يكيتي تحاور مرح البقاعي – مستشارة السياسات الدولية / واشنطن
في حضرة قامة سياسية وإعلامية وشاعرة تتراقص الفراشات والزهور مع حروفها .. أمام سيدة مثل مرح البقاعي مع حفظ جميع الألقاب دعونا نرحّب بها في بداية حوارنا هذا لزاوية المرأة في الجريدة المركزية لحزب يكيتي الكُردستاني – سوريا
– بعد هذه السنين من حمام الدم السوري والكوارث الكبرى من الهجرة والتشريد والتغيير الديمغرافي ، وظهور – ولادة فصائل عسكرية بمسمّيات مختلفة ، أين هي سوريا من كلّ هذا المخاض ؟
بالرغم من كلّ هذه الأجواء الضبابية التي تلفّ عمل المعارضة وإمكانية تقدمها إلى الأمام نحو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلّقة بالانتقال السياسي في سوريا، وفي مقدمتها القرار رقم 2254 ، ورغم مسرح العبث الذي يدير فصوله النظام السوري من انتخاباتٍ شكلية ستؤدّي إلى كارثةٍ قد تمتدّ لسبع سنواتٍ قادمة من الألم والتهجير والجوع للشعب السوري ،دونما أن يلتفت المجتمع الدولي إلى ضرورة الحسم في هذا الأمر لإنقاذ الأرواح السورية البريئة وإعادة سوريا إلى دائرة المجتمع الدولي خارج منظومة الاستبداد المعشّشة فيها، بالرغم من هذا كله أقول :إنّ بذور التغيير قد زرعتها أيام الثورة الأولى بتضحيات شبابها الذين كانوا يحملون زهور القرنفل في المسيرات السلمية المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، تلك البذور لا بدّ أن تنبت بكل ألوان أزهار الحرية، ولو تأخّر الوقت وتخلّى عنّا الجميع، فالحقّ طريقه طويل وشائك ، لكنّ الوصول إليه حتمي.
– المعادلة السياسية وتشعبات التنظيمات إن لم نقل تشظّيها وبعناوينها العديدة ، هل لازال هناك بصيص من أملٍ في إعادة اللملمة وسط هذا التفكك غير المعقول ؟ وأين هي المرأة وسط هذه المعمعة ؟
بدايةً المرأة السورية كانت ولازالت موجودة في القلب من العمل المدني والفعل السياسي. وكان تأثيرها ولازال عظيماً. وحضورها على الخارطة السياسية السورية ليس عطية من الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي البتة، فالمرأة السورية كانت تقود المظاهرات في باكورتها العام 2011 ،وكانت عنصراً قوياً في أيّ تجمعٍ سياسي حدث ما قبل وما بعد الثورة مدفوعة بإرادتها الشخصية وحسّها الوطني العظيم وليس بطلبٍ دولي.
وقد كان لي كامرأةٍ سورية شرف تأسيس الحزب الجمهوري السوري في العام 2012 الذي انتخبت رئيسة له. وحزبنا هو أول من أصدر وثيقة كُردية وازنة تتبنّى كلّ حقوق الكُرد كمكونٍ رئيس في الجسم السوري الاجتماعي والسياسي. وتُعتبر الوثيقة متقدمة جداً في حينها عن أي وثيقة أصدرتها الأمم المتحدة في وقتٍ متأخّر من الثورة.
أما عن الأمل، فهو دائماً متوفر لتوحيد جهود الوطنيين السوريين الذين يدعون إلى سوريا دولةٍ مدنية تعددية ديمقراطية لكلّ أبنائها، دولة القانون والمؤسسات وحكم الشعب.
– سوريا ! هل خذلها العالم ؟ المآلات والمطلوب على الصعيد الوطني السوري ؟
المطلوب بدايةً عدم التفريط بنقطة دمٍ واحدة سقطت على الأرض السورية لتروي زهرة حريتها. المطلوب الإسراع في تحرير كلّ المعتقلين من أقبية الظلام والظلامية التي أدارها النظام بما يزيد على نصف قرنٍ من الزمن دونما حساب.
المطلوب رصّ الصفوف والمضي قدماً وعدم الشعور باليأس أمام عظمة إرادة هذا الشعب وتضحياته.
أما عن الخذلان فحدّث ولا حرج! المواقف الدولية المتراخية إن لم أقل المتخاذلة شكّلت جزءاً كبيراً من المشكلة وليس من الحل.
– أنتم من أوائل المهتمّين والمؤيّدين لإنصاف الشعب الكُردي وتحظون بلقب صديقةٍ لهذا الشعب ؟ ما هو موقفكم من قضيته ؟ ونصيحتكم لحركته السياسية ؟ ورؤيتكم بخصوص آفاق الحل ؟
نعم، صحيح. وأول مشاركة لي فعلية في العمل السياسي المنظّم كانت مع شريكي السياسي الشهيد مشعل تمو حين أسّسنا الجمعية الوطنية السورية التي دخلنا بها المجلس الوطني السوري في گكگالعام 2011 وكانت الكتلة الأكبر والأكثر تأثيراً في المجلس. إلا أنه استشهد قبل أن يرى المجلس النور، و لنا في شخصه الوطني الجامع المثال الأمثل على طريق سوريا المستقبل.
يشرّفني أن أكون صديقة للشعب الكُردي فنحن أبناء أرضٍ واحدة، ونريدها – عرباً وكُرداً- أن تبقى واحدة وموحّدة. لديّ العديد من الصداقات الكُردية التي أفتخر بها، وأيضاً هناك تفاهمات سياسية عميقة مع المنظمات الكُردية السياسية والمدنية التي معظمها تريد سوريا مدنية تعددية موحّدة لجميع أبنائها.
نصيحتي لأهلي الكُرد هي وحدة الصف. كنت قد خاطبت الأطراف التي لا تقف على موقفٍ واحد من مستقبل سوريا ،وطلبت منها بدايةً إصلاح ذات البين الداخلي الكُردي ، ثم الخروج بوثيقة شرفٍ وطنية توقّعُ عليها كلّ الأطراف الكُردية الفاعلة في الحياة السياسية لأنّ معركتها ضد الاستبداد واحدة، ورسالتها لسوريا المستقبل واحدة أيضاً.
– بعيداً عن السياسة .. شاعرة مرهفة الإحساس تتلقّط عبق الزهور فتضفي عليها ألوانا تغار منها ألوانها الطبيعية ، ولكم في عشق كُردستان ما لكم ، ماذا تقولون في سرّ ذلك البهاء المجبّل بعشقٍ لذات المكان ؟
لاأستطيع أن أضيف إلى شغفي بأرض كُردستان الطبيعية سوى كتابي الذي حمل اسم :كهف في جبال أربيل ، يُقال إنّ هيكل الإنسان الأول اكتُشف فيه، ويُدعى كهف شانه د ه ر، وقد حمل كتابي، وهو عبارة عن نصوص شعرية، اسم هذا الكهف ” زهرة شانه د ه ر” وهو متوفر للقراءة الألكترونية ضمن المجموعة الكاملة لأربعة كتب تحمل عنوان “لا أحد” على موقع أمازون للكتب.