من الموروث اللغوي والمجتمعي الكُردي
زهير علي
من المرادفا الجميلة و المبدِعة بالتعبير باللغة الكُردية مرادفة berketî والتي نصِفُ فيها بعض الناس وننفيها عن بعضهم الآخر، و حينما نصِفُ بها شخصاً نؤكّد بها إنسانيته،، وحينما ننفيها عن آخر، نكون نسقط عنه إنسانيته.
كلمة berketî تحمل المضمون الأساس لمفهوم الانتماء من حلقتها الأصغر من ذات الإنسان نفسه إلى أسرته إلى حيّه إلى مدينته إلى وطنه إلى الإنسانية بمفهومها الكلّي والشامل.
مابين مفهوم المنتمي واللامنتمي أبدع الكُرد بمفهوم ال berketî ليحدّد مفهوم الانتماء.
أهمّ أسس التربية الصالحة للنشء، التي تبني الإنسان الخير عند الكُرد أن يُبنى على مفهوم ال berketî. وبناء الذات الإنسانية يقوم على قدر ترسّخِ مفهوم ال berketî في شخصية الإنسان.
إذا لم يكن الإنسان يحمل صفة berketî لا يمكن أن يدّعي أنه منتمٍ لأسرته أو لعائلته أو لقوميته أو لوطنه أو للإنسانية بمفهومها الكامل والشامل.
أيضاً لا يُقبل في الكُردية أنّ شخصاً ما berketî في موقعٍ وفي مجالٍ و غير berketî في موقعٍ ومجالٍ آخر.
ال berketin هي عقيدة نشأت و تنشأ عليها الشخصية الكُردية.في أسرةٍ إذا كان أحد الأولاد مستهتراً تكفي من الأب أن يقول لهذا الابن المستهتر أنت غير berketî ليشعر بالخجل من نفسه.
قد يقول البعض أنّ هذا المفهوم وهذه العقيدة سبّبت لنا خسائر . لكنّ الحقيقة هي بالعكس تماماً حينما تشوّه وعينا ولم نعد نعي مفهوم ال berketî صرنا نخسر ووصلنا اليوم لحدّ الصراع من أجل الوجود.
الخسائر هي نتيجة عدم الفهم الصحيح لها وأوّل مفاهيمها أنها لا تقبل القفز والإنقطاع في مفهومها كما لايقبل الانتماء القفز و الإنقطاع في مفهومه.
القفز من فوق الانتماء لأيّ حلقةٍ في سلسلة الانتماء أو القطع في أيْ حلقةٍ حتماً ستكون نتائجه خسائر.
قبل أيامٍ سمعت أحد المعتوهين أو العملاء يتحدّث أنه لا يقبل الاتفاق الكُردي على حساب الاتفاق مع الشعوب الأخرى، هذا السيء يجب أن يُقال له أنت لست berketî عسى يخجل من نفسه ويفهم أنّ اتفاق الكُرد هو سيحملنا للاتفاق مع الشعوب الأخرى ودونه لن ننتقل للاتفاق مع الإنسانية. أنت بعقيدتك السيئة هذه تروّج للروح الخبيثة وليس للروح القدس. مفهوم ال berketî يبدأ من الذات ليشمل الإنسانية كلّها. يعني يكون هناك خطأ حينما يكون الإنسان غير مفيدٍ لنفسه ومفيداً لغيره، أو غير مفيدٍ لأهله و مفيداً للآخرين. أو العكس بكلتي الحالتين يسقط مفهوم ال berketî.
في حوار ينقله الفيلسوف نيتشه في كتابه هكذا تكلّم زرادشت بين زرادشت وكاهن متنسك حينما يلتقيه وهو ينزل من جبل سابلان ليبني أولا الكورد وبعدها الإنسانية على عقيدة الآفاستان عمران الأرض.
يسأل زرادشت الكاهن أنت مَنْ تحبّ؟ يجيب الكاهن : أنا أحب الله.
يرِدّ زرادشت :
وانا قرّرت أن أحبَّ الإنسان.