مذبحة كوباني ..اذا عرف السبب بطل العجب
عبدالغني علي يحيى
وصفت مذبحة كوباني التي وقعت في 25-6-2015 بأنها ثاني اكبر مذبحة ارتكبها تنظيم الدولة الاسلامية – داعش- في سوريا، اذ اسفرت عن سقوط نحو 500 شخص بين قتيل وجرح اضافة الى اسر 50 شخصاً حسب الهلال الاحمر الكردستاني وكانت لاصدائها ردود فعل داعمة للشعب الكردي في غرب كردستان كردستانيا ودولياً، فادارة الرئيس الامريكي اوباما جددت عدم تخليها عن كوباني، أما الرئيس مسعود البارزاني فلقد ادان المذبحة وطالب المجتمع الدولي بالتضامن مع كوباني وتقديم العون لها، في حين ناشد نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول علي العالم الخارجي بانقاذ كوباني من محنتها على وجه السرعة وعلى مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والانسانية. من جانبه نشر اتحاد برلمانيي كردستان بياناً وصف المذبحة تلك بالوحشية، ويعتبر هذا الاتحاد احد الاتحادات الهامة في كردستان واشدها تأثيراً. وفي لقاء لي برئيسه الاستاذ نعمت عبدالله اعلن عن اسناد اتحاده لاهالي كوباني خاصة والكرد السوريين عامة، داعياً حكومة اقليم كردستان والاطراف السياسية الى اسعاف المنكوبين ومساعدتهم.. الخ من الجهات والاصوات المنتصرة للمدينة الجريحة كوباني.
اللافت في مجزرة كوباني الدامية انها نفذت وسط الانتصارات المدهشة لوحدات حماية الشعب الكردي على فلول داعش في الاونة الاخيرة الى درجة ان الرأي العام في المنطقة والعالم توقع تحرير تلك الوحدات مدينة الرقة السورية التي تعد بمثابة المعقل الرئيسي والعاصمة لداعش. عليه فأن استغراباً شديداً هيمن على العالم نتيجة اختراق داعش لكوباني خلل تلك الانتصارات والمعنويات العالية للجماهير الشعبية الكردية، ويبدو ان الذي لم يؤخذ بالبال، ان الحرب مع داعش التي قيل عنها انها قد تمتد لاعوام، وفي كل الحروب الطويلة كما نعلم فأن مباديء: الكر والفر والتقدم والانسحاب والانتصارات والهزائم من الثوابت التي تلازمها وكان الاجدر بقيادة وحدات حماية الشعب ان تولي عنايتها بتلك المبادئ وتعمل على (مسك الارض) بعد تحريرها لكوباني والسعي لابقاء البيشمركة لفترة اطول في كوباني سيما وانها ادت دورا مشهورا في تطهير كوباني من داعش. ولا ننسى ان الجيوش التي تساعد شعوباً على تحرير اوطانها تمكث لفترة طويلة في هذه الاوطان لحين انجاز النصر النهائي والتام، وكان حرياً بقيادة pyd ان تعمل على تعبئة كل الشعب الكردي في سوريا وافساح المجال امام المجلس الوطني الكردي السوري للمشاركة في ادارة المناطق المحررة والدخول معه في جبهة كردستانية عريضة، ففي حروب التحرر الوطني ليس من الصحيح تهميش اية قوة وطنية سواء اكانت كبيرة أم صغيرة. ثم ان تسلل داعش الى كوباني بالسهولة التي رأيناها ومن عدة محاور في ان معاً، ولقد وصف بعضهم جزءا من تكتيكه بحصان طروادة، يوحي كأن كوباني كانت مدينة مفتوحة أو منزوعة السلاح امام الغزاة الداعشيين في وقت كان الاولى بالمقاتلين الكرد ان يكونوا في يقظة تامة وعلى مدى ال 24 ساعة من اليوم وخصوصا اذا علمنا أنهم كانوا في حالة حرب ومازالوا. ان غياب التأهب الدائم واليقظة المتواصلة، سهلا من نجاح هجوم داعش المباغت. والهجمات المفاجئة غالباً ما تسمى بالهجوم على الطريقة (الاسرائيلية والتي اصبحت مصطلحا بعد حرب حزيران عام 1967 وليس قوات حماية الشعب وحدها التي لم تراعي هذا الجانب، بل قوات البشمركة ايضاً يوم داهم داعش سنجار والگوير ومخمور ..الخ من المدن والمناطق الكردستانية التي كانت خاضعة للبيشمركة.
ان نزوح اكثر من (60) الف مواطن كردي في يوم الهجوم على كوباني، نحو تركيا، يدل على ضعف التعبئة الشعبية في غرب كردستان وعدم استثمار الثروة البشرية واستغلالها، فبين الـ(60) الف ذاك لابد وان يكون هناك (20) الف شخص قادر على حمل السلاح. ان عسكرة المجتمع الكردستاني وجعل الشعب في حالة من التأهب الدائم وهو يخوض حرباً دموية مع داعش ويواجه مؤامرات مستمرة من القوى الاقليمية، ضرورة قصوى يجب عدم اغفالها. واعود الى نزوح العدد الهائل من الكرد والذي حصل بشكل عفوي واقول على أنه دلالة على مدى عزلة القيادة الكردية عن الجماهير ليس في غرب كردستان فقط أنما في جنوبها أيضاً، وكأن هذه الجماهير لا ترى في المعركة ضد داعش معركتها وتقدم على تصرفات عفوية دون الرجوع الى قياداتها، بل ان القيادات هذه مارست بدورها العفوية والتطير حين شاركت الجماهير في النزوح لهذا فانها تتحمل مسؤوليه الاندفاعات النزوحية العفوية للشعب، فهي قاصرة بحق في تثقيف وتوعية الجماهير والاحتكاك بها وتوجيهها عند المنعطفات، على الكرد وضع حد للحالات العغوية والنزوح الفوضوي واشكال من التطير ان جاز القول، ففي كردستان العراق حصلت هذه الحالات اكثر من مرة سيما في النزوح المليوني عام 1991 والى حد ما في 2014 عندما هاجم داعش مدناً ومناطق كردستانية في المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 الدستورية.
ان غياب الابتكارات والأبداعات والخطط العسكرية الفنية لدى الكرد أمر مسلم به، علماً أنها، الابتكارات ضرورية وغالباً ما تجعل من فئة صغيرة تتغلب على فئة كبيرة، ان الذي يؤسف له ان ذهن القادة العسكريين الكرد لا يتفتق عن الابتكارات والابداعات القتالية، وذلك على الضد من داعش، مثال ذلك دخول داعش الى كوباني بملابس جنود قوات الحماية الشعبية، فضلاً عن ممارسته شبه اليومية لاعمال حرب العصابات التي لا تخطر ببال القيادة العسكرية الكردية. دع جانباً ضعف الجانب الاستخباري، داعش مثلاً دخل كوباني من أكثر من بوابه، وفي هجومه على جنوب كردستان عام 2014 فان اي عائق لم يعترضه.
Al_botani2008@yahoo.com