الرئيس الأمريكي جو بايدن والمعضلة السورية..
فؤاد عليكو
قاربت الأزمة(المعضلة )السورية من انتهاء عامها العاشر ولا توجد في الأفق بوادر لحلحلة الأزمة وإيجاد مخرج سلمي لها رغم وجود قرارين دوليين بصدد ذلك(2118و 2254) وتناوب أربع مبعوثين دوليين على إدارة الملف دوليا،كما لم تسفر كل الجولات التفاوضية منذ 2014 وحتى اليوم عن اي اختراق يدفع باتجاه خلق نوع من الأرضية والتفاؤل في المدى المنظور، وقد يعود سبب ذلك بدرجة كبيرة الى عدم إهتمام أمريكا بالملف السوري منذ البدايات وتحديدا في عهد أوباما، حيث صب جل اهتمامه على الملف النووي الإيراني مع تجاهل تام التدخل الإيراني المباشر والمليشيات التابعة لها في شؤون سوريا، ولصالح النظام الدكتاتوري ضد الشعب السوري منذ 2012
كما تجاهل ايضا التدخل الروسي 2015 أيضا، وانتهت مرحلة أوباما بإدارة الأزمة السورية لا اكثر، مكتفيا بمحاربة داعش فقط. لكن مرحلة الرئيس ترامب كانت أكثر وضوحا في التعامل مع الأزمة السورية،حين حددت استرايجيتها بعدة نقاط محددة، منها التركيز على محاربة داعش، وتحجيم دور إيران في سوريا،خاصة بعد إلغاء الأتفاق النووي مع ايران من جانب واحد في عام 2018 ،
وكذلك التأكيد على أمن إسرائيل ومنحها الضوء الأخضر للقيام بعمليات جوية ضد القواعد العسكرية الإيرانية ومليشياتها في سوريا وتحييد روسيا في ذلك.
إضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية قاسية على النظام خاصة في السنة الأخيرة من حكمه، و كذلك موقفه الواضح بأن حل الأزمة السورية يجب ان يتم وفق القرارات الدولية المعنية بذلك واستبعاد كل الحلول الأخرى، لكن من المفيد القول بأن ترامب لم يبذل اي جهد عملي في اتجاه الدفع باتجاه السلام وفق القرارات الدولية، مكتفيا بالجانب النظري للخطاب السياسي.
والآن وقد بدأ عهد الرئيس الجديد بايدن وهو الرجل المخضرم في ملفات السياسة الدولية والمطلع على أدق التفاصيل السياسية في الشرق الأوسط وسوريا، خاصة وأنه شغل منصب نائب الرئيس الأسبق باراك أوباما ، ورغم معرفتنا بأن الاستراتيجية السياسية الأمريكية الجديدة لا تتوضح معالمها قبل مرور المائة يوم الأولى كتقليد أمريكي لكل عهد جديد، إلا أنه من خلال متابعتنا لمجريات تصريحات الديمقراطيين قبل وبعد الانتخابات، نستشف بأن جذر السياسة الجديدة ستركز على التبريد والتهدئة للجبهات في جميع المناطق الساخنة، مثل سوريا واليمن، وتعزيز علاقات أمريكا مع حلفائها التقليديين مثل أوربا واسرائيل وتركيا والدول الخليجية ومحاولة التعامل مع جميع الملفات بعقلية تشاركية، عكس ما كان ممارسا في عهد ترامب، حيث كانت الفردية الأمريكية هي الطاغية، مما تسببت في خلق أزمات كثيرة بينها وبين حلفائها.
ومن أبرز الملفات التي ستحظى بالاهتمام هي:
– كيفية التعامل مع روسيا وتهديداتها المتكررة لزعزعة الأمن الأوربي بشكل عام واوكرانيا بشكل خاص.
– كيفية التعامل مع الملف الإيراني بموقف مشترك أوربي، إسرائيلي، خليجي، وهذه ليست مهمة سهلة امام رفض إيران المطلق مشاركة الدول غير الموقعة على الاتفاقيه في المفاوضات القادمة.
– كيفية التعامل مع الأزمة السورية واليمنية، حيث من المتوقع ان يتم الضغط بإتجاه القرارات الدولية من خلال فرض المزيد من العقوبات الدولية بحق الحوثيين والنظام السوري واجبارهم على الرضوخ للقرارات الدولية، وكذلك الضغط على روسيا وإيران لوقف او تخفيف الدعم لهؤلاء من اجل الغرض ذاته.
لكن من الجدير ذكره بأن هناك خلافات في وجهات النظر بين أمريكا وبعض حلفائها ، هناك خلاف بينها وبين إسرائيل حول كيفية التعامل مع الملف الايراني، حيث تفضل إسرائيل التعامل العسكري مع الملف وتدمير جميع مراكز الأبحاث النووية الإيرانية، وهذا ما لا تقبل به أمريكا، وكذلك التعامل مع الصواريخ الايرانية البعيدةالمدى.
وكذلك كيفية تصحيح العلاقه مع حليفها التاريخي تركيا في ملف صواريخ 400 S الروسية، وكذلك دعم أمريكا لقوات سوريا الديمقراطية والتي تعتبرها تركيا جزءا عضويا من حزب العمال الكردستاني PKK المصنف أمريكيا واوربيا و تركيا كمنظمة إرهابية.
الخلاصة ان كل هذه الملفات المعقدة والشائكة والمتداخلة إقليميا ستكون على طاولة الرئيس الأمريكي الجديد .
نأمل كسوريين ان نرى ضوءا في نهاية النفق المظلم.
المقالة لهيئة التحرير في جريدة يكيتي ومنشورة في العدد 283 شباط 2012