هدنة تركية – إيرانية في سورية
أسفرت وساطة تركية – إيرانية عن هدنة موقتة لثلاثة أيام في مدينة الزبداني شمال غربي دمشق قرب حدود لبنان، وبلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام السوري في ريف إدلب قرب حدود تركيا، في وقت وسع التحالف الدولي- العربي غارته لتشمل فصيلاً رئيسياً في «جيش الفتح» الذي يقاتل قوات النظام في ريف إدلب، بالتزامن مع مقتل وجرح 160 مدنياً بغارات على غوطة دمشق وبحث الدول الأعضاء في مجلس الأمن إقرار بيان رئاسي يدعم جهود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
وقال نشطاء معارضون و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن مفاوضات بين «حركة أحرار الشام الإسلامية» ووفد إيراني في تركيا أسفرت عن هدنة موقتة لمدة يومين بدءاً من صباح أمس، تستمر خلالهما المفاوضات للوصول الى اتفاق دائم يتضمن خروجاً آمناً لمقاتلي المعارضة من الزبداني التي تتعرض لحملة من قوات النظام و «حزب الله» مقابل إدخال مواد غذائية لبلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المواليتين للنظام واللتين تعرضتا لحوالى 1400 قذيفة في اليومين الماضيين.
وقال مصدر ميداني سوري لاحقاً: «تم تمديد هدنة وقف العمليات العسكرية في مدينة الزبداني وفي مدينتي الفوعة وكفريا لمدة 24 ساعة إضافية تنتهي صباح السبت المقبل»، فيما أفاد ثلاثة مسؤولين قريبين من النظام بأن الهدنة جاءت نتيجة وساطة قامت بها تركيا التي تدعم مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الرئيس بشار الأسد وإيران التي تسانده بقوة.
وتمثل هذه الخطوة أحدث المؤشرات حتى الآن على ظهور نهج جديد في المنطقة تجاه الصراع السوري، الذي أسفر عن مقتل ربع مليون شخص وتشريد عشرة ملايين. واستؤنفت قبل أيام المفاوضات بين «أحرار الشام» والوفد الإيراني برعاية تركية، بعدما حذرت «أحرار الشام» في بيان من مساع إيرانية لـ «تفريغ الزبداني من السنة العرب».
وأعلن التوصل الى الاتفاق عشية وصول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى دمشق ولقائه الأسد. ونقلت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) عن ظريف قوله إن المحادثات «كانت جيدة وتركزت على حل الأزمة في سورية، وآن الأوان للاعبين الآخرين وجيراننا أن يهتموا بالحقائق ويرضخوا لمطالب الشعب السوري ويعملوا من أجل مكافحة التطرف والإرهاب والطائفية”.
وقال «المرصد» في تقرير أمس، إن الطيران السوري شن غارات على غوطة دمشق أسفرت عن مقتل «37 على الأقل بينهم 4 أطفال وجرح 120 آخرين»، لافتاً إلى مقتل «13 مدنياً بسقوط قذائف على دمشق».
في الشمال، أفاد «المرصد» بأن 18 شخصاً بينهم 8 مدنيين و10 مقاتلين قتلوا «جراء القصف الذي استهدف مقراً لجيش السنة في منطقة أطمة ليل (أول) أمس من طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي، والانفجارات في مستودع ذخيرة ومعمل تصنيع قذائف». وينضوي «جيش السنة» في إطار «جيش الفتح» الذي طرد قوات النظام من معظم محافظة إدلب.
سياسياً، تمكنت روسيا بعد مفاوضات مكثفة مع نظرائها الغربيين من تمرير فقرة في مشروع بيان رئاسي في مجلس الأمن تدعو «كل أطراف» النزاع الى محاربة الإرهاب، في وقت استعد المجلس لتبني مشروع البيان الذي نص على أن المجلس «يجدد تأكيد عزمه على معالجة كل عوامل التهديد الإرهابي ويدعو كل الأطراف الى التزام إنهاء الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تنظيما داعش والنصرة وكل الأفراد والمجموعات الأخرى والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة».
وتعد هذه اللغة في شأن الإرهاب «جديدة في مواقف وبيانات المجلس»، وفق ديبلوماسي في المجلس. وقال إن «ما يلفت أثناء المشاورات هو مدى التقارب الروسي- الأميركي الذي بات أكثر وضوحاً في شأن الملف السياسي في سورية»، مشيراً الى أن «الدول الأوروبية في مجلس الأمن توقعت موقفاً أكثر حزماً من الولايات المتحدة». واعترضت فنزويلا على نص مشروع البيان رافضة قبول ما جاء فيه من دعوة الأطراف السوريين الى «تطبيق بيان جنيف١ بما فيه تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة».
ونص مشروع البيان على دعم المجلس جهود دي ميستورا ومقاربته للحل السياسي. ويطلب «من كل الأطراف أن تعمل بشكل عاجل نحو التطبيق الشامل لبيان جنيف الهادف الى إنهاء العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وإطلاق عملية سياسية يقودها السوريون تؤدي الى انتقال سياسي يلبي تطلعات الشعب السوري ويمكنه بشكل مستقل وديموقراطي من تحديد مستقبله، بما في ذلك إنشاء هيئة حكم شاملة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة تشكل بناء على مبدأ القبول المتبادل فيما تضمن استمرارية عمل المؤسسات الحكومية».