هل من بديل عن الحوار الكردي..؟
عماد برهو / صحفي كردي
يسأل سائل: هل من بديل عن الحوار الكردي الكردي في حال الفشل..؟
بالاعتماد على وجهة نظري المتواضعة، اعتقد بأنه ليس هناك أي بديل عن الحوار بين أي طرفين متنازعين مختلفين إلا الجلوس حول طاولة المفاوضات والبدء بالحوار فيما بينهما.
لقد اصبحت الحوارات الكردية– الكردية في كردستان سوريا -المدعومة دولياً- حديث الساعة على المستوى المحلي والإقليمي وربما الدولي، حيث تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع التحولات السياسية والاقتصادية المتسارعة في سوريا؛ ولا سيما مع تطبيق قانون قيصر الذي يهدف إلى تغيير النظام السوري القائم.
منذ انطلاق هذه الحوارات بمبادرة من السيد مظلوم عبدي قائد “قوات سوريا الديمقراطية” وبإشراف من الولايات المتحدة الأمريكية، وتحولها فيما بعد الى “راعي” و”ضامن” بهدف نجاح هذه الحوارات، التي تستند في جوهرها إلى “اتفاقية دهوك” المبرمة بين الجهتين في اكتوبر/تشرين الأول 2014، برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، والتي نصّت على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية -25 حزباً) فيها 40 في المائة، و”المجلس الوطني الكردي” 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. كما تمّ الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من “حركة المجتمع الديمقراطي”، 12 من “المجلس الوطني”، وثمانية من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين. ومهمة هذه المرجعية هي “رسم الاستراتيجيات العامة وتجسيد الموقف الموحد، وتشكيل شراكة فعلية في هيئات الإدارة الذاتية، والتوجه نحو الوحدة السياسية والإدارية، ومشاركة كل المكونات الأخرى”.
بدأت جولات الحوار الكردي الكردي بين الأحزاب المنضوية تحت مظلة “الإدارة الذاتية”، وأحزاب “المجلس الوطني الكردي، وهما الكيانان السياسيان الأكبر في المشهد السوري الكردي، بجولة أولى (بدأت في نيسان من العام الماضي وانتهت في 17 حزيران) وصفت بـ”الناجحة”، على الرغم من أن المتحاورين لم ينخرطوا خلالها في مناقشة الملفات الخلافية والأكثر أهمية، بالتزامن مع استمرار حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) بسياساته التصعيدية تجاه كل من يخالفه بالرأي، واستمرار خطف الاطفال وسوقهم الى التجنيد الاجباري، وفرض مناهج التعلم الخاصة بهم على عموم أبناء شعبنا دون أن يلتزم به الكثير من أبناء مسؤولي هذه الادارة، واستمرار سياسة التضييق على أحزاب المجلس الوطني الكردي، وتهجم منظمتهم “الثورية” جواني شورشكر على مقرات ومكاتب المجلس، وفيما بعد خطف النشطاء والإعلاميين والمدرسين بحجج متعددة، الأمر الذي خلق الكثير من علامات الاستفهام أمام نية هذا الطرف بالسير نحو إتمام هذا الاتفاق الذي ينتظره شعبنا.
انتهت جولة الحوار الكردي الكردي الأولى في 17 من شهر حزيران الماضي، بحثوا خلاله جميع السلال الإدارية والعسكرية والاقتصادية لتفضي إلى اتفاق سياسي شامل وتشكيل مرجعية كردية وتأسيس إدارة مدنية وعسكرية مشتركة، وأصدر الطرفان الكرديان بيانا مشتركا، أعلنا التوصل فيه إلى اتفاق وانتهاء المرحلة الأولى من الحوار بينهما، وأن اتفاقية “دهوك” عام 2014 حول “الحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع”، تعد أساسا لمواصلة الحوار الجاري بين الوفدين، بهدف الوصول إلى التوقيع على اتفاقية شاملة في المستقبل القريب.
من السفير الأمريكي ويليام روباك نائب مبعوث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب إلى سوريا، مرورا بالسيدة زهرة بيللي مبعوثة الخارجية الأميركية والسفير جيمس جيفري، وصولا الى آخرهم جويل ريبون لم تبد الإدارة الأمريكية- الى الآن – جدية في رعايتها للحوار الكردي الكردي، لا سيما المدة الطويلة التي استغرقت فيها هذه الجولات، وعدم وجود بوادر النجاح، والشارع الكردي يترقب صحوة أمريكا تظهر فيها الجدية من خلال ممارسة الضغط – على الطرفين- باتجاه انجاح هذه الحوارات.
مؤخرا تحدث قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، عن الاستعداد لمرحلة جديدة من الحوار الكردي- الكردي في سوريا، الذي بدأ بدعم دولي في تشرين الثاني 2019.
وقال عبدي في تغريدة عبر حسابه في “تويتر” أواخر العام المنصرم، إنه من واجب الجميع الاستعداد لمرحلة “الوحدة الجديدة”.
وأضاف أن هدف “قسد” نجاح الحوار الكردي- الكردي، والاتفاقات التي توصلت إليها الأطراف “مهمة وتحمي مصالح شعبنا” .
لكن المتتبع لما يحدث على الأرض عبر استمرار منظومة الاتحاد الديمقراطي في سياسة التضييق والقمع ضد معارضيه، والتصريحات النارية اليوم من جناح يعتبر من فريق “الصقور” ان صح التعبير، والتي تدعو علنا الى نسف هذه الحوارات من خلال استهداف الرموز والشخصيات الكردية، ونعتها بأبشع العبارات والتهم التي لا تصب مطلقا في مصلحة الشعب الكردي، بل هي في مصلحة أعدائه.
يبقى ان نقول بأن شعبنا الكردي في كردستان سوريا يطمح ويتطلع الى نجاح هذه الحوارات التي يعتبرها الحل الوحيد لنيل حريته ومطاليبه التي خرج من أجلها وناد بها الى جانب إخوتهم السوريين في مختلف المدن والبلدات.
وفي النهاية، نعود ونطرح السؤال الأول: هل من بديل عن الحوار الكردي..؟.