آراء

《 ما هي مهمة الانسان 》

الشاعر و الكاتب تورجين رشواني

هناك مثلٌ شائعٌ يقول : (كانت النصيحة تُباع بجمل ).

هذه الحكمة أو هذا المثل توارى ، بل أنه أصبح مكروهاً و غير محبب ، فإن نصحت أحدهم ،يذهب بتفسيره بأنه لا يفهم أو غبي ؛ لذلك لا يتقبّل النصح والحكمة .

أما نحن ننصح دون مقابل (ببلاش ) ، وفوق كلّ هذا الشيء نتعب ونشقى بكتابة النص ،حتى نضع الإنسان في خانة: اخدم أخاك الإنسان .

لعدة أسباب منها:.

1-لأنك أنت وهو من فصيلةٍ واحدة مهما ابتعدت المسافات أو اختلفت اللغات أو الألوان أو الجنس أو الشكل .
2-قاعدة الناموس الذي يتفق منه القانون والشرع وجميع السنن ، فهذا الناموس والقانون يحمي جميع حقوق البشر من الهلاك .

3-تكوين المجتمعات وبناء القرى والبلدات والمدن ما هو إلا تلاحم وارتباط الإنسان مع طينته وجلدته، فهي مبنية على أساس تبادل مصلحي أخلاقي .(الله وصّى بسابع جار).

4-التمييز بين المجتمع الإنساني والحيواني
(نموذج)الحروب التي تدار رحاها ما هي إلا أفكار منبثقة من غرائز الحيوان المفترس، لتطبّق نظرية شريعة الغاب، ألا وهي البقاء للأنقى أو للأقوى أو الأصلح أو الأحسن وذلك لأجل البقاء.

4-الصراع السلمي على العمل للتطور نحو إنشاء حضارات، لا لهدم ما بنيناه و
عملناه وطوّرناه بأيدينا ثم مثل المجانين نقوم بهدمه وتخريبه ومن ثم نعود نبنيه، أليس هذا عارٌ على الإنسان الذي خلق في أحسن تقويم و تعلّم البيان.

5-أن لا نسلك دروب قوى الظلام والشرّ ،فقوى الشرّ تعمل لأجل معاداة الأخلاق وجميع مفرداته الموجودة في صندوق الناموس الآنف الذكر . وبناءً على كلّ ما ذكر يجب أن نستخلص التالي :

إنّ الشرّ مخالفٌ لناموسنا وقانوننا، الشرّ يقتل بني جلدته وغير بني جلدته، إنه حصّادة تحصد ما يقع تحت قبضتها، وقد يقتل أحد من أهله لأنّ شريط الولادات والتكاثر يبعد ويوسع الفجوة بين معرفة الأهل، (مثال) إنّ هذا الجيل الجديد الذي ذهب إلى أوروبا ،هل بعد مئة سنة أو مئتي سنة، هل تلك الولادات ستعرف أهاليها الموجودة في الشرق. الجواب صعبٌ بكلّ تأكيدٍ، فقط سيعرف أنّ أصوله من الشرق، وربّما ينسى تسلسله الهرمي، وإن حدثت معركة بينهما ؛ ربّما أحدهم يقتل أحداً من ما هو منهم، لكنّ أحدهم لا يعرف الآخر، أي البعد والهجرة تنسي معرفة القرابة ،إذاً فنحن بني البشر كلنا أخوة ،إن أجزت التعبير.

واسمحوا لي أخيراً أن أبيّن المقصد من هذه المقدمة. يجب علينا كمجتمعات بشرية في البداية قبل كلّ شيء، قبل بناء المؤسسات، أن نقوم ببناء الإنسان والعمل على بناء ( الأكاديميات) لبنائه كي نقوم على تصقيله في خدمة بني جلدة الإنسان، والتي نسمّيها الإنسانية لأنه مكوّن ذاتياً.

إنّ الحروب التي تدار يخلقها أناس بشر ، وليسوا من صنف الحيوانات، لكن غرائزهم حيوانية، فهؤلاء يعرفون بعضهم بعضاً جيداً، ويتعاملون مع بعضهم باخلاص، ولا يتقاتلون لا بل يتقاسمون الأرباح ، والذين يقتلون بعضهم لا يعرفون بعضهم، أي لم تكن بينهم يوماً معرفة، ولم تكن بينهم غاية أو مأرب أو أي مشكلة أو معاداة .
ويقول نابليون في مقولة تساند أقوالنا :

(أنا و هتلر واسكندر بنينا ثلاث امبرطوريات ، واستعمرنا كلّ العالم تقريباً لكن لفترةٍ ما وقصيرةو بالقوة والترهيب والقتل راح ضحيتها الآلاف من أبناء جلدتنا ، ومن ثم انهارت لكن كان هناك راعٍ كان يرعى الغنم بنى امبرطورية لا حدود لها، لكن عن طريق السلم و الحب دون أن تراق نقطة دم، لقد بقيت هذه الامبراطوية وسوف تبقى إنها امبراطورية السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، فكلنا يستطيع أن يخطو خطوات الأنبياء لو وضع ضميره الإنساني نصب عينيه، وسخره لأدوات الخير وألصلاح و السلام.

لذلك وخلاصة القول: أيها البشر، أحبّوا بعضكم لا تبتعدوا عن الناموس، إنه أساس الحضارة، فالحياة حلم صغير وصغير وصغير جداً جداً جداً،. لذلك ابتعدوا عن الشرّ والحروب والقتل والدمار، لا تشبّهوا أنفسكم بالحيواتات المفترسة ،
فالأرض واسعة وتكفي لأضعاف ما نحن عليه ؛لذلك أعطوا حقوق غيركم وخذوا حقوقكم ، ولنحتفل عالياً لغدٍ أفضل، وننسى كوابيس القبلية واللاهوتية والجاهلية.

ولنبنِ مدننا حقيقية وواقعية تشابه مدينة افلاطون الخيالية؛ لأنها تلغي حدود الشرّ. .

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “329”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى