هل التاريخ يعيد نفسه؟
سليمان اوسو
عندما قالت مارلين اولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية, للسيدان كاك مسعود ومام جلال إذا كنتم تريدون أن نضع أيدينا في أيديكم, عليكم أن “تضعوا أنتم أولاً أيديكم بأيدي بعضكم البعض”.
لقد فهم الزعيمان الكرديان الرسالة وتجاوزوا كل خلافاتهم بالرغم من علاقاتهم الاقليمية المتباينة, لأن نهج الكردايتي والمصلحة العليا لشعبهم كانت فوق كل الاعتبارات وأجندات الدول الاقليمية, وهاهم اليوم يحصدون ثمار اتفاقاتهم ويحققون الانتصار تلو الآخر, واستطاعت القيادة الكردستانية أن تجسد مصالح دول العالم في كردستان العراق وتجلى ذلك بشكل واضح في الدعم الدولي والمباشر لاقليم كردستان العراق عندما تعرض لهجوم ارهابي من قبل تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” وقد صرح اوباما علنا بذلك عندما قال ” سندافع عن مصالحنا في أربيل ولن نتخلى عن كردستان العراق”, وحذت كل الدول ذات التأثير في القرار الدولي حذو أمريكيا وأصبحت البيشمركة جزء من التحالف الدولي ضد داعش.
واليوم وبعد أن اصبح الكُرد جزء أساسي من الثورة السورية منذ اللحظات الاولى لهذه الثورة, من خلال مظاهراتهم السلمية وشعاراتهم الوطنية (لبيك يا حمص.. الشعب السوري واحد.. ) وبعد أن انضم الكُرد إلى ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية وكان لممثلي المجلس الوطني الكردي في الائتلاف دور مهم في ذهاب الائتلاف الى جنيف 2 والقبول بالحل السياسي والأداء الجيد لممثلي الكرد ضمن وفد الائتلاف في مفاوضات جنيف 2 ونتيجة للقاءات المجلس الوطني الكردي مع الدول ذات المصلحة في الوضع السوري واطلاعهم على الموقف الكردي حول مستقبل سوريا, اصبح الكرد رقماً مهماً في المعارضة السورية.
وفي الفترة الاخيرة تنامت دور المنظمات الارهابية في الوضع السوري وفي المقدمة منهم تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وتشكيل التحالف الدولي لمحاربة الارهاب في العراق وسوريا قامت لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي بجولات مكثفة وعقد لقاءات مهمة مع الدول ذات التأثير في التحالف الدولي ومطالبة المجلس بضرورة ان يكون المجلس الوطني الكردي جزء من هذا التحالف وتبين لوفدنا بأن الامريكان يعطون مؤشرات بضرورة أن تتوحد كافة القوى الكردية لتلعب دوراً مهماً في هذا التحالف وبعدها التقى الامريكان بممثلين عن الـ PYD وأكدوا لهم بضرورة الاتفاق مع المجلس الوطني الكردي وتصحيح العلاقة مع البرزاني وقطع العلاقة مع النظام والانفتاح على المعارضة السورية عندها سنتمكن من تقديم الدعم لكم والاعتماد على الكرد كقوى موجودة على الارض.
وبعد الهجمة البربرية من قبل داعش على منطقة كوباني بادر البرزاني باتصالات مكثفة مع المجلس الوطني الكردي وPYD وتم دعوت الطرفين الى دهوك للاتفاق على كل شيء وعدم اضاعة الفرصة التاريخية المتاحة لهم في ظل الاستعداد الامريكي ودول التحالف بدعم الكرد بكافة الاشكال في حال توحدهم.
وبالمقارنة بما جرى بين البرزاني والطالباني وأولبرايت وما يحدث معنا اليوم يتهيأ لي كأن التاريخ عيد نفسه أحياناً.
فهل سيتفهم الوفدان في هولير الرسالة الامريكية كما فهمها البرزاني وطالباني أم أن الـ PYD سيضيف الدعم الذي وصله من هولير بالطائرات الامريكية إلى سلسة انتصاراتهم!! معتمدين بذلك على الذاكرة الضعيفة لدى بعض الكرد وبذلك ستضيع الفرصة التاريخية المتاحة امام الشعب الكردي في كردستان سوريا.