هيومن رايتس ووتش: تعاون لبناني-قبرصي لمنع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أوروبا
كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير جديد صدر اليوم، الأربعاء 4 أيلول، عن تعاون وثيق بين القوات المسلحة اللبنانية والسلطات القبرصية لمنع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أوروبا، ثم ترحيلهم إلى سوريا، حيث يواجهون مخاطر جسيمة.
ووفقًا للتقرير، فإن الجيش اللبناني وخفر السواحل القبرصي يعترضان اللاجئين السوريين الذين يحاولون الهروب من لبنان إلى أوروبا عبر البحر، ويعيدونهم قسرًا إلى سوريا دون اعتبار لوضعهم كلاجئين أو الأخطار التي تنتظرهم هناك.
أوضحت المنظمة أنها وثّقت محاولات يائسة للاجئين السوريين في لبنان للفرار من البلاد والوصول إلى أوروبا. وقد أظهرت التحقيقات أن الجيش اللبناني يعترض هؤلاء اللاجئين في البحر ويعيدهم فورًا إلى سوريا. كما تعمل السلطات القبرصية على إعادة اللاجئين السوريين الذين تصل قواربهم إلى شواطئها، حيث يتم ترحيلهم جماعيًا إلى لبنان، الذي يقوم بدوره بترحيلهم مجددًا إلى سوريا.
وأكد التقرير أن المنظمة قابلت 16 لاجئًا سوريًا حاولوا مغادرة لبنان عبر البحر بين آب 2021 وأيلول 2023. كما تحققت من صور وتسجيلات قدمها هؤلاء الأشخاص، وراجعت بيانات تتبع الطائرات والقوارب، وقدمت طلبات “حرية المعلومات” للحصول على وثائق تتعلق بتمويل الاتحاد الأوروبي لدعم هذه الإجراءات.
ووفقًا لتقرير “هيومن رايتس ووتش” الذي جاء في 90 صفحة، فإن السلطات اللبنانية أكدت أنها قامت بطرد السوريين الذين أعادتهم قبرص في نيسان 2024، وأعلنت عن عمليات ترحيل جديدة في آب 2024. كما أشارت المنظمة إلى أنها شاركت نتائج تحقيقاتها مع 12 جهة معنية، بما في ذلك حكومتي لبنان وقبرص ومؤسسات وهيئات الاتحاد الأوروبي، وتلقت ردودًا من عشر جهات منها.
واستند التقرير إلى شهادات مئات اللاجئين السوريين الذين أعيدوا من قبرص إلى لبنان، والذين تم تسليمهم مباشرة من قبل الجيش اللبناني إلى جنود سوريين ومسلحين مجهولين داخل سوريا. وأفاد بعض هؤلاء اللاجئين بأنهم تعرضوا للاحتجاز والابتزاز من قبل قوات النظام السوري ومسلحين آخرين، حيث طلب منهم دفع أموال لتهريبهم مجددًا إلى لبنان.
تعتبر عمليات طرد اللاجئين من قبرص انتهاكًا للقانون الدولي بموجب “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”، التي تحظر الإعادة القسرية. كما تشكل عمليات الطرد من لبنان انتهاكًا لالتزاماته بموجب “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” التي تحظر إعادة الأشخاص إلى بلدان يواجهون فيها خطر التعذيب أو الاضطهاد.
وأضاف التقرير أن احتجاز الأطفال وإساءة معاملتهم وفصلهم عن أسرهم، وغيرها من الانتهاكات التي ترتكب في إطار هذه العمليات، تشكل انتهاكًا لالتزامات لبنان في مجال حقوق الطفل. وعلى الرغم من أن عمليات إعادة اللاجئين القسرية من قبرص إلى لبنان ليست جديدة، فإنها ما تزال تثير القلق لدى المنظمات الحقوقية، التي توثق هذه الانتهاكات بشكل متكرر.
وفي رد فعل دولي، أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها الشديد إزاء ترحيل أكثر من 100 طالب لجوء سوري من قبرص إلى لبنان في آب الماضي، مشيرة إلى أن الظروف في سوريا لا تزال غير آمنة بما يمنعها من الترويج لعودة اللاجئين إليها.
في ظل استمرار هذا التعاون بين لبنان وقبرص لمنع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أوروبا، تواصل المنظمات الحقوقية والأممية التأكيد على أن سوريا ليست بلدًا آمنًا لإعادة اللاجئين، محذرة من العواقب الإنسانية الوخيمة التي قد تنجم عن هذه السياسات.
حبر