مــن جديد… كـركـوك والترف الكوردستاني “رد على مصطفى زين”
وليد حاج عبدالقادر
من جديد يعيد بنا السيد مصطفى زين لأجواء الخطابات والكلمات المتضخمة والتي كنا نجزم بأنه وزملاءه في نفس المدرسة قد استدركوا خطله بعد كل هذه المخاضات خاصة في السنوات الأخيرة و .. أقله أدركوا عمليا فجاجة المنطق المرافقة لمرادفات باتت حتى مفاتيح الطباعة / تتعسلج / في طباعتها .. رؤى وتفاسير يبدو أنها / وليسمح لي / قد تكلست جيولوجيا في ذهنية تأبى إن تتعايش الحقيقة لا الإقرار بها فيسعى لمنهجتها في تاريخية منتقاة وبتوزيع هش حتى ببعده الجغرافي فيبدو التنصيص مربكا وقد اختلطت الحقائق في ذهنية الكاتب كانعكاس حقيقي وترسخ تلكم الثقافة التي تأبى الخروج من شرنقة الذات والذات هي هنا تلكم الروح الجمعية المتماوجة / و لتصبح هنا هي الغرابة ذاتها / مع النمط الصهيوني وإرث الأجداد في غياب مطلق تماما / في موضوعنا هذا / من أبسط الأحجيات المسنودة ، نعم ! يبتزل السيد مصطفى زين في زاويته بصفحة الرأي من جريدة الحياة * وبعنوان / كاكا يستعد للاستقلال /
وببساطة شديدة أقول : عدت مراراً إلى تاريخ العدد عساني أكون مخطئا فتكون الزاوية كتبت في عهد الطاغية وهيمنة الفكر القوموي وبطراز صدامي عنيف أو لربما إلى حقب جد عميقة في إبعادها التاريخية و .. ليستند إلى طوباوية تاريخية أيضا بدل إن تسعفه لتدفع به صوب مطبات قاصمة و .. / وهذا ما تأسفت عليه / هذا الباحث لملء زاويته حشوا مفرغا وكأنها هي الأحقاد التاريخية وثارات عبس وغيرها وما يسميه بالربيع العربي وقد تزامل مع مجازر وتهجير وتطهير عرقي وليوقع نفسه ببساطة شديدة في الفخ الذي رسمه فيقول .. / .. وهاهي القبائل الكردية تستغل هذا الواقع الآن ساعية إلى إعلان كردستان الكبرى الموزعة بين العراق وتركيا وإيران وسوريا .. / وفي الوقت الذي صدق هو في هذا وان لم تكن هي غايته بقدر ما أراد بها التسلل وليثبت على أحسن تقدير افقه الضيق والذي حوطه متقصداً / سيما في هذا العصر / بسياج من النقص المعرفي كمتلازمة يعاني منها غالبية المدرسة التي ينتمي اليها ، ولربما هو إصرار في أن تكون الغاية أساسا هي انتقائية في الفهم من جهة ومزاجية التعليل المرافق ! ..
يتناسى الإعلامي القدير وصاحب المهنية العالية لا أنكر : بأن غالبية حيثياته النابذة طردا للحق الكوردي هي إدانات لكل تعليلاته وحججه الواهية فيدخل ذاته في لعبة متناقضات لا تليق بسويته المهنية ولا إمكاناته الثقافية المفترطة وليبدو ذلك الجاهل بمجمل كوردستان والقضية القومية الكوردية تاريخياً بثوراته وانتفاضاته وبات الواحد منا كورديا يلزمه / فيما لو نزل إلى سوية نقاشاتهم / كتب التأريخ من جهة أو تذكير أمثال السيد زين بأن ما يرويه عن قامشلو وكركوك مثلا توازي تماما ما يقوله هو حينما يقارن دير ياسين قبل المجزرة وطرد سكانها وواقع عدد ونسبة انتماء قاطنيها !! ..
من المفترض لمن يكتب زاوية يستهدف بها رأيا عاما إن يحترم بداهة عقلية ومنطق القراء سيما إذا تعامل مع مرحلة معاصرة والتي لن تعيبه مطلقا التعرج على التاريخ وان ما تناسى الآثوريون ووو ولكنه تقصد بالمطلق والتعرج على إن كركوك تاريخيا كانت تتبع لها اربيل والسليمانية و بعيدا عن المنطق الخطأ أحيل السيد زين إلى نصوص أول اتفاقية بين قيادة الثورة الكوردية في كوردستان العراق مع أحمد حسن البكر / اتفاق آذار ١٩٧٠ / ومن ثم كيف إن الخلاف على وضع كركوك كانت السبب في إجهاض الاتفاق وكان ذلك عام ١٩٧٤ وبعدها لعب صدام لعبته القذرة في محيط تابعية محافظة كركوك إلى التأميم وعمل فيها لصقا ونسخا وضم أجزاء منها إلى محافظات أخرى والحق بها وهكذا في لعبة فاضحة للتحايل على الجغرافية بشقيها الحدودي والديمغرافي والى الآن لا يزال الشعب الكوردي يطالب إن يتم تقرير مصير هذه المحافظة بالعودة إلى إحصاء عام ١٩٥٧ .. وليبلغ السيد زين ! لا بل ويتجاوز كل أفق المنطق السليم حينما يقول / كاكا يحتفل برفع علمه في كركوك ويطالب بالاستقلال فاستعدوا للحروب المقبلة / على هدي الميليشيات الشيعية متناسين تماما بأن الكورد قاوموا كل هذه الأنظمة وهي في قمة سطوتها لا بل وصمدت رغم حروب الإبادة وحلبجة الشاهدة الناطقة .. والأنفال لا تزال تضج بقبورها غير المكتشفة بعد ! .
أمر / أقله / يبدو مفعما في الدعوة إلى هيمنة قوة ودورة عنف ما وفر فيه حتى الكيمياء وبقي أصحاب الحق متشبثين بحقوقهم وسقط الطغاة صرعى وبقيت القضية تتقدم .. أن يقفز كاتب مثل مصطفى زين على حقائقية إبادة جماعية ويحتكم إلى وهم التقمص المؤامراتي وكمن يتنكر لجريمة دير ياسين في فلسطين فيقول / .. بحجة أن النظام السابق قد عربها ، خلال ما عرف بحملة الأنفال ، علما أن إحصاء عام ١٩٧٩ يفيد أن العرب يشكلون ٧٢ في المائة من سكانها / وهنا ؟ حقيقة تاه الكاتب وتهنا معه عن أيتها المعطيات التي ارتكز عليها حتى في هذه النسبية المعتمدة ؟ .. وبغض النظر عن اعترافه أو من دونها ب / ما عرف بحملة الأنفال ؟! / وبالتالي ما مس في الأساس جوهر قضية كوردستان سيما الجزء الذي الحق بعراق سايكس بيكو !! ..
:. إذن لو كانت نظم العراق المتتالية مقتنعة بهكذا إحصائية ؟ فلماذا كانت ولا تزال تتهرب إذن من الاستفتاء ؟ وفي حالة إقرار هذا المبدأ ؟ .. أوليس من المفترض تطبيع الأوضاع وإعادة الأمور إلى حقائقيتها ؟ أم في الإقرار بوقائع التغيير الديمقراطي وسياسات الطرد والضم والإلحاق ؟! .. عندما طالب الكورد وكانت من الشروط المتوافقة ايضا في اعتماد إحصاء ١٩٥٧ والشكل الإداري أيضاً لا بقضم مقاطعات مثل جمجمال وبنجوين وأقضيه عديد ولمحافظات عديدة ؟! … وفي العودة المبسط وحتى لا نربك القارئ في السير التاريخية المدونة كل حسب انتمائيته استميح العذر من القراء في ذكر عدة نقاط من مقال قديم لي منشور في صحف ومواقع كوردية عديدة وباللغة العربية * : …
من الناحية التاريخية :
1 ـ تدل الدراسات الأثرية لمدينة كركوك بأنها بنيت على إطلال مدينة ـ نوزي ـ التي كانت عاصمة لإحدى الممالك الميدية …
2 ـ مدلول الاسم /كركوك / ومعناه سواءً بالعربية أو التركية … ووجود أكثر من معنى أو تفسير لها بالكردي وأقربها الفج أو غير الناضج … إضافة إلى معان أخرى متعددة …
3 ـ خريطة من أيام الاحتلال العثماني قبل حوالي / 240 سنة / وموقعة من السلطان العثماني آنذاك مثبت عليها كركوك كمدينة كردستانية …
4 ـ وكذلك ورد لأكثر من مرة في كتاب الدولة العلية وهي دراسة لحياة السلاطنة والسلطنة العثمانية في أواخر عهدها … ورد فيها أكثر من مرة كركوك كتابعة لولاية كردستان …..
إما بالنسبة للسكان وتبعيتهم القومية وعددهم ؟؟ :
1 ـ قدر يوسف جبرائيل حوالي عام 1873 سكان كركوك من 12 إلى 15 ألف نسمة أغلبيتهم المطلقة من الكرد وفيها 40 عائلة ارمنية …
2 ـ الإحصائيات العثمانية قدرت عدد سكان كركوك ب / 30000 / نسمة منهم 22000 كرد والباقي تركمان وعرب وأرمن ويهود …
3 ـ إعلامي آخر ويعرف ب شمس الدين ـ يعتقد انه الباني ـ يقول إن ثلاثة أرباع سكان كركوك هم من الكرد
4 ـ الإحصائيات المعتمدة من قبل الحكومات العراقية حتى عام 1957 حينما كانت جمجمال وكفري وغيرها مناطق تابعة إدارية لكركوك … حيث تبين تلك الإحصائيات إن الأغلبية من السكان أصولهم كردية حيث لم تقل نسبتهم أبداً عن 47% والباقي عرب وتركمان ويهود وأرمن …
5 ـ وفي مراجعة سريعة لكتاب الكاتب الإنكليزي ــ ديفيد ماكدولد ــ والذي يناقش فترة الانتداب البريطاني للعراق يؤكد مركزية مدينة كركوك حتى لمدينة هولير ودهوك كونها مركزا نشطا للنضال التحرري الوطني الكردي …..
إما بخصوص سياسة التعريب فقد تسلسلت منذ ثلاثينيات القرن الماضي حيث كانت بدايتها في العهد الملكي واهم مراحلها على سبيل الذكر لا الحصر : …
1ـ عندما بوشر بانجاز مشروع ري الحويجة عام 1936 استقدمت الحكومة عشائر العبيد وأسكنتهم فيها
2 ـ ازدادت وتيرة التعريب شدة منذ عام 1963 وبصورة أوسع عام 1968 ولتزداد شراسة بعد عام 1975 ليصل نسبة العرب عام 1977 إلى أعلى نسبة … / ..
ومن جديد وفي العودة إلى متن زاوية السيد مصطفى زين وميكانيكية القفز على الوقائع بالالتجاء إلى نظرية المؤامرة وبول برايمر ومن ثم الارتكاز على مفهومية القوة و إظهار الكورد كقوة متحفزة تتأهب للانقضاض على حقوق غيرهم سيما بعد هزيمة داعش / متناسيا كعادته حجم التضحيات الكوردية.
و .. أكثر ما يستفز في متن كلماته هو اللجوء العنيف بصيغة تهديديه يرتكز على رغائبية متحكمة يتمناها إن / .. انفصال لن يكون سهلا ولا سلميا بسبب التناحر الداخلي أولاً / وهذا الأول أثبتت الوقائع الكوردستانية في التعالي عنها أمام قضية قومية مصيرية تمثلت في الموقف الموحد إن في البرلمان أو حتى الحراك السياسي النشط والمسؤول من الأحزاب الكوردستانية والتي ينعتها السيد مصطفى زين .. / .. اليبشمركة لن تنسحب من الأراضي التي دفعت دماء لاستعادتها على ما قال رئيس الإقليم مسعود بارزاني ووافقه في ذلك بقية زعماء القبائل – الأحزاب فلكل قبيلة كردية حزبها ( للبارزانيين .. الديمقراطي وللطالبانيين .. الاتحاد الوطني ) … أما عامل الصعوبة الثاني فيراه مصطفى زين في / .. ورفض الدول المعنية بالأمر وخوفها من انتقال العدوى إليها ثانيا.
وبموقعها الجغرافي وتحالفها مع إسرائيل والولايات المتحدة ستكون كردستان الكبرى قاعدة لتقسيم أربع دول وإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط كله . لكن تحقيق هذا الحلم رهن بحروب تستغرق عشرات السنين.
و .. يعلن مصطفى زين حروبه متناسيا القراءة المتأنية لإرهاصات سايكس بيكو عربيا ومحتوياته من وعد بلفور وما يتماس مع جغرافيات عديدة شابتها ضم وإلحاق ما ابتدأت حينها بقضية الأحواز ولا قص ولصق شط العرب مرورا بلواء اسكندرون ومعها قضايا حتى في عمق الشمال الإفريقي عربيا .. وببساطة وفي اختصار شديد للظاهرة الحربجية أذكر السيد زين بعديد الثورات الكوردية ومنذ القرن السادس عشر / ثورة سنان ضد الشاه الصفوي / مرورا إلى انتفاضات البدرخانيين والنهري وسمكو والبارزانيين وثورة محمود الحفيد وللتذكير أقول له : لقد شهرت الدول الأربعة سيوفها وحكمت طوق كماشتها وتشارك جيشا سوريا والعراق في محاولة وأد الثورة الكوردية في كوردستان العراق بقيادة ابرز قادة الحركة القومية الكوردستانية الراحل مصطفى البرازاني وسلاحهم كانت عدة قطع من الرشاش وبنادق البرنو والإرادة المستمدة من شعب وجبال كوردستان وتلتها الاف الغارات وتدمير كل البنى التحتية وشطب المئات من القرى والأنفال والتغيير الديمغرافي والآن وباختصار : أدعوك ان تتأمل هولير / اربيل / والسليمانية ودهوك وزاخو وقارنها ببغداد وغيرها … الأستاذ مصطفى زين : مصطفى البرزاني لم يتنازل عن كركوك متسلحا برأي راع كوردي قالها في وجهه والطالباني رغم الخلافات البينية سنين السبعينيات وقبلها تشبث أيضاً بمقولة أن / كركوك : هي قلب كوردستان .
وهنا أتساءل : .. إن كانت لكم قلوب والقلوب هي التي تبقي على الحياة ، ولطالما تتشبثون بقلوبكم فلما تستكثرونها وتنكرونها على غيركم …
وليد حاج عبد القادر كاتب كوردي مقيم في دبي
* زاوية / كاكا يستعد للإستقلال / جريدة الحياة السبت الواقع في ٨ /٤ / ٢٠١٧ عدد ١٩٧٢٧ صفحة ٩
* مقال منشور لي … سنة ٢٠٠٩ اكتوبر وبمواقع كوردية عديدة