الأفيستا – كتاب الكورد المنسي
الكاتب / زهير علي
( نحن نتشرف بأن نبجل مصادر المياه
ونبجل دوران المياه *
و نبجل تعدد الطرق
و نبجل تقارب الطرق )
: 1 Haptaŋhāiti = ياسنا 42/1) Avesta
* عبارة دوران المياه تدل أن مجتمع الأفيستا كان يعرف دورة المياه في الطبيعة وحالات وجود الماء في الطبيعة.
Avesta ziman
Ap ã mcâ xå ýazamaidê
Ap ã mcâ peretûsh ýazamaidê,
Path ã mcâ vîcaranå ýazamaidê
Path ã mcâ hañjağ man å ýazamaidê
– Haptaŋhāiti
اامقطع Haptan تعني العدد سبعة بصيغة الجمع
اامقطع Hăiti تعني النعم من النعمة اسم صفة
ويصبح المعنى هو / النعم السبعة /وهو أسم الياسنا (42).
– yasna من كلمة yas وتعني النظام أو القانون ماتزال نفس الكلمة بنفس المعنى متداولة باللغة الكوردية.
– Ap تعني الماء
– Mc تعني نحن
– كلمة xa تعني شرف
– كلمة caran تعني تعدد.
– hañjağ تعني مقاربة تقارب و تلفظ بالكوردية الحديثة بدون حرفى h لانه بالكوردية القديم لم تكن الكلمات تبدأ بحرف صوتي فكان بسبقها حرف h أيضا نجد ذلك في كلمة hesin و esin وغيرها.
– كلمة man تعني عقل ومنها raman فكر.
– ýazamaidê يعني تبجيل والبعض يترجمها عبادة وهذا خطأ الأفيستية والكوردية لا يوجد فيها مفردات عبد ومعبود ومعبد.
أفيستا Avesta
كلمة مركبة من مقطعين
( avi + sta)
-كلمة avi هي إسم الفاعل للفعل ava وتعني بنى او عَمّرَ. و كلمة sta هي الفعل لأسم اامصدر satn التي تعني الأرض وأيضا السكون
تصريف الفعل sta هو
Sta/ stayi/ stan/ statî
ومنها statîk علم السكون ( وهذا يدل على إعتقاد أن الارض ثابتة والكون يتحرك حولها ومنها صيغ علم الستاتيك علم السكون ).
و يكون معنى أفيستا وأفيستان هو إعمار الأرض.
النسخ الأقدم للأفيستا ترد Upasta
كلمة upa و upî تعني أيضاً بناء وماتزال ذات المرادفة تستخدم بعفرين بمعى بناء او مبنى.
كلمة ava و avahî ايضاً تعني إعمار و عمران.
كلمة ap بالنص الأفيستي تعني ماء وهي بالكوردية بالحديثة av.
من هذه المرادفات نجد أن كلمة ap الماء و تحولها الى av و كلمة ava العمران .. وكأن اللغة الكوردية والنص الأفيستي تمزج بين الماء للحياة والعمران للأرض.
من يقرأ الأفيستا يجد أن الكلمة والعبارة و الجملة بالصياغة التي عليها تحفذ المتلقي ليعبُر من المعنى المادي لها الى معنى قيمي وثقافي كأنه تريد تأصيله لدى المتلقي، وهذا ماكتبه وبينه فريد ريك نيتشه في هكذا تكلم زرادشت.
الأفيستا كما تذكر المصادر كانت تتألف من 21 جزء، هذه الأجزاء كانت منهاج تعليمي وتدرس بمؤسسات تعليمية، وهذا ما تؤكده مصادر دراسات بحثية عن التعليم القديم في مجتمعات إيران القديمة ( كان المجوس يقومون بتدريس الأفيستا في العديد من المجتمعات فنقرأ في كتب التاريخ عن مجوس بابل ويذكرون بالتواراة ايضاً ومجوس الآراميين و مجوس مصر ومجوس فارس وغيرهم.
أستمر النظام التعليمي الأفيستي في المجتمع الكوردي منذ ماقبل ميديا وبعدها لما يقرب من ألف عام و بدأت بالإنحسار مع الغزو العربي الإسلامي الذي عمل على تدمير المجتمعات الأفيستية، وترافق ذلك أيضاً بتحريم القراءة والكتابة بالكوردية وبتدمير كل الأرث والتراكم العلمي و المعرفي الأفيستي والمجتمع العلمي له.
كلمة مجوس هي ماغوس mağus بالكوردية القديمة وتعني خدم الإله Us. كلمة ماغ mağ في عفرين تطلق على غرف الخدمة الملحقة بالببت الكبير xanî، وهذه الغرف أيضاً لسكن وإقامة خدم البيت وليس العبيد لأن العبودية كانت محرمة بالزرادشتية و في عقيدة الآفيستان.
التعليم الأفيستي كما تذكره العديد من الدراسات البحثية كان يقسم لخمسة مراحل رئيسية: هي ذاتها المراحل التعليمية القائمة اليوم في النظام التعليمي العالمي .بدءاً من المرحلة الابتدائية الى الإعدادي والثانوي والجامعة والماجستير .. كان الأطفال بدءاً من سن السابعة يتلقون التعليم:
المرحلة الأولى وتستمر خمس سنوات ويحصل فيها التلميذ على شهادة السرتافيكا.
المرحلة الثانية ويحصل فيها على التلميذ على البروفيه
الثالثة البكالوريا
الرابعة البكالوريوس
الخامسة الماجستير .. المعروف أن أسماء هذه الدرجات العلمية خرجت من الكنيسة المسيحية وأولى الجامعات كانت الكنائس حرماً لها، ولا توجد دراسة علمية تبين المعنى اللغوي لهذه الدرجات العلمية وان وجدت فهي تفتقد الدقة العلمية وعبارة عن تكهنات لمعانيها.
أكثر ما أثير من تكهن حول معاني أسماء الشهادات العلمية نجده حول معنى شهادة الماجستير وخاصة في الوسط العلمي العربي الإسلامي.
علما أن الكلمة بذاتها ولفظها تفصح عن نفسها
ماجستير Mac istêr و إذا قرأناها بالكوردية يكون معناها نجمة ماج اي أن المرتبة التي يحصلها طالب المعرفة في هذه الدرجة هي رتبة / نجمة المجوس / كدرجة معرفية عليا.
وهكذا كل أسماء الشهادات هي من مضمون العلم الأفيستي الكوردي وتطابق العقيدة الزرادشتية.
– شهادة سر تفيكا Ser tafêk وتعني الحصول رتبة أشعة صغيرة من نور الشمس taf.
– بروفيه Bê ro ava, وتعني نيل رتبة معرفية معها لن يغيب عنه نور الشمس عن حامل هذه الرتبة المعرفية
– بكالوريا Pak lorî وتعني الأناشيد الطاهرة ويبدو المقصود بها أناشيد زرادشت في الأفيستا .. الى اليوم الاناشيد التي تنشد حزناً تسمى lorî لوري و lorandin.
– البكالوريوس Pak lorî us وتعني الأناشيد الطاهرة الإلاهية.
وهناك المرتبة الأعلى Doxtir دوختر والتي هي اعلى درجة معرفية وأيضا تعني الطبيب، والطب كان جزء مهم من التعليم الأفيستي ( زرادشت نفسه كان طبيباً) و كل من كان ينهي التعليم الأفيستي يصبح مؤهلاً لممارسة مهنة الطب في المجتمع.
نلاحظ في كلمة Doxtir اللاحقة tir وهي تطابق لاحقة في قواعد اللغة الكوردية.
مثل sar و sar tir
Germ و germ tir
Gêran و Gêran tir
وهكذا معظم الكلمات الكوردية يمكن تطبيق هذه القاعدة عليها.
كلمة Dox باللغة الكوردية وفي اللغة الأفيستية تعني أدار من مفهوم الإدارة والكلمة تحمل معنى الدوران أيضاً للإشراف على الدائرة التي يديرها، و كلمة الشوبك الأداة التي تستخدم لترقيق العجين أثناء صناعة الخبز أسمه دوخ dox بالكوردي ومتداولة الى اليوم. وبذلك يمكن فهم معنى
كلمة doxtir انها تعني المرتبة المعرفية الأعلى في إدارة المجتمع كأن نقول المدير العام . لان مراتب التعليم الأفيستي كانت مراتب إدارة للمجتمع.
بموازاة هذه المرلتب المعرفية التي تشرف وتدير المجتمع.. كانت توجد مؤسسة الإشراف على إقامة الطقوس وهؤلاء مراتبهم هرباد و دستور و موباد.
كلمة dox دوخ عبرت عن طريق المجوس الذين كانوا الكادر التعليمي التدريسي للآرامية ومنها للعربية.
اللغة العامية السورية غنية بالمفردات و المصطلحات الكوردية الأفيستية وهذا يشير الى عيش مشترك معا والمجتمع السوري بأغلبيته قبل الإسلام والمسيحية يبدو من غنى الموروث اللغوي واامجتمعي الآرامي السوري بهذه المفردات واامصطلحات يبدو كان زرادشتيا وأسماء الجغرفيا تؤكد ذلك كأسم قنسرين والشام وحماة وادلب dil ba ومنبج وارفاد وعفرين … الخ.
سبق تم ذكر أن الأفيستا كانت تتألف من 21 أجزاء حالياً هي اربعة أجزاء والبعض يقول خمسة .. ربما الأجزاء الأخرى كانت تخص العلوم التي كانت تدرس الى جانب العقيدة الآفيستية كعلوم فيزيا وكيميا و فلك و رياضيات وطبابة … الخ
الجزء في الأفيستا يحمل أسم ناسك nasik وإذا قرأناها بالكوردية نجد أنها من كلمة nas و اللاحقة ek هي أداة النكرة وتتحول الى ik لأنه يسبقها حرف صوتي a و nas تعني عرف من المعرفة ومنها كلمة Nasbun و naskir و nasîn. وأيضا نستطيع أن نفهم بذلك معنى كلمة الناسك وهو كان في المجتمع الأفيستي يقابل صفة الباحث اليوم .. لاحقا صارت صفة للمتعبد الزاهد في المسيحية ومن كلمة Nasik الجزء في كتاب الأفيستا والتي تعني المعرفة تولدت مذاهب العرفانية والغنوصية.
في عقيدة الآفيستان نجد ان العلاقة بين آهورامزدا والإنسان هي علاقة صداقة وليست علاقة معبود وعابد ولا توجد في الزرادشتية معابد بل المدراس التعليمية الأفيستية هي كانت بمثابة المعابد. اللغة الأفيستية والكردية لا يوجد فيها مرادفات تعني معبود وعبد ومعبد وكلمة kole لا تعني عبد لأنه لايمكن ان يشتق منها كلمة معبود ومعبد والخالق ليس kolevan و koletî لاتعني العبادة، كلمة kole بالكوردية هي مابين الأكتاف. وهذا ناتج من أن عقيدة الأفيستا كانت تحرم العبودية ولم يعرف اامجتمع الكوردي العبودية وكلمة نخاس الكوردية تؤكد على ذلك وتعني القذر ne xas.
يرد في الأفيستا أن كل إنسان على قيد الحياة منذ ان يكون جنينا فيه قبس من نور آهورامزدا، وهذه تحتم المساواة ببن البشر جميعا ذكورا و إناثا وأعراقاً و بنفس الدرجة. هذا القبس النوراني هو الروح التي يعيش بها الإنسان ba zin التي تعني مرجعية الحياة ويفقدها الإنسان عند الوفاة ومعها تصبح الجثة نجسة لأنه غادرتها الروح التي هي من نور الخالق هذه النور تلمس بظاهرتين في جسد الإنسان الحي وهما الحرارة في والهالة النورانية التي تحيط بكل إنسان وتختلف كميتها حسب ما يكون خيراً إنما لا يوجد إنسان محروم منها لذلك دائماً الكوردي يراهن على نزعة عند الإنسان مهما كان سيئاً وعليه انتشرت بين العرب كلمة لا تستكردني ..
آفيستا Avistan هو الكتاب الذي يعلم كيف يمكن إعمار الأرض، وكلمة المعلم أوستا وهي نفسها كلمة أفيستا وهي ذات المرادفة بالكوردية وإذا كان الأستاذ هي مرادفة كوردية فلن يكون غريبا أن الطفل الذي يتلقى التعليم ويتميز انه عندما يسأل أو يريد أن يجيب على سؤال أستاذه يرفع أصبعه لذلك أسمه til mîz اي تعني المميز بالأصبع.
آهورامزدا خلق الإنسان كما تقول الأفيستا ليقوم ب عمران الأرض لان عبر عمران الأرض يمكن هزيمة الروح الخبيثة أنگرامايينو، و بالعمران يتحقق الخير والرفاهية للإنسان . بينما نجد أن الأفيستا تعتبر البدواة والصحاري والمسطحات الجليدية والبحار المالحة حالات تحت تأثير الروح الخبيثة لذلك تطلب العمران و البناء ليتجاوز الإنسان مرحلة البداوة و يتحرر من تأثير الروح الخبيثة.
اللغة الأفيستية تم فكها وقراءتها من علماء فرنسيين وألمان وأنكليز في منتصف القرن الثامن عشر و أعتمدوا على الفارسية والبهلوية لفهمها والكثير تم ترجمته منها خطأ حتى أسم زرادشت نفسه أو ترجم مشوها، وهناك الكثير ما لم يفهم منها حتى الآن … وأعتقد لو كان بينهم كوردي يتقن اللهجات الكوردية لحل كثير من الإشكالات اللغوية التي ماتزال قائمة عند المستشرقين في كبريات الجامعات العالمية الديانة الزرادشتية بالعلم الأفيستي لأنها تلحظ الظاهرة في الطبيعة وتقوم بتحليلها وفق المعارف المتوفرة لها وتخرج بنتائج منها تصوفها كقوانين معرفية تخدم الإدارة أو العقيدة ( doctrina) وماتزال تعقد المؤتمرات العلمية لحلها .. ربما يوماً يقوم علماء كورد بإعادة قراءة الأفيستا بالكوردية لتظهر أي عطاء ومساهمة قام به الكورد في الحضارة الإنسانية.
من قراءتي لقسم منها تبين لي إحتوائها على كثير من المفردات الآرامية وذات المفردات موجودة في كوردية عفرين منها مثلا عدة أسماء لآهورامزدا وأسماء الملائكة واسمهن بلغة الأفيستا إيمشا سبينتا وأيمشا تعني مغذيات السعادة وإيمش أسم علم مؤنث منتشر كثيرا في سوريا وتركيا ولبنان، وكذلك إيبش.
وجود النسبة الكبيرة من المرافات الآرامية في الآفيستا يشير انها قد كتبت في منطقة كان فيها الكورد و الآراميين متجاورين و ربما كانت عفرين جزء من تلك الجغرافيا..
هذا يحتاج لبحث من الكفاءات الأكاديمية الكوردية في علم التاريخ وعلم الأديان والمثيولوجيا والآثار وعلم الإجتماع…
هكذا تكلم زرادشت.
لا أعرف لماذا هناك البعض وخاصة من المثقفين و السياسيين الذين يدعوننا لنتخلى عن آفيستا وزرادشت لغيرنا.