معركة حلب بداية التقسيم السوري
بات المشهد واضحا على المتتبع العادي ناهيك عن المتتبع السياسي على ان المعارك الاخيرة التي تشهدها حلب هي من اكبر المعارك التي شاهدتها سوريا منذ اندلاع ثورتها في ربيع 2011م و تمخضت عن اصرار النظام بالاستيلاء على كامل المدينة و طرد الفصائل المسلحة منها و من اطرافها لتعود ورقة حلب بيده و التلويح بها كأهم سهم ربحي في المفاوضات التي ستكتمل جولاتها لاحقا في جنيف و من هنا حصل ردة فعل قوية للفصائل المسلحة و حلفائها و لعل من ابرزها فك ارتباط جبهة النصرة عن القاعدة و تسميتها بجيش فتح الشام و تكوين غرفة عمليات مشتركة بين الفصائل سميت بغرفة عمليات حلب و ظهور اسلحة نوعية و تنسيق كامل في محاور القتال و المكاسب التي حققتها على الارض و خاصة الاستيلاء على بعض الكليات و المدارس العسكرية و التي كانت تعتبر من أهم مقومات وجود النظام العسكرية في حلب. و لكن لا يبدو بان تلك التنسيقات و تلك التكتيكات العسكرية للفصائل المعارضة العسكرية قد ولدت من باب الصدفة حيث كان التشتت و المفارقة و احيانا التناحر فيما بينها طاغية على كل تلك الفصائل لفترة طويلة من الزمن و من هنا يستنتج بأنه لا بد من توفير جهود و ضغوط اقليمية او دولية سعت لتلك المقاربات و حتى يمكن القول بأن فك ارتباط جبهة النصرة عن القاعدة قد آتى في السياق ذاته .
في معركة حلب ستحاول الاطراف المتنازعة من دون شك ان تتشبث بها ما امكن لما تشكله حلب ليس كعاصمة اقتصادية سورية و انما ايضا كعاصمة لها خصوصيتها الطائفية ( السنية ) و ستصبح كبوابة استراتيجية للحل السوري برمته و لتلك الاعتبارات لا بد ان نشاهد في الايام القادمة صراعا داميا و أيام عصيبة و لا سيما ان النظام و حلفاءه سوف لم يبقوا مكتوفي الأيدي و ستكون النتيجة مفصلية في الصراع السوري و ستجر الاحداث على الاغلب لتشمل عدة مناطق اخرى و سيولد هذا الصراع الذي سيطول نوعا ما خريطة سياسية جديدة و تقسيم حتمي لمكونات الشعب السوري و ذلك بعد الوصول الى النتيجة الحتمية لعدم استطاعة المكونات على التوافق و العيش المشترك من جديد فيما بينها . و ان اي توافق سياسي دولي مستورد للمستقبل السوري ضمن الجغرافية الحالية دون حلا فيدراليا او كونفدراليا لا تكون صحية و ستخلق في المستقبل نزاع دام قد يندم السوريين عليها مرة اخرى و عندها لا يفيدهم الندم .
بهجت شيخو