▪︎مسار أستانة 16جولة جديدة برقم جديد ▪︎
هيئة التحرير
بقلم : اسماعيل رشيد
اِختُتِمت الجولة السادسة عشرة من مباحثات أستانة حول سوريا، بتاريخ 8 تموز/ يوليو في العاصمة الكازاخستانية( نور سلطان )، وذلك بمشاركة وفدي المعارضة والنظام ، والدول الضامنة ( تركيا- روسيا – إيران ) وهيئةٍ خاصة من الأمم المتحدة ، وكل من لبنان والعراق والأردن بصفة مراقبين .
لقد اختارت روسيا التوقيت المناسب لها قبيل اجتماع مجلس الأمن الدولي في الحادي عشر من شهر يوليو، حول ملف إدخال المساعدات الإنسانية عبر المعابر ، وفي وقتٍ ازداد فيه التصعيد العسكري الروسي على محافظة إدلب، وهو الأعنف، فكلّ ذلك جاء وسط مخاوف المجتمعين من استخدامها للفيتو أمام المساعدات الإنسانية .
تتزايد عدد جلسات أستانة، وتنخفض معها آمال السوريين، و في وقتٍ تحاول أنقرة التمسّك بتلك التوافقات، من حيث وحدة الأراضي السورية – التهدئة ، وماتلبث أن تخترق هذه التفاهمات، والعودة إلى أستانة جديدة، أي جولةٍ جديدة برقمٍ جديد .
السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تتمسّك هذه الدول بأستانة؟ وماهو الجديد في هذه الجولة ؟
يبدو أنّ أستانة حقّقت لروسيا نفوذاً كبيراّ على الأرض السورية، والأهم من ذلك إفراغ مسار جنيف، وتمييع القرارات الدولية ذات الصلة، وفرض إيقاع مسار أستانة وفق رغبتها في ظلّ جمود العملية السياسية الأممية، وبالمقابل هذه الطموحات الروسية تصطدم بالموقف الأمريكي، والذي يعتبر محادثات جنيف أفضل طريقة لحل النزاع في سوريا.
أمام هذه الثنائية في التعاطي مع الملف ، يبدو كان هناك ضغط دولي ودعم لرأي المعارضة حول استمرارية تدفق المساعدات الإنسانية، وهو ماتمّ بالفعل من خلال جلسة مجلس الأمن الدولي في 11/7/2021 بالتمديد لسنةٍ من خلال معبر باب الهوى، لكن هناك أسئلة تطرح نفسها: هل روسيا رضخت لضغوطٍ دولية حول هذه القضية الإنسانية، أم مررتها مقابل تنازلات في ملفات أخرى من قبل امريكا وأوروبا ؟.
علماً أنّ هذه المساعدات توزّع لثلاث مناطق ( المعارضة – النظام – شرق الفرات ) ، وفي الوقت الذي تسعى فيه روسيا وإيران لإنقاذ النظام السوري من خطر الانهيار الاقتصادي في مناطقه، والتوجيه بدخول كلّ المساعدات من خلال مناطق سيطرة النظام وتريدان الحصة الأكثر، علماً أنّ % 92 من المساعدات تأتي من قبل أمريكا وأوروبا و %8 من قبل كوريا الجنوبية واليابان .
عودة إلى أجندات طرفي الصراع ( المعارضة – النظام ) في المؤتمر وما الذي تحقق؟ .
المعارضة ومن موقعها ويقينها بأنّ الحلّ السياسي سيكون في جنيف وبرعايةٍ أممية، ركّزت في أولويات أجنداتها على الملف الإنساني والوضع في إدلب، واستئناف العملية السياسية ، بينما النظام كان أكثر تشدّداً ويعوّل على نشوة ( انتصاره ) بعد الانتهاء من انتخاباته الرئاسية، وبأنه قد اكتسب شرعية ولم يعد بحاجةٍ إلى شيء اسمه الدستور، وبالتالي من أولويات أجنداته إنهاء الاحتلال، ورفض أيّ تدخلٍ بالشأن السوري، مستنداً إلى جمود المجتمع الدولي و غياب الرؤية الأمريكية بعيد انتخاباتها .
أمام هذه الأجندات والخيارات ، وللتمسك بهذا المسار واللعب على عامل الزمن ، فقد حافظ المجتمعون في أستانة على القديم – الجديد، حيث اتفق الضامنون على:
” وحدة الأراضي السورية وسيادتها ، و مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ، و التهدئة على الأرض ، ومواجهة المخططات الانفصالية في شرق الفرات ، وأهمية دور اللجنة الدستورية وانعقاد جلساتها ، بالإضافة لتفعيل المساعدات الإنسانية في جميع المناطق دون تمييز أو تسييس ” .
أمام هذا السيناريو المتكرر ، يبدو بأنه ستزيد معاناة السوريين، طالما قضيتهم أصبحت رهينة بيد اللاعبين الكبار، وتعدّد ، لابل تنقّل مسار قضيتهم من عاصمة لأخرى بدون أي بوادر أو أفق للحل، وترك معاناتهم عرضة للبازارات وكسب النفوذ .
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 288