هيومن رايتس… تركيا توقف تسجيل طالبي اللجوء السوريين وتجبر القادمين إلى العودة
قالت “هيومن رايتس ووتش اليوم” إن السلطات التركية في إسطنبول و9 محافظات على الحدود السورية أو بالقرب منها توقفت عن تسجيل معظم طالبي اللجوء السوريين الذين وصلوا مؤخرا. يؤدي وقف التسجيل هذا إلى عمليات ترحيل غير مشروعة، إعادة قسرية إلى سوريا، والحرمان من الرعاية الصحية والتعليم.
أشادت “المفوضية الأوروبية” مؤخرا بنظام اللجوء في تركيا، وتخطط لتسليم الدفعة الثانية من مبلغ 3 مليارات يورو بموجب اتفاق الهجرة في مارس/آذار 2016، والذي يتضمن دعم اللاجئين في تركيا. التزمت مؤسسات وحكومات الاتحاد الأوروبي الصمت علنا بشأن وقف التسجيل والانتهاكات الأخرى بحق اللاجئين التي ترتكبها تركيا، ما يشير إلى أن همها الرئيسي هو وقف حركة طالبي اللجوء والمهاجرين من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
قال جيري سيمبسون، المدير المشارك لبرنامج اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: “في حين يدعم الاتحاد الأوروبي تركيا لردع طالبي اللجوء من الوصول إلى أوروبا، فإنه يغض الطرف عن أحدث الخطوات التركية لمنع دخول الفارين من سوريا. لكنّ إجبار السوريين الذين ينجحون في تجاوز حرس الحدود التركي على العيش في مأزق قانوني قد يدفعهم على الاختباء، ومن ثم التوجه نحو الاتحاد الأوروبي”.
تعليق التسجيل هو آخر ما قامت به تركيا لحرمان طالبي اللجوء الجدد من الحماية. على مدى السنوات الثلاث الماضية، أغلقت تركيا حدودها مع سوريا، في حين أن حرس الحدود الأتراك مستمرون في تنفيذ إعادة السوريين جماعيا ودون اتباع الإجراءات الواجبة وقتلهم وجرحهم أثناء محاولتهم العبور.
بين أوائل 2011 ونهاية مايو/أيار 2018، سجلت تركيا ما يقرب من 3.6 مليون سوري، ما يجعلها أكبر دولة مستضيفة للاجئين في العالم. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا السخاء لا يعفيها، هي أو شركاءها الدوليين، من واجب مساعدة طالبي اللجوء القادمين حديثا.
في منتصف مايو/أيار 2018، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 32 سوريا في محافظة هاتاي التركية حول محاولاتهم للتسجيل للحصول على تصاريح حماية مؤقتة في محافظات هاتاي وغازي عنتاب وإسطنبول. هذا التصريح يحمي السوريين من الاعتقال ومخاطر الترحيل. كما يؤهلهم للحصول على الرعاية الصحية، التعليم، العمل، وطلب المساعدة الاجتماعية، بما في ذلك شبكة الأمان الاجتماعي للطوارئ التي يمولها الاتحاد الأوروبي لأكثر السوريين ضعفا.
قال السوريون إن الشرطة التركية رحّلتهم في مجموعات يصل عدد أفرادها إلى 20 شخصا بسبب عدم حصولهم على تصريح، وإن المستشفيات والمدارس رفضت استقبالهم دون تصاريح. قال بعضهم إنهم عادوا إلى سوريا حتى يتمكنوا هم أو أقاربهم من الحصول على رعاية طبية عاجلة. قال آخرون إنهم قرروا العودة إلى سوريا لأن بعض أفراد العائلة فقط تمكنوا من التسجيل. قال جميعهم إنهم كانوا يعيشون في خوف دائم من الاعتقال والترحيل وإنهم يحدّون حركتهم بشدة لتجنب الشرطة.
تركيا مُلزَمة بقاعدة عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي العرفي، والذي يحظر إعادة أي شخص بأي شكل من الأشكال إلى مكان يواجه فيه خطرا حقيقيا بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو تهديد الحياة. يشمل ذلك طالبي اللجوء الذين يحق لهم تقديم مطالباتهم بصورة عادلة وعدم إعادتهم، دون استفادتهم من الإجراءات الواجبة، إلى أماكن يخشون فيها التعرض للأذى. لا يجوز لتركيا إكراه الناس على العودة إلى الأماكن التي يواجهون فيها الأذى بحرمانهم من الوضع القانوني أو الحصول على الخدمات الأساسية.
في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2017، قال مكتب محافظ هاتاي إنه من أجل ثني المهربين عن مساعدة السوريين على دخول تركيا عبر هاتاي، لم تعد المحافظة تسجل السوريين الوافدين حديثا للحصول على تصاريح الحماية المؤقتة. في أوائل فبراير/شباط 2018، قالت وزارة الداخلية التركية إن محافظة إسطنبول لم تعد تسجل السوريين.
كما علّقت 8 محافظات أخرى على الحدود السورية أو بالقرب منها تسجيل وصول السوريين الجدد منذ أواخر 2017 أو أوائل 2018، وفقا لثلاث وكالات تعمل عن كثب مع اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى مسؤول في المفوضية الأوروبية ومسؤول حكومي تركي كان يعمل سابقا في قضايا الهجرة. المقاطعات هي أضنة، غازي عنتاب، كهرمان مرعش، كيليس، ماردين، مرسين، عثمانية، وشانلي أورفا.
منذ أواخر أغسطس/آب 2015، تم السماح فقط للسوريين المسجلين الذين يحصلون على تصريح سفر خاص بالسفر داخل تركيا. في واقع الحال، يدخل الغالبية العظمى من طالبي اللجوء السوريين إلى تركيا بشكل غير منتظم من خلال الفجوات القليلة المتبقية في الجدار الحدودي في تركيا في محافظة هاتاي. يعني منعهم من التسجيل هناك أنهم لا يستطيعون مغادرة محافظة هاتاي بشكل قانوني والسفر إلى المحافظات الأخرى التي لم يتم إغلاق التسجيل فيها. هذا يجبرهم على العيش بشكل غير قانوني في محافظة هاتاي، أو استخدام المهربين للوصول إلى أجزاء أخرى من تركيا، ويواجهون خطر الاعتقال والترحيل.
وفقا لثلاثة مصادر سرية، رفضت تركيا مقترحات لإنشاء نظام جديد يسمح للسوريين الذين يصلون إلى هاتاي، وإلى حد أقل بكثير إلى المحافظات الحدودية الأخرى، بالتسجيل في أجزاء أخرى من تركيا حيث يعيش عدد أقل من اللاجئين.
قالت وكالات اللاجئين لـ هيومن رايتس ووتش إن ضوابط تركيا الصارمة على وكالات اللاجئين الدولية والمحلية تمنعهم من إيجاد السوريين غير المسجلين ومساعدتهم. هذا النقص في مراقبة وكالة الإغاثة يعني أنه لا توجد إحصائيات أو تقديرات حول عدد السوريين الذين حرموا من التسجيل أو رُحلوا أو منعوا من الحصول على الخدمات المطلوبة بشكل عاجل.
ردا على رسالة مؤرخة في 13 يونيو/حزيران عرضت فيها هيومن رايتس ووتش استنتاجاتها، نفت سلطات الهجرة في أنقرة أن تكون أي من محافظات البلاد البالغ عددها 81، بما فيها هاتاي وإسطنبول، قد علقت تسجيل السوريين. قالت “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين) لـ هيومن رايتس ووتش إنه حتى منتصف مايو/أيار، طمأنتها السلطات بأن تسجيل السوريين مستمر، بما في ذلك في هاتاي وإسطنبول. تقول وكالات إغاثة أخرى تدعم اللاجئين إن السلطات في المحافظات العشرة قد واصلت النظر في طلبات السوريين المسجلين قبل التعليق فقط، وتسجيل الحالات الطبية العاجلة المحالة من سوريا والأطفال المولودين لسوريين مسجلين في تركيا.
قالت وكالتا إغاثة إنهما في بعض الحالات نجحتا في إقناع السلطات في محافظتي هاتاي وعثمانية بتسجيل سوريين غير مسجلين وضعفاء بشكل خاص.
في أوائل 2018، افتتحت السلطات في هاتاي مركز تسجيل جديد في أنطاكيا. قال ممثلو 3 وكالات إغاثة واثنان من رجال الأمن الأتراك العاملين في أنطاكيا إن المركز مخصص حصرا للسوريين غير المسجلين لطلب المساعدة في العودة إلى سوريا، في حين أن السوريين المسجلين يمكنهم طلب المساعدة للعودة في مراكز أخرى تديرها سلطات الهجرة.
لا تسمح تركيا بأية مراقبة مستقلة لما إذا كان السوريون غير المسجلين، الذين يقدمون طلبا للعودة، يعودون في الواقع طواعية أم يُكرهون على ذلك. في المقابل، تسمح تركيا بالمراقبة المستقلة لبعض قرارات السوريين المسجلين بالعودة إلى سوريا.
على تركيا حماية الحقوق الأساسية لجميع السوريين الوافدين حديثا، بغض النظر عن حالة التسجيل، وتسجيل الأشخاص الذين رُفض تسجيلهم منذ أواخر 2017. على المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لديها سفارات في تركيا دعم تركيا لتسجيل وحماية السوريين، والضغط على تركيا للسماح لجميع الوكالات العاملة من أجل اللاجئين أن تساعد بحرية في حماية جميع السوريين، بما في ذلك جميع السوريين غير المسجلين.
قال سيمبسون: “قد يكون السوريون غير المسجلين في تركيا بعيدين عن الأنظار، لكن يجب ألا يتم نسيانهم. على دول الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية التحدث باسم جميع السوريين في تركيا ودعمهم، وليس فقط أولئك الذين دخلوا قبل أن تبدأ تركيا بدفعهم إلى الاختباء”.
تسجيل طالبي اللجوء
فرّ اللاجئون السوريون الأوائل إلى تركيا في بداية 2011 والثلاث سنوات ونصف اللاحقة، فاعتمدت تركيا طريقة تسجيل خاصة لم تمنحهم وضعا قانونيا واضحا يشمل الحقوق المعنية. رغم أن تركيا صادقت على “اتفاقية اللاجئين” لعام 1951 وبرتوكولها لعام 1967، إلا إنها تبنّت قيدا يستثني كل شخص لا ينحدر من بلد أوروبي من الحصول على لجوء كامل، ما يعني أنها لا تمنح لجوءا كاملا للفارين من العنف أو الاضطهاد في سوريا أو أي دولة أخرى غير أوروبية.
في 2013، اعتمدت تركيا إطارا قانونيا خاصا بها لحماية طالبي اللجوء واللاجئين. في أكتوبر/تشرين الأول 2014، اعتمدت تركيا أيضا نظاما تُمنح بموجبه حماية مؤقتة للسوريين. حتى 28 يونيو/حزيران 2018، قالت تركيا إنها سجّلت 3,562,523 شخصا بموجب هذا النظام. يحق للسوريين المسجلين الحصول على مساعدة. رغم أن النظام ينصّ على ألا يُرحّل السوريون غير المسجلين إلى سوريا، وإنهم يواجهون فقط “غرامة إدارية”، إلا أن هيومن رايتس ووتش خلُصت إلى أنه تم ترحيل سوريين غير مسجلين لأنهم لا يحملون تصاريح حماية مؤقتة.
قل مكتب محافظ هاتاي ووزير الداخلية إنه تمّ تعليق التسجيل أمام الوافدين السوريين الجدد إلى هاتاي وإسطنبول. قال سوريون ووكالات لإغاثة اللاجئين في أنطاكيا، المدينة الرئيسية في هاتاي، لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة نفذت اعتقالات جماعية للسوريين في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، مباشرة بعد تعليق التسجيل.
قالت 5 مصادر لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات الهجرة في 8 مناطق حدودية أخرى قامت بالمثل منذ أواخر 2017 ومطلع 2018، وأرجعت جميع الوافدين السوريين الجدد الراغبين في التسجيل.
حتى 28 يونيو/حزيران، كانت المحافظات السبع التي علّقت التسجيل ضمن المحافظات العشر التي تستضيف أكبر عدد من السوريين، وهي أضنة، غازي عنتاب، هاتاي، إسطنبول، كلس، مرسين، وشانلي أورفا. هذه المحافظات مجتمعة تأوي 2,422,804 سوريين مسجلين، أي 68 بالمئة من مجموع السوريين المسجلين في تركيا. أما المحافظات الثلاث الأخرى، كهرمان مرعش، ماردين، وعثمانية، فتأوي 235,549 سوريين، أي أقل من 7 بالمئة.
قالت وكالات إغاثة إن السلطات في المحافظات المتأثرة استمرّت على أرض الواقع في دراسة ملفات السوريين المسجلين أوليا وقت التعليق، وتسجيل الأشخاص الذين لهم حاجات طبية طارئة المُحالين من سوريا. كما استمرّت في تسجيل الأطفال المولودين لسوريين مسجلين في تركيا، والذين يقدّر عددهم بـ 306 مولودا يوميا. قالت وكالات لها معرفة مباشرة بتعليق التسجيل في 10 محافظات إن تسجيل هؤلاء السوريين قد يفسّر زعم السلطات لـ هيومن رايتس ووتش بأن 8 من المحافظات الحدودية أو القريبة من الحدود سجلت ما مجموعه 116,059 سوريا بين 1 نوفمبر/تشرين الثاني و20 يونيو/حزيران.
قالت إحدى وكالات غوث اللاجئين المطلعة على إجراءات التسجيل في جميع محافظات تركيا لـ هيومن رايتس ووتش إن في بعض الحالات الاستثنائية سجّلت السلطات في هاتاي وعثمانية أطفالا يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، بالإضافة إلى شخص واحد يقدم الرعاية للطفل. كما قالت وكالة أخرى لإغاثة اللاجئين تتعامل أحيانا مع السوريين غير المسجلين إنها أقنعت بين أواخر 2017 وأواخر أبريل/نيسان 2018 سلطات هاتاي بتسجيل بعض العشرات من السوريين الوافدين الجدد بشكل استثنائي بسبب حاجاتهم الخاصة، ولكن عبورهم نقاط التفتيش للوصول إلى مكاتب التسجيل كان أمرا صعبا. تقدّر الوكالات عدد هذه الحالات للسوريين الضعفاء غير المسجلين الذين سجلتهم السلطات بشكل استثنائي حتى منتصف مايو/أيار ببعض المئات فقط.
نظام تصاريح السفر التركي الخاص بالسوريين المسجلين يحظر عليهم التنقل من المحافظات الحدودية للتسجيل في مكان آخر. قال 7 سوريين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم دفعوا نقودا لمهرّبين لينقلوهم من أنطاكيا، في محافظة هاتاي، إلى إسطنبول للتسجيل. لكن مسؤولين أمنيين في مكاتب سلطات الهجرة قالوا لهم إنه تم تعليق التسجيل بالنسبة للوافدين السوريين الجدد.
قالت مفوضية اللاجئين وبعض الديبلوماسيين في تركيا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يشجعون “المديرية العامة لإدارة الهجرة” على تبني نظام إحالة تقوم بموجبه السلطات في هاتاي، أو غيرها من المحافظات الحدودية التي يفد عليها السوريون، بتسجيل أولي للسوريين ثم تحيلهم إلى محافظات أخرى يعيش فيها عدد أقل من السوريين المسجلين. اقترحت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أنه في حال اعتماد هذا النظام، فسيكون على الاتحاد الأوروبي دعم خلق فرص عمل للسوريين والأتراك في المحافظات التي أحيل عليها السوريون. لكن جميع محاولات إقناع تركيا باعتماد نظام إحالة فشلت.
عواقب تعليق التسجيل
في منتصف مايو/أيار 2018، قابلت هيومن رايتس ووتش 32 طالب لجوء سوري في أنطاكيا، عاصمة محافظة هاتاي وأول مدينة يصلها أغلب السوريين بعد أن يتم تهريبهم عبر الحدود التركية المغلقة. قالوا إن السلطات في أنطاكيا وفي بلدة الريحانية المجاورة وفي محافظة غازي عنتاب رفضوا تسجيلهم في الأشهر الأولى من 2018. كما قالوا إن عدم امتلاكهم تصاريح حماية مؤقتة، المعروفة بـ “كيمليك” (التسمية التركية لبطاقة الهوية)، أثر عليهم. شرحت لهم هيومن رايتس ووتش الغرض من المقابلات، وطمأنتهم بأنها لن تكشف عن هوياتهم، وحصلت منهم على موافقات لإجراء المقابلات والتحدث عن تجاربهم.
قالوا جميعا إنهم رُفضوا في مكاتب التسجيل مرتين على الأقل. 3 منهم فقط قالوا إنهم نجحوا في التسجيل بعد أن دفع وسطاء رشاوى لمسؤولي التسجيل تراوحت بين 300 و500 دولار.
قال أغلبهم إن المسؤولين أجابوهم ببساطة بأنه “لا توجد أي بطاقات كيمليك هنا” أو “لن يحصل أي أحد على كيمليك”، وأمروهم بالمغادرة. قال اثنان إنهما حاولا أيضا التسجيل في غازي عنتاب في أبريل/نيسان، لكنهما شاهدا لافتة في المكتب تقول “لا كيمليك”.
قال 4 إن بعض الأفراد من عائلاتهم فقط تمكنوا من التسجيل، وبقي الآخرون في مأزق قانوني، ولذلك كانت العائلات بأكملها تفكر في العودة إلى سوريا. قال رجل إن زوجته المريضة حصلت على تصريح لدخول تركيا للحصول على رعاية طبية عاجلة في أنطاكيا، وسُمح لها بالتسجيل هناك، مع طفلهما حديث الولادة. ولما تمكن هو وأطفاله الخمسة الآخرون، وأعمارهم بين 6 و14 عاما، من دخول تركيا وحاولوا التسجيل في أنطاكيا، رُفض مطلبهم.
قال 3 سوريين إن الشرطة التركية رحلتهم سابقا بشكل جماعي إلى سوريا لأنهم لم يكونوا يحملون تصاريح حماية مؤقتة. قال أحدهم، من محافظة حلب وعمره 22 عاما، إنه دخل تركيا في مطلع أبريل/نيسان، ومُنع من التسجيل في أنطاكيا. وفي مطلع مايو/أيار، أوقفته الشرطة حوالي الساعة 8 صباحا قرب محطة الحافلات في أنطاكيا وطلبت منه التصريح. ولما أخبرهم أنه حاول التسجيل لكن طلبه رُفض، اقتادته الشرطة إلى مركز شرطة محلي، سجلوا معطياته الشخصية، ثم اقتادوه مع حوالي 20 سوريا غير مسجلين آخرين إلى معبر باب الهوى الحدودي ورحلوهم. قال إن 15 من بين الرجال الـ20 قالوا له إنهم اعتُقلوا في إسطنبول لأنهم لا يحملون تصاريح حماية، بينما قال الخمسة الآخرون إنهم دخلوا تركيا منذ أيام قليلة واعتُقلوا بعد وصولهم إلى منزل أحد المهربين في أنطاكيا. لكنه تمكن بعد أيام من العودة إلى تركيا بمساعدة مهربين.
كما قال مُرحّل سابق، من إدلب وعمره 28 عاما، إنه دخل مع شقيقه إلى تركيا في يناير/كانون الثاني، ومُنعا من التسجيل في أنطاكيا. قال إن شقيقه سافر مع مهرّب إلى إسطنبول بحثا عن عمل هناك، لكن الشرطة التركية اعتقلته في 17 مايو/أيار، وفي اليوم التالي أخذته إلى معبر باب الهوى الحدودي ورحّلته.
في 22 مايو/أيار، قابلت هيومن رايتس ووتش رجلا من حماة عمره 31 عاما قال إن السلطات في أنطاكيا كانت قد اعتقلت شقيقه منذ ساعات، وإنه محتجز في مركز جديد للسوريين غير المسجلين لكي يقدك طلب للعودة إلى سوريا، وقال إنهم على وشك ترحيله. أخطرت هيومن رايتس ووتش مفوضية اللاجئين بذلك، فتدخلت وحالت دون ترحيله.
قابلت هيومن رايتس ووتش 4 سوريين في المركز الجديد الذي أنشئ للسوريين غير المسجلين الراغبين في التوقيع على العودة إلى سوريا. قرر هؤلاء العودة لأن أقارب لهم مُنعوا من الحصول على رعاية طبية عاجلة، أو لأن بعض أفراد عائلاتهم ممن قدموا بعد تعليق التسجيل لم يتمكن من التسجيل.
قال سوريان إنهما سمعا من سوريين آخرين في أنطاكيا عن حالات عديدة أخرى، قالت فيها زوجات رجال رحّلتهم السلطات التركية إنهن يخططن للعودة إلى سوريا لأنهن لا يستطعن العيش مع أطفالهن دون أزواجهن في تركيا.
جميع السوريين غير المسجلين الـ 29 الآخرين الذين قابلناهم قالوا إنهم يعيشون في خوف مستمر من الاعتقال والترحيل، وإنهم سمعوا بحالات عدة تم فيها ترحيل سوريين غير مسجلين. قال 8 منهم إنهم قلصوا تنقلهم إلى أدنى حد ممكن، وأحيانا يبقون في المنزل لأيام. قال طفل عمره 17 عاما إنه لم يغادر منزل عمه في أنطاكيا أبدا خوفا من الاعتقال. قال: “كأننا في سجن”.
قال 3 سوريين غير مسجلين إنهم دائما يستعملون وسائل نقل يملكها سوريون، لأنهم يستخدمون طرقا خلفية لتجنب نقاط تفتيش الشرطة أو دوريات التفتيش غير الرسمية التابعة للشرطة في أنطاكيا.
قال 9 منهم إنهم حاولوا الحصول على رعاية طبية في عيادات ومستشفيات في أنطاكيا، لكنهم مُنعوا من ذلك لأنهم لم يكونوا مسجلين. قال 4 آخرون إنهم لم يحاولوا أصلا الحصول على رعاية طبية لأنهم سمعوا بعدم قبول الآخرين ولأنهم يخشون من اتصال المستشفيات المحلية بالشرطة لاعتقالهم لأنهم لا يحملون تصاريح.
قالت امرأة من إدلب، عمرها 27 عاما وتسعى للحصول على علاج للسرطان، إن مستشفيين في أنطاكيا رفضا علاجها لأنها لا تحمل تصريحا.
كما قالت امرأة من حلب عمرها 34 سنة، وهي حامل ولها 4 أطفال أنجبتهم بعمليات قيصرية، إنها خائفة جدا من الذهاب إلى المستشفى المحلي لتطلب فحصا وتستعد للولادة لأنها سمعت أن المستشفيات لا تقبل السوريين غير المسجلين، وهي تخشى أن تُعتقل وتعاد إلى سوريا.
وبالمثل، قالت امرأة عمرها 31 عاما وكل عائلتها مُنعت من التسجيل في مارس/آذار، إن زوجها كان مريضا جدا برئتيه، ولكنه لا يذهب إلى المستشفى خوفا من الاعتقال والترحيل. قالت إنه لم يغادر المنزل أبدا، ويعيش في خوف مستمر من أن يُعثر عليه.
قالت منظمة غير حكومية تعمل مع السوريين في هاتاي إنها سمعت في الأشهر القليلة الأولى من 2018 بعشرات السوريين في أنطاكيا ممن يبحثون عن رعاية طبية عاجلة، الكثير منهم نساء حوامل، لكن المستشفيات رفضت علاجهم لأنهم مُنعوا من التسجيل.
قال 6 من الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إن أطفالهم لا يستطيعون الذهاب إلى المدارس لأنها تقبل السوريين المسجلين فقط.
لا جهة أخرى لتقديم المساعدة
تعتبر السلطات التركية وجود السوريين الذين منعوا من التسجيل في البلاد غير قانوني. قالت منظمات غير حكومية تعمل مع اللاجئين إن الحكومة تسمح لها بالعمل مع طالبي اللجوء واللاجئين المتواجدين بشكل شرعي فقط.
قالت 6 منظمات تعمل مع لاجئين في المحافظات الحدودية بين سوريا وتركيا، طلبت عدم الكشف عن اسمها لسلامة موظفيها، إن تركيا تراقب بصرامة عملها بطرق مختلفة.
قالت بعضها إنها تحتاج إلى تصريح خاص لتقييم حاجات السوريين المسجلين إلى المساعدة أو زيارة منازلهم، وأحيانا يتم ذلك بحضور موظف من وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية. قالت الوكالات إن القوانين تطبق بطريقة لا يُمكن التنبؤ بها، بحسب السلطات المحلية، وهي لا تعلم دائما ما هي أنشطة التواصل المسموح بها مع اللاجئين.
نتيجة لذلك، قالت الوكالات إنها تواجه صعوبة في تحديد السوريين الممنوعين من إجراءات التسجيل، بما في ذلك الأشخاص الأكثر ضعفا، مثل المحتاجين لرعاية طبية عاجلة أو أي رعاية أخرى. قالت أيضا إن الوضع في محافظة هاتاي حساس بشكل خاص، وهي المحافظة التي يدخلها تقريبا جميع السوريين الذين يستخدمون مهربين لدخول البلاد بسبب الثغرات المستمرة في الجدار الحدودي.
قالت وكالات الإغاثة إنها، بسبب القيود التي تفرضها السلطات التركية، لا تستطيع العمل استباقيا لتحديد اللاجئين السوريين غير المسجلين. في أفضل الحالات، تستطيع الوكالات التحرك إن تم اعلامها بلاجئين سوريين غير مسجلين يبحثون عن مساعدة، أو إن عثرت عليهم بالصدفة. قالت إنها أحيانا تثير بعض الحالات الأكثر ضعفا مع السلطات على أمل أن تسمح لأكثرهم حاجة بالتسجيل.
قالت إحدى الوكالات العاملة في المنطقة الحدودية: “الأمر بسيط للغاية. لا نستطيع الوصول إلى السوريين المسجلين وغير المسجلين. نحتاج إلى موافقة على كل شيء، ولا نحصل أبدا على موافقة لمساعدة السوريين غير المسجلين”. قال موظف بوكالة أخرى: “طالبنا السلطات مرارا بتصريح للقيام بأعمال اتصال تتعلق بالحماية، لكن طلبنا في كل مرة يلقى الرفض”.
قالت الوكالات إن اتصالها المحدود للغاية بالسوريين غير المسجلين يعني أنها لا تستطيع تقدير عدد الذين يعيشون في هاتاي ومحافظات أخرى، ولا تقدير إلى أي حد يتسبب تعليق التسجيل في الترحيل والحرمان من الوصول إلى الخدمات. ولذلك فإن الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي والمانحين الآخرين الذين يمولون مشاريع مساعدة وحماية اللاجئين السوريين في تركيا لا يعلمون مدى تسبب تعليق التسجيل في تركيا في حرمان السوريين من الحصول على مساعدات.
استمرار صمت الاتحاد الأوروبي
التزمت المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي الصمت حيال تعليق التسجيل في تركيا، وكذا فعلت تجاه الانتهاكات طويلة الأمد ضدّ طالبي اللجوء السوريين على الحدود.
تعليق التسجيل في تركيا قد يدفع بالعديد من السوريين إلى التخفي ومواصلة الطريق نحو الاتحاد الأوروبي، أو يجبرهم على العودة إلى سوريا. تعليق التسجيل وانتهاكات تركيا المستمرة على الحدود وانتهاكاتها الأخيرة ضدّ طالبي اللجوء الأفغان تعني أن أي محاولة لإعادة السوريين من اليونان إلى تركيا قد تلقى مقاومة كبيرة من المحامين المعترضين على محاولات الإعادة على خلفية أن تركيا ليست بلدا ثالثا آمنا يُمكن إعادة طالبي اللجوء إليه.
في 17 أبريل/نيسان، أصدرت المفوضية الأوروبية آخر تحديث لها حول مدى استجابة تركيا لمعايير الاتحاد الأوروبي لتصبح عضوا فيه. كجزء من تقييمها لنظام اللجوء التركي، قالت المفوضية: “هناك تقارير عن عمليات طرد وإعادة وترحيل مزعومة لمواطنين سوريين، في تعارض مع مبدأ عدم الإعادة القسرية”، دون تقديم أي معطيات أخرى أو ذكر المصادر.
في مارس/آذار، وعدت المفوضة الأوروبية بتسديد الدفعة الثانية من مبلغ 3 مليار يورو بموجب اتفاقها مع تركيا في مارس/آذار 2016. بموجب هذه الصفقة، يعتبر الاتحاد الأوروبي تركيا بلدا آمنا ليعود إليه طالبو اللجوء السوريون. لكن في الحقيقة تركيا لا تستجيب لمعايير الاتحاد الأوروبي كدولة ثالثة آمنة.
توصيات
على تركيا استئناف تسجيل الحماية المؤقتة لجميع الوافدين السوريين الجدد وتسجيل الذين حرموا من ذلك منذ أواخر 2017. وعند الضرورة، على تركيا تسجيل السوريين أوليا في محافظاتها على الحدود مع سوريا ومطالبة السوريين بالانتقال والعيش في محافظات أخرى فيها عدد أقل من السوريين. وفي انتظار ذلك، على تركيا توجيه جميع المنشآت الطبية إلى تقديم العلاج الطبي العاجل لكل سوري يحتاج إليه، بغض النظر عن التسجيل من عدمه. كما يتعين على المدارس قبول الأطفال السوريين في انتظار تسجيلهم. على جميع المسؤولين الأتراك إحالة السوريين غير المسجلين إلى أقرب مركز تسجيل.
على تركيا أيضا السماح لجميع وكالات اللاجئين العاملة مع السوريين بالعمل على تحديد السوريين غير المسجلين؛ ومساعدتهم على الوصول إلى إجراءات التسجيل؛ وطرح جميع حالات السوريين غير المسجلين المرحّلين إلى سوريا أو المحرومين من الوصول إلى الرعاية الصحية أو التعليم مع السلطات.
للمساعدة على ضمان الحماية للسوريين في تركيا، على المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لها سفارات في تركيا الضغط على تركيا لتستأنف تسجيل جميع الوافدين السوريين الجدد، وضمان حصولهم على الرعاية الصحية والتعليم في إطار السياسات القائمة. وإن طلبت تركيا مساعدات لتستأنف التسجيل، فعليها الاستجابة لذلك بسخاء. عليها أيضا الضغط على تركيا لتسمح للوكالات العاملة مع اللاجئين بالقيام بأعمال مراقبة حرّة في جميع أنحاء تركيا، وتحديد السوريين غير المسجلين ومساعدتهم، وإعداد تقارير علنية حول أي انتهاكات، بما فيها الإعادة القسرية إلى سوريا والحرمان من المساعدة.
أخيرا، على المفوضية الأوروبية التحرك استباقيا للحصول على معلومات ونشر تقارير حول روايات القتل والإصابات والترحيل الجماعي ذات المصداقية التي ترتكبها قوات الأمن التركية على الحدود مع سوريا. يشمل ذلك تقاريرها المنتظمة حول مسار التحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي و”الأجندة الأوروبية للهجرة”.