
مجلس إيزيديي سوريا: سوريا عـلى مـرّ التاريخ كانت ومازالت أرض الحضارات و الأقليات وليست دولة الأكثريات
الإيزيديين الذين هاجروا خلال السنوات الماضية كان نتيجة الاضطهاد المزدوج( مرة لأنهم كُرد و مرة أخرى لأنهم ليسوا مسلمين)
Yekiti Media
بعد عقودٍ من الإنكار و التهميش في ظلّ الحكومات السورية المتعاقبة، يسعى أبناء الديانة الإيزيدية الكُـردية إلى تثبيت حقوقهم في الدستور السوري الجديد بعد إسقاط نظام بشار الأسد المخلوع وحزب البعث المنحل.
يكيتي ميديا حاورت مجموعة من أعضاء مجلس أيزيديي سوريا حول الهوية والحقوق والدستور وسوريا الجديدة والمستقبل والهوية والحقوق.
يكيتي ميديا : كيف تقيّمون وضع الإيزيديين في سوريا اليوم مقارنةً بفترات سابقة؟
مجلس إيزيديي سوريا: رغم أنّ الايزيديين في سوريا يشكّلون جزءاً مهماً من الهوية التاريخية والثقافية لسوريا إلا أنهم وعلى مرّ الحكومات التي تعاقبت على الحكم في سوريا ظلّوا مهمّشين و محرومين من أبسط حقوقهم الدينية والاجتماعية وخاصةً في فترة حكم الأسدين الأب والابن، حيث تمّ اضطهادهم وتهميشهم و أسلمتهم بشتى الوسائل إلى أن انخفضت نسبتهم من ٣٠% من عدد السكان الأصليين،علماً بأنّه في فترة الانتداب الفرنسي على سوريا ( ١٩٢٠.حتى١٩٤٦) كان لهم تمثيل في الحكومة الفرنسية آنذاك، وأما بعد ٢٠١١ عانى الايزيديون كباقي المكونات السورية وأخوتهم الكُرد في كافة مناطق تواجدهم خاصةً في حلب، عفرين وبعض المناطق في محافظة الحسكة ك سري كانييه شتى المعاناة سيما بعد سيطرة الجيش التركي والفصائل الإسلامية المسلحة على المنطقة، فلم يبقَ في القرى الايزيدية بعفرين إلا القليل منهم ( معظمهم من كبار السن ) و في سري كانيي أٍفرغت القرى الايزيدية من سكانها الأصليين.
ولكن بعد سقوط النظام المجرم في سوريا والمستجدات التي حصلت فيما بعد عاد قسم كبير من الإيزيديين إلى بيوتهم و لكن مازال القسم الأكبر من إيزيديي عفرين و سري كانيي إلى اليوم نازحين خارج قراهم .
يكيتي ميديا: هل تعتقدون أنّ الدستور السوري الجديد يجب أن يتضمّن اعترافاً رسمياً بالإيزيديين؟ وما الصيغة التي تفضّلونها؟.
مجلس إيزيديي سوريا: إذا أردنا أن نختصر الإجابة على هذا السؤال نرى بأنّ أحد أهم الأسباب التي أدت إلى معاناة الايزيديين منذ إعلان استقلال سوريا وحتى الان كان نتيجة تهميش الإيزيديين من دساتير تلك الحكومات سيما و الإيزيديين يشكّلون حالة خاصة بين كل مكونات الشعب السوري كونهم ليسوا عربا وليسوا مسلمين ولذلك لايمكن حمايتهم إلا من خلال نص دستوري واضح يضمن حقوقهم و حماية خصوصيتهم الدينية والاجتماعية وتمثيلهم إدارياً في دوائر الدولة ( وخاصة في الدوائر الخاصة بالأحوال المدنية) كي لايكونوا- كما كانوا سابقاً – تابعين لمحاكم إدارية اسلامية وخاصةً في حالات الزواج والطلاق و تحديد المهر و حصر الأرث و إلزامهم بكتب التربية الاسلامية في المدارس.
لذلك أحد أهم مطالبنا في سوريا الجديدة هو الاعتراف الدستوري بالديانة الايزيدية.
وهنا نودّ الإشارة إلى أنّ المجلس الوطني الكُردي في سوريا وفي مؤتمره الثالث الذي انعقد في مدينة قامشلو في 16.06.2015 تبنّى هذا البند في برنامجه السياسي.
يكيتي ميديا : ما أبرز التحديات التي تواجه المجتمع الإيزيدي فيما يتعلّق بالحفاظ على هويته الثقافية والدينية؟
مجلس إيزيديي سوريا: التحديات التي تهدّد المكون الايزيدي وهويته التاريخية والثقافية والدينية تتوقف على نوع نظام الحكم في سوريا المستقبل وأبرز تلك التحديات هو النظام الإسلامي لأنّ معظم الويلات التي حلّت بالإيزيديين عبر التاريخ كانت من قبل المسلمين ( الترك والعرب و الكُرد) .ولذلك يسعى الايزيديون مع باقي مكونات الشعب السوري إلى نظام علماني ديمقراطي من خلال دستور حضاري يحمي البلاد والعباد، ويصون حقوق كافة المكونات السورية، ومن ضمنهم الايزيديون.
يكيتي ميديا: كيف ترون مستقبل التمثيل السياسي للإيزيديين في سوريا؟ هل تعتقدون أن نظام الكوتا حلٌ مناسب؟
مجلس إيزيديي سوريا: لطالما الايزيديون هم أقلية ضمن المكون الكُردي في سوريا فبغضّ النظر عن نوع وشكل نظام الحكم سواءً كان علماني ديمقراطي أو ديني ، و مهما كانت هناك إنتخابات حرة و نزيهة و ديمقراطية في سوريا فلا يمكن أن يتمّ تمثيل الإيزيديين سياسياً من خلال الانتخابات، ولذلك فإما بمواد فوق دستورية وإما من خلال نظام كوتا يضمن نسبة تمثيلهم.
يكيتي ميديا: هل تفضّلون أن يكون للإيزيديين صوت مستقل في المفاوضات مع دمشق، أم ضمن المجلس الوطني الكُردي أو غيرهم؟.
مجلس إيزيديي سوريا: بدايةً يجب أن لا ننسى بأنّ الإيزيديين أينما كانوا فهم جزء من الشعب الكُردي بآلامه وآماله و كمجلس إيزيديي سوريا فنحن جزء من المجلس الوطني الكُردي و ملتزمون بأهداف المجلس بما يخصّ مطالب الشعب الكُردي في سوريا المستقبل وقضايا أخرى أيضاً، وكما قلنا سابقاً بأنّ المجلس الوطني الكُردي في سوريا تبنّى مشكوراً في مؤتمره الثالث الاعتراف الدستوري بالديانة الإيزيدية ولطالما مطلبنا هو إيصال الصوت الإيزيدي ومطالبه بشكلٍ صحيح إلى المكان الصحيح فليس هناك خلاف بيننا حول كيفية التفاوض مع دمشق ،فنحن متفاهمون و متفقون سواء كنا موجودين ضمن الوفد المفاوض أو لم نكن موجودين، لكن – وبالإتفاق مع المجلس الوطني – هذا لايمنع بأن يكون لنا صوت مستقل في المفاوضات سواءً كان عبر تواصلاتنا الخاصة أو من خلال تحالفاتنا مع عدة جهات و أطراف وطنية وديمقراطية في سوريا وحقيقةً لا نعتقد بأنّ هناك أي طرف كُردي في سوريا سوف يقف حجر عثرة أمام مطلبنا هذا.
يكيتي ميديا: كيف يمكن للمجتمع الإيزيدي أن يعزّز وجوده في المشهد السياسي السوري دون أن يكون تابعاً لأي جهة معينة؟
مجلس إيزيديي سوريا: هذا يتوقّف على نوع وشكل المشهد السياسي الذي سيتصدّر في سوريا المستقبل ، فلا يمكن لحكومة اللون الواحد والدين الواحد والمذهب الواحد واللغة الواحدة أن تعزز سوى نفسها وبهذه الحالة ليس ففط الإيزيديون وحدهم سيكونون مهمشين و غائبين عن المشهد السياسي فحسب وإنما مجمل مكونات الشعب السوري سيكونون غائبين ومهمشين لأن النظام السياسي لأي دولة يفرز نوع من العلاقات السياسية و الاجتماعية والثقافية بين مكوناته، فلايمكن لا للإيزيديين و لغيرهم من المكونات أن يتعزّز دورهم في ظلّ نظامٍ لايؤمن بالتعددية وبالديمقراطية والعدالة الإجتماعية وبتنوع الثقافات .
لذلك يجب الخلاص من ثقافة التبعية للشخص الواحد والحزب الواحد والقومية الواحدة، سوريا دولة متعددة القوميات والثقافات والاديان لذلك يجب الحفاظ على هذا الارث ضمن دستور عادل ومنصف.
يكيتي ميديا: كيف تقيّمون الوضع الأمني في المناطق التي يتواجد فيها الإيزيديون.
مجلس إيزيديي سوريا: بعد سقوط النظام المجرم حدثت تطورات إيجابية ملحوظة في مناطق عفرين حيث عاد قسم كبير من النازحين الإيزيديين إلى بيوتهم وبالمقابل بدأت بعض الفصائل المسلحة التي كانت تقوم بالإنتهاكات تغادر المنطقة فخفّت نسبة الإنتهاكات ولكن إلى الآن مازالت الأوضاع الأمنية غير آمنة وغير مستقرة ومازال هناك أعمال السطو والنهب تحدث في بعض القرى سيما ومازال آلاف العفرينيين وبينهم مئات العائلات الإيزيدية الذين تمّ نزوحهم من مخيمات الشهباء وتل رفعت إلى مناطق الطبقة والرقة لم يعودوا بعد إلى بيوتهم… ونؤكّد هنا بأنّ الامن والاستقرار هما الأرضية الصحيحة لنمو المجتمعات وبنائها.
يكيتي ميديا: هل ترون أنّ هناك وعياً كافياً في المجتمع السوري حول الإيزيديين، أم أنّ هناك حاجة لمزيد من الجهود لتعريف الآخرين بخصوصيتكم الثقافية والدينية؟
مجلس إيزيديي سوريا: خلال فترة حكم الأسدين الأب والأبن لأكثر من نصف قرنٍ كانت العلاقات الإجتماعية والثقافية بشكلٍ عام بين مكونات الشعب السوري محاطة بنوعٍ من الحظر وعدم الأمان ناهيك عن حالة الخوف التي ورثها الإيزيديون نتيجة الفرمانات التي جرت بحقهم لذلك وللحفاظ على وجودهم مارسوا طقوسهم الدينية وقسم من خصوصياتهم إلاجتماعية بعيداً عن الانظار وهنا يجب أن لاننسئ ايضاً بأنّ ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية كانت ممنوعة من قبل النظامين المجرمين ؛ لأنّ ممارسة تلك الطقوس في نظر سلطة البعث المقيت هو بمثابة إنماء الشعور القومي الكُردي في سوريا ولذلك بقيت العلاقة بين الإيزيديين ومن حولهم محدودة و ضمن ما يسمح به .
والسبب الآخر والأهم هو التخلف الإجتماعي والثقافي و العقلية العروإسلاموية التي دائماً كان ينظر إلى الآخر بأنه تابع له وليس شريكاً معه .
فبهذه العقلية الشوفينية كانت تتعامل الحكومات المتعاقبة على الحكم في سوريا مع مواطنيها…وللحقيقة والتاريخ نقول بأنّ مجلس ايزيديي سوريا منذ تأسيسه وحتى اللحظة نجح نجاحاً باهراً في التسويق لقضية ايزيديي سوريا والتعريف بالديانة الايزيدية وتمكّن من تأسيس علاقات جداً قوية مع كافة المكونات السورية المختلفة.
في النهاية نقول بأنّه رغم ما تعرّضنا له من مظالم وحملات إبادة جماعية إلا أننا بقينا مكوناً مسالماً ندعو إلى الخير والسلام والأمان لجيراننا قبل أنفسها، هذه الديانة علّمتنا حبّ الناس بغضّ النظر عن انتمائاتهم، علّمتنا حبّ الطبيعة وزرع أشجار التين والزيتون.
يكيتي ميديا: ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الإيزيدية في تعزيز الحوار والتعايش بين المكونات المختلفة.
مجلس إيزيديي سوريا: إلى حين قيام الثورة السورية في ٢٠١١ كان جلّّ نشاطات الإيزيديين تختصر فقط على إنشاء جمعيات ومراكز دينية وإحياء المناسبات الدينية ولكن بعد قيام الثورة بدأ الايزيديون ينظّمون أنفسهم، فظهر ولأول مرة في تاريخ إيزيديي سوريا تنظيم سياسي باسم مجلس إيزيديي سوريا وكما قلنا سابقاً بأنّ هذا التنظيم لعب دوراً واضحاً و مباشراً على تعرف المكون الايزيدي في سوريا بباقي مكونات الشعب السوري وتمثيل الإيزيديين السوريين في المحافل الدولية والإقليمية، فكان تأسيس هذا المجلس بمثابة ثورة داخل المجتمع الإيزيدي نفسه .
ولكي لا نكون مجحفين وللإنصاف نقول بأنّه كان هناك جمعيات وتنظيمات ايزيدية سورية أخرى كان لها أيضاً دور وكلٌ من موقعه. وهنا ومن حلال منبركم الموقر هذا نوجّه دعوة إلى كافة هذه الجمعيات والتنظيمات بضرورة عدم إهمال مبادة مجلس ايزيديي سوريا حول توحيد موقف المكون الايزيدي السوري لنكون صوتاً واحداً أمام التحديات التي تواجهنا ومن أجل المشاركة الفاعلة في تعزيز وتقوية ثقافة الحوار والتعايش السلمي مع كل مكونات الشعب السوري.
يكيتي ميديا: ما هي رؤيتكم لمستقبل الإيزيديين في سوريا؟ هل ترون أنّ البقاء داخل البلاد هو الخيار الأفضل، أم أنّ هناك رغبة متزايدة في الهجرة؟
مجلس إيزيديي سوريا: الايزيديون كانوا ومازالوا عبر التاريخ يشكّلون جزءا مهماً ورئيسياً من الهوية التاريخية والثقافية والقومية للمنطقة الكُردية ليس في سوريا وحدها وإنما على كامل الجغرافيا الكُردية، وبقاؤهم على أرضهم هو بقاء الهوية التاريخية والثقافية للشعب الكُردي أولاً ولشعوب المنطقة برمتها، لذلك كافة أطراف الحركة الكُردية في سوريا مطالبة اليوم بالدفاع عن هذا المكون وضمان حقوقه دستورياً، ومعروف عن الايزيديين بأنهم متشبثين بأرضهم وموطنهم التاريخي ومعظم الإيزيديين الذين هاجروا خلال السنوات الماضية كان نتيجة إما الاضطهاد المزدوج( مرة لأنهم كُرد و مرة أخرى لأنهم ليسوا مسلمين) وإما لسوء الأوضاع الأمنية والمعيشية، فليس هناك إيزيدي واحد ترك بيته حباً بالهجرة.
لذلك فاليوم ولأكثر من أي وقت مضى نسعى ونعمل وبكل جهد لعودة كافة الإيزيديين المهجّرين بالعودة إلى بيوتهم في عفرين و سري كانييه وغيرها فليس للإنسان سوى أرضه و وطنه.
يكيتي ميديا: ما الرسالة التي تودّون توجيهها لصنّاع القرار في سوريا حول مطالب الإيزيديين؟
مجلس إيزيديي سوريا:: ما نريد إيصاله إلى مراكز صنع القرار هو أنّ سوريا على مرّ التاريخ كانت ومازالت أرض الحضارات و الأقليات وليست دولة الأكثريات ولن تزدهر سوريا إلا بأبنائها ومكوناتها، فيجب عليهم الاعتراف بتعدديتها القومية والثقافية والدينية، والعمل على نظام حكم تعددي ديمقراطي و دستور حضاري يحمي البلاد والعباد ويصون حقوق الإنسان والأقليات ويؤمن بحرية المرأة وحقوقها و بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
مجلس ايزيديي سوريا24 شباط 2025