ماذا يريد حزب العمال من إقليم جنوب كوردستان
جان كورد
نعلم جميعاً أن مركز القرار السياسي لحزب العمال الكوردستاني في جزيرة عمرانلي، حيث يتواجد زعيمه السيد عبد الله أوجلان منذ نهاية القرن الماضي، وأن مركز قيادته العسكرية في جبل (قنديل) في أقصى الشمال من جنوب كوردستان، وهذا يعني أنه أضعف من أن تكون له قيادة في شمال كوردستان. ولذا فإن الحزب يعطي أهميةً فائقة لأجزاء كوردستان الأخرى، بعد الفشل الذريع له في تحقيق أية انتصارات عسكرية في شمالها وفي الوصول إلى اتفاقٍ بصدد السلام وحق الشعب الكوردي مع الحكومة التركية. وها هي أحزاب أخرى كالحزب الديموقراطي الكوردستاني – تركيا وحزب الحرية (آزادي) الكوردستاني تثبّت من مواقعها في شمال كوردستان وتستقطب الجماهير رويداً رويداً، من دون أن تستخدم السلاح والعنف، وهذا تأكيدٌ على أن السلاح وحده لايكفي في صناعة القرارات السياسية واستمالة الجماهير.
على أثر هجوم داعش على إقليم جنوب كوردستان وجد حزب العمال الفرصة ملائمةً للتدخل الواسع في شؤون الإقليم، لقيامه بإرسال بعض مقاتليه للقتال ضد داعش، وسعى في هذه الظروف الحرجة لتكوين “إدارة ديموقراطية” (كانتون) في منطقة سنجار، على غرار ما قام به في غرب كوردستان، من دون مساهمةٍ لأي حزب كوردي عراقي في ذلك، بل إنه أعلن (سنجار) منطقةً لا علاقة لها بالإقليم، وكأنه يمثل في هذا الأمر وجهة نظر البعثيين الصداميين ومن على شاكلتهم في المنطقة. وحدث هذا التطور السياسي في موقف حزب العمال في ظروف الهجوم الإرهابي الواسع لداعش على الإقليم، هذه الظروف التي تفرض اتخاذ الحذر والتشاور في البدء بأي مشروعٍ سياسي أو عسكري كان، ثم بدأ بالمطالبة بتشكيل مركز قرار سياسي كوردستاني مشترك ومجلس عسكري مشترك بين قواته والبيشمركه، بعد أن دفع بأتباعه في أوروبا لمطالبة الحكومات الأوربية بعدم دعم القيادة الكوردية في جنوب كوردستان بالسلاح في حربها ضد اعتداءات داعش، واليوم يخرج أنصار هذا الحزب الذي فقد البوصلة الكوردية فعلاً ليتظاهروا ضد مؤتمر الأمن الذي انعقد في ميونيخ الألمانية وهم يحملون صور زعيمهم أوجلان، في ذات الوقت الذي يناشد فيه الرئيس مسعود البارزاني العالم الحر الديموقراطي في داخل المؤتمر بضرورة دعم الشعب الكوردي في خندق الكفاح ضد الإرهاب… أليس هذا تناقضاً في سياسة من يدعو إلى وحدة القرار الكوردي؟
فماذا يريد هذا الحزب من إقليم جنوب كوردستان حقاً؟
معلوم أن إعادة إعمار مدينة كوباني لن تتم عن طريق جهود حزب الاتحاد الديموقراطي أي حزب العمال الكوردستاني وحده، وإنما يتطلّب فتح ممرات واسعة على تركيا، وهذا ما لن تقوم به تركيا إن لم تكن قد وضعت يدها على كل ما يتعلّق بالمشروع الإعماري، مادياً وسياسياً، وهناك احتمال واحد فقط، هو أن يساعد الإخوة الكوردستانيون في جنوب كوردستان في كسر الجليد بين الحزب العمالي والحكومة التركية في هذا الموضوع. إذ روسيا وإيران ونظام الأسد لن يقوموا بإعادة إعمار كوباني المهدمة، والكورد السوريون ليست لديهم الإمكانات الكافية لذلك. وعليه لابد من ممارسة ضغوط هائلة على قيادة الإقليم لتقدّم تنازلاتٍ سياسية مثلما حدث في قضية تآلف أحزاب الحركة السياسية في غرب كوردستان، وهذا الأسلوب المافياوي لإرغام الآخرين على انتهاج سياسة ما يُمارَسُ ببراعة من قبل الحزب العمالي على الدوام.
من جهة أخرى، فإن هجوم داعش على الإقليم لم يكن إلا لعرقلة جهود قيادته لإعلان الاستقلال الكوردي في حال فشل الدكتور حيدر العبادي كحامل آخر أمل في انقاذ وحدة العراق، وبفشل داعش وهزيمته النكراء وبتضحيات البيشمركه الأبطال الكبيرة ارتفعت أسهم هذه القيادة المناضلة كوردستانياً واقليمياً ودولياً، ولا بد لأعداء حرية واستقلال الكورد من إيجاد من يأخذ موقع داعش في الهجوم على الإقليم، إن لم يكن عسكرياً فسياسياً على الأقل، وهل هناك أفضل من الكورد الذين يرفضون فكرة “الاستقلال”، وقديماً ضرب الأعداء شعبنا بعضه ببعض على الدوام ونجحوا في ذلك.
إن حزب العمال يتناسى أو لا يعلم حقاً أن أحزاب جنوب كوردستان وحكومته ورئاسته لا تزال جزءاً من العراق حسب الدستور، فكيف يمكن لها عقد اتفاقات سياسية وعسكرية تتقاسم فيها سلطتها وقدراتها مع حزبٍ من خارج العراق؟ فهل وصل الجهل السياسي إلى هذا الحد مع “عجائز قنديل!” أم أنهم يمارسون تكتيكاً خطيراً لفتح باب حربٍ كوردية – كوردية طاحنة كما في تسعينات القرن الماضي؟ وكيف ستتمكن قيادة إقليم جنوب كوردستان من تسويق “مجلس عسكري مشترك” و”إدارة سياسية مشتركة” عراقياً ودولياً مع حزب العمال الكوردستاني الرافض لفكرة “الدولة الكوردية” في شمال كوردستان، ولكنه مع هذه الدولة في جنوبها، وهو حزب لايزال على لائحة التنظيمات الإرهابية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
لابد وأن التعاون والتنسيق بين أحزاب الكورد في سائر أجزاء كوردستان ضروري وهام، وهذا ما تسهر عليه قيادة جنوب كوردستان، فلماذا الإصرار على ما قد يوقع الكورد جميعاً في مطباتٍ خطيرة. ولماذا لا تطالب أحزاب شرق كوردستان أو غربها بهذا المجلس العسكري أو السياسي المشترك؟ وهل يرى هذا حقاً له لأن مقاتلي حزب العمال قد جاؤوا للدفاع عن كركوك وسنجار، في حين هذا ليس حقاً لسواه؟
بالتأكيد على قيادة إقليم جنوب كوردستان ابداء اهتمام زائد بمطالب إخوتهم من خارج الإقليم، ولكن لا يحق لأحد أن يطالبها بإشراكه في قراراتها السياسية والعسكرية، وبخاصة في هذه المرحلة التي تتطلّب وجود “دبلوماسية كوردستانية” حذرة للغاية. إن سحب سلاح الغدر والتهديد من أيادي الأعداء مهم جداً، ولكن لا يحق لهذه القيادة أن تقبل بابتزازها وارضاخها باستخدام لهجة التهديد، بعد أن أثبتت جدارتها في الحرب ضد داعش وحلفائه خاصة.
لماضي؟ وكيف ستتمكن قيادة إقليم جنوب كوردستان من تسويق “مجلس عسكري مشترك” و”إدارة سياسية مشتركة” عراقياً ودولياً مع حزب العمال الكوردستاني الرافض لفكرة “الدولة الكوردية” في شمال كوردستان، ولكنه مع هذه الدولة في جنوبها، وهو حزب لايزال على لائحة التنظيمات الإرهابية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
لابد وأن التعاون والتنسيق بين أحزاب الكورد في سائر أجزاء كوردستان ضروري وهام، وهذا ما تسهر عليه قيادة جنوب كوردستان، فلماذا الإصرار على ما قد يوقع الكورد جميعاً في مطباتٍ خطيرة. ولماذا لا تطالب أحزاب شرق كوردستان أو غربها بهذا المجلس العسكري أو السياسي المشترك؟ وهل يرى هذا حقاً له لأن مقاتلي حزب العمال قد جاؤوا للدفاع عن كركوك وسنجار، في حين هذا ليس حقاً لسواه؟
بالتأكيد على قيادة إقليم جنوب كوردستان ابداء اهتمام زائد بمطالب إخوتهم من خارج الإقليم، ولكن لا يحق لأحد أن يطالبها بإشراكه في قراراتها السياسية والعسكرية، وبخاصة في هذه المرحلة التي تتطلّب وجود “دبلوماسية كوردستانية” حذرة للغاية. إن سحب سلاح الغدر والتهديد من أيادي الأعداء مهم جداً، ولكن لا يحق لهذه القيادة أن تقبل بابتزازها وارضاخها باستخدام لهجة التهديد، بعد أن أثبتت جدارتها في الحرب ضد داعش وحلفائه خاصة.