غابت عن المؤتمر أثناء انتخاب القيادة الجديدة الطاقاتُ الكبيرة والهائلة لشخصيات تحمل كفاءات علمية (شهادات دكتوراه، والماجستير، والإجازات الجامعية) وحلت محلها شهادات ثانوية وإعدادية وابتدائية نتيجة انتشار المحسوبية وقوائم الظل التي قامت بدور إقصائي عنيف. فالحزب الجماهيري المؤسساتي لا يمكن بناؤه من خلال قيادة ضعيفة، ويبقى شعار آخر للمؤتمر في مهب الكلام الأجوف (توحيد الصف الكردي من أجل تحقيق أهدافه المشروعة).
غاب عن المؤتمر محاسبة المسيئين، والمتكتلين عشائرياً، والمتقاعسين، والمشكوك في مواقفهم من الثورة السورية، مما يفتح المجال واسعاً أمام ضعاف النفوس للتلاعب بمصير الشعب الكردي.
غاب عن المؤتمر النقد البناء، والاتزان العقلي في إيجاد الحلول المفيدة، فقد ساد على جو المؤتمر هرج ومرج أثناء طرح الاقتراحين:الأول: القاضي بجعل السكرتارية الأربعة لجنة تقود المؤتمر. والثاني بقبول انتخاب سكرتير أو بعض أعضاء المكتب السياسي من خارج الوطن، حيث طالب (الهرج والمرج) بأن يكون السكرتير والمكتب السياسي من الداخل، ورغم ذلك تمّ انتخاب ما يقارب نصف القيادة من الخارج. هل هذا يؤشر إلى أن الكرد لا يملكون استراتيجية سياسية أو تنظيمية؟ أم أنّ إرادة خفية فرضت نفسها وراء الكواليس وأنتجت هذا الأمر؟
غابت عن المؤتمر مناقشة القضايا المصيرية، الموقف من الثورة والمعارضة، العلاقة مع المجلس الكردي الآخر، المشروع الكردي لحلّ القضية الكردية، وأمور كثيرة جوهرية، كلها وردت في التقرير السياسي الذي قدمه السيد مصطفى جمعة، وقد وردت فيه نقاط متعلقة قبل مؤتمر جنيف2، ويبدو أنّه لم يتم فيه تعديل بما يتناسب والمستجدات.
غاب عن المؤتمر كل ما هو جديد سياسياً وتنظيمياً وفكرياً. وسيطر عليه التكتل وروح الانتهازية للتسلق إلى القيادة.